أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بهجت العبيدي البيبة - احترام الأديان والتعايش السلمي: رؤية نقدية لسلوكيات تسيء للإسلام














المزيد.....


احترام الأديان والتعايش السلمي: رؤية نقدية لسلوكيات تسيء للإسلام


بهجت العبيدي البيبة

الحوار المتمدن-العدد: 8210 - 2025 / 1 / 2 - 14:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في مشهد مؤسف وسخيف للغاية، ظهر شخص مسلم في إحدى المدن الإيطالية وهو يقتحم احتفالات السكان بالعام الجديد، قارئًا سورة “يس” من القرآن الكريم وسط دهشة المحتفلين من الإيطاليين. هذا السلوك الأرعن الذي يعكس سوء فهم للدين الإسلامي ولأهمية احترام الآخرين، يشوه صورة المسلمين، ويعرضهم جميعًا، خاصة في المجتمعات الغربية، لمزيد من التحديات والانتقادات، بل وربما الأخطار.

هذا الفعل يعبر عن استحقاقية خطيرة يمنحها بعض المسلمين لأنفسهم، وهي نتيجة مباشرة لما يزرعه بعض المشايخ ضيقي الأفق في نفوس المسلمين. تلك الاستحقاقية تجعل البعض يتصور أنه صاحب الحق الوحيد في التعبير عن دينه، دون اعتبار لحقوق الآخرين أو معتقداتهم. ولكن، لو قلبنا الموقف وسألنا: ماذا لو قام شخص من أتباع ديانة أخرى بفعل مماثل؟ ماذا لو اقتحم أحدهم احتفالًا دينيًا للمسلمين وبدأ في تلاوة آيات من الإنجيل أو التوراة أو حتى الفيدا؟ هل كان سيُعامل بنفس الهدوء والدهشة التي تعامل بها المحتفلون الإيطاليون مع هذا المسلم؟

في المجتمعات الإسلامية، وربما حتى في المجتمعات الغربية التي تضم أغلبية مسلمة، قد لا ينجو شخص يقوم بهذا الفعل بحياته. فمن المرجح أن يواجه ردة فعل عنيفة من المحتفلين المسلمين، لأن كثيرًا من المسلمين يعتبرون أي انتقاد أو تدخل في معتقداتهم بمثابة تعدٍ لا يُغتفر.

إن المحتفلين الإيطاليون أظهروا مستوى عالٍ من الاحترام رغم اندهاشهم من اقتحام الرجل احتفالهم الخاص. فلم يتعرضوا له بأي سوء، ولم يُظهروا أي نوع من العدائية تجاهه. إن هذا التصرف الحضاري يعكس احترامًا حقيقيًا للتعددية وحرية التعبير، حتى وإن جاءت في سياق مزعج أو غير ملائم.

وعلى النقيض، يغيب عن البعض في المجتمعات الإسلامية هذا الفهم العميق للتعايش والاحترام المتبادل. إن هناك فجوة كبيرة بين النظرية والتطبيق في التعامل مع الآخر. ففي حين يُطالب المسلمون بالاحترام لخصوصياتهم وعقائدهم في كل مكان، فإن بعضهم يتجاهل منح هذا الاحترام ذاته للآخرين.

إن الإسلام، الذي هو دين محبة وتسامح، يُعلمنا أهمية احترام الآخر، أيًا كانت عقيدته أو خلفيته. ومثل هذه التصرفات الفردية تُسيء ليس فقط إلى المسلمين الذين يعيشون في الدول الغربية، بل إلى صورة الإسلام ذاته. يجب أن ندرك جميعًا أن بناء جسور المحبة والتعايش لا يتم من خلال فرض العقيدة أو اقتحام خصوصيات الآخرين، بل من خلال الحوار والاحترام المتبادل.

وقد ضرب الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، نموذجًا فريدًا في هذا السياق حينما يهنئ المسيحيين في مصر بعيد الميلاد، ويذهب شخصيًا إلى الكنيسة للقاء البابا تواضروس الثاني. إن هذه اللفتة تعكس روح الإسلام الحقيقية القائمة على التآخي والتعايش بين جميع البشر.

ختامًا، نحن بحاجة ماسة إلى مراجعة أنفسنا كمسلمين، خاصة في المجتمعات الغربية، وأن نتوقف عن إعطاء أنفسنا استحقاقية لا نرضاها لغيرنا. إن احترام جميع العقائد والأديان واجب أخلاقي وإنساني، وهو السبيل الوحيد للتعايش السلمي بين البشر.

وعلى المؤسسات الدينية، وعلى رأسها الأزهر الشريف، أن تستمر في نشر قيم التسامح والحوار، وأن تُدين مثل هذه التصرفات التي تسيء للإسلام وتعرض المسلمين للخطر. إننا لا يمكننا بناء عالم أفضل إلا إذا احترمنا اختلافاتنا، وتركنا لكل إنسان حقه في الاحتفال والعيش بما يؤمن به، دون تدخل أو فرض.

فلنكن دعاة سلام، لا أدوات لنشر الفوضى وسوء الفهم.



#بهجت_العبيدي_البيبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا على مفترق طرق: تساؤلات حول انهيار الجيش وتحديات المرحل ...
- فرحة بمرض نتنياهو أم هروب من مواجهة الواقع؟
- الثورة الإدراكية: قفزة الإنسان العاقل نحو السيادة على الأرض
- حوار حول مستقبل سوريا: بين التفاؤل والتشاؤم
- محمد صلاح: رمز سلام يتحدى التعصب
- الحروف الفينيقيّة: الثورة الصامتة التي غيّرت مجرى التاريخ
- الرشدية اللاتينية: بذور النهضة الأوروبية وخسارة العالم الإسل ...
- التنوير العربي: رحلة متواصلة نحو العقلانية والعلم
- العقل السحري بين الشرق والغرب: تأملات في عقول الجماهير والمد ...
- ألمانيا في محنة: بين جراح الإرهاب وصوت الضمير
- إعمال العقل في النصوص الدينية: بين نور الفكر وظلام الجمود
- مصر والجائزة الكبرى في مخطط الشرق الأوسط الجديد
- اللغة العربية: بين عظمة الإرث وتحديات العصر
- قراءة في خريطة الصراعات العالمية والإقليمية: مستقبل العرب وم ...
- العقل النقدي بين “حرية العقل” وتحقيق “دويتشه فيله”: معركة ال ...
- الذكاء الاصطناعي: شريك الإنسانية في غزو المستقبل واستكشاف عو ...
- الفوضى الخلاقة: معارك عربية بين الانهيار والصمود
- في الوفاء نكتب: قيمة إنسانية لا تموت
- التاريخ بين الحقيقة والتحريف: دعوة لدراسته بمنهج علمي موضوعي
- الحب.. بوابة العروج إلى السماء


المزيد.....




- تسليم لوحة تتضمن كلمات قائد الثورة عن المسيح (ع) لبابا الفات ...
- حقيقة الطائفية .. ما بين الحكومة السورية السابقة والراهنة
- ترامب يعين نائبة يهودية مبعوثا للسلام بالشرق الأوسط
- شهيدة وعدد من الاصابات بقصف اسرائيلي قرب البنك الاسلامي بجبا ...
- هذا ما دار بين شيخ الأزهر والبابا تواضروس حول غزة
- شيخ الأزهر: الفلسطينيون لم يقترفوا ذنبا إلا التشبث بأرضهم ‏ ...
- طهران.. احتفال بذكرى مولد عيسى المسيح (ع) في جامعة أهل البيت ...
- خليهم يستمتعوا بأجمل الأغاني على تردد قناة طيور الجنة 2025 ع ...
- حرس الثورة الاسلامية يبدأ مناورات غربي ايران
- مفتي مصر يعلق على شائعة ديانته المسيحية


المزيد.....

- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بهجت العبيدي البيبة - احترام الأديان والتعايش السلمي: رؤية نقدية لسلوكيات تسيء للإسلام