أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صادق الازرقي - السلم الاجتماعي في العراق: تحديات الحاضر وآفاق المستقبل















المزيد.....


السلم الاجتماعي في العراق: تحديات الحاضر وآفاق المستقبل


صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 8217 - 2025 / 1 / 9 - 18:48
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


تشكل قضية السلم الاجتماعي هما رئيسا لشعوب العالم، وكثيرا ما يعمل الحكام بالضد من ذلك، فتؤدي أفعالهم إلى الكوارث، وتنبثق المظالم والحروب ويموت بسبب ذلك ويجرح ويهجر ملايين البشر.
وبحسب المصطلح اللغوي فإن من اضداد السلم هي الحرب، فيما يسود بدلا من النزوع الاجتماعي الميل الفردي، وما ينتج عنه من السلبيات بحسب مفاهيم السياسة من تعصب ودكتاتورية تؤدي حتما إلى عدم الاستقرار والحروب والانهيارات المجتمعية.
وقد اتفقت جميع الدراسات وثبت ذلك بالتجارب على أن السلم الاجتماعي هو هدف سام يسعى إليه كل مجتمع، وهو أساس التقدم والازدهار.
ولكن لتحقيق هذه الغاية، هناك مجموعة من الأسس والاشتراطات التي يتوجب تأمينها، ومن دونها يظل هدف السلم المجتمعي أعرجا إذا جاز القول التي من دونها لا يمكن تحقيق هذا الهدف السامي؛ وان الإجراءات تتعلق بأهداف وأفعال عملية تطبق على الواقع وليست محظ حكم ونظريات وآراء فقهية تعوم في الهواء ونصائح فلسفية أو سياسية أو أخلاقية أو ما شابه، وفي هذا يمكن اقتباس قول المفكر والسياسي الروسي فلاديمير لينين؛ ان النظرية رمادية اما شجرة الحياة فخضراء دائما.
من الاشتراطات التي لا يمكن من دونها ترسيخ السلم الاجتماعي، تحقيق العدالة في توزيع الموارد والثروات، وتوفير فرص متساوية للعمل والكسب للجميع، والقضاء على التمييز والمحسوبية في هذا الجانب.
ومن ذلك ايضا الارتقاء بالنمو الاقتصادي وقد أضيفت له على وفق التعريفات الحديثة ما يسمى النمو الاقتصادي المستدام، الذي يسهم في تحسين مستوى المعيشة وتقليل الفقر، ما يقلل من التوترات الاجتماعية؛ وان الفقر والبطالة يزيدان من التوترات الاجتماعية ويؤديان إلى الجريمة والعنف، ومن الإجراءات المتعلقة بذلك مكافحة الفساد في جميع صوره، فهو يشكل تهديدا كبيرا للسلم الاهلي.
ومن الامور المعززة لتكريس السلم المجتمعي قبول التنوع الثقافي والقومي والديني والاجتماعي، والاحتفاء بالاختلاف كقيمة إيجابية، وتطبيق القانون على الجميع بعدالة ومن دون استثناء، وبناء مؤسسات قضائية مستقلة وفعالة، وتشجيع الحوار البناء بين شتى أطراف المجتمع، وتقبل الرأي الآخر، والعمل على بناء جسور التفاهم والتعاون.
وطبعا فان من شروط تحقيق السلم الاجتماعي تشجيع السكان على المشاركة في الحياة السياسية، وتوفير قنوات للتعبير عن آرائهم ومطالبهم وسن دساتير عصرية شاملة وتأسيس مجتمع مدني قوي يسهم في مراقبة أداء الحكومة، وحماية حقوق الناس.
ومن هنا يأتي دور النشاطات المجتمعية المتنوعة التي تكرس السلم الاهلي وتغذيه وتحافظ عليه من الانزلاق في متاهات هي بالضد من نزوع الناس الحقيقي ومن ذلك توفير تعليم جيد للجميع، وغرس القيم النبيلة والمواطنة الصالحة، وتوعية الأفراد بحقوقهم وواجباتهم.
ويرتبط بذلك توفير إعلام موضوعي ومهني يسهم في نشر ثقافة السلام والتسامح، وان تسعى المؤسسات الدينية بدورها الى نشر قيم التسامح والتعاون والسلام وهي المشتركات الاساسية لبني البشر بغض النظر عن تنوعهم؛ وهنا يأتي دور الاعلام المسؤول الذي يضع مصلحة الناس فوق الاعتبارات الفردية وحتى المهنية اذ تعارضت مع هدف تحقيق السلم المجتمعي.
وفي العراق الذي يمر بمرحلة حساسة من مسيرته نحو تحقيق السلم الاجتماعي والاستقرار لمسنا ان هناك عديد العوامل التي اعاقت وتعوق هذا المسار، ما نتج عنها الكوارث المعروفة التي مر ويمر بها البلد طوال الحقبة الماضية والعقود الاخيرة.
