|
سوريا بين نهج سطوة ظلامية للخرافة والتخلف ونهج تنويري للتقدم والتنمية
تيسير عبدالجبار الآلوسي
(Tayseer A. Al Alousi)
الحوار المتمدن-العدد: 8221 - 2025 / 1 / 13 - 16:48
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
سوريا بين مسارين" بين مطب الانتكاس وبين فرص الانعتاق والتحرر — ألواح سومرية معاصرة القضية السورية دخلت النفق المظلم مذ تحولوا بثورة الشعب ومكوناته وأطيافه عبر عسكرتها واختراقها بنيويا بميليشيات من مختلف الأصقاع من تلك التي يجري تزكيتها ووضعها على رأس هرم السلطة الجديدة بخاصة هنا العسكرية الأكنية بقرارات بلا غطاء قانوني يدستوري وبلا مرجعية للوثائق الأممية المعتمدة إن استغلال نفوذ واقع الحال بات خطيرا وكبيرا وجوهريا مما يلزم أن يكون موقف المجتمع الدولي التضامني لا يقتصر على التنبيه والاقتراح كما يتحدث من زار الحاكم الذي لا يملك من خبرة إدارة دولة كبيرة كسوريا أية خبرة أو قدرة ما يشي بكرجعياته وتوجهاته وطبعا القوى الوطنية التنويرية السورية كافة وبالاستناد إلى تحالف بات ضروريا إعلانه اليوم مع الكورد جوهرة العلمانية والديموقراطية سيحمل رسالة الشعب السوري لتقرير مصيره ويضعها أمام المجتمع الدولي ليأخذ مسؤولياته وبخلافه سنجد تلك القوى منساقة للتعامل مع التذاكي والتراجع التدريجي للأوضاع لصالح سلطة ظلامية إسلاموية مقيتة خربت المنطقة وهي في سوريا ستكون مصدر استباحة دموية لكل الحقوق والحريات بحجج وذرائع لا تقوى على مجابهة منطق العقل وحكمة القرار الوطني والإنساني التنويري.. فلنتنبه قبل الاستدراج وسط ضجيج الأماني والأحلام وأضغاث أوهامها
***
واصل النظام السابق تشبثه بنهجه وتفرده بالسلطة والنظام حتى آخر لحظة أتت برحيل رأس النظام بطريقة مذلة. لقد تسببت مراوغاته ومناوراته في إبعاد فرص الحل على وفق ما نص عليه القرار الأممي بشأن سوريا يستعيد فيها الشعب حقوقه وحرياته.. وما كانت نتيجته هي اندفاع قوة بقيت حتى تلك اللحظة مسجلة على قائمة الإرهاب لتسطو على السلطة بغياب رأسها وانسحاب تام لجيشها وتسليم للقوى الغازية من دون أية مقاومة كان يزعمها ويدعيها بقدر تعلق الأمر بشماعته التي طبل لها لعقود طويلة..
أما وقد وقعت الواقعة ورحل رأس النظام وتم تحييد قواته القمعية والقتالية فإنَّ الجديد يجابه الشعب السوري وقواه التنويرية اليوم بصورة أكبر وأكثر حدة وشدة حيث بدأت اليوم قوى السلطة البديلة بالكشف عن هويتها تدريجا بطريقة تمسكن حتى تتمكن وطبعا بطريقة رفع شعارات براقة لم ترقَ حتى لمستوى إقرار الديموقراطية والمدنية ولا نقول العَلمانية للسلطة دع عنك مشروعات إقصائية تجاه مكونات الشعب..
وهنا نؤكد مجددا حقيقة تركيبة الشعب السوري من مكونات وأطياف قومية ودينية ومذهبية وإثنية متعددة بصورة واضحة ملموسة وتاريخها القديم والحديث يشهد بذلك مثلما جغرافيا الوطن السوري وتوزيع تلك المكونات.. هذا كله بكفة وفلسفة ذكورية باتت تصرح بالمكشوف بأن المرأة مكانها البيت جارية عبدة مما ملكت أيمان من يدعي أنه وكيل الله و-أو المقدس على الأرض..
وأذكّر هنا بحقائق حدثت على الرغم من كل طلاسم التصريحات المضللة وهي مفضوحة بالتواءاتها وهلامية ادعاءاتها من قبيل اغتيال العلماء والأساتذة والمتخصصين بميادين الهندسة والطب وما ماثلها وأيضا ترهيب النسوة في لباسهن والأزياء التي يخترنها دع عنك فرص وجودهن في الأماكن العامة والمسؤوليات الحكومية إلا إذا انصعن للتبعية المذلة للسيد المتباكي على التدين السياسي الذي تمت تجربته في أفغانستان والعراق واليمن وغيرها..
ولعل من أبرز ما يلزم اليوم هو أن نرصد كيف تعاملت السلطات من جهة مع اندفاعات قوات تركية أو تابعة لها وأخرى إسرائيلية من دون تحريك فعلي لأي ساكن يُذكر بل إن السلطة لا تخفي تبعيتها لتركيا للحد الذي تباع فيه سوريا لأنقرة وأردوغان جهارا نهارا..
ويُطرح موضوع الحوار الوطني وقبول التعددية في خيارات إقامة بديل بوقت تنفرد قوة تم وضعها على قوائم الإرهاب أمريكيا بل بمجلس الأمن ودوليا بمجتمع دولي بأسره وتتشكل السلطة وحكومتها على هذا الأساس بزعم أنها انتقالية ونحن ندرك أن السمو الدستوري هو للشعب وليس لأي طرف أو نص آخر وأن الحكم الانتقالي يجب بصورة ملزمة أن يكون تعدديا يشمل الجميع وإذا قلنا أن السلطة ليست انتقالية بل مؤقتة لتصريف أعمال لحين تشكيل الانتقالية فإن الحديث عن سنوات بعيدة غير معلومة الأسقف هو ما يشي بالاتجاه كما أن الأحداث الجارية تفضح الحقيقة المبيتة لسوريا..
من هنا فإن أي حوار وطني يلزم ألا يكون بخيمة طرف يملك السلاح والسلطة.. ويجب أن يكون مفتوحا بلا شروط مسبقة ويلزم أن يستند إلى الوثائق والعهود الأممية التي تكفل حق تقرير المصير وحقوق الإنسان وحرياته كافة كما تلتزم بسلطة قانون رسمية تعتمد منهجية لا تخضع ولا تسمح بوجود عناصر ميليشياوية مسلحة تحتل الشارع والحياة العامة
ومن دون ذلك فإن المآل العراقي واليمني والليبي سيكون من الماضي الجميل نسبة لما سيُصنع لسوريا وينتظرها من حكم إسلاموي ظلامي لن يرعوي في فرض نهجه الفاشي وقد بدأ في التعليم وما يعرفه السوريون من تغيير مناهج وتوجيهات ظلامية باتت تحذف كل ما يتعلق بالعقل العلمي ومنجزاته الفكرية مثلما حذف قراءة نظرية التطور الأحيائي ومن قبيل إدخال بدائل لمنطق الخرافة ودجل الأضاليل والأباطيل وغير ذلك وما يتعلق بالعدل بكل ما يتحدث به عن مشروع الدولة الإسلامية بطريقة دولة الشام الداعشية أو الطالبانية الأفغانية..
إن مناورات القبول بالحديث ولو على مضض مع مسيحي أو مع كوردي هي مجرد مناورة مؤقتة لحين التمكن وامتلاك وسائل السطو الكلي (الشمولي) المعروف عن النُظُم الكلانية الشمولية، بخاصة مع استغلال السلطة الجديدة الانفتاح على العالم بطريقة التذاكي؛ مما لا ينفع معه مثلا تبرير وزيرة خارجية ألمانيا أنها أبلغت من لم يصافحها كونها امرأة، أنَّ عليه احترام المرأة السورية..! إذ كيف سيحترم المرأة من أهان (ممثلة) دولية! كيف سيحترمها بداخل سوريا وهو يؤمن بدونيتها وبعلويته وقوامته ووصايته عليها كونها ناقصة عقل ودين كما يؤوّل الأمور ونصوصها على وفق قراءته..
أيها السادة إن القضية لم تكن مع شخص الدكتاتور المهزوم وحده بل مع نظام الدكتاتورية ونهجه وفلسفته والبديل على وفق المشروع الأممي غير القابل لتعديلات من يسطو على السلطة اليوم، يؤكد أن البديل يجب إلزاما أن يكون ديموقراطيا تعدديا يكفل سوريا علمانية تنسجم ومسيرة المجتمع المعاصر بأرجاء المعمورة..
