أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - خالد محمود خدﻻ - محطات اجتماعيه في دروب الحياة يبقى العالم الافضل فيها عالم تديره قيم الفضيلة















المزيد.....


محطات اجتماعيه في دروب الحياة يبقى العالم الافضل فيها عالم تديره قيم الفضيلة


خالد محمود خدﻻ

الحوار المتمدن-العدد: 8219 - 2025 / 1 / 11 - 01:32
المحور: المجتمع المدني
    


يقول جبران خليل جبران ليس الكرم أن تعطي ما انت لست بحاجه له بل الكرم ان تعطي ما انت باشد الحاجه اليه.
ولكنها غريبه هذه الدنيا
وغريب من يقول فيها إن فاقد الشيء لا يعطيه.
وعندما اقول فاقد الشيء فلا أعني من جبلوا على الرذيلة وإنما من جبلوا على الفضيلة وقادتهم يوما متاهات الحياة لدروبها المتعبه.

أن فاقد الشيء قد يكون أكثر من يمنحه، لأنه يشعر بقيمته الحقيقية ويدرك الحاجة إليه. وهذا الموقف يجسد قمة العطاء الإنساني، لأنه ينبع من الإحساس بالآخرين، وليس مجرد امتلاك الشيء.

نعم إن فاقد الشيء يكون كثيرا في مقدمة من يعطيه و أكثر من يمنحه ، رغم انه أشًد من يحتاجه واكثر من هو بحاجة اليه ، وهذا قمة الخلق والكرم. ففي هذه الدنيا (وكما تقول ناشطه اجتماعيه شابه) تجد ان أكثر الصدور حناناً هي أشدّها حاجة للحنان وأكثر القلوب نبضاً بالحب هي أكثرها افتقاداً له واكثر النفوس وفاء هي أكثر من عانت من غدر الغادرين ومكر الماكرين.


في سياق الحياة، نجد أن من عانى من غدر أو حرمان غالباً ما يصبح أكثر حناناً أو وفاءً، لأن تجربته القاسية تصقل روحه وتجعله أكثر إدراكاً لألم الآخرين. مثل هذه النفوس تمنح ما تفتقده كنوع من التعويض للآخرين عن حرمانها، وكأنها تحاول أن تكون المصدر الذي تمنت أن تجده في حياتها. ولعل من هنا يمكن فهم معنى الكرم الحقيقي ،ويبين أن النقص في شيء ما لا يعني العجز عن العطاء ، بل قد يكون دافعاً قوياً للإبداع في منحه.

إن أكثر النفوس نقاء وطهرا هي من تحملت غبار عواصف الملوثين واحوج النفوس للاحتواء وأكثرها قناعة هي أكثرها صدمة من أهوال الدنيا واشرارها ، وأكثر الألسن حديثاً عن القوة و التفاؤل هي أكثر من كانت يوما بحاجة للعطف والاسناد والدعم.

هكذا يتبين ان الحياة ليست بمظاهرها بل بخفاياها ، ولا الناس بوجوههم بل بقلوبهم وإيمانهم بحق الآخرين في الحياة وان لهم حق عليهم في مد يد العون لهم وقت الشدائد او غيرها.

إن ما تقدمه للناس دون مقابل وما تزرعه في حياتهم وان بكلمة طيبة ستزرعه الدنيا في قلبك ، فالدنيا عادلة تقدم لك ما تقدمه لغيرك وان تعرضتَ لأيام او سنوات عجاف، ولكن يبقى قلبك عامرا بمحبتك وعطائك وفضائلك وهي في هذا تعكس نظرة الآخرين لك في كل ما اشرت ، وهو بمثابة رد الجميل منهم.


الحياة ليست بما يظهر على السطح، بل بما تكمنه النفوس من قيم وفضائل. فالمظاهر قد تخدع، لكن القلوب الصادقة هي التي تكشف عمق الإنسان وصدقه في التعامل مع الآخرين.

إن ما تقدمه للآخرين، مهما بدا صغيراً أو بسيطاً، يعود إليك بشكل أو بآخر. قد لا يكون العائد مادياً أو فورياً، لكنه يظهر في صورة سلام داخلي، رضا، أو محبة الناس واحترامهم لك. هذه سنة الحياة التي تعيد ما تقدمه للكون، لأن الخير دائماً يجد طريقه للعودة. ان ما تقدمه للناس يُشكِّل صورتك الحقيقية في أعينهم، ويصنع الإرث الذي يبقى خالداً في قلوبهم، وهو أعظم ما يمكن للإنسان أن يتركه في هذه الحياة.

هكذا يكون العمل الطيب والكلمة الحسنة بمثابة بذور تُزرع في أرض الحياة، وما تزرعه اليوم سيزهر غداً في قلوب الآخرين وفي مواقفهم تجاهك. هذا المنطق يثبت أن العطاء بلا انتظار مقابل هو قمة النبل، وأن الدنيا، رغم قسوتها أحياناً، تحتفظ بتوازن خفي يكافئ النفوس المعطاءة ويجعلها منبعاً للخير والمحبة.