ومن العوامل الرئيسة التي اعاقت تحقيق مفهوم السلم الاهلي في العراق وتسببت بكوارث هائلة للسكان هو الاستقطاب السياسي لاسيما الطائفي والمذهبي أدى هذا الاستقطاب إلى تعميق الهوة بين المكونات العراقية، وجعل الحوار والتوافق أمرا صعبا.
وهنا فان الفساد المستشري الذي نتج بالضرورة عن ذلك أضعف الثقة بالحكومات والمؤسسات، وأدى إلى توزيع غير عادل للموارد، مما زاد من الاحتقان الاجتماعي.
وكان لتدخل بعض القوى الخارجية لتحقيق مصالحها الخاصة سببا في تأجيج الصراعات في العراق، مما عقد عملية بناء الدولة، وأدى غياب الإصلاح السياسي إلى استمرار الأوضاع الخاطئة المستمرة حتى الآن، المتمثلة بعدم قدرة الدولة على تلبية احتياجات السكان وبالنتيجة تمهيد الساحة لغياب السلم الاهلي، وهنا اسهمت البطالة والفقر في زيادة الشعور باليأس والإحباط، وهذا يشجع على الانخراط في أعمال عنيفة.
أدى التفاوت الطبقي إلى زيادة التوترات الاجتماعية، وشعور الفئات الفقيرة بالظلم والتهميش، كما ان التهجير القسري أدى إلى تدمير النسيج الاجتماعي، وجعل إعادة الإعمار والتأهيل أمرا صعبا، وان غياب الخدمات الأساسية، ادى إلى تدهور مستوى المعيشة، وزاد من حدة الاحتجاجات والتظاهرات.
يضاف الى ذلك ان تواجد التنظيمات الإرهابية والمجاميع المسلحة خارج سيطرة الدولة يشكل تهديدا مستمرا للسلم والاستقرار، ويؤدي إلى زعزعة الثقة في الدولة، وارتباطا بذلك ادى العنف الطائفي الى زيادة حدة الصراع وسقوط ضحايا أبرياء، وان انتشار السلاح يسهل ارتكاب أعمال العنف والجريمة، ويصعب ضبط الأمن.
وفضلا عن ذلك فان عوامل ثقافية تسببت في حالة عدم الاستقرار في العراق واساءت الى السلم الاهلي ومنها النظرة الدونية للمرأة التي تحرم النساء من حقوقهن، وتحد من مشاركتهن في الحياة العامة، وارتكبت في هذا الإطار اعمال التعنيف وحتى القتل للنساء بذريعة غسل العار التي يتهاون القانون في تطبيق عقوباتها، اذ كثيرا ما يجري التهرب من قبل السلطة التشريعية من سن القوانين التي تجرم التعنيف الاسري واعمال القتل غير المسوغة ضد النساء.
ويمكن القول ان هناك عوامل ساعدت في هذا الانحدار المجتمعي منها غياب ثقافة الحوار والتسامح والتطرف الفكري والاجتماعي الذي يشكل تهديدا للسلم الاجتماعي، ويؤدي إلى تسويغ أعمال العنف.
وطبعا فان الحلول لمعالجة مشكلات المجتمع وتحقيق السلم الاجتماعي معروفة ولطالما جرى التطرق اليها من قبل السياسيين، ولكن يجري التهرب منها حين يتعلق الامر بالتنفيذ وسن القوانين المتعلقة بها ومن ذلك بناء دولة المؤسسات بترسيخ مبدأ سيادة القانون، ومحاربة الفساد، وبناء وتقوية الأجهزة الأمنية على اسس سليمة ومهنية.
وكثيرا ما يجري التهرب من اقامة الحوار الوطني الشامل لمعالجة الخلافات السياسية والقومية والمذهبية، وبناء توافق وطني، فيجري بدلا من ذلك لاسيما في اجهزة الاعلام غير المهنية اثارة النعرات وتعميق الخلافات.
وارتباطا بذلك غابت السياسة الفاعلة لتوفير فرص العمل بتشغيل المصانع وتفعيل الزراعة و دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع الاستثمار، كما ظلت مؤسسات الدولة متلكئة ومقصرة في تحسين الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم والإسكان، لتحسين مستوى معيشة السكان؛ وعلى صعيد مكافحة التطرف والإرهاب ودعم الاعتدال، وتجفيف منابع التمويل وحصر السلاح بيد الدولة الذي يجري الحديث عنه كثيرا لاسيما في هذه المدة، فلم تنفذ اجراءات عملية بذلك، وذلك يصح ايضا عن غياب دور النساء وتغييب حقوقهن وتمكينهن من المشاركة في الحياة العامة، فجرى السعي عوضا عن ذلك الى محاولة سن قوانين متخلفة فيما يتعلق بقضايا المرأة مثل الزواج والطلاق والميراث، ولولا ضغوط بعض منظمات المجتمع المدني لانحدرت الامور الى اسوأ من ذلك؛ وهنا يجمع الباحثون على ان بناء مجتمع مدني قوي لدعم الحوار والتسامح، ومراقبة أداء الحكومة يشكل الضمانة لعدم الانهيار الشامل في بنية المجتمع، وبناء سلم اجتماعي حقيقي.



#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اسواق جملة بغداد مشكلات دائمة وحلول مؤجلة
- الانتخابات المبكرة ماذا وراء تداول اخبارها؟
- عطلة 14 تموز في العراق جدل الثورة والانقلاب
- رحلة البحث عن الوظيفة.. تفضيل القطاع الحكومي وقلة عروض القطا ...
- غوارق البصرة بانتظار من يخرجها برغم تعاقب السنين
- الغاء عمل بعثة الامم المتحدة في العراق بين التأييد والاعتراض
- سنة اخرى تمضي: في ذكرى جريمة بشعة
- هل يمكن التعايش مع سلطة القوى الخاسرة؟
- عار المفوضية..كيف يجري تزوير الواقع العراقي؟
- تقويم الحملة الدعائية لانتخابات مجالس المحافظات
- الهوية الوطنية إشكالية المفهوم ومصائر السكان
- موازين العدالة لا يمكن غشها
- كهرباء العراق الكذبة الكبرى والخداع المكشوف
- الإدارة السليمة للموارد المائية والحفاظ على البيئة
- السلف واطفاؤها.. استغلال الفوضى لنهب الأموال
- السياحة البيئية مصدر اقتصادي دائم الاهوار انموذجا
- السوداني يتراجع عن تعهداته والمالكي يتدخل لحماية الفاسدين
- بين النظامين الرئاسي والبرلماني وسانت ليغو
- إجراءات إدارية متخلفة في التعامل مع الطلبة العراقيين في لبنا ...
- تغير مفاهيم حقوق الانسان وغلبة الاستحقاقات الاقتصادية والاجت ...


المزيد.....




- دراسة: الإحصاء الرسمي لعدد قتلى حرب غزة ربما أقل بكثير من ال ...
- المحكمة العليا ترفض طلب ترامب تعليق نطق الحكم بحقه في نيويور ...
- إسرائيل تحدد هوية جثة الرهينة التي تم انتشالها من غزة.. من ه ...
- سوريا.. وزارة التعليم تُعلن إلغاء مادة التربية الوطنية بشكل ...
- غارات إسرائيلية تُسفر عن قتلى وجرحى في غزة وبايدن يعلن عن -ت ...
- وزير الدفاع البولندي: الوضع في أوكرانيا يقلق وزراء دفاع دول ...
- زاخاروفا تنصح الساسة الليتوانيين المعاصرين بدراسة التاريخ
- بوتين يبحث مع مجلس الأمن الروسي تدابير الأمن خلال احتفالات ع ...
- تغريدات ماسك تخضع للتحقيق من قبل وحدة مكافحة التطرف في الممل ...
- ترامب وماسك و-ماغا- وحرائق كاليفورنيا: اتهامات ونظريات مؤامر ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صادق الازرقي - السلم الاجتماعي في العراق: تحديات الحاضر وآفاق المستقبل