محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)
الحوار المتمدن-العدد: 8211 - 2025 / 1 / 3 - 09:58
المحور:
القضية الفلسطينية
تَتَّسِمُ الأزمةُ الفلسطينيةُ الإسرائيليةِ بتعقيدٍ تاريخيٍّ عميقٍ، حيثُ تعاني غزة والضفةُ الغربيةُ من حصارٍ وتدميرٍ مستمرٍ على يدِ القواتِ الإسرائيليةِ.
في هذا السياقِ، يتمُّ التطرقُ إلى الدورِ الذي تلعبُهُ الوساطةُ المصريةُ القطريةُ في السعيِ لتحقيقِ وقفِ إطلاقِ النارِ وحلِّ النزاعِ، ومعها تتوالى التساؤلاتُ حولَ فعاليتها ومدى قدرتها على تقديمِ حلولٍ عمليةٍ.
منذ أكثرَ من عامٍ، ظَلَّتِ الوساطةُ المصريةُ القطريةُ حاضرةً في محاولاتِ التوصلِ إلى تسويةٍ أو تهدئةٍ بين إسرائيل والفصائلِ الفلسطينيةِ، لكن رغمَ الجهودِ المستمرةِ، يُثارُ الكثيرُ من النقدِ حول فاعليةِ هذه الوساطةِ، خاصةً في ظلِّ استمرارِ المجازرِ التي ترتكبُها إسرائيل في غزة.
يتساءلُ الكثيرونَ: هل هذه الوساطةُ قادرةٌ بالفعلِ على الضغطِ على إسرائيلَ لإنهاءِ الحربِ وتحقيقِ السلامِ؟ أم أنَّ الوساطة تسهمُ فقط في تمديدِ أمدِ النزاعِ تحت مظلةِ التفاوضِ الذي يبدو بلا نتيجةٍ؟
الانتقاداتُ الموجهةُ لهذه الوساطةِ تشيرُ إلى أنَّ دورَها في محاصرةِ إسرائيل بالضغطِ الدوليِّ أو العسكريِّ لم يكن كافياً.
فإسرائيل، وفقاً للنقدِ السائدِ، هي من تعرقلُ المفاوضاتِ، ولا تلتزمُ بأيِّ من شروطِ وقفِ إطلاقِ النارِ أو الحلولِ المطروحةِ. كما أنَّ المواقف الدولية الضعيفة من الدولِ الكبرى تجاه هذه القضيةِ لم تساعد في توجيهِ ضغوطٍ جديةٍ على إسرائيل.
من هذا المنطلقِ، يرى البعضُ أنَّ الوساطة المصرية القطرية باتت عاجزةً عن تحقيقِ اختراقٍ حقيقيٍ في المفاوضاتِ.
وإذا كانت تلك الوساطةُ تكتفي بالتحاورِ مع الأطرافِ المختلفةِ دون اتخاذِ مواقفٍ حاسمةٍ، فإنَّ ذلك يعززُ الشكوك حول نواياها وقدرتها على تحقيقِ السلامِ. في هذا الإطارِ، يطالبُ المنتقدون بالانسحابِ من هذه الوساطةِ إذا كانت عاجزةً عن تقديمِ حلٍ عمليٍ، مناشدين الأمم المتحدة أو أطرافاً دوليةً أخرى بالتدخلِ وتقديمِ وسطاءٍ محايدين وأكثر قوةً للتأثيرِ على إسرائيل.
أما في حالةِ استمرارِ الفشلِ في الجولةِ الحاليةِ من المفاوضاتِ، وتحاشي الإعلانِ عن رفضِ إسرائيل للحلولِ المطروحةِ، فيرى النقادُ أنَّ الهدف من الوساطةِ سيكون تمديد زمنِ الحربِ والإبادةِ الجماعيةِ تحت ستارِ المفاوضاتِ، ما يعززُ الشعورَ بعدمِ الثقةِ في نوايا هذه الوساطةِ.
من المهمِّ التأكيدُ أنَّ هذه الوساطة قد تكونُ محكومةً بعددٍ من القيودِ السياسيةِ والدبلوماسيةِ، خصوصاً في ظلِّ التوازناتِ الإقليميةِ والدوليةِ المعقدةِ. رغم ذلك، تبقى القضيةُ الفلسطينيةُ بحاجةٍ إلى حلولٍ عمليةٍ وحاسمةٍ.
إذ لا يكفي أن تستمرَّ المفاوضاتُ في ظلِّ استمراريةِ المجازرِ وتدميرِ المقدراتِ.
هناك حاجةٌ إلى ضغوطٍ حقيقيةٍ على إسرائيل لدفعِها نحو حلٍ عادلٍ وشاملٍ، وليس فقط مجرد تهدئةٍ مؤقتةٍ.
إذا لم تتمكن الوساطةُ المصريةُ القطريةُ من فرضِ ضغطٍ فعليٍ على إسرائيل، فإنَّ الوقت قد حان للبحثِ عن حلولٍ أكثر تأثيراً، تكونُ قادرةً على إنهاءِ معاناةِ الفلسطينيين وضمانِ سلامٍ حقيقيٍ في المنطقةِ.
#محمود_كلّم (هاشتاغ)
Mahmoud_Kallam#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