نـــــداء
لتنظيم "منتدى اجتماعي تونسي"
لتقديم المعلومة، وللتحسيس، وللتجميع, ولاتخاذ القرار، وللعمل المشترك
لأجل تونس الحقوق
قانون واحد يروم الهيمنة على العالم، إنه قانون الربح. ويدعم هذا التوجه العولمة النيولبرالية التي تفكك مجتمعاتنا وتصادر حقوقنا بل حتى حياتنا. وليست الطبيعة بمنأى عن هذا التوجه، فهي تُخوصص وتسجل للحساب الخاص ويصيبها الأذى على نطاق واسع.
فالعولمة الرأسمالية التي تسعى إلى إخضاع كل شيء إلى مصالح الرأسمال العالمي ترتهن بذلك المستقبل المشترك للبشرية.
إن تونس ليست مستثناة من هذه الظاهرة الكونية. فبلادنا التي لم تهتد بعد إلى التنمية، تخضع منذ أكثر من 15 عاما إلى عملية "تفكيك هيكلي ليبرالي". فهذه السياسة التي شرع في تطبيقها سنة 1986 في إطار "برنامج التعديل الهيكلي" الذي فرضته موسسات بريتن وودس، تعرف منذ 1996 توسعا مشهودا بسبب اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.
لم يوفق التعديل الهيكلي، أي سحق الاجتماعي، الذي تطبقه سلطة "العهد الجديد"، شأنه في ذلك شأن التوجيهية البيروقراطية للدولة البورقيبية, في تقديم الحلول الصحيحة للمشاكل العديدة التي ترهق المجتمع التونسي.
بل أسوأ من ذلك، فالليبرالية الاقتصادية والإدماج القسري للاقتصاد التونسي في السوق المعولمة تفاقمان من حدة العقبات التي تحول دون أية إمكانية حقيقية للتقدم. فهي تذكي آليات تحويل الثروات لفائدة الرأسمال العالمي المهيمن، وتخضع الاقتصاد المحلي إلى منافسة عالمية قاسية، كما تعمق الفوارق الاجتماعية والاقتصادية، وتؤدي إلى تفاقم الطابع القمعي للنظام السياسي. إجمالا وفي مثل هذه الظروف, ليس هناك ما يبعث على التفاؤل بإمكانية حصول تقدم حقيقي لبلادنا سواء كان ذلك على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي.
وفي مواجهة تونس اليوم، التي تقوم على اللامساواة والحيف وغياب الحقوق، تبدو لنا تونس أفضل، تونس مواطنيّة وديمقراطية واجتماعية وتحترم الطبيعة أمرا ضروريا. إن علينا أن نناضل لكي نجعلها من قبيل الممكن.
إنه بإمكاننا جميعا، نشيطات ونشطاء المجتمع المدني، جمعيات مستقلة ونقابات عمالية ومناضلات ومناضلي الحركة الديمقراطية والاجتماعية ومواطنات ومواطنين مناصرين للعدل والحرية أن نغير وجه تونس.
ففي مواجهة العولمة الليبرالية، تنهض الحركات الاجتماعية في شتى أنحاء العالم وتدخل في غليان. ويعد المنتدى الاجتماعي العالمي وتطبيقاته الإقليمية من أبرز حركات التعاون والتآزر الواعدة.
ولكي نناضل في تونس بتفاعل مع هذه الموجة العالمية العارمة، فإن "رَادْ أتَاكْ تونس" تقترح عليكم فتح باب النقاش حول مدى راهنية تنظيم "منتدى اجتماعي تونسي" على أساس "ميثاق المنتدى الاجتماعي العالمي" (أنظر تحت هذا).
من أجل تونس متحررة من جميع أشكال الاضطهاد وفي مقدمتها اضطهاد النساء. تونس متحررة من البطالة والهشاشة، وتضمن للجميع الحق الأساسي في الحصول على الغذاء، وعلى الحماية الاجتماعية الحقيقية لجميع السكان, كما تضمن أجرا وسكنا لائقين، وتغطية صحية مجانية وتوفر طرق العلاج العصرية كما تضع التعليم في متناول كافة السكان بصفة حرة ومتساوية.
