أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضيا اسكندر - أكثرية.. أقلية.. مكونات.. نسف لمفهوم المواطنة أم توصيف طبيعي؟














المزيد.....


أكثرية.. أقلية.. مكونات.. نسف لمفهوم المواطنة أم توصيف طبيعي؟


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 8212 - 2025 / 1 / 4 - 14:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في السنوات الأخيرة، تسللت مصطلحات مثل "أكثرية"، "أقلية"، و"مكونات" إلى الخطاب السياسي والإعلامي، لتصبح مفردات يومية عند الحديث عن البلدان التي تعجّ بتنوعها العرقي، الديني، والطائفي. وعلى الرغم من أن هذه الكلمات تبدو للوهلة الأولى مجرد توصيفات بريئة، إلا أن استخدامها يحمل في طياته أبعاداً تتجاوز معناها المباشر، لتفتح الباب أمام تساؤلات ملحّة: هل نحن أمام مفاهيم تعزز الوحدة والمواطنة، أم أنها أدوات تُستخدم لترسيخ الفرقة والتمييز؟

يشير مصطلح "الأكثرية" في ظاهره إلى الجماعة السكانية ذات العدد الأكبر، و"الأقلية" إلى تلك الأصغر عدداً. أما مصطلح "المكونات"، فيبدو أكثر حيادية، مصوراً التنوع المجتمعي بصورة مجردة، يهدف إلى الإشارة إلى التنوع داخل المجتمع. ومع ذلك، فإن هذه المصطلحات تحمل دلالات أعمق. فالأكثرية عادةً ما تُفهم على أنها الجماعة السائدة، ليس فقط عددياً بل ثقافياً وسياسياً، مما يجعلها غالباً مرادفاً للهيمنة. بينما الأقلية غالباً ما تُربط بالهامشية وضعف التأثير، وكأنها ضيفٌ في بيتٍ لا يمتلكه.

أثر المصطلحات على مفهوم المواطنة
في المجتمعات الحديثة، يُفترض أن تكون المواطنة الرابط الأسمى الذي يجمع بين أفراد المجتمع، متجاوزة كل الفوارق العرقية والدينية. فهي تجسّد مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات، وتؤسس لعلاقة متينة بين الفرد والدولة تقوم على الهوية الوطنية المشتركة، بعيداً عن أي انتماءات فرعية قد تُضعف هذا الرابط أو تُقصي البعض إلى الهامش.
لكن استخدام مصطلحات مثل "أكثرية" و"أقلية" يزرع في الوجدان الجمعي تصوراً مغلوطاً مفاده أن الحقوق والواجبات يمكن أن تُقسَّم بناءً على الانتماء لهذه الفئات. يصبح الانتماء إلى الأكثرية بمثابة امتياز غير قابل للمساومة، بينما يُفرض على الأقلية الاندماج بشروط الأكثرية، وإلا فإن أفرادها قد يُحرمون من حقوقهم كاملة.. وهنا يكمن الخطر الأكبر: نسف مبدأ المساواة من جذوره، مما يهدد الوحدة الوطنية ويُنتج شعوراً دائماً بالغُبن لدى الأقليات.
تُظهر تجارب بعض الدول كيف أن استخدام مصطلحات مثل "أكثرية" و"أقلية" قد يؤدي إلى أزمات عميقة تهدد استقرار المجتمعات. ففي العراق، على سبيل المثال، أسهم التصنيف الطائفي بين "شيعة"، "سنّة"، و"أكراد" في تقسيم المجتمع، مما أذكى الصراعات البينية وأدى إلى تآكل الهوية الوطنية لصالح الانتماءات الفرعية. وفي لبنان، تحوّل النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية إلى عقبة دائمة، يُعطل سير العمل الحكومي ويُسهم في تفاقم الأزمات الداخلية.
وفي سوريا، التي تتميز بتنوع عرقي وديني وطائفي، أسهمت بعض المصطلحات الإعلامية، سواء كانت عن حسن نية أو سوء نية، في تأجيج الأزمة التي انفجرت بعد عام 2011. فقد تحوّل الحديث عن "الأكثرية السنية" و"الأقلية العلوية" أو "الكردية" إلى أداة لتفكيك وحدة المجتمع وإثارة النعرات الطائفية، مما عمّق الانقسامات السياسية والاجتماعية.

