ابراهيم سليمان
الحوار المتمدن-العدد: 1788 - 2007 / 1 / 7 - 09:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قدر صدام حسين مع الكاميرا أن يصور و تصور معاركه حتى النهاية وكأنه بطل على الشاشة لا في الحياة الحقيقية , حروبه وثقتها الكاميرا من تلك العلاقة الحميمة مع السي إن إن وتصويرها التاريخي لحرب الكويت لحظة بلحظة إلى انكباب كاميرات القنوات العالمية جميعها لتصوير معركته الأخيرة التي انتهت أيضا تلفزيونيا وعبر صورة مجسمه له في ساحة الفردوس ببغداد أمام فندق فلسطين المقيم فيه مئات المصورين والمراسلين .. ثم المحاكمة المصورة بكل دراميتها وأخيرا النهاية التراجيدية التي صورت هذه المرة بكاميرا الجوال الذي حقق أيضا اكبر نصر لكاميرا الجوال منذ ظهورها , وربما يعتبر هذا المقطع الذي انتقل إلى مئات الملايين من الجوالات في العالم بعد دقائق من بثه ربما يعتبر نقلة جديدة في عالم التواصل الإنساني الذي يتجاوز العرقيات والطوائف .. فمشهد ينطق بالوحشية والبدائية سيجمع الناس أكثر مما يفرقهم على قيم سامية ضد الظلم وامتهان الكرامة ومن تناقضات الحياة أن تكون المنطقة التي اهتزت لصدام حسين في معاركه الكثيرة وحتى سقوطه ومحاكمته ثم إعدامه التراجيدي هي مناطق ذات شعوب ترفض وفي أحسن الأحوال تتحفظ على الصور والتصوير تاريخيا ولم تقبل بهذا الشيطان الذي ينسخ ويصور الأرواح إلا بعد مما حكات نفسيه وعقليه وحكم الأمر الواقع ..ألا أن أحداث المنطقة كانت هي التي أعلت من شأن الصورة وفتحت الفتوح فيها .. وتعتبر حرب الخليج الثانية هي أول حرب صورت بكل تفاصيلها الدقيقة فكانت الكاميرات تلاحق الصواريخ منذ لحظة إطلاقها حتى سقوطها وتصوير الدمار الناتج عنها ..
وفي المشهد الأخير للفيلم الطويل صدام حسين كان للمشهد المصور دورا قتاليا انتصر للبطل المهزوم في نهايته وعكس ما ظن صاحب كاميرا الجوال انه سيصور بطلا مهزوما يتوسل و يبكي و يقوم الجلادين بسحبه ونصبه فوق منصة الإعدام ..ظهر بطلا بأبعاد تراجيديه أغريقيه اكتملت بظهور صوت البطل واضحا قويا غير متردد ولا مرتجف وهو يردد الشهادة ويسخر بجلاديه ..
كيف لم يفطن المصور أنهذا الفيلم القصير جدا ليس دليل إعدام واثبات قتل لصدام .. بل دليل حياة جديدة وانبعاث صورة جديدة لصدام .. شخصيا لم أكن اصدق انه يوجد من يواجه الموت بشجاعة وإذا سمعت قصصا عن أناس صمدوا ووقفوا بصلابة أمام الجلاد .. اشعر في أعماقي أنها مجرد حكايات وأقوال ينقصها الدليل .. أما وقد شاهدت مع مئات الملايين عبر العالم ذلك الفيلم القصير .. فقد انتابتني حالة من التساؤلات عن معنى الموت والقدرة على مواجهته .. بل ان الموت قد صغر وحقر في عيني وعظمت إنسانيتي التي مثلها صمود الإنسان .. صمودا رأيته يقينا بنفسي وليس أقوال مهما كان تواترها
شكرا لمن صور تلك اللحظات النادرة في الحياة ..
شكرا لمن صور صمود الإنسان أمام الطغيان ..
طغيان الإنسان ..وطغيان الطبيعة
#ابراهيم_سليمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