أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رسلان جادالله عامر - التناقض الجوهري بين الدولة المدنية الديمقراطية ونظام المحاصصة














المزيد.....


التناقض الجوهري بين الدولة المدنية الديمقراطية ونظام المحاصصة


رسلان جادالله عامر

الحوار المتمدن-العدد: 8217 - 2025 / 1 / 9 - 04:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كلامنا في مقال سابق عن أن الغاية من طرح "مشروع الدولة المدنية" هو إيجاد مخرج وسطي معتدل لحالة الاستقطاب والتخارج الحادة بين أنصار الدولة العلمانية وأنصار الدولة الدينية، خلطت بعض وجهات النظر، في حوارات بهذا الشأن على وسائط التواصل الاجتماعي، في فهمها للقصد من القول فيه بأن "الدولة المدنية" هي حل وسط لتفارب والتقاء الأطراف المتناقضة، بين "الدولة المدنية" وبين "نظام المحاصصة"، وبدا لها أن "الدولة المدنية"هي شكل من أشكال "التسوية التحاصصية" أو "الاتفاق التحاصصي" الذي يتم فيه اقتسام السلطة بشكل ما بين القوى السياسية المختلفة في الطبيعة والمراد داخل البلاد!
لكن ذاك الكلام لم يكن يعني قطعا أن هذه الدولة ستكون شكلا من أشكال التحاصص، وبالأخص، بل وبأقصى درجات الخص، أن حالات المحاصصة في العادة تتم حيث يكون العلمانيون والديمقراطيون ومشاريعهم ضعفاء هامشيين، وتكون الطائفية أو الإثنية السياسيتين متفشيتين وطاغيتين، وهنا يتقاسم الزعماء الطائفيون والإثنيون والعشائريون وسواهم من الزعماء كعكعة السلطة، ويُطرد العلمانيون والديمقراطيون مع نخبة وعامة الشعب خارجا، ولا يُترك لغير هؤلاء الزعماء إلا الفتات، هذا إن ترك!
وبالتالي فعند الحديث عن "دولة مدنية ديمقراطية" فالحديث من حيث المبدأ يدور هنا حول خيار معتدل معقلن ومنطقي وممنهج لإيجاد حل سياسي حقيقي توافقي بين القوى السياسية المتباعدة، وليس عن طبخة تسوية تحاصصية!
وعلينا ألا ننسى قطعا ودوما أن الديمقراطية هي منظومة متكاملة من المبادئ والأسس والمعايير المنطقية والسياسية والاجتماعية، وهي في شكلها ومستواها الأمثلين تتلاقى بشكل جوهري مع العلمانية، وما يترتب على ذلك من فصل بين الدولة من جهة، وبين الأديان والمعتقدات والإيديولوجيات والهويات وكل نماذج الاختلاف البشري والمجتمعي من ناحية ثانية!
لكن بقدر ما يكون المبدأ والقانون والمعيار مطلقات في الديمقراطية والعَلمانية، فالواقع دوما نسبي، وهو محكوم بالممكنات، وعندما نكون في حال لا تسمح فيه الممكنات الواقعية بتحقيق الديمقراطية في شكلها العَلماني الأعلى، فهنا لن يفكر عاقل بالاستغناء عن الديمقراطية طبعا، بل سيبحث بعقلانية عن أفضل السبل للوصول إلى أعلى درجة ممكنة عمليا من الديمقراطية في ظروف هذا الواقع القائم، وهذا المنهج هو ما نسميه بـشكل مرن بـ"المدنية الديمقراطية"، وهي منهج عقلاني مبدئي واقعي دوما، وهو لا يتناقض مع المنهجية العَلمانية بتاتا، بل على العكس، ولكنه لا يتطابق مع الإيديولوجية التي تختزِل العَلمانية في وصفة جاهزة أو قالب جاهز هو "فصل الدين عن الدولة"!
وبناء على ما تقدم يمكننا القول بشكل جازم أن "الديمقراطية المدنية"هي منهجية سياسية عقلانية واقعية تماما (بالمفهوم الواسع للسياسة)، وهي بهذا المعنى المنهجي تتطابق مع المنهجية العَلمانية تماما، وهي تركز دوما على تطبيق أقصى قدر من الديمقراطية في حدود الممكن الواقعي، وبالتالي فهي لا تعني حكما أو دوما الفصل بين الدين والدولة، وهذا بنفس الوقت لا يعني قطعا الربط بين الدين والدولة، بل يعني دوما ببساطة استقلالية الدولة عن الدين بقدر المستطاع، وعندما يكون الفصل بينهما متعذرا، فهذه المنهجية لا تصر علي هذا الفصل إصرارا متعنتا، بل تقبل بحل معتدل معقلن تبقى فيه الرابطة بين الدولة والدين قائمة بالقدر الذي لا يسمح الواقع القائم بتخطيه!
وهذا قطعا ليس محاصصة، فالمحاصصة هي عملية تقاسمية، لا تقوم على عقلانية أو منطق أو غاية إنسانية كما هو الحال في الديمقراطية، وهي تسوية زعاماتية بين ثلة من الزعامات تقصي كما سلف القول النخب الفكرية والثقافية والسياسية وعامة الشعب، بل وتفتت الشعب، وتحوله إلى جماعات ما دون شعبية، أي ما دون مستوى "الشعب"، وتبقيه في أو ترجعه إلى مستوى اجتماعي متدن، ومنخفض في مستوى مدنيته، ولا يرقى إلى مستوى الدولة المدنية العالي، الذي يقتضي شعبا تطور في اجتماعيته ومدنيته إلى حالة من الوحدة الشعبية، تعلو على أو تتجاوز البنى المادون شعبية التقليدية.
وإضافة إلى ذلك، فنظام المحاصصة يصنع "نظام زعامات" يحتكرون البلاد، أو يمكـّن "الزعماء الذين هم عبارة عن قلة" من السيطرة بشكل تقاسمي على البلاد، وهذه "ديكتاتورية" حقيقية، وهي شكل من أشكال ما يسمى في الفكر السياسي ب"حكم القلة" أو "الأوليغارخية" أو "الأوليغارشية".
وبالتالي على من يعتقد أن "الدولة المدنية" هي "دولة محاصصة" أن يصحح مفهومه الخاطئ لهذه الدولة، أو أن يجد لوهمه التحاصصي تسمية أخرى بعيدا عن "الدولة المدنية".
وفي التاريخ السوري الحديث، دولة الخمسينيات، التي يستلهمها ويسترشد بها اليوم بشكل نقدي بنّاء الكثير من الديمقراطيين السوريين، كانت دولة ديمقراطية فعلية واقعية في حدود ممكنات واقعها، ومن الممكن وصفها "بالتوافقية"، ولكنها قطعا لم تكن "تركيبة تحاصصية".
وبالطبع من غير الممكن اليوم في سوريا استنساخ تلك التجربة، ولكن هناك إمكانية كبيرة بما يكفي لبناء دولة مشابهة، بل وحتى أفضل.
واليوم المجتمعان السياسي والمدني الديمقراطيان في سوريا، ليسا قوى هامشية، ولا هي قوى مفصولة عن الجمهور الشعبي، وإن نظمت ووحدت صفوفها وكثفت نشاطها الجماهيري، فستشكل عندها قوة لا يمكن قطعا تجاهلها من قبل أية قوى أخرى في البلاد، ويمكنها أن تلعب دورا كبيرا في تحديد شكل مستقبل البلاد.



#رسلان_جادالله_عامر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما هي -الدولة المدنية الديمقراطية-؟
- الكتابة عن الحب والجنس في موضع جدل
- إشكالية الاختلاف، دور النظام الاجتماعي وإمكانية الحل
- ما هي -ما بعد العلمانية-؟
- بناء الثقة والأمن: البريكس والنظام العالمي
- إثنان من كارل ماركس
- العملية الحربية الخاصة وتغيير النظام العالمي
- عبد عدوه لا ينصر أخاه...
- كيف تتعامل العلمانية مع المسألة الجنسية؟
- تحليل الحمض النووي يثبت أن القديس لوقا هو من يقولون أنه هو
- الطائفية بين عصبية الطائفة وتردي المجتمع
- قصة حب ميهاي إمينيسكو وفيرونيكا ميكلي
- الديكتاتورية.. تقزيم الشعب وتأليه الزعيم
- مشكلة الزي بين المرأة العصرية والمؤسسة الدينية التقليدية
- مزامير على إيقاع فلسطيني
- هل للدين أهمية في العالم الحديث؟
- يا روح لا تتوقفي.. هيا انزفي
- الصداقة بين الرجل والمرأة .. هل هي حقيقية؟
- على أطلال مورتستان
- الحب والتعالي


المزيد.....




- “ماما جابت بيبي” حدث تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على ال ...
- أختي يا عسل ???? تردد قناة طيور الجنة 2025 استمتع وافرح مع ب ...
- الميثاق الوطني واتفاق الطائف.. كيف تشّكلت المحاصصة الطائفية ...
- كيف تدخل الطائفية في آلية انتخاب رئيس الجمهوية اللبنانية؟
- أصحابها يهود.. تشويه منازل وشركات بكتابات معادية للسامية في ...
- وزارة التعليم الأمريكية وجامعة جونز هوبكنز تتوصلان إلى تسوية ...
- جيش الاحتلال الإسرائيلي يجند يهودا من أصول يمنية لمواجهة الح ...
- العمود الثامن: جنرالات الطائفية
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: الاستخبارات جندت عشرات اليهود ...
- -تهديد لمبادئ حقوق الإنسان-.. قرار تسليم القرضاوي إلى الإمار ...


المزيد.....

- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رسلان جادالله عامر - التناقض الجوهري بين الدولة المدنية الديمقراطية ونظام المحاصصة