|
-جميع أعداء إيران اشتموا رائحة الدم-. موسكو وطهران ستوقعان اتفاقاً استراتيجياً ولو بعد حين
مشعل يسار
كاتب وباحث ومترجم وشاعر
(M.yammine)
الحوار المتمدن-العدد: 8205 - 2024 / 12 / 28 - 22:23
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
«القادة الإيرانيون يأتون ويذهبون، لكن المصالح الجغراسياسية للبلاد تظل دون تغيير. والمصالح الإيرانية لا تتعارض مع المصالح الروسية. كلا البلدين مهتمان باحتواء تركيا، واستقرار الوضع في جنوب القوقاز وآسيا الوسطى، وإنهاء الهيمنة الأمريكية وبناء عالم متعدد الأقطاب.
"آمل أن يتم التوقيع على هذه الوثيقة في نهاية الشهر الجاري- هكذا علق الممثل الرسمي لوزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي على احتمالات توقيع الاتفاق الروسي الإيراني اتفاق الشراكة الاستراتيجية الشاملة – وهو ينص، من بين أمور أخرى، على الدفاع المشترك. و(على افتراض أن هذا المبدأ سيتم توضيحه بنفس الطريقة التي في الاتفاقية بين روسيا وكوريا الديمقراطية)، فإن الدفاع هذا يكاد يكون تلقائياً - دون أي تنسيق أو طول تفكير وتردد.
الإيرانيون يحتاجون فعلاً إلى هذا البند. فالآن، بعد سلسلة الهزائم الجغراسياسية وانكسار صورة طهران (التي تمثلت قمتها في سقوط حكم بشار الأسد وطرد إيران من الأراضي السورية)، يدرك السياسيون الإيرانيون أنهم وجدوا أنفسهم في الموقف الأكثر ضعفًا منذ الحرب العراقية الإيرانية. تركيا وإسرائيل والولايات المتحدة وعدد من دول الخليج والإرهابيون الإسلاميون - كل أعداء إيران باتوا يشتمّون رائحة الدم، إلى جانب عدم وجود عزيمة لدى القيادة الإيرانية. وقد يدفعهم هذا الكوكتيل جميعاً إلى اتخاذ خطوات عدوانية جديدة، وصولا إلى الهجوم على إيران أو قواتها. ولذلك، تحتاج طهران الآن إلى ضمانات عسكرية روسية أيما حاجة.
ولكن هذه الضمانات ليست موجودة ــ وكما يؤكد الدبلوماسيون الإيرانيون، فإن هذا ليس خطأ طهران. ويقولون فمشروع اتفاق الشراكة الاستراتيجية الشاملة كان جاهزا منذ فترة طويلة وتم الاتفاق عليه عمليا. ومع ذلك، عندما يرسلون المسودة إلى زملائهم الروس للحصول على الموافقة النهائية، تعيدها موسكو للمراجعة بحجة نقص "فواصل" ما.
وتفسر إيران سلوك روسيا كالآتي: موسكو تنتظر بدء المفاوضات مع ترامب. المفاوضات التي ستجرى بعد 20 كانون الثاني/يناير، أي بعد تنصيب هذا الجمهوري. ومصير الاتفاق مع إيران هو جزء من هذه المفاوضات وهو إحدى أوراق موسكو الرابحة. وستكون روسيا مستعدة، إذا تسنى لها ذلك، لمقايضته ببعض التنازلات من الجانب الأمريكي بشأن القضية الأوكرانية - وهي أكثر أهمية بالنسبة لروسيا من إيران والشرق الأوسط بأكمله بشكل عام.
هناك منطق في هذا الافتراض الإيراني: فمن المفيد حقاً لموسكو أن تدخل في مفاوضات مع ترامب من دون هذا الاتفاق. وبشكل عام من المفيد لها تأخير التوقيع عليه قليلاً. ليس فقط بسبب ترامب، ولكن أيضًا لسببين آخرين.
أولاً، من الضروري أن تفهم روسيا دور إيران وإمكاناتها المستجدة في الشرق الأوسط، وهو ما لا تفهمه إيران نفسها حالياً. فقد تحولت من قوة إقليمية عظمى إلى دولة منبوذة تقريبًا. ثانياً، قبل إبرام الوثيقة الاستراتيجية، من الضروري الحصول على ضمانات ملموسة وأكيدة حول استقرار واستمرارية هياكل السلطة الإيرانية. أي تمسك طهران الواضح بمسار تطوير التعاون مع موسكو.
لكن لا توجد مثل هذه الضمانات اليوم. فيميل الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان، بدعم من جزء كبير من السكان، إلى استعادة العلاقات مع الغرب. فروسيا أقل إثارة للاهتمام بالنسبة له. نعم، جميع القرارات الرئيسية في البلاد لا يتخذها هو، بل المرشد الروحي آية الله الأعلى علي خامنئي. ومع ذلك، فإن صحة خامنئي تمثل مشكلة كبيرة، وتستعد النخب الإيرانية الآن لانتقال السلطة. لا يوجد خليفة واضح للزعيم الروحي، كما لا يوجد شخص يتمتع بسمعة طيبة في جميع الأوساط يمكنه ضمان الانتقال الآمن (لقد كانه الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، الذي، بالمناسبة، كان لديه موقف جيد للغاية تجاه روسيا). كل هذا يضيف الكثير من عدم اليقين إلى المستقبل الإيراني، مما يعني أنه يبدو من السابق لأوانه التوقيع على اتفاقيات شاملة مع طهران.
في الواقع، ليس الوقت مبكرًا جدًا. لثلاثة أسباب على الأقل.
أولاً، من الواضح أن إيران لن تشكل عبئاً على السياسة الخارجية الروسية. فعلاقاتها مع الدول العربية الرائدة آخذة في التحسن وستستمر في التحسن حتى بعد هزيمة طهران في سوريا (أو بالأحرى بفضلها: ففي نهاية المطاف، كان "الهلال الشيعي" المنهار الآن هو الذي اعتبرته المملكة العربية السعودية تهديداً لأمنها القومي). وهذا يعني أن من غير المرجح أن يكون للاتفاقية أي تأثير على العلاقات الروسية السعودية. ولكن ذلك، بطبيعة الحال، سوف يؤثر على العلاقات الروسية الإسرائيلية.
ثانيا، من المعروف أن الصديق عند الضيق. فقد واجهت علاقات موسكو وطهران صعوبات، إذ رفضت روسيا في وقت ما الوفاء بالتزاماتها بموجب عقد توريد أنظمة S-300، وفضل الإيرانيون الأوروبيين على المستثمرين الروس بعد أن رفع أوباما العقوبات عن طهران. وفي سوريا، لم تكن الأمور تسير بسلاسة بالنسبة لروسيا أيضًا. ومع ذلك، في السنوات الأخيرة تغير الوضع.
وها هي طهران الآن تواجه لحظة الحاجة الماسة إلى روسيا. وأخيرًا، ثالثًا، يأتي القادة الإيرانيون ويذهبون، لكن المصالح الجغراسياسية للبلاد تظل دون تغيير. والمصالح الروسية لا تتعارض مع المصالح الإيرانية. فكلا البلدين مهتمان باحتواء تركيا، وتحقيق استقرار الوضع في جنوب القوقاز وآسيا الوسطى، وإنهاء الهيمنة الأميركية، وبناء عالم متعدد الأقطاب. وفي الوقت نفسه فإن إيران مستعدة - خلافاً لعدد من الدول التي تتحدث بصوت عالٍ عن الاستقرار والسيادة - لبذل جهود حقيقية من أجل تحقيق هذه الأهداف.
لذلك، ثمة احتمال كبير أن توقع روسيا وإيران على الاتفاقية الاستراتيجية. ربما ليس قبل 19 يناير، لكنهما ستوقعان عليه. ترجمة لمقالة من قناة "روسيا اليوم" (باللغة الروسية)"
#مشعل_يسار (هاشتاغ)
M.yammine#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فوضى دمشق
-
كريستيان مالابارت *Christian B. Malaparte يتحدث عن العاصفة ا
...
-
روسيا والأسد وتشابكات الحدث
-
-في أروقة الدولة العميقة الباريسية، يعرفون كيف ينسجون المؤا
...
-
حتى هتلر لم يفعل ذلك!!!
-
سر الثراء الصيني
-
حرب أكتوبر 1973 بين الأمانة والخيانة
-
تفاقم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
-
هزيمة الغرب في حرب أوكرانيا ستكون مقدمة لاحتضار الهيمنة الأم
...
-
لماذا الكوفيد... بإيجاز شديد؟
-
من أو ما وراء -مقتل- بريغوجين؟
-
لنقتدِ بالمقاومات الشريفة!!!
-
صفعة بعد صفعة: الطيّب إردوغان ليس طيّباً! ومثله باقي -الحلفا
...
-
الكفاح ضد الإمبريالية الأمريكية وحلف شمال الأطلسي الساعيين إ
...
-
ما الذي أظهره تحرك مجموعة فاغنر وفهم الشيوعيين الطبقي للحدث
-
المرض مزمن، والخوف من تصعيد نووي!
-
التتويج في اقبح ملكية واكثرها تعطشا للدم في العالم
-
عيد النصر: الحرب لم تنته بعد!
-
لماذا يستمر الغرب في التجارة مع روسيا رغم العقوبات
-
عالم القطب الواحد ضد رأسمالية السوق والتنافس ومع الإرهاب الم
...
المزيد.....
-
كيف سيتغير مشهد السفر الجوي في عام 2025؟
-
أين الرغوة على المدرج وسيارات الإطفاء؟.. تساؤلات حول أداء ال
...
-
حل -هيئة تحرير الشام-، تنظيم انتخابات، صياغة دستور جديد... ا
...
-
محمد صلاح وصفقات مجانية محتملة في العام الجديد
-
ارتفاع حصيلة قتلى تحطم طائرة ركاب بكوريا الجنوبية إلى أكثر م
...
-
نحو أربعة آلاف عنصر أمن لتأمين احتفالات رأس السنة في برلين
-
سلطات كوريا الجنوبية تكشف تفاصيل جديدة حول الطائرة المنكوبة
...
-
ألمانيا.. إصابة العشرات من زبائن سوبر ماركت بمشاكل تنفسية جر
...
-
تقرير: الولايات المتحدة خفضت المساعدات العسكرية لأوكرانيا في
...
-
450 يوما من الحرب على غزة.. سقوط مزيد من الضحايا بقصف إسرائي
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|