أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - نادر فتحي خليل - الغربة في الشمال: صراع الوحدة وانتصار الروح














المزيد.....

الغربة في الشمال: صراع الوحدة وانتصار الروح


نادر فتحي خليل

الحوار المتمدن-العدد: 8217 - 2025 / 1 / 9 - 00:38
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


الغربة في الشمال: بين متاهات الوحدة وضوء الانتصار

عشر سنواتٍ مضت، وكأنها عمرٌ بأكمله. عشر سنواتٍ وأنا أعيش في أقصى شمال الأرض، حيث كل شيءٍ يغطّيه البياض إلا قلبي، الذي تجمّد وسط هذه الحياة الصامتة، لكنه لا يزال ينبض، متمسكًا بشيءٍ من دفء الذكريات. أعيش هنا، في قبوٍ صغيرٍ تحت الأرض، وكأنني أختبئ من الزمن، من الحرب، من خوفي ومن نفسي.

حين ألقتني الحرب السورية كقطرة ماءٍ شاردة في هذا البرد القارس، لم أكن أعي أنني سأواجه شيئًا أكبر من الجليد الذي يحاصر المكان. لم يكن التحدي في مواجهة الطبيعة القاسية وحدها، بل في مواجهة الوحدة التي تغزل متاهة لا نهاية لها، متاهة تشبه غابات الفايكينغ التي تتشابك أشجارها وتبتلع كل من يحاول الهروب.

كنت كمن يسير في شارع طويل. البيوت من حولي مغلقة، والطرقات صامتة. لا أحد هنا ليكون شرطي المرور الذي ينظم حياتي، ليمنعني من السقوط في متاهة الغابة، متاهة الوحدة، متاهة الغربة. لكنني أدركت أنني الوحيد القادر على الوقوف عند منتصف الطريق، على إدارة إشارات حياتي بيدي.

الوحدة هنا ليست مجرد صمت يحيط بك، بل هي طوفان من الأفكار، من الذكريات، من الندم. كل قرار لم أتخذه في الوقت المناسب، كل فرصة تركتها تفلت مني، كل لحظة ترددت فيها عن قول كلمة أو اتخاذ خطوة. عشر سنوات، كم كبرت فيها، وكم مات داخلي من رغبات كنت أظنها خالدة.

في هذه الوحدة، تعلمت أن أكون مستمعًا لصوت نفسي، ذلك الصوت الذي كنت أهرب منه في زحمة الأيام. تعلمت أن أرى العالم بعينين جديدتين، أن أحاسب نفسي، أن أتحدث مع أحلامي التي ظننت أنها ذابت مع أول شتاء.

ولكن، رغم كل شيء، لم أستسلم. هنا، في هذا القبو البارد، بدأت أجمع شتاتي، قطعةً قطعة. لم يكن انتصاري على الغربة سهلاً، لكنني تعلمت أن الانتصار يبدأ من الداخل، من تلك اللحظة التي تقرر فيها ألا تكون أسيرًا للماضي ولا أسيرًا للخوف.

نعم، مرت عشر سنوات من العزلة، من الصمت، من الحزن. ولكنني الآن أقف على أعتاب السطر الأخير. أعيد كتابة قصتي بيدي، أقف وجهًا لوجه مع خوفي، وأنتصر عليه. لأن الغربة، رغم قسوتها، ليست النهاية، بل بدايةٌ جديدة لمن يجرؤ على المواجهة.

ها أنا هنا، في شمال الأرض، أعلن انتصاري على البرد، على الوحدة، على الفشل. أعلن انتصاري على كل شيء كاد يسقطني. لأنني، في النهاية، تعلمت أن أكون شرطي المرور في حياتي، ذلك الذي يقف عند منتصف الطريق ليمنعني من الضياع في متاهات الغابة.

غدًا، سأخرج إلى النور، وسأبدأ من جديد.



#نادر_فتحي_خليل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -تاس-: السفير السوري لدى موسكو يطلب اللجوء في روسيا
- سلوتسكي يعلق على تصريح ميرتس بشأن تسليم صواريخ توروس إلى أوك ...
- نائب روسي: مقاطعة أوروبا لموارد الطاقة الروسية استنفدت غرضها ...
- لافروف: لولا الولايات المتحدة لما خرجت الصواريخ الأوكرانية ا ...
- تعثّر محادثات القاهرة لوقف إطلاق النار في غزة، والاتحاد الأو ...
- في هولندا بهجة غامرة بعيد الحزب
- إسقاط طائرة مسيّرة .. واقعة تؤجج التوتر بين مالي والجزائر!
- البرلمان الألماني يعلن موعد التصويت على انتخاب ميرتس مستشارا ...
- الاتحاد الأوروبي يستعد لحزمة العقوبات السابعة عشرة ضد روسيا ...
- ليبيا.. العثور على جثث مجهولة الهوية بالجفرة


المزيد.....

- الاقتصاد السياسي لمكافحة الهجرة / حميد كشكولي
- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - نادر فتحي خليل - الغربة في الشمال: صراع الوحدة وانتصار الروح