|
سوريا حيث إقامة-الدولة-جريمه
عبدالامير الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 8219 - 2025 / 1 / 11 - 16:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عاد الحدث السوري الاخير ليؤكد فظاعة الانفصال الحاصل في المنطقة الشرق متوسطية / العربيه، مابين الحقيقة السارية عالميا، ومستوى الادراكية المتاحة ازاءها في هذا الجزء من العالم سواء وبالاصل في نظرته لذاته، او بما خص منظوره الاجمالي المفترض للمتغير الالي العالمي، الامر المستمر كعلة ومعضله متعاظمة الحضور والاثار، فاذا سقط رمز من رموز الدولة منتهية الصلاحية، المركبة ذهنيا كانتكاس عقلي وادراكي، فان الاطار الذي يواكب سقوطها هو افتراض التكرار، او اعادة البناء باشتراطات "افضل"، وهو مايجري الايحاء به من قبل ممثلي العملية التي ازاحت بشار الاسد من السلطة، او من هم معهم او ضدهم، وكان مايعرف ب "الدولة" المتوفرة على الاسباب المثالية نموذجا، ممكنه او من الوارد قيامها باية حال. ويكفي مثل هذا السياق تكريسا لظاهرة انحطاطية موغلة، اكتسبت منذ اكثر من قرنين صفة ايهامية مرضية، الاكثر حضورا فيها، صلاحيتها لتكريس الانحطاط الذاتي الاسبق فالمنطقة التي وقعت منذ القرن الثالث عشر تحت طائلة الانقطاعية الحضارية، مع رمزية سقوط عاصمة الامبراطورية العباسية بغداد عام 1258، وحلول زمن البرانيه التعاقبية الشرقية من يومها، وصولا الى العثمانيه اخر صيغها، وجدت نهضتها في تلبس البرانيه الغربية الاوربية الالية على انها "النهضة" ومغادرة زمن الانحطاط الموضوعي التاريخي، بغض النظر عن اي فعل او اثر متناسب مع موقع وخاصيات المكان، يمكن ذكره ضمن العملية التاريخيه الانقلابية الحالة على الطرف الاخر الغربي من المتوسط. وفي موضع من المعمورة هو مركز البدئية الاولى المجتمعية التاريخيه الاساس، لابد ان يكون من غير المعقول تصور اتباعيتها الراهنه وقد استمرت سارية لاكثر من قرنين من الزمن، من دون ان تكون لها اية فعالية مواكبة، او مؤثرة باي شكل، في التحول الانقلابي العالمي الحاصل، عدا الاستعارة والبحث عن صيغ محاكاة غيرها بلا اية اشارة من اي نوع كان الى ملمح حضوري ذاتي، فجرت هنا المصادقة بالمطلق على صحة الهيمنه النموذجية التفكرية الغربية، باعتبارها قمة وجوهر الانقلابية الالية النوعية، من دون اية احتمالية او فرضية طريق اخر، او توقف عند الانقلاب الكبير ومداه، وماقد يكون ناقصا ومنتظرا ضمن مساره بعد انتهاء اطول الفصول التاريخيه وتفاعلية المجتمعات تحت طائلة اليدوية الانتاجية. صار المطلوب من يومها "دول"، و "ديمقراطية"، و" مدنيه"، او "طبقات"، و"نظم اشتراكية"، و "كيانويه وطنيه او قومية" كبداهة ببغاوية جاهزه، بغض النظر عن الارضية او طبيعة المكان المجلوبة اليه، ومع القصورية التي تتمتع بها نظرة الغرب للظاهرة المجتمعية برغم ادعائيتها في هذا الميدان، ماقد اسقط تعددية الانماط والكيانوية وصيغها، مثل تلك التي لم تعرف مثلا "الدولة" على مر تاريخيها باعتبارها ممر امبراطوريات ابتداء من سرجون الاكدي(1)، لاتتجلى "كيانويا" كما هو الحال في بلد مثل سوريا، او نمطية الازدواج الكونية المتعدية للوطنيه كما الحال في ارض الرافدين، والتي لم تعرف هي الاخرى في تاريخها "الكيانوية الوطنيه" على الاطلاق، بينما تذهب بها اصطرعيتها النمطية الازدواجية الى الامبراطورية حكما من اعلى، والى السماوية الكونية فوق الارضية من اسفل، ابراهيما كمثال كوني. وتنطوي ادارة الظهر للتعددية النمطية الكيانويه كما هي ماثله في منطقة الشرق الاوسط، على ماهو اخطر بكثير من مجرد تجاهل احتمالية حضور الذاتيه لصالح احدها كما الحال مع نموذج وادي النيل وكينونته كاحادية دولة "وطنيه" بلا ديناميات اصطراعية كتلك الاوربية، حيث الازدواج الطبقي وتسريعه للديناميات المجتمعية ضمن نمطه عالميا، وماقد منحه اليوم لشبيهه الشرق متوسطي الاعرق صنفا في الجوهر، من صفة نموذجية ابتداء من "محمد علي" الالباني، فاذا بالكيانيه المصرية التاريخيه، تتحول الى صيغة تكرار وتطبيق لماحاصل عبر البحر في موضع ثلاثي الانماط(2) : من ازدواج اصطراعي كوني، ومجتمع لادولة احادي مقاتل جزيري، وكيانيه بلا تبلور كياني شامي، انماطها الثلاثية مع المضاف الرابع، جديرة بما انها تضم كل اشكال النمطية المجتمعية البشرية ضمن رقعة محدودة بذاتها، بان تجلب انتباها وتركيزا لامعدى عنه، بالاخص مع الانتباه الى الماضي النهري البدئي، حيث الانهار الثلاثة نمطين، ازدواج كوني وواحد احادي. فماذا ياترى سيكون الحاصل اذا افترضنا بان الانقلاب الالي لم يكتمل بعد، وانه مازال في بدايته التمهيدية محفوفا بالايهامية المخالفة لمنطوياته الابعد، وهو ماحصل مع اوربا قبل ان تكتمل عناصر التحولية الكبرى في ارضها، حيث البدئية الاولى تكرارا مع عودة التاريخ على بدء، وتغير الاله من مصنعية الى تكنولوجية انتاجية، قبل قمتها التكنولوجيا العقلية، وان الكائن البشري هو بالاحرى جسدي يدوي ابتداء، وعقلي آلي انتهاء، حيث ينقلب الكائن المار بين الحيوانية والانسان، عبر "الانسايوان" الحالي. وان المذكور ليس ولن يكون باية حال من اختصاص النمطية الارضوية الاوربية، غير القادرة بنيوياعلى الوصول بالانتقالية الالية الى غايتها، وماهي مصممة لكي تبلغه وتفضي اليه. هل يمكن تخيل افتراض كهذا وسط الانهيار الشامل ونذره الحالة على العالم، ومع انهيار النموذج الاوربي وحلول زمن التفاهه(3) الكبرى والاصطراع بلاطاقة ادراكية، تتحول مع الوقت الى تازم افنائي. لم يعد ثمة وجود للدولة الديمقراطية الاوربيه، وقد بدات نذر انهيارها مع القرن الماضي، ولم يعد "للسيادة" المعروفة بالوطنيه من محل بظل العولمه الانتاجية وسيادة نمط ونموذج امريكا على انقاض اوربا الغاربة، الى وصول نموذج امريكا نفسه الى المازق الانتاجيي والكياني لمجتمع مفقس خارج رحم التاريخ، عاش من اول يوم في تاريخيه على سرقة وتلبس النموذج والنمطية من خارجه، ومن متبقيات غابره، بينما