محفوظ بجاوي
الحوار المتمدن-العدد: 8213 - 2025 / 1 / 5 - 16:23
المحور:
المجتمع المدني
كثر اللغط عن باخرة الغاز إلى تونس وكأن الأمر غريب بين الجزائر وتونس. منذ متى كانت الأخوة والمساندة بين الجارين تحتاج إلى مبررات أو تفسير؟ العلاقة بين الجزائر وتونس ليست مجرد مصالح متبادلة، بل أخوة متجذرة في التاريخ، رسمتها المواقف النبيلة والتضحيات المشتركة.
تونس، الجارة الوفية، كانت دومًا سندًا للجزائر في أحلك أوقاتها. في الثورة التحريرية، لم تكن حدودها مجرد خطوط جغرافية، بل كانت أبوابًا مفتوحة للمجاهدين، وملاذًا آمنًا لمناضلينا، وقاعدة للحرية والاستقلال. وتمر السنين لتثبت تونس مرة أخرى صدق أخوتها خلال العشرية السوداء، حين كانت الجزائر تنزف دماءً، وكانت تونس تحتضن الجزائريين الفارين من العنف والدمار، فاتحة ذراعيها دون شروط أو حسابات.
باخرة الغاز ليست "منة" ولا "فضلًا"، بل هي استمرار لعلاقة تاريخية عمادها التضامن والأخوة. إنها رسالة بأننا نتذكر دائمًا الجميل، وأن الجزائريين يعرفون أن تونس كانت دائمًا الحصن الذي وقف بجانبهم في لحظات ضعفهم.
وإذا عدنا إلى التاريخ الأعمق، نجد أن الرابط بين الشعبين ليس فقط جغرافيًا أو تاريخيًا، بل هو ارتباط عرقي وثقافي يمتد لآلاف السنين، منذ أن اجتمعت شعوب شمال إفريقيا تحت الهوية الأمازيغية المشتركة. هذه الهوية صنعت تلاحمًا أبديًا بين الجزائر وتونس، ورسخت قيم الأخوة والانتماء التي لا تتغير رغم تعاقب العصور.
على عكس الكثير من الدول التي تخلت أو ترددت أو اختارت مصالحها الضيقة، كانت تونس تقدم دروسًا في الوفاء. واليوم، مهما فعلنا ومهما دفعنا، لن نوفي حق تونس وشعبها، ولن ننسى فضلها الذي سجل في صفحات التاريخ بمداد من ذهب.
إن الأخوة الحقيقية لا تعرف حدودًا، وتونس ستظل دائمًا أقرب من مجرد جارة، فهي الأخت التي شاركتنا نضالنا، ووقفت معنا في محنتنا، وستظل مكانتها محفوظة في قلوبنا وذاكرتنا إلى الأبد.
#محفوظ_بجاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