ميثــاق مبـادئ المنتـدى الاجتمـاعي العالمـي
بعد تقييمه لنتائج منتدى بورتو أليغري الذي انعقد ما بين 25 و 30 جانفي 2001 ترى لجنة الهيئات البرازيلية التي يرجع لها الفضل في إرساء وتنظيم أوّل منتدى عالمي من نوعه، أنّه من اللازم ومن المشروعيّة استمراريّة هذه المبادرة. إنّ المبادئ التي يتضمّنها الميثاق الواجب احترامه من طرف كلّ من يريد المشاركة في هذا المسلسل وتنظيم دورات جديدة للمنتدى الاجتماعي العالمي، تدعم القرارات التي كانت وراء إخراج المنتدى إلى النّور ونجاحه وتزيد من أهمّيته وتحدّد التوجّهات التي تنبثق منطقيا من هذه القرارات.
1- المنتدى الاجتماعي العالمي فضاء مفتوح للقاء يهدف إلى التفكير ونقاش الأفكار في كنف الديموقراطية وصياغة المقترحات وتبادل التجارب بكلّ حريّة وأخيرا التنسيق من أجل حركة فعّالة من قبل هيئات وحركات المجتمع المدني المعارضة للنيوليبرالية ولسيطرة الرأسمال أو أي شكل من أشكال الإمبريالية على العالم، والتي تعمل من أجل بناء مجتمع كوني يجعل من الإنسان محورا له.
2- يعتبر المنتدى الاجتماعي العالمي لبورتو أليغري تظاهرة محدّدة في الزمان والمكان، لكن من الآن فصاعدا وبفضل الاعتقاد المعلن ببورتو أليغري بأنّ " عالما آخر ممكن" صار مسارا مستمرّا للبحث ولإعداد البدائل، ولا يقتصر فقط على التظاهرات رغم أهمّيتها.
3- يعتبر المنتدى الاجتماعي العالمي ذا صبغة عالمية. وكلّ اللقاءات التي تدخل في إطاره تأخذ بعدا دوليا.
4- تتعارض البدائل المقترحة من المنتدى الاجتماعي العالمي مع مسلسل العولمة الرأسمالي المملى من قبل الشركات المتعدّدة الجنسيات والحكومات والمؤسسات العالمية خدمة لمصالحها. وتهدف هذه البدائل إلى تشجيع عولمة متضامنة كمرحلة جديدة من تاريخ العالم، تحترم الحقوق العالمية للإنسان، حقوق كلّ مواطني ومواطنات كلّ الأمم وحقوق البيئة كمرحلة تدعمها أنظمة ومؤسسات دوليّة ديموقراطية في خدمة العدالة الاجتماعية والمساواة وسيادة الشعوب.
5- لا يضمّ المنتدى الاجتماعي العالمي سوى الهيئات والحركات المدنيّة لكلّ دول العالم، لكنّه لا يعتبر نفسه هيئة ممثّلة للمجتمع المدني العالمي.
6- لا تكتسي لقاءات المنتدى الاجتماعي العالمي طابعا تقريريا كمنتدى اجتماعي عالمي، لهذا فلا أحد له الحقّ في الحديث باسم المنتدى، أو اتّخاذ مواقف باسم كلّ المشاركين في أيّ دورة كانت. كما هؤلاء غير مدعوين لاتّخاذ قراراتهم بالتصويت أو التصفيق، كتجمّع لمشاركين على إعلانات أو مقترحات عمل تلزم كافّة المشاركين أو أغلبهم إذا كانت ترجع للمنتدى كمنتدى. فهو بهذا لا يشكّل هيئة ذات سلطة يمكن أن يتنازع حولها المشاركون في اللقاءات، ولا يدّعي أنّه الهيئة البديلة الوحيدة للتنسيق والعمل للهيئات والحركات التي تنتمي إليه.
7- يجب أن تتأكّد الهيئات – أو مجموعة هيئات – المشاركة في اللقاءات من إمكانيّة من إمكانيّة التداول بكلّ حريّة خلال جلسات النقاش حول الإعلانات أو برامج العمل التي يقرّر خوضها بشكل مفرد أو بتنسيق مع مشاركين آخرين. يلتزم المنتدى بالتعريف بهذه القرارات بشكل واسع عبر الوسائل التي يتوفّر عليها دون أن يفرض توجّهات أو ترتيبات معيّنة أو رقابة أو قيود، لكن كمداولات للهيئة – أو مجموع الهيئات – التي تتحمّل مسؤولية ذلك.
8- يعتبر المنتدى الاجتماعي العالمي فضاء متعدّدا ومتنوّعا غير عقدي وغير حكومي وغير حزبي. ينسّق بشكل لا مركزي عن طريق نظام شبكي، بين الهيئات والحركات الملتزمة بالعمل الملموس على المستوى المحلّي أو العالمي بهدف بناء عالم آخر.
9- يمثّل المنتدى الاجتماعي العالمي فضاء مفتوحا في وجه التعدّدية وتنوّع الالتزامات وعمل الهيئات والحركات التي تقرّر المشاركة فيه، كما يشكّل مجالا مفتوحا أمام تعدّد الأجناس والإثنيات والثقافات والأجيال والقدرات الجسمانية في حدود احترام ميثاق المبادئ. ولا يمكن أن يشارك في المنتدى تمثيلية الأحزاب ولا المنظمات العسكرية. ويمكن دعوة الحاكمين والبرلمانيين الذين يلتزمون بهذا الميثاق للمشاركة في أشغال المنتدى.
10- يتعارض المنتدى الاجتماعي العالمي مع كلّ نظرة شمولية واختزالية للاقتصاد والتنمية وللتاريخ، كما يتعارض مع استعمال العنف كوسيلة للسيطرة الاجتماعية للدولة ويواجهها باحترام حقوق الإنسان وبالممارسة الحقيقية للديموقراطية التشاركية وبالعلاقات المتساوية والمتضامنة والسلمية بين الأشخاص والأعراف، الأجناس والشعوب، ويدين المنتدى الاجتماعي العالمي كلّ أشكال السيطرة كالاستعباد.
11- يعتبر المنتدى الاجتماعي العالمي كفضاء للنقاش، حركة للأفكار تنمّي إمكانيّة التفكير والتعريف بكلّ شفافيّة بثماره حول آليات ووسائل سيطرة الرأسمال وحول وسائل وتحرّكات المقاومة وكيفيّة تجاوز هذه السيطرة وحول البدائل المقترحة لحلّ مشاكل التهميش والتمايز الاجتماعي الذي خلقته العولمة الرأسمالية بكلّ مكوّناتها العنصريّة، الجنسيّة والمدمّرة للبيئة على المستوى العالمي وفي كلّ دولة على حده.
12- يتيح المنتدى الاجتماعي العالمي، كفضاء لتبادل التجارب إمكانيّة التعرّف والإعتراف المتبادل بين الهيئات والحركات المشاركة وذلك عن طريق تقييم هذه التجارب وبصفة خاصّة ما يقوم به المجتمع من أجل تركيز النشاط الاقتصادي والعمل السياسي في خدمة الحاجيات الإنسانية باحترام للطبيعة آنيا ومستقبلا.
13- يهدف المنتدى الاجتماعي العالمي إلى تقوية وخلق تنسيقات وطنيّة ودوليّة جديدة بين هيئات وحركات المجتمع المدني التي تزيد، في المجالين العمومي والخاصّ من قدرات المقاومة الاجتماعية السلمية أمام مسلسل نزع الطابع الإنساني الذي يعيشه العالم حاليا والعنف دولة وتقوية المبادرات الجارية من أجل الأنسنة عبر تحرّكات هذه الهيئات والحركات.
يحثّ المنتدى الاجتماعي العالمي الهيئات والحركات المشاركة على تحديد عملها وتحرّكها على المستويين المحلّي والوطني، كقضايا المواطنة العالميّة، بالبحث عن المشاركة النشيطة في الهيئات الدولية وذلك بإدماج الممارسات التحويلية المجرّبة في المذكّرة العالمية من أجل بناء عالم جديد
تمت المصادقة على هذا الميثاق بمدينة صاو بولو (البرازيل) يوم 9 أفريل 2001، ووقعته الهيئات المكونة للجنة تنظيم المنتدى الاجتماعي العالمي، ثم صادقت عليه اللجنة العالمية للمنتدى الاجتماعي العالمي يوم 10 جوان 2001، مع بعض التعديلات.
ترجمة من النص الفرنسي