وسيلة الانتاج تتحول اليوم من "مادية جسدية"، الى "عقلية"، والمجتمعية تتهاوى وتتفكك، بينما العقل البشري ضائع غير قادر على ازاحة ثقل ووطاة المتراكم من الافكار الارضوية الاحادية هائلة الوطأه. اية دولة يمكن ان تقوم بعد اليوم في سوريا، ان لم تكن جريمه الجرائم الاكبر، قياسا حتى بالتي سبقتها، مع الاحتدامية المجتمعية البشرية، وتسارع اشكال الانهيار الاكبر الحال على المعمورة، من دون اية بارقة عقلية مواكبه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) سرجون الاكدي2334/2279 ق ـ م اول من احتل ساحل الشام مع عيلام شرقا و والاناضول وعبر البحر الى جزيرة كريت مصرحا "انا حاكم زوايا الدنيا الاربع". (2) يراجع / ارضوتوبيا العراق وانقلاتب التاريخ : من الابراهيمه الى ظهور المهدي هكذا يرد التاريخ العراقي على التحدي الاتمريكي/ عبدالامير الركابي/ دار الانتشار العربي/ بيروت. (3) نظام التفاههة/ د الان دونو/ ترجمة مشاعل عبدالعزيز الهاجري/ دار سؤال.
#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يعودالشرق الاوسط ل-قيادة-العالم/ملحق ج
-
هل يعود الشرق الاوسط ل-قيادة- العالم؟/ ملحق ب
-
هل يعود الشرق الاوسط ل-قيادة- العالم؟/ملحق أ
-
هل يعود الشرق الاوسط ل -قيادة- العالم/ 2
-
هل يعود الشرق الاوسط ل-قيادة- العالم؟/1
-
-اللاارضوية- بديل الماركسية الافله/ ملحق ج
-
- اللاارضوية-بديل الماركسية الافله/ ملحق ب
-
-اللاارضوية-بديل الماركسية الافله/ملحق أ
-
خطوة فاصلة قبل الابراهيميه-الصهيو/ترامبيه-/ملحق
-
خطوة فاصله قبل الابراهيميه-الصهيو/ترامبيه-(2/2)
-
خطوه فاصلة قبل الابراهيميه-الصهيو/ ترامبيه-*(1/2)
-
-اللاارضوية- بديل الماركسية الآفله/ 4
-
- اللاارضويه- بديل الماركسية الافله/3
-
-اللاارضوية- بديل الماركسية الآفله/2
-
-اللاارضوية- بديل الماركسية الآفله /1
-
الوطن كونيه العراقية حين تظهر/ملحق
-
-الوطن كونية العراقية-حين تظهر/ 5
-
-الوطن كونية العراقية- حين تظهر/4
-
-الوطن كونيه العراقية- حين تظهر/3
-
-الوطن كونيه العراقية- حين تظهر/2
المزيد.....
-
انطلاق قمة -المليار متابع- في دبي
-
الدفاع الروسية تعلن أسر 16 عسكريا أوكرانيا بالقرب من كوراخوف
...
-
حرائق لوس أنجلوس قد تكون ضمن الكوارث الأكثر تكلفة في التاريخ
...
-
الرئيس الصربي يؤكد أن العقوبات الأمريكية ضد-NIS- بحاجة إلى ت
...
-
هاري كين يقود بايرن لاستعادة فارق الأربع نقاط في الصدارة
-
مديرية صحة ريف دمشق: مشفى ابن سينا للأمراض النفسية في دوما ي
...
-
فضيحة جنسية بطلها شخصية رسمية وضحاياها من الأطفال تهز بريطان
...
-
مسؤولة أممية: الدستور هو الضامن لأن تكون لكل السوريات والسور
...
-
بعد حديثه عن خسائره بسبب ابن خال بشار الأسد.. نجيب ساويرس يث
...
-
ليبيا.. تحذيرات للسكان وتعليق الدراسة عقب اشتباكات عنيفة في
...
المزيد.....
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
المزيد.....
|