ومع تولي هيئة تحرير الشام مقاليد السلطة في البلاد بعد 8/12/2024، أصبح هذا الخطاب أكثر تأثيراً في تشكيل المشهد العام. وفي ظل غياب خطاب وطني جامع يرسخ مفهوم المواطنة، تتحول الاختلافات الثقافية والدينية من عناصر إثراء وتنوع إلى ذرائع للصراع، مما يطيل أمد النزاع ويعقّد جهود الحل والمصالحة.

لمواجهة هذه التحديات، ينبغي تبنّي خطاب بديل يرتكز على مفهوم المواطنة الشاملة. هذا الخطاب لا يُلغي التنوع، بل يحتفي به كقوة إضافية، مع التأكيد على أن الاختلافات الثقافية والدينية لا تتعارض مع المساواة في الحقوق والواجبات. ويجب أن تلعب المؤسسات التعليمية والإعلامية دوراً مهماً في تعزيز هذا الوعي، من خلال تقديم روايات موحدة تُبرز الهوية الوطنية الجامعة بدلاً من التركيز على الفروقات.

وفي هذا السياق، يصبح تبني العلمانية كمنهج ضرورة لا تقتصر فقط على ضمان المساواة بين المواطنين بعيداً عن أي اعتبارات دينية أو عرقية، بل يجب أن تُدرج كركيزة أساسية في الدستور القادم لبناء دولة مدنية حديثة، تُعلي قيم العدالة والحرية والانسجام الاجتماعي.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار وطني أم استعراض رقمي؟ أسئلة حول مستقبل سوريا
- هل يحق لحكومة تسيير الأعمال بقيادة أحمد الشرع ما قامت به حتى ...
- حين يصبح نشر الغسيل تهمة
- هل ستعيد حكومة تصريف الأعمال عجلة الزمن إلى الوراء؟
- مسؤولية بشار الأسد في الكارثة السورية
- عدالة بلا انتقام.. لماذا أرفض الإعدام للفاسدين؟
- صبيحة سقوط الأسد
- «صام صام وفطر على بصلة».. هل هذا قدرنا؟
- تصاعد الـ -ممارسات الفردية- تهدد السلم الأهلي في سوريا
- عندما تمنحك الأجهزة الأمنية صفة المواطنة
- التفاؤل الحذر في مواجهة التحديات السورية
- مقابلة حصرية خصّني بها الرئيس السابق بشار الأسد
- جيهان.. وعدُ العدسة وخلودُ القضية
- نحو دستور يُحيي قيم العدالة والمساواة في سوريا
- عبء القُربى في زمن القمع
- المال المسروق.. من قنوات الفساد إلى قنوات التعويض
- سوريا بين الكنز المفقود والرصاص الصامت
- الغرفة التي لم تكن سرية
- بين المزايدات والفرص المهدورة: قراءة في حال -محور المقاومة-
- «التكويع» تحت المجهر: لماذا يغيّر الإنسان مواقفه؟


المزيد.....




- الجهاد الاسلامي: نبارك العملية البطولية قرب مستوطنة كدوميم ش ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي: من يتبع طريق حماس في غزة ويرعى قتل ا ...
- محافظة المثنى تحيي المواقف الجهادية لقادة النصر في مجابهة ال ...
- راكب يهودي يهاجم مضيفة طيران لارتدائها دبوسا تضامنا مع الفلس ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن البدء في تجنيد أول دفعة من اليهود -الم ...
- طريقة تثبيت تردد قناة كيف الدينية على الريسيفر “نزلها واسمتع ...
- بشكل رسمي .. تبكير رواتب الموظفين شهر يناير 2025 بمناسبة أعي ...
- فوزي البدوي يتحدث للمقابلة عن تاريخ العلاقة بين الإسلام والي ...
- “أناشيد الطفولة رجعت من جديد”.. أحدث تردد قناة طيور الجنة 20 ...
- أسرة عبد الرحمن القرضاوي توجه رسالة لرئيس وزراء لبنان


المزيد.....

- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضيا اسكندر - أكثرية.. أقلية.. مكونات.. نسف لمفهوم المواطنة أم توصيف طبيعي؟