وإذا كانت التجربة العراقية وشبيهاتها قد انزلقت لسطوة إيرانية فإن انزلاق سوريا لسطوة تركية سيواصل التخريب للإجهاز على أي حلم للدول الوطنية شر الأوسطية في بنية تحترم شعوبها وتنتمي للعصر.. إن الكارثة الإقليمية تتضح وتتكشف بسرعة وبلا حاجة لمتاعب في قراءتها ولننظر إلى آلية الاندفاع التركي بحجة مكافحة (الكورد) كيف تستغل ميليشيات وعصابات وكيف تواصل احتلال أراض سورية وترتكب جرائم التغيير الديموغرافي المفضوح فضلا عن عملها المستمر على كسر أية قيادة كوردية حرة لا تخضع لنهجها وتوجهاتها.. والموضوع بحاجة لعمق نظر وبصيرة كي يدرك الجميع أن انتصار الإدارة الذاتية هو انتصار لسوريا اليوم والغد وموضوعنا الشائك يظل بحاجة للتعمق والتشعب الذي يغطي معالجته
وللحديث بقية مع عميق التضامن مع أهلنا في سوريا بكل أطيافهم ومع الكورد بوصفهم الركن الجوهري لسوريا تعددية جديدة؛ فهل سندرك مهامنا التضامنية ومفردات نهجها أم سنكون جزءا من التصفيق السلبي لرحيل الدكتاتور واستبدال الدكتاتورية بأخرى مع إضافة أسلمتها ومنحها ظلامية الإسلام السياسي الأفغاني والإيراني برداء وبرقع أخواني!!!؟
لكم التعليق
8888888 بالخلاصة: لابد من التأكيد بالمحصلة على أن جملة المجريات في سوريا تكشف بوضوح ميل السلطات للتعامل مع عناصر إرهابية كانت ومازالت هي جزءا مكونا منها وقد عينت عناصر أجنبية بقيادة جيش يُفترض أن يكون سوريا وطنيا واعتدت عناصرها المسلحة على الفتيات بسبب أزيائهن وخروجهن لأماكن عامة وعلى فنانين وهنا أخبار عن اغتيالات للعلماء والأساتذة وتغيير مناهج بحذف ما يعود للعقل العلمي ووضع فقرات من منطق الخرافة والدجل والتخلف وتتسيد عناصر حكومة إدلب الإرهابية على وفق المواقف الدولية وتقييماتها وتتصرف بذات النهج كل ذلك لم يغفل المجامع الدولي وعديد الاجتماعات عنه فاتخذت قرارات تحذيرية ولم تُرفع عقوبات عن السلطة وجرى توكيد أن الاجتماعات تدعم الشعب السوري وخياراته في دولة بنهج تنويري يرفض الإرهاب وظلامياته ولابد من مزيد قرارات أكثر حزما وحسما لإنهاء محنة الشعب وما يعانيه وكل مكوناته التي نرصد فيها حربا مستمرة من ميليشيات تابعة لتركيا وقواتها ضد سوريا وأبرز مكوناتها من الكورد خاصة
#تيسير_عبدالجبار_الآلوسي (هاشتاغ)
Tayseer_A._Al_Alousi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعض رؤى وقراءات في فلسفة حقوق الإنسان؟
-
أسس ولادة الحزب السياسي واكتساب شرعية العمل وهويته
-
ومضة تسلّط بقعة ضوء صغيرة لتكشف أسباب الفساد ومخرجاته الإجرا
...
-
من أجل ثقافة إنسانية بديلة لخطاب الكراهية وإنهاء كل ما يحض ع
...
-
أشد إدانة لجريمة استعباد الإنسان أيّاً كانت ذرائع التخفي وال
...
-
ما مصائر ضحايا الأسلحة الكيميائية وأين باتت المواقف المؤملة
...
-
في اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة 25نوفمبر تشرين ال
...
-
أطفال العراق والمنطقة بظروف قاسية بوقت يُحتفل دوليا أممياً ب
...
-
من أجل حل سلمي عادل يستجيب لمطالب شعب فلسطين في إقامة دولته
...
-
في اليوم الدولي لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود لتتكا
...
-
هل فاتنا قطار التعايش بروح سلمي وبمنظومة التسامح؟
-
ما التأثيرات الاستراتيجية لتحولات السياسة الدولية على مستقبل
...
-
إدانة تفاقم جرائم الانتهاكات الجنسية ومنها بحق الأطفال في ال
...
-
مناسبة العلوم والسلام والتنمية هي المنصة الأسمى والمدخل الأف
...
-
أقرع نواقيس الانذار ربما المتأخر بعد أن فاتنا أوان حماية بيئ
...
-
ما المهمة المؤملة عراقيا في ظل الحملات الوحشية التي لا ترعوي
...
-
في الأسبوع العالمي لنزع الأسلحة: نزع سلاح الميليشيات مقدمة ل
...
-
اليوم العالمي للأمم المتحدة تجسيد للوحدة الإنسانية وإعلاء لق
...
-
طلبة العراق يواجهون أشكال الامتهان والابتزاز والتمييز
-
العراق بين ثرواته وأسباب إفقار شعبه!؟
المزيد.....
-
مهرجان برازيلي سرّي يعود تاريخه إلى أكثر من 300 عام.. ما قصت
...
-
متحدث الجيش الإسرائيلي يعلن التصدي لصاروخ أُطلق من اليمن.. و
...
-
-دعا للتوقف عن سياسات الاستقواء-.. سعد الحريري يعلق على تسمي
...
-
مخاوف في سوريا من انتشار الأسلحة بين الفصائل والأفراد
-
داخل إمبراطورية شي إن: من المصانع الصينية لأكبر شركة ملابس ف
...
-
احتفالات بسيطرة الجيش السوداني على مدينة ود مدني الاستراتيج
...
-
جيروزاليم بوست: من بورقيبة إلى بن علي.. علاقات سرية بين تون
...
-
CNN: القوات الروسية تتقدم في جبهات القتال وأوكرانيا تتخلى عن
...
-
روسيا.. اختبار دواء جديد لعلاج العقم لدى الرجال
-
أبو ترامب الفلوريدي يعيد العبودية إلى العلاقات الدولية
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|