باسم السعيدي
الحوار المتمدن-العدد: 1791 - 2007 / 1 / 10 - 11:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
فعلها أبو إسراء المالكي، وفتل الحبل حول رقبة القائد ، وتركه يهوي من شاهق فلم تنفعه (هوسات) الذين رقصوا على جماجم المقابر الجماعية، ولم تتلقف قدميه الأرض التي سطَّر عليها أروع ملاحم الزيف ، ولم يلتفت له قريب ولا بعيد ممن كان يصرخ (بالروح .. بالدم .. نفديك يا صدام) .. لم يسعفه القادة العرب ممن يتباكون اليوم على (إستشهاده) ،تركه كل هؤلاء ليواجه مصيره المحتوم ليس يوم (دندله) المالكي من على خشبته الأخيرة (في الحقيقة لم تكن خشبة ، إنها كونكريت مسلَّح إعتنى به كثيراً القائد في أيام سطوته كعهده في تسليح كل ما يقتات من رقاب المواطنين)، تركوه يوم يوم 20/3/2003 حين سمحوا بمرور طائرات الغزو الأمريكية تمخر أجواءهم ، ويوم سمحت الدول العربية بمرور المجنزرات الأمريكية عبر فيافيهم، وتركوه يوم إنفضوا من حوله يوم 9/4/2003 ولم ينصره ناصر ، تركوه يوم صمتوا عن إنزال (نعالات اللاستيك المعاد) على رأسه المبجل في أصنامه المزروعة في كل أصقاع الوطن التي كانت (فزّاعة) القائد لتعلن بين الناس أن ( أنا ربكم الأعلى).
وسقط فرعون آخر من السلسلة التي لاتنتهي للفراعنة.
كل هذا الصراخ .. وكل هذا العويل ، وكل هذه الدموع والإنتحارات والنصب التذكارية التي يقيمها ملتاثو العقول في العواصم العربية ليست سوى محاولة لطمس معالم الحقيقة أمام العقل العربي المتهرئ الذي لم يعد يميز بين الخيط الأبيض من الخيط الأسود في رابعة النهار.
قادة عرب .. وافقوا أو سكتوا عن البرنامج الأمريكي للإطاحة بصدام .. ومن ثم الى حبل المشنقة.
ضباط صدام .. إنفرجوا عنه إنفراج المرأة عن قبلها في ليلة الخميس ، ثم لمّا وجدوا الصورة الواقعية لأفاعيلهم من خلال الرفض الشعبي لهم راحوا يتباكون على صدام .. الذي خذلوه فأوصلوه الى حبل المشنقة.
ساسة .. عارضوا القائد الرمز .. ثم حين فتحت صناديق الإقتراع عن خيبة وخسران .. راحوا يبكون صدام الذي وصموه بكل موبقة (هو لها أهل) .. وأوصلوه الى حبل المشنقة.
الشعوب العربية المتباكية على صدام .. تلك التي تقع في أسفل السلسلة الغذائية للكائنات الحية ، تلك التي يقتات عليها القادة والساسة والضباط والمثقفون وكل الأبالسة .. والتي سلَّمت أمرها بأيدٍ تشبه يدي صدام .. تركت أمرها في يد الطغاة الذين أسلموا صدام .. الى حبل المشنقة ، وبهذا التفويض أوصلوا هم صدام الى حبل المشنقة.
موت صدام لم يكشف عورة أحد بعينه ، لأنها كشفت عورة الجميع ، فلا خلق ولا عقيدة ولا رأي ولا حتى حد أدنى من الإنسانية لدى كل هؤلاء .. الجميع يبتزون الجميع ، وهنالك (غسيل دماغ جمعي) لدى الأمة العربية يصب في نتيجة واحدة .. أن يا أمريكا .. ما نحن إلا عبيد يستمتعون بعبوديتهم .
رسالة خلاصة المفاد منها – لا قيمة للشعوب ، فمهما فعل القادة بالشعوب (فدوة لعيون القائد).
ولكن مع كل ذاك .. فالقائد المدندل يفضح هذه المسرحية .. لأن (علاسته) هم أول الباكين عليه.
بغداد
#باسم_السعيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