عالم تحلق في سمائه طيور الخير والسلام والمحبة والتعاون.
عالم أهله لا يعرفون صناعة الكره و الوجع لانهم يعرفون صغر هذه الدنيا وسرعة دورانها ، ويكررون ذلك على مسامع اولادهم واحفادهم وهم لا يملكون غير ذلك ليورثونه لهم.
عالم يكون فيه ابناء المحله وكأنهم من عائلة واحدة ، يعرفون عن بعض ، بحسن نيه ، وبادق التفاصيل التي يحتفظ بها الاخوة ، يتشاركون كثيرا في وجبات الغذاء الثمينة او النادرة ويشاركون دائما ومن القلب في الاحزان والافراح والملمات.
عالم فيه الجار قبل الدار والصديق وقت الضيق.
عالم النفوس فيه لاتفسر كل ماتراه من حولها إلا بالخير وحسن النية.
عالم النفوس فيه لا تظن بالأخرين إلا خيرا ، وإن وجدت منهم غير ذلك التمست لهم العذر وابتسمت بموده لتخفف وقع ذلك دون الفات النظر.
عالم يدرك كل شخص فيه ان حياته مثل الرواية او القصة ، كل يوم فيها صفحة جديدة ، فإن كانت الصفحة حزينة فالتالية ستكون سعيدة ، لذلك فان كل فرد لا يعرف معنى للقلق ، لأن كل ما عليه ان يقلب الصفحة ويتوكل ليستمتع بالحياة وبكل يوم فيها.

العالم المثالي يعكس الحلم الإنساني الأزلي بعالم تسوده القيم النبيلة والقلوب الطاهرة. عالم يكون فيه الإنسان إنساناً بكل معنى الكلمة، قلباً ينبض بالمحبة، وروحاً ترتقي بالفضائل، وجسداً يعمل بعرق الجبين.
عالم لا يعرف الحسد ولا الكراهية، حيث يعيش الناس بسلام داخلي يعكس نقاء أرواحهم. هو عالم يعترف بحق الجميع في الحياة الكريمة، ويقدس العمل الشريف والتعب الذي يُثمر حياة طاهرة.

عالم الخوف من الحرام فيه ليس خوفاً من العقاب فقط، بل هو احترام عميق للضمير والقيم. عالم يدرك فيه الإنسان أن الخير لا يأتي إلا من طريق الحلال، وأن السعادة الحقيقية تكمن في القناعة والرضا.

ولكن للأسف فإن آخر محطة ملموسة لذلك العالم كان في زمن وفكر الآباء والأجداد وبعدها شد ذلك العالم رحاله و رحل ابداً مع رحيل هؤلاء الاباء والاجداد. وبرحيلهم ذهب معهم الكثير من جمال ذلك الزمان وعادات أهله وقيمهم الأصيلة.

يبقى ذلك العالم هدفا منشودا واملا يرتجى يجد فيه الإنسان نفسه ، عالم يكون فيه ‏للكلمه الطيبة أثر وللاعتذار قيمة ، مثلما يكون لفهم وإدراك وجهات نظر الآخرين وخصوصياتهم والتغاضي عن ما يبدر منهم من أخطاء او سهو غير مقصود. عالم كله خلق جم وأدب رفيع مصحوب بإدراك ووعي أن في مراعاة المشاعر وحفظ الكرامة نبل و ود.

نعم يبقى عالم أفضل هو ما يطمح إليه الكل الخير المحب للإنسانية بأسمى معانيها ويسعى الى تحقيقها كل نبيل وان عانوا الأمرين في سبيل تحقيقه ، من هؤلاء الذين يجعلوا الكل في حالة صراع دائم ليشغلونهم عن تحقيق ذلك ، لغايات انانيه واطماع وصلت حد الشراهه ، عبر وضعهم في مواقف يكونوا فيها مضطرين للدفاع عن قيمهم الانسانيه التي جبلوا عليها و خصوصياتهم التي توارثوها ومواقفهم وأمنياتهم التي يتطلعون اليها ، بدأ من حقهم في حياة تليق بالانسان وحفظ كرامته.

كم نحتاج جميعاً أن نحمل هذا الحلم في قلوبنا ونسعى لتحقيقه، ولو بأفعال بسيطة تبدأ منا نحن، لتكون نواةً لعالم أفضل يعمه السلام والمحبة.



#خالد_محمود_خدﻻ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- غموض مصير الأونروا يشعل الجدل بين الأمم المتحدة وإسرائيل
- الولايات المتحدة تمنع صفقة تقضي بتجنب إعدام العقل المدبر لهج ...
- اندلاع حريق في مخيم اللاجئين السوريين شمالي لبنان (فيديو)
- باريس تستدعي السفير الإيراني للمطالبة بالإفراج الفوري عن معت ...
- الولايات المتحدة ترصد مكافأة مغرية لمن يدلي بمعلومات لاعتقال ...
- -قيادتكم تقتل أبناءكم-.. رسالة السرايا القدس الجديدة لعائلات ...
- النواب الليبي يهاجم بعثة الأمم المتحدة: الحل في بلادنا لن يأ ...
- الأمم المتحدة تتوقع استقرار النمو الاقتصادي العالمي في 2025 ...
- رسالة مصورة جديدة من سرايا القدس لعائلات الأسرى الإسرائيليين ...
- -سرايا القدس- توجه رسالة إلى أهالي الأسرى الإسرائيليين (فيدي ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - خالد محمود خدﻻ - محطات اجتماعيه في دروب الحياة يبقى العالم الافضل فيها عالم تديره قيم الفضيلة