أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - إكرام فكري - تحسين النسل بين الماضي والحاضر: من سياسات الاستعمار إلى التعديل الجيني














المزيد.....


تحسين النسل بين الماضي والحاضر: من سياسات الاستعمار إلى التعديل الجيني


إكرام فكري

الحوار المتمدن-العدد: 8222 - 2025 / 1 / 14 - 20:54
المحور: حقوق الانسان
    


الانتقاء الطبيعي، الذي وضعه تشارلز داروين، يصف العملية التي تجعل الكائنات الأكثر تكيفًا مع بيئتها تستمر في التكاثر، بينما الكائنات الأقل قدرة تختفي مع الوقت. هذه العملية تحدث بشكل طبيعي... لكن هذا المفهوم الطبيعي تم استغلاله وتحويله إلى انتقاء صناعي من قبل البشر يهدف إلى تحسين الصفات الوراثية للبشر من خلال التحكم في التكاثر... و بذلك اعتُبرت بعض الفئات "أكثر تفوقًا" من غيرها، وتم تشجيعها على الإنجاب، بينما خضع آخرون لسياسات مثل التعقيم القسري .. بل و تم استغلال ذلك ايضا في تبرير سياسات عنصرية واستعمارية.

خلال فترة الاستعمار، استخدمت الدول الاستعمارية تحسين النسل كذريعة لتبرير سيطرتها على الشعوب في آسيا وأفريقيا. كانت هذه القوى تقدم نفسها كـ"متحضرة" تسعى إلى "تحسين" حياة السكان المحليين، بينما كان الهدف الحقيقي هو استغلال الموارد الطبيعية والبشرية. تم بناء البنية التحتية مثل السكك الحديدية والموانئ، لكنها لم تكن تخدم السكان المحليين بقدر ما كانت تسهل نقل الموارد إلى الدول الاستعمارية. أما التعليم الحديث الذي جاءت به هذه الدول فقد كان محدودًا وموجهًا فقط إلى نخبة صغيرة من السكان لجعلهم يخدمون المصالح الاستعمارية، بينما ظلت الأغلبية محرومة من الفرص الحقيقية.

هذه السياسات العنصرية والاستغلالية، التي كانت جزءًا من تحسين النسل ، لم تتوقف عند الاستعمار فقط. بل استُخدمت أيضًا في أنظمة أخرى، مثل النازية، التي سعت إلى تطبيق تحسين النسل من خلال القضاء على فئات معينة من البشر اعتُبرت "غير مرغوب فيها"، مثل اليهود والمعاقين والغجر.

في العصر الحديث، ظهر نوع جديد من تحسين النسل يُعرف بـتحسين النسل الحديث، أو التعديل الجيني. بدلاً من التحكم في التكاثر بوسائل اجتماعية وسياسية، أصبح التقدم العلمي يسمح بالتدخل المباشر في الحمض النووي للأفراد لتعديل الصفات الوراثية. يمكن أن يكون لهذا التعديل فوائد كبيرة، مثل الوقاية من الأمراض الوراثية أو تحسين الصحة العامة. لكن في المقابل، يحمل مخاطر خطيرة.

أحد أكبر المخاوف من التعديل الجيني هو فقدان التنوع الجيني. هذا التنوع هو الذي يسمح للبشر بالتكيف مع التغيرات البيئية ومقاومة الأمراض. على سبيل المثال، في جنوب أفريقيا، هناك أفراد يمتلكون مناعة طبيعية ضد فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) بسبب طفرة وراثية. إذا تم تضييق التنوع الجيني من خلال التعديل الجيني الموجه، قد تفقد البشرية هذه القدرات الطبيعية التي تطورت عبر ملايين السنين.

قد يؤدي التعديل الجيني إلى ظهور فوارق طبقية جديدة. إذا أصبح بإمكان فئة معينة فقط تحمل تكاليف التعديلات الجينية، قد تتحول هذه الفئة إلى طبقة "متفوقة" بيولوجيًا على الآخرين، مما يعزز الفجوة الاجتماعية والاقتصادية. كما أن الاعتماد الكامل على هذه التعديلات قد يعرض البشرية للخطر إذا ظهرت طفرات غير متوقعة تؤثر على تلك الفئة بشكل كارثي.

تحسين النسل، سواء الكلاسيكي أو الحديث، يعكس رغبة البشر في التحكم بالطبيعة. لكن التاريخ يُظهر أن هذه المحاولات غالبًا ما تكون مليئة بالمخاطر والآثار السلبية. فالتدخل غير المدروس في التنوع البشري قد يؤدي إلى نتائج عكسية تهدد استدامة البشرية، سواء من خلال الاستغلال والتمييز كما في الماضي، أو من خلال الطفرات الجينية غير المتوقعة في المستقبل. التقدم العلمي يجب أن يُستخدم بحذر، مع وضع قيمة التنوع البشري والاستدامة فوق أي اعتبارات أخرى.



#إكرام_فكري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يصبح الاختيار رحلة لفهم الذات
- العرب والدين: بين النزعة الفردية و وحدة الأمة
- العرب والدين: بين النزعة الفردية و وحدة الأمة
- القوة الموازية في الفرد و المجتمع
- المجهول : الرحلة بين الحياة و الموت
- المجهول: الرحلة ما بين الحياة و الموت
- العشرينات
- عالم التسليع
- الرسم بالكلمات
- الخوارزمي
- بين الزنزانة الفردية و خيانة الحقيقة
- احتراق
- حقيقة واقعية
- حالة ضعف
- تجليات المقدس في القوة النفسية
- المقدس و تجلياته النفسية
- كل مواقف الحياة ما هي إلّا رسالة لي ، و ينبغي أن أجيد قراءة ...
- في غياهب الجب
- المليحة و الشياطين
- البناؤون الاحرار


المزيد.....




- بعثة الأمم المتحدة في ليبيا قلقة من تقارير وفيديوهات التعذيب ...
- كوريا الجنوبية.. محاولة جديدة لاعتقال الرئيس المعزول
- حالة طوارئ بمدينة تيخوانا المكسيكية استعدادا لتهديد ترامب بت ...
- كوريا الجنوبية: اعتقال الرئيس المعزول يون سوك-يول بتهمة محاو ...
- كوريا الجنوبية.. محاولة جديدة لاعتقال الرئيس المعزول يون سيو ...
- اتهامات للجيش السوداني والفصائل المتحالفة معه بقتل واعتقال م ...
- ليبيا: مشاهد صادمة مسرّبة لتعذيب سجناء في سجن قرنادة شرقي ال ...
- وزير خارجية إسرائيل: غالبية أعضاء حكومتنا سيدعمون اتفاق غزة ...
- تونس: العشرات يتظاهرون في الذكرى 14 للثورة ويطالبون بالإفراج ...
- نتنياهو: الإعلان عن صفقة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غز ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - إكرام فكري - تحسين النسل بين الماضي والحاضر: من سياسات الاستعمار إلى التعديل الجيني