(بوغواش) وتقليل المخاطر المرتبطة بالحروب النوويّة

مؤيد الحسيني العابد
أكاديمي وكاتب وباحث
(Moayad Alabed)

الحوار المتمدن-العدد: 8213 - 2025 / 1 / 5 - 18:47
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    

يطلق عليها بالعربية بوغواش-$- وهي منظمة دوليّة تهدف الى تقليل المخاطر المرتبطة بالحروب والصراعات المسلحة، وخاصة تلك التي تشمل الأسلحة النوويّة. تأسّست عام 1957 بعد مؤتمر عقد في مدينة بوغواش في نوفاسكوشيا في كندا. بدعوة من العالم الكندي جوزيف روتبلات وبرتراند راسل.
تهدف المنظمة في برنامجها وأهدافها الأساسيّة الى منع الحروب النوويّة من خلال العمل على القضاء على الأسلحة النوويّة ومنع إنتشارها. وكذلك تعزيز السلام العالميّ من خلال النقاشات الدبلوماسيّة والحوارات العلميّة. وتهدف كذلك الى تشجيع الحوار بين العلماء وصنّاع القرار خاصّة حول القضايا المتعلقة بالسلام والأمن العالميّ.
يقتصر عمل المنظمة على عقد المؤتمرات والندوات لتوفير منصّة للنقاش بين العلماء والخبراء في المجالات المختلفة. وتقديم توصيات وحلول عمليّة لمشاكل الأمن الدوليّ والنزاعات المسلحة. كما وتهتم بالتعاون الدوليّ مع مؤسسات ومنظمات اخرى لتعزيز السلام. لقد حصلت هذه المنظمة ومؤسسها جوزيف روتبلات على جائزة نوبل للسلام عام 1995 لجهودها في مجال الحد من التسلح النوويّ والعمل من اجل السلام. ومن الأمور المهمّة التي نشير اليها هو أنّ هذه المنظمة تجمع علماء وسياسيين ومفكرين من جميع انحاء العالم للتعامل مع القضايا العالميّة بطريقة تعتمد على العلم والمنطق مما يجعلها قوّة فريدة ومؤثرة في مجال بناء السلام.
تشير الأستاذة اليزابيث راشلو-$--$- الى أنّ خطورة الترسانات النوويّة في العالم باتت تهدّد البشريّة من خلال الأنشطة التي تشير إليها من خلال مقالتها المهمّة. حيث تنتشر هذه الترسانات النوويّة في العديد من الدول مما يجعل المنظمة والكثير من العلماء في وضع المحاولة الى ايجاد الطرق الصحيحة للتعامل مع مثل هذا الوضع. حيث إهتمّ العديد من العلماء ومنهم الحائز على جائزة نوبل عام 2024 نيهون هيدانكيو. وتشير الأستاذة راشلو في مقالتها التي نشرت في مجلّة كوسموس السويدية-$--$--$- للعام 2024 الى صورة الرافعة الورقيّة المطويّة التي تشير الى ثقافة يابانيّة ترمز الى السلام، والتي قامت بها فتاة هيروشيما ساساكي ساداكو بطيّ مئات الرافعات قبل أن تموت بسرطان الدم في سن الثانية عشرة من تأثير الإشعاعات النوويّة التي نتجت عن قصف الولايات المتحدة الاميركية لهيروشيما عام 1945. وفي سنة 2025 سيكون قد مرّ على هذه الجريمة 80 عامًا حينما إستخدمت الولايات المتحدة السلاح النوويّ لأوّل مرّة لتدمير مدينتي هيروشيما وناغازاكي والتي نتج عنها مئات الآلاف من الضحايا من القتلى والجرحى علاوة على التأثيرات المستمرة الى الآن على البيئة والناس من جيل الى جيل. آنذاك تم تشكيل وبناء المشروع النوويّ وتنفيذه في منطقة مانهاتن الهندسيّة التي أنشأت على أساس أن تكون لغاية غير تلك الغاية التي أنشئت لغرضها. حيث قامت الوحدات العسكريّة الهندسيّة الأمريكيّة التابعة للجيش الأمريكيّ بالعمل بكلّ تفاصيله بقيادة الفيزيائيّ الأمريكيّ روبرت أوبنهايمر مع الجنرال ليزلي غروفز. وقد شارك في المشروع العديد من علماء الولايات المتحدة الأمريكيّة وبريطانيا العظمى وألمانيا وكندا. وقد بدأ العمل بالمشروع فعليًّا في شهر أغسطس (آب) من العام 1942 بأمر الرئيس الأمريكيّ فرانكلين روزفلت، بناءً على طلب مجموعة من الفيزيائيين بقيادة ليو زيلارد ويوجين ويغنر.
