أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - جميل عمار - حماية الاقليات السورية: كلمة حق أٌريد بها باطل؟؟؟















المزيد.....


حماية الاقليات السورية: كلمة حق أٌريد بها باطل؟؟؟


جميل عمار

الحوار المتمدن-العدد: 8220 - 2025 / 1 / 12 - 17:32
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


في غٌضون أقل من شهر على تسلٌمه مقاليد السلطة في دمشق، استقبل السيد أحمد الشرع عدداً كبيراً من الدبلوماسيين الغربيين الذين أمطروه وفريقه بجملة من المطالب كان من أهمها التعددية السياسية وحماية الاقليات. ما الذي اثار اهتمامات الساسه الغربيين بهذه الصورة؟ هل الاقليات السورية في خطر و ممن؟

للإجابة عن هذه التساؤلات الملحة، لا يحتاج المرء لأكثر من ذاكرة جيده للعودة إلى الازمة السورية التي بدأت في اذار ٢٠١١ ولم تنته حتى كانون الأول ٢٠٢٤. خلال هذه الحقبة المكلفة و المريرة من تاريخ سوريه، تعرضت الأكثرية السورية لابشع أنواع الاضطهاد و القتل و على رؤوس الاشهاد. فلماذا لم تهتم الوفود الدبلوماسية الغربية واقرانها حينئذ بشكل جدي لإيقاف المذبحة بحق الأكثرية السورية؟ بعيدا عن الاجتماعات والتوصيات والعديد من المبادرات الورقية، لم يٌقدم المجتمع الدولي الكثير للسوريين ولم يحميهم من آلة القتل الأسدية. من هذا المنطلق، من الضروري التساؤل عن مدى جدّية هذه الدعوات لحماية الاقليات السورية لأن من لا يحمي الأكثرية من غير المرٌجح أن يهتم لشؤون الاقلية.

حماية الاقليات مصطلح سياسي مجوف وضار خصوصاً في الحالة السورية. استخدمهٌ نظام "الأسد أو نحرق البلد" لاضطهاد الأكثرية السنية وتصويرها على أنها خطر داهم على الأقليات، ملحقاً ضررا بالغا في النسيج الاجتماعي للسوريين. تحت هذا الشعار الزائف، ظٌلمت الأكثرية السورية السنية حيث تعرض مئات الآلاف للقتل والتنكيل تحت ذريعة مكافحة التطرف والإرهاب. تحت نفس الذريعة الواهية، حٌورب الكثير من الافراد من الاقليات والذين دفعوا اثمان باهظة لمناصرتهم الثورة السورية أو رفضهم للعنف، لتبدو البقية من الاقليات السورية التي لا حول لها ولا قوة كالساكت عن الحق. من منظور المقاييس الإنسانية الطبيعية، لم يكن ما تعرضت له بعض الاقليات السورية بالبسيط أو الهين. دفع كثيرون اثمان باهظة لقناعاتهم. ولكن هول وحجم الكارثة التي حلت بالأكثرية السنية السورية، جعل أي حديث عن عذابات، أو تضحيات، أو حقوق الاقليات السورية موضوع ممجوج وفي غير وقته بالنسبة للكثيرين. حتى أن البعض يذهب وبشكل غير منصف باتجاه اتهام الاقليات السورية برغبتها بالانفصال عن الوطن الام.

ولفهم مدى الضرر الذي سببه الاستخدام الخاطئ والمقصود لهذا المصطلح السياسي الإشكالي، يكفي أن نورد مثال واحداً فقط: في ٢٨/٩/٢٠١٢ نقلت جريدة الشرق الأوسط ونقلا عن المركز السوري لحقوق الإنسان مقتل شخص موالي للنظام السوري في مدينة جرمانا (تقطنها غالبية درزية ومسيحية مع عدد كبيرا من المهجرين). في اليوم التالي، وأثناء التشييع، انفجرت عبوة ناسف أدت إلى مقتل ١٢ شخص وإصابة ٤٨ آخرين (وفقًا لنفس المصادر). انتشر هذا الخبر في الصحف الأجنبية كالنار في الهشيم حيث اتهمت الصحف الأجنبية المعارضة السورية باستهداف المدنيين المؤيدين للنظام بشكل متعمد.

المثير في هذه الحادثة انه لم يكن للشخص المٌستهدف - والذي كان له علاقة وثيقة جدا مع كاتب هذا المقال - اي صله بالنظام السوري ولم يربطه بمؤيدي النظام السوري سوى خبر نٌشر على الإنترنت في موقع مغمور ادّعى أن الضحية موالي للنظام وأنه قٌتل لهذا السبب. و لفهم هذه الحادثة بشكل أفضل، لا بد من العودة شهرا إلى الوراء، و تحديدا لتاريخ ٢٦/٨/٢٠١٢. في هذا التاريخ، ارتكب النظام السوري مجزرة في داريا راح ضحيتها ٣٢٠ شخص وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان. ضج المجتمع الدولي حينها مطالبا بالتحقيق في جرانم الحرب المرتكبة من قبل النظام السوري. ولكن بعد حادثة استهداف المشيعين في جرمانا، والتي وقعت بعد شهر تقريبآ من مجزرة داريا، خفت الأصوات المطالبة بالتحقيق بجرائم النظام كثيرا على اعتبار أن النظام والمعارضة كلاهما يستهدف المدنيين. يٌظهر هذا المثال اسلوب نظام "الأسد أو نحرق البلد" واستخدامه لذريعة حماية الاقليات للتهرب من المسؤولية ولتبرير جرائمه ضد الأكثرية. فالقاتل في داريا وجرمانا هو نفسه. ولكن الدافع وراء الجريمتين كان مختلف.

يبقى السؤال: لماذا لم يهتم الغربيون بشكل جدي لإنقاذ الأكثرية السورية، ولماذا التركيز الان على حماية الاقليات؟ لم يبد الساسة الغربيين حماسه كبيره لمساندة الشعب السورية لأسباب كثيره ومعقده، من أهمها انضمام مجموعات متطرفة إلى صفوف الثوار في سورية. لقد دفع السوريون على مختلف الوانهم اثمان باهظة نتيجة أعمال هذه الجماعات المتطرفة. لم يقتصر الضرر الذي تسببت به هذه الجماعات المتشددة على أعمال العنف التي مارستها بحق السوريين أنفسهم. الأخطر هنا هو إعطاء شرعية (بشكل متعمد أو غير متعمد) لادعاءات الأسد الفارغة بأنه يحارب الإرهاب والتطرف مما مّكنة من الامعان في قتل السوريين حتى كانون الأول ٢٠٢٤. أستخدم المجتمع الدولي كذلك حقيقة وجود عناصر متطرفة داخل الثورة السورية لتبرير تخليه عن السوريين وتركهم لمصيرهم بحجة استحالة التفريق بين الثوار والمتطرفين.

ولفهم أسباب الحاح الدبلوماسيين الغربيين على ضرورة حماية الاقليات السورية في هذا الوقت تحديدا، لا بد من الابتعاد عن سوريه بأكثريتها واقليتها والنظر إلى قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وخصوصا في موضوع اللاجئين. ترغب أوروبا بإعادة أعدادا كبيرا من اللاجئين السوريين إلى بلدهم ولا يستطيع الساسة الغربيون تحقيق هذا الهدف مالم يتم تصنيف سوريه كبلد آمن. من اهم المعايير القانونية الدولية في هذا السياق هي الحريات الدينية و حماية الاقليات. هنا، تكمن المصلحة الأوروبية الحقيقية في التركيز على ضرورة التعددية السياسية وحماية الاقليات السورية. بكلمة أخرى، لا تهتم أوروبا لشؤون الأقليات السورية ولن تتدخل لحمايتهم.

ان الاستحضار السياسي المكثف لمصطلح الاقليات لا يخدم السوريين على مختلف ألوانهم. لا يحتاج السوريون لحمايتهم من بعضهم البعض فهم ليسو أعداء. ما يحتاجه السوريين الان وعلى رأسهم السيد أحمد الشرع وهيئة تحرير الشام هو الإدراك بأن هذه قد تكون الفرصه الأخيرة لإنقاذ القارب السوري المتهالك والمٌثقل بالأعباء. لن يٌنقذ السوريين الان سوى طلاق بائن من عقلية "الأسد أو نحرق البلد" الشمولية الكارهة والطاردة للتنوع والاختلاف. فتجاوز الماضي أمرا حسنا، ولكن تجاهل الدروس والعبر خطأ كبير قد لا يقوى السوريون على دفع أثمانه. من الخطأ وضع الأقليات السورية في دائرة الاتهام الدائم - كما هو الحال بالنسبة للمسلمين في أوروبا وأمريكا- حيث يتوجب عليهم أثبات وطنيتهم وولائهم للدولة بشكل دائم. أذا اردتم الخلاص من ذهنية نظام الأسد، لا تردوا له الجميل، فقد سبق لنظام البراميل البائد أن وضع الأكثرية السنية الوطنية وبشكل جائر تحت دائرة التشكيك والعمالة للخارج لمجرد مطالبة الناس بحقوقهم.

د. جميل عمار



#جميل_عمار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصادر لـCNN: إسرائيل وحماس تعملان على -المسودة النهائية- لات ...
- الحوثيون يعلنون تنفيذ عمليتين عسكريتين ضد أهداف حيوية إسرائي ...
- روسيا تعيد رسم استراتيجيتها في دونيتسك وتتجه لقطع خطوط الإمد ...
- زلزال اليابان: كاميرا داخل طائرة توثق لحظة اهتزاز الطائرة وج ...
- تفاصيل مراحل الصفقة المحتملة لوقف النار بين إسرائيل وحماس
- من هو رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام؟
- إيران تعرب عن رغبتها في تعاون طويل الأمد مع روسيا
- مسؤول في حماس: نقترب جدا من التوصل لاتفاق ولا زال هناك نقاط ...
- الرئيس اللبناني جوزيف عون يكلف نواف سلام بتشكيل الحكومة الجد ...
- البنتاغون: لا يوجد ما نعلنه عن مساعدات جديدة لأوكرانيا


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - جميل عمار - حماية الاقليات السورية: كلمة حق أٌريد بها باطل؟؟؟