|
تجربة إعادة تشييد مدينة الخرطوم -1/2-(١٨٩٨١٩٥٦)
تاج السر عثمان
الحوار المتمدن-العدد: 8205 - 2024 / 12 / 28 - 20:49
المحور:
الادارة و الاقتصاد
معلوم اصبحت الخرطوم عاصمة للسودان بديلا لسنارعاصمة مملكة الفونج، في البداية كانت العاصمة مدني ومنها انتقلت الي الخرطوم في بداية الحكم التركي – المصري، وكان من أهم معالمها: - القصر والمسجد الذي بناه خورشيد باشا في الفترة (1826- 1838)، وأنشأ فيها بساتين وحدائق، كما شجع خورشيد الأهلين والآخرين اليها في سبيل عمرانها، وفضل نشجيعه وصلت الي هذه الدرجة من العمران، فاصبحت المدينة تشمل ( 400 – 500 ) منزل ( للمزيد من التفاصيل ، راجع تاج السر عثمان الحاج، التاريخ الاجتماعي لفترة الحكم التركي، مركز محمد عمر بشير، ص 81-82). - اضافة لوجود المستشفي والكنيسة، والحدائق الكبيرة كما اشرنا سابقا.( للمزيد من التفاصيل عن الخرطوم، راجع التقرير الرسمي لرحلة محمد لى باشا للسودان، تحقيق وتقديم د. حسن أحمد إبراهيم، دار جامعة الخرطوم للنشر، 1991). - بها حامية عسكرية مؤلفة من 15,000 جندي مصري ونوبي تعيش كما يعيش جيش الاحتلال.(الان مورهيد: النيل الأزرق، ترجمة نظمى لوقا، دار المعارف مصر، 1966 ، ص 88). - كان سكان الخرطوم ماعدا السودانيين يتألفون في الأغلب من : سوريين، يونانيين، أرمن، أتراك، عرب، ومصريين، وعدد قليل من الأورييين" ثلاثين أوربيا" ( الان موهيد، المرجع السابق) يسكنون في منازل افضل والطف جوا من المستوى العادي. - كانت صلة الخرطوم بالعالم الخارجي الأبل التي تحمل لهم البريد الشهري. - كانت مركزا لتجارة الرقيق والعاج. الخ. - كان بالخرطوم مخزن للغلال ( الشونة) التي كان يعمل بها أحمد بن الحاج المشهور بكاتب الشونة الذي وضع المخطوطة المنسوبة اليه في تاريخ سلطنة الفونج وأوائل العهد التركي وهو مخطوط قيم ( د. محمد إبراهيم ابوسليم، تاريخ الخرطوم، دار الجيل بيروت، ص 34). كان بالخرطوم الترسانة التجارية ( البواخر والسفن)، كما كان بها المطبعة الأميرية، و مصنع لصناعة الذخيرة وملابس الجيش والأحذية ( ابوسليم، ص 37). عند قيام الثورة المهدية وسقوط الخرطوم علي يد انصار المهدى، حدث دمار للخرطوم، وتم تحويل عاصمة الدولة المهدية الي أم درمان، فكيف كانت معالمها في فترة المهدية؟. 2 ام درمان : كانت تقع علي شاطئ النيل شمالا وجنوبا على بعد يتراوح بين أربعة الي ثمانية أميال وعرضها ميلين . وبعد انتصار المهدية أصبحت عاصمة السودان، وجمع فيها الخليفة كل ما لديه من قوة وذخيرة ووضع رقابته فيها جميع من خاف شرهم، وبعد جعلها عاصمة تم زراعة الاشجار الوارفة الظلال فيها ، وتأسيس الجامع الكبير، 111وتم بناء بيوت الخليفة عبدالله والخليفة محمد شريف 1وعلى ودحلو .. ووضع الخليفة يده على جميع الأراضي الواقعة جنوبي المسجد ، 11أما القسم الشمالي فاقتسمه الخليفتان محمد شريف وعلى ودحلو، وتم تنظيم المدينة وتخطيطها حتي بلغ طولها 6 أميال ( انجليزية ) من الشمال الى الجنوب والسكن على النيل ، وكانت المباني في البداية من القش والطين ، أما المسجد فقد بني من الطوب المحروق ثم تم تبيضه بعد ذلك ، والمسجد طوله اربعمائة ياردة وعرضه ثلاثمائة وخمسون ياردة .. وأقام الخليفة لنفسه ولأخيه ولاقربائه بيوتا من الطين ، ثم حذا حذوهم الأمراء وتبعه في ذلك أغنياء أمدرمان كما تم بناء ضريح المهدي الذي كان فوقه ثلاث كرات نحاسية فارغة الواحده فوق الأخرى ويربط هذه الثلاثة رمح مقوس في اخر حلبة رئيسية تزين الضريح . وكان المتبع فتح جميع الأبواب المؤدية للضريح يوم الجمعة للسماح للشعب بالحج الى ضريح المهدي وترديد الترحم على جثمان المهدي. ويقدر سلاطين باشا عدد سكان امدرمان ب 400 ألف، وكانت مباني المدينة الأخرى من القش والبروش والطين وتخطيطها عشوائي . وبالمدينة سوقها المشهور التي توجد به المطاعم والمقاهي التي أغلقها الخليفة خوفا من التجمعات العامة، وكان سكان امدرمان خليطا من الأجناس من قبائل السودان المختلفة : الدناقلة ، الجعليين ، الشكرية ، النوبيين ، البقارة ، المساليت ، الرزيقات ، التعايشة ، المسيرية ، الكبابيش ( سكان جبال النوبة جنوب كردفان ) ، الهدندوة ، المصوعية ، الفلاتا والتكارير والهوسا ، هذا اضافة لسكانها من الأجانب مثل الأتراك والاحباش والسوريين والهنود واليهود والاوربيين .. وفي امدرمان ايضا يوجد بيت المال المركزي ، كما توجد مصانع الذخيرة والبارود والصابون . 3 عودة الخرطوم عاصمة للسودان هكذا كانت الخرطوم مهجورة ، وتحولت العاصمة الي أم درمان، وبعد سقوط دولة المهدية عام 1898 ، رجعت الخرطوم عاصمة مرة أخرى، ومنذ الأسابيع الأولي لاحتلال السودان شرعت الإدارة البريطانية في إعادة تشييد الخرطوم. ففي الاسبوع الأول من فبراير 1899 مثلا اُستخدم (5000) من الجنود المصريين تحت اشراف ضباط بريطانيين ومصريين لآداء مهمة شاقة، وهي إعادة تشييد الخرطوم، وشُقت طرق جديدة على أساس خطط عسكرية، كما أمر كتشنر بزراعة (7000) شجرة( محمد عمر بشير، تاريخ الحركة الوطنية في السودان، ص 32). وتم استجلاب اللبخ من حلفا وزُرعت في اربعة صفوف على شارع الجامعة( شارع الخديوى) (للمزيد من التفاصيل راجع محمد إبراهيم ابو سليم ، تاريخ الخرطوم، مرجع سابق). كما تمّ ربط العاصمة المثلثة ( الخرطوم – الخرطوم بحري – أمدرمان) بشبكة واحدة بعد افتتاح كب11رى النيل الأبيض في 1909، وكبرى النيل الأزرق عام 1928. تطورت الخدمات في العاصمة، وتطورت المواصلات ب"الترام"، كما قامت شركة النور والماء الانجليزية. كما بدأت تزداد الكثافة السكانية في الخرطوم وبدأت حمى الامتلاك للاراضي السكنية ، وارتفع سعر الياردة المربعة من الأرض عام 1906 