|
تخلُّف/انحدار العمل النقابي، مسؤولية من؟!!
حسن أحراث
الحوار المتمدن-العدد: 8222 - 2025 / 1 / 14 - 22:13
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
قد لا يُجادل أحدٌ في تخلف العمل النقابي عن إنجاز المهام الآنية والمُلِحّة في ظل هذا التردّي المأساوي للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا، خاصةً وتمرير المخطّط الطبقي المُدمِّر بعد الآخر!! طبعاً، ليس هذا التخلف/الانحدار وليد هذه اللحظة السياسية والتاريخية؛ إنه سيرورة من الانتكاسات المسكوت عنها، لدرجة أنها صارت طابوهات، وأن إثارتها قد تجْلب "العار" والعُزلة لمثيرها، أي مُثير تخلّف العمل النقابي وانحداره. وقد يصدق على هذا الأخير مقولة "اللعنة على من أيقظها"، قياسا على "الفتنة" النائمة (الفتنة أكبر/أشدّ من القتل)!! ونقصد هنا بالخصوص المركزيتين النقابيتين الاتحاد المغربي للشغل (مارس 1955) والكنفدرالية الديمقراطية للشغل (دجنبر 1978)، حيث يقول المثل الدارج "بَّاكْ طاحْ (أي أبوك سقط من فوق ظهر الدّابة)، قالْ ليهْ (أي أجابه) مْنْ الخيمة خْرْج مايْل". ومعلومٌ أن جُلّ وحتى لا نقول كُلّ المناضلين والقوى السياسية المحسوبة على اليسار (وأيُّ يسار) ومنذ بداية الستينيات من القرن الماضي، أي بعد تأسيس الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، يشتغل بهاتين المركزيتين النقابيتين. ومعلومٌ أيضا أن عدة معارك نضالية خاضها العمال والشغيلة عموماً في إطار المركزيتين المذكورتين وأسفرت عن انتزاع العديد من المكتسبات.. ولأن العمل النقابي "يخضع" ببلادنا للعمل السياسي، وللدِّقة للأحزاب السياسية أو للنظام عبر وسائط/أذناب هذا الأخير المعلومة، فكلّما خبا العمل السياسي يخبو العمل النقابي. والأمر ينطبق على كافة مجالات الفعل، سواء النقابي أو الجمعوي؛ فقد لا تجد نقابةً أو جمعيةً دون يكون وراءها حزبٌ/أحزاب سياسي/ة أو عرّابٌ من عرّابي النظام!! والآن، حيث العمل السياسي في الحضيض بسبب تخاذل جلّ القوى السياسية وانبطاحها، استفردت القيادات النقابية البيروقراطية بتوجيه العمل النقابي نحو التواطؤ مع الباطرونا، ضدّاً على مصالح الشغيلة وخدمةً للنظام القائم وقاعدته الطبقية (البورجوازية الكبيرة).. لا ننفي احتداد الصراع الطبقي ببلادنا، لأننا نتابع عن كثب وميدانيا النضالات البطولية للعمال والفلاحين الفقراء والمُعطلين والطلبة وباقي المضطهدين، إلا أن تلك التضحيات الجسيمة تُواجَه بالتجاهل والتآمر، ومن طرف المركزيات النقابية وبعض مسؤوليها/قيادييها. واليوم، حالة عاملات وعمال سيكوم-سيكوميك بمكناس وفضيحة الكنفدرالية الديمقراطية للشغل تكشفان ببشاعة عن مستوى الخِسّة والنّذالة الذي انحطت اليه المركزيات النقابية!! وبالأمس القريب، ألَمْ تغِب المركزيتان النقابيتين عن الدينامية النضالية بعد انتفاضة 20 فبراير المجيدة سنة 2011؟!! بالفعل، " ليس هذا التخلف/الانحدار وليد هذه اللحظة السياسية". وليس وليد محطّة/محطّات 2011 البارزة في سياق الانتفاضات الشعبية والثورات المغدورة بالعديد من مناطق شمال افريقيا و"الشرق الأوسط"، أي ما سُمِّي في حينه "الربيع العربي".. إننا نحْمِل في ذواتنا الكثير من "الفيروسات"، ومن بينها القاتلة. ودون التخلّص منها، سنُراوح مكاننا، بل سنتساقط كأوراق الخريف. ويكفي أن نستحضر أعداد الشهداء والمعتقلين السياسيين الحاليين والسابقين والمنفيين والمطرودين والموقوفين (...) لنقف على المتاهة التي تخنقنا واحدا واحدا، مناضلين وقوى سياسية.. بدون شك، إجرام النظام وزبانيته وراء معاناة شعبنا، لدرجة أن ترديد ذلك بات مُملاّ؛ وكذلك عمالته للصهيونية والامبريالية. لكن، ماذا عنّا نحن الذين ندّعي النضال والانتماء الى الطبقة العاملة، نحن من يدّعي "الثّورية" أيضا؟!! والسؤال الحارق والمؤْرق: تخلُّف/انحدار العمل النقابي، مسؤولية مَنْ؟!! وليس تخلف/انحدار العمل النقابي فقط، بل أيضا العمال السياسي.. وبصدقٍ نضاليّ، كُلّنا يتحمّل المسؤولية وإن بدرجات متفاوتة فيما وصل اليه تخلف/انحدار العمل النقابي. ودرجة المسؤولية الأولى تقع على عاتق من يخدم البيروقراطية في السِّر والعَلن. وقد وصلت الوقاحة بالبعض وباسم النضال درجة خدمة البيروقراطية في العلن، وذلك "طمعا" في ريعها المقيت (الكراسي المريحة وأفضالها).. وكم عجبنا لمن (أفرادا وقوى سياسية) ينتقد البيروقراطية وينحني أمامها "طمعا" في الكراسي بهياكلها التنظيمية!! وكم عجبنا لمن (أفرادا وقوى سياسية) سكت ويسكت عن فضائحها المالية وذبحها للديمقراطية الداخلية!! وكم عجبنا لمن (أفرادا وقوى سياسية) غَضّ ويغُضّ الطرف عن تصفية حساباتها مع العديد من المناضلين والفروع المناضلة وعن إجهاضها للعديد من المعارك النضالية عبر التواطؤ مع الباطرونا!! وكم عجبنا لمن (أفرادا وقوى سياسية) زكّى ويزكّي مشاريعها أو الجبهات والشبكات والائتلافات وما يُسمّى "لجن الدعم" الموبوءة التي تنخرط فيها بهدف تفجيرها أو على الأقل شلِّها بواسطة الإلهاء والروتين والاحتكاك الناعم!! واليوم مرة أخرى، والكٌلّ "يعترف" بهدر الزّمن النضالي، ما العمل (معذرة للرفيق المُلهم لينين)؟ باختصار مؤلم، رأينا المتواضع والبسيط، والفارق أيضا: - القطْع مع أيّ شكلٍ من أشكال المهادنة والتوافق مع النظام القائم اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي ومع حواريه من قوى سياسية رجعية (ظلامية أو شوفينية...) وقيادات نقابية وجمعوية بيروقراطية؛ - الاشتغال على (مواصلة) بناء الأداة الثورية، أي حزب الطبقة العاملة، وإرساء تحالفات مناضلة الى جانب أيادي نظيفة، أي غير متورطة في جرائم في حق شعبنا وبناته وأبنائه؛ - اعتبار الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية طريق خلاص شعبنا بقيادة الطبقة العاملة...
#حسن_أحراث (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خيط نار (حلم) أم خيط دخان (وهم)؟!!
-
السكوت عن الجريمة جريمة، جريمة حضور صهاينة في ضيافة حزب الات
...
-
حزب الاتحاد الاشتراكي يَتَصَهْيَنُ من -وراء ظهرنا-..!!
-
-وزارتنا- لا تستحيي.. !!
-
عندما يحتج العمال على النقابة..!!
-
المسكوت عنه بسوريا..
-
سوريا: المأساة التي تفضحنا..
-
القوى الظلامية بالمغرب تُناصر العصابات المُتصهْيِنة بسوريا..
-
الحق في الإضراب: حاميها، حراميها..!!
-
وزارة التربية الوطنية: فضيحة وسرقة موصوفة!!
-
المحكمة الجنائية الدولية: أي مصداقية؟!
-
الأحلام من داخل السجن مريحة..
-
هل الأطفال الفلسطينيون معنيون بيوم 20 نونبر؟!!
-
-الاتجار بالمناضلين-
-
الى الرفيق المناضل جورج عبد الله الصامد بالسجون الفرنسية
-
الشهيد زروال حيٌّ في قلوبنا..
-
أجمل هديّة لأمي..
-
في الذكرى 39 لاستشهاد المناضل تهاني أمين..
-
الاعتقال السياسي شكل من أشكال الطحن..
-
العيب في -المدافعين- عن قضية الشعب..
المزيد.....
-
عمال منجم ذهب بحالة يرثى لها يتوسلون النجدة بجنوب إفريقيا: -
...
-
ارتفاع البطالة في عام 2024
-
Portugal: Workers united against the degradation of Casa Pia
...
-
تعبيرًا عن امتنانها.. أميرة ويلز تزور مستشفى لتشكر العاملين
...
-
-حافلات البرد- تطوف على المشردين مع صقيع شتاء المدن الألماني
...
-
الحرب بيومها الـ467: إضراب عام في جنين حدادًا على الضحايا وا
...
-
دعوة للإضراب في جنين وأنباء عن إصابة جنود إسرائيليين
-
القوى الوطنية بجنين تعلن اضرابا شاملا اليوم حدادا على ارواح
...
-
في دقائق.. خطوات تجديد منحة البطالة من الهاتف 2025 وشروط الت
...
-
مالية إقليم كردستان: بغداد لا تلتزم بقرار المحكمة الاتحادية
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|