لقد كان التوجّه الى التسلّح النوويّ لعدّة أسباب منها ظاهريّة ومنها سريّة (آنذاك). حيث كانت الظروف التي تعيشها الأوضاع بالنسبة للولايات المتحدة توحي الى التوجّه العسكريّ لها في أماكن متعددة في العالم.، من آسيا الى إفريقيا وفي المحيط الهاديء والهندي، حيث قامت بشنّ حرب ضد اليابان عام 1941 لغاية نهاية الحرب عام 1945. كما هو الإتّحاد السوفييتي الذي خاض الحرب عام 1941 على اليابان بعد التورّط الألمانيّ في شنّ الحرب على اوربا وآسيا عمومًا. ثم إنتهت الحرب بإستسلام اليابان غير المشروط. منذ ذلك الوقت والعلماء يلعبون دورًا مهمًّا في وضع معاهدات ومؤتمرات وإتفاقات وغير ذلك من المساهمات لتحجيم أو محاولة وضع برنامج للحدّ من إستخدام الأسلحة النوويّة. ( في مشروع أوبنهايمر أسفر أولاً عن إنفجار تجريبيّ في نيو مكسيكو (ترينيتي) ثم قنبلتين فوق اليابان (خصّب اليورانيوم المستخدم في عملية إنتاج القنبلة من البلوتونيوم في محطة أوكريدج في الولايات المتحدة الأمريكيّة). لقد طور العلماء سلاحًا للدمار الشامل يمكن للسياسيين بعد ذلك أن يقرروا إستخدامه أو عدم إستخدامه. وإستمر التسليح والتطوير. ففي عام 1954 تم تفجير أول قنبلة هيدروجينيّة، ثم تبعتها تفجيرات تجريبية في عدّة أماكن حول العالم. في كثير من الأحيان تعرّض السكان الأصليون لمخاطر كبيرة. وهذا العام، من خلال منح جائزة نوبل للسلام لعام 2024 للحركة الشعبية التي بدأها الناجون من هيروشيما ناغازاكي في عام 1956، نتذكر المعاناة الإنسانية المروعة التي تسببت فيها الأسلحة النوويّة)-$--$--$--$-. ولا يخفى ما لبعض الدول النوويّة من نشاط عسكري لتطوير ما يسمى بالأمن القوميّ للدولة (أو للحلف!) حيث يمكن أن تلقى نظرة بسيطة على مختبر لوس آلاموس في الولايات المتحدة الأمريكيّة ليعرف نشاط المختبر رغم بعض نشاطاته المشروعة إلّا أنّ المختبر يصرّح بمهمته الأساس (مهمتنا هي حل تحديات الأمن القوميّ من خلال التميّز المتزامن) وتكون مهمّته كذلك بتحقيق أقصى قدر من التأثير على أولويّات الأمن القوميّ الإستراتيجيّة من خلال دمج حلول البحث والتطوير مع التميّز التشغيليّ والمشاركة المجتمعيّة). وهذا المختبر واحد من عدّة مختبرات على مستوى العالم بأشكال مختلفة تكون الغاية الأساسيّة هي كما أشرنا تطوير الطرق والمواد والأدوات وكلّ ما يتعلّق بإنشاء ما يمكن أن يكون لمصلحة الأمن القوميّ (!) حيث يشير موقع المختبر (باعتباره مركزًا للبحث والتطوير ممولًا فيدراليًا، يعمل مختبر لوس ألاموس الوطني على مواءمة خطتنا الإستراتيجيّة مع الأولويات التي حددتها الإدارة الوطنية للأمن النوويّ التابعة لوزارة الطاقة والتوثيق الإرشاديّ الأساس للإستراتيجيّة الوطنيّة. نقوم بتنفيذ العمل في جميع مهام وزارة الطاقة، الأمن القوميّ، العلوم ، الطاقة والإدارة البيئيّة. تعدّ القدرات العلميّة والهندسيّة التي تمّ تطويرها من خلال أبحاث مخزون الطاقة وإدارة الأمن النوويّ) والمقصود بالأمن النوويّ طبعا ما يتعلّق بالأمن لمصلحة الأمّة ولا يسمح لأيّ دولة بتطوير