أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - أكرم شلغين - الموت: التأمل في اللايقين الحتمي














المزيد.....


الموت: التأمل في اللايقين الحتمي


أكرم شلغين

الحوار المتمدن-العدد: 8219 - 2025 / 1 / 11 - 01:33
المحور: قضايا ثقافية
    


يُعتبر الموتُ موضوعاً من أعمق وأكثر الموضوعات تأثيراً على الوجدان الإنساني، حيث يتحدى هذا المجهول الثابت كل محاولات السيطرة أو الفهم الكامل. في لقاء غير متوقع مع فكرة الموت عبر لوحة هانس هولباين "السفراء" (1533) وتأملات في ذكريات طفولية، ينتقل السرد هنا من الأبعاد الفنية والتحليلية للوحة إلى قصص شخصية وتجارب ثقافية عميقة. إن هذا السرد الممتزج يكشف كيف يصبح الموت انعكاساً فلسفياً وإنسانياً، موحياً لنا ليس فقط بمحدوديتنا، ولكن أيضاً بشغفنا للمعنى والحياة.
تتحدث لوحة هولباين "السفراء" عن الغرور والإنجاز الإنساني، ولكنها تُذكرنا، عبر وجود الجمجمة في الزاوية، بأن الموت هو القاسم المشترك بيننا جميعاً. لقد أسرت اللوحةُ السرياليين كجاك لاكان، الذين رأوا فيها استحضاراً لخطورة الموت وكشفاً لغرور الإنسانية وسط زخارف الحياة. هذا التوازن الرقيق بين الترف والموت دفع بالمؤلف للغوص في ذكرياته حيث يعيد الحياة لمشاهد حقيقية كان الموت فيها حاضراً بثقله.
في ذكرى عن جدّ مدفون تحت شجرة آس (حمبلاس)، كانت الوصية البسيطة التي تمثلت في زجاجة من مشروبه المفضل تروي كيف يتسلل الموت عبر التفاصيل الصغيرة؛ ليس فقط كفعل نهاية، بل كاستمرارية رمزية للحياة التي مضت. وفي الليل حيث تتحول الأفكار إلى شبح لا يُقاوم، تتضح رغبة الإنسان في البحث عن المعنى والنجاة من ألم التفكير في العدم. يبدو أن فكرة الموت تسكن طفولة الإنسان؛ إذ يكتشف هنا الخوف عبر أصوات مثل "إزميل راتسي" حفار القبور وناقش شواهدها ونصوص أدبية مثل رواية مكسيم غوركي "طفولتي" التي جعلت من الموت حضوراً فادحاً يغزو عوالم البراءة بدءا من صفحتها الأولى.
تمتد التأملات إلى محادثة مع صديقة وأستاذة إيرلندية، ليبرز الاختلاف الثقافي حول استيعاب الموت. بين "البانشيز" التي تصاحب الرياح بعويل مخيف لتحذر من الموت القادم، والاعتقاد الشعبي في منطقتنا الذي يُحمل طائر الليل (البوم) نبوءة الموت، نجد أوجه التشابه والتباين. الموت يُقرأ في كل مكان، سواء في عويل الرياح أو في صفير الطيور، لكن الطقوس التي تليه تحمل تباينات ملفتة. التحول المفاجئ من الحزن العميق إلى الاحتفال بالحياة في طقوس الشعب الإيرلندي يعكس طبيعة الإنسانية المتناقضة، وكيف نستخدم الجماعية والحركة لنشعر بالامتداد أمام الفناء.
في صراعنا مع فكرة الموت، يظل السؤال الأزلي عن معناه قائماً: هل الموت مجرد نهاية حتمية، أم أنه دعوة للحياة؟ لقد انشغل الفلاسفة والأديان والفنون عبر القرون بهذا اللغز العظيم، ومع ذلك، تبقى كل إجابة ناقصة. لكن الحقيقة الأكيدة أننا كبشر، وعلى اختلاف ثقافاتنا وتصوراتنا، نعود دائماً إلى الموت لنعيد صياغة الحياة.



#أكرم_شلغين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأمل سريع في مرور الزمن ودروس الحياة
- الحلم بالنهوض بعد الظلم والقمع
- أهمية القاعدة الشعبية في الحكم
- فراق أبدي
- سوريا: ملتقى الشعوب ونموذج للتعايش الثقافي
- أمل سوريا الجديد
- الانتقام والهدم: نحو تجاوز إرث الثأر لبناء سوريا المستقبل
- الخوف: ثقافة عالمثالثية أم تركيب اجتماعي؟
- الخبز والحرية: الاحتياج المادي والكرامة الإنسانية
- من الاستبداد إلى الشتات: حكاية وطن تحت قبضة الطغيان
- سوريا: وطن منهك بين السيادة المزعومة والحقيقة المرة
- بين الفطرة والتطرّف
- -صموئيل بيكيت: انعكاسات عبثية على الوجود الإنساني-
- هويتنا المفقودة
- لقاء لأجل الجواب عن سؤال -ما العمل!؟-
- إلى أين نحن ذاهبون
- طفل الاغتصاب
- فانتازيا لامرئي
- حروف مفقودة وأمنية
- بحور الحياة: رحلة أبو نجوان بين زمردة الأمل وألم الوداع


المزيد.....




- لتعقيد اللغز أكثر.. -الصناديق السوداء- بالطائرة الكورية الجن ...
- فيديو صادم يُظهر لحظة اقتراب ضباط من شمس الدين جبار منفذ الد ...
- إيران.. فيديو بمكان سري جديد وما يكشفه بعد زعم طهران تطوير - ...
- الحنّاء لاكتساب العيش ورسم الفرح
- ملفات التعاون النازي في هولندا تفتح صراعا بين الشفافية والخص ...
- الدفاع الروسية: إسقاط 85 مسيرة أوكرانية الليلة الماضية
- -4 دقائق قاتلة-.. سيئول تطلب مساعدة أمريكا بتحليل بيانات صند ...
- -بوليتيكو-: بعد تهديدات ترامب رئيس بنما قد يلجأ إلى مجلس الأ ...
- كوريا الجنوبية: الصندوقان الأسودان للطائرة المنكوبة توقفا عن ...
- رئيسة المكسيك تطلق حملة لنزع السلاح مقابل مكافآت مالية


المزيد.....

- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف
- أنغام الربيع Spring Melodies / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - أكرم شلغين - الموت: التأمل في اللايقين الحتمي