قدرات نوويّة لغير صالح توجّهات دول معيّنة-$--$--$--$--$-. ولذلك نلاحظ أنّ الولايات المتحدة الأمريكيّة لم تتوقف عن التجارب التي تنفذها من خلال وزارة الطاقة ومن خلال المختبرات التي تعمل على ذلك حيث تشير الأستاذة راشلو الى (اختبار برافو، أول اختبار للقنبلة الهيدروجينية أجرته الولايات المتحدة عام 1954 (كما أشرنا) في بيكيني أتول، بقوة إنفجاريّة تبلغ حوالي 15 ميغا طن (حوالي 1000 مرة أقوى من قنبلة هيروشيما). كانت التداعيات الإشعاعيّة مدفوعة بالرياح إلى اليابان). ومن خلال ما ذكرنا نشير الى حرص العديد من العلماء على مستوى العالم على حصر الإستخدام النوويّ فيما ينفع البشريّة لا على أساس تدمير الحياة. خاصّة في التهديدات المتقابلة ما بين روسيا وحلف الناتو هذه الأيام نتيجة العمليات العسكريّة الروسيّة والأوكرانيّة المتبادلة ما بين سبب وسبب آخر لتبرير ما يحصل من إنتهاكات كبيرة على مستوى التهديد النوويّ الذي لم يسبق لهذا التهديد أن يصل الى المستوى الأصفر، أي ما قبل الأحمر في الإستخدام الفعليّ!
تشير الأستاذة اليزابيث راشلو، كذلك الى الأستاذ جوزيف روتبلات الذي توفي عام 2005 الى أنّه (الباحث الوحيد الذي ترك مشروع مانهاتن عندما أصبح واضحًا أنّ الألمان لن يتوصلوا إلى القنبلة النوويّة، وهو ما كان مبررًا لمشروع مانهاتن. بعد الحرب كان لديه وظيفة في ليفربول. وهناك واصل عمله وفكره في التطبيقات الطبيّة للفيزياء النوويّة. بعد إسقاط القنابل على اليابان في أغسطس 1945، أصبح من الواضح للعديد من الباحثين أنّ تطوير الأسلحة النوويّة يجب أن يتوقّف).
يجب أن نبرّر للكثير من العلماء توجّههم الى العلميّة العمليّة ونشر الخير على مستوى العالم لمواقف يبرّزونها بين الحين والآخر من خلال حديث ما، أو تصرّف ما، يدلّل على حرصهم على الحفاظ على الحياة البشريّة بأحسن صورها الجميلة، وإن حصلت بعض التطبيقات غير الإنسانيّة من خلال أهل السياسة وأهل الإخلال الأمنيّ للبشريّة بإستغلال نشاطات علميّة معيّنة. وتشير الأستاذة راشلو الى ذلك من خلال قولها (في 9 يوليو 1955، أصدر إثنان من أبرز العلماء في العالم، برتراند راسل وألبرت أينشتاين (حاصل على جائزة نوبل في الفيزياء 1921)، نداءً إلى الإنسانية للإعتراف بالخطر الهائل الذي يأتي مع الأسلحة النوويّة. وقد تمّ التوقيع على البيان من قبل عشرة باحثين بارزين - بما في ذلك الحائزين على جائزة نوبل في الفيزياء والكيمياء - من جميع أنحاء العالم. حذّر بيان راسل-أينشتاين من أنّ الأسلحة النوويّة تشكّل تهديدًا لبقاء الإنسان ودعا الحكومات والمجتمعات إلى الإعتراف بهذا الخطر الجسيم على سكّان الأرض. كانت إحدى نتائج البيان هي قيام روتبلات بدعوة علماء بارزين من جميع أنحاء العالم إلى اجتماع في ثينكرز لودج، في قرية الصيد بوغواش، نوفا سكوتيا، كندا، حول موضوع تقييم مخاطر الأسلحة الذريّة، في 7 يوليو - 10 نوفمبر 1957. أدّى الإجتماع في بوغواش إلى شكل أكثر تنظيمًا من المقاومة النوويّة، وهي حركة سُميت على إسم موقع الإجتماع الأول).
من خلال البيان المشار اليه نشأت حركة البوغواش التي يمكن أن نطلق عليها بالحركة العلميّة الإنسانيّة التي بدأت بالفعل من خلال توقيع العلماء ومنهم أنشتاين على البيان المهم (كما أشرنا). رغم كلّ ذلك إستمرت الحرب الباردة بين الدول الخمس الأساسيّة التي تمتلك السلاح النوويّ منذ ذاك الوقت قبل أن تدخل الى النادي النوويّ بشكل أو بآخر دول أخرى منها الهند والباكستان وبعض النشاطات من دول أخرى-$--$--$--$--$--$-. ولا يخفى ما للتخوّف من إمتلاك بعض القوى الإرهابيّة (بعد حديث وزيرة خارجيّة الولايات المتحدّة الأمريكيّة الأسبق الى أنّ دولتها هي التي ساعدت على تأسيس إحدى هذه المنظّمات الإرهابيّة، التي فرّخت بعد ذلك فصائل بدأت بالحركة لإسقاط دول!) لأسباب التهديد بعد وجود قوى إرهاب بدأت تأخذ مجالًا أوسع في تنشئة دول كاملة وإخضاعها لرأي مخيف ضدّ الإنسانيّة وحريّة الرأي، وبالتالي التخوّف من إمتلاكها أسباب الإرهاب، ومنها الإرهاب النوويّ! وما يحصل في سورية ليس ببعيد.
ولنا عودة أخرى بإذن الله تعالى.
Moayad Al-Abed
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-$-
Pugwash Conferences on Science and World Affairs – Pugwash seeks a world free of nuclear weapons and other weapons of mass destruction. Through our long-standing tradition of ‘dialogue across divides’ that also earned us the Nobel Peace Prize in 1995, Pugwash aims to develop and support the use of scientific, evidence-based policymaking, focusing on areas where nuclear and WMD risks are present. By facilitating track 1.5 and track II dialogues, we foster creative discussions on ways to increase the security of all sides and promote policy development that is cooperative and forward-looking.
-$--$- ناقشت رسالة الدكتوراه في جامعة اوبسالا عام 1973 وقد عملت في كلية التكنيك الملكية عام 1988 قامت بعدة بحوث في فرنسا، الولايات المتحدة الأمريكيّة كندا وانكلترا. وهي بروفسور في الكلية الملكية للتقنيات في مجال الفيزياء الجزيئية التطبيقية وباحثة في مجال اشعاع ضوء السنكروترون، وهي المعجلات الحلقية لتعجيل الجسيمات بمسار حلقي مغلق. وقد تخصصت أبحاثها في تشخيص البلازما الاندماجية ذات درجة الحرارة المرتفعة. واصبحت عضوا في مجلس ادارة القسم السويدي في المنظمة المذكورة معيّنة من قبل الاكاديمية الملكية السويدية للعلوم. وفي القسم المتعلق بالفيزياء منذ عام 2005.
-$--$--$- الجمعية السويدية للفيزياء - كوزموس 2024 تصدر باللغة السويدية.
-$--$--$--$- راجع نص المقالة في المصدر السابق
https://about.lanl.gov/lanl-resources/-$--$--$--$--$- راجع موقع المختبر
-$--$--$--$--$--$- راجع سلسلة مقالاتي التي تبتدئ بالحلقة الاولى:مؤيد الحسيني العابد - سباق التسلّح النوويّ والكارثة الإنسانيّة 1. علما ان الحلقات وصلت الى 22 حلقة حول سباق التسلح النوويّ والكارثة الانسانية. وراجع مقالي: الأمن النوويّ حقيقة او اسطورة: مؤيد الحسيني العابد - الأمن النوويّ حقيقة أو أسطورة؟ !

#مؤيد_الحسيني_العابد (هاشتاغ)       Moayad_Alabed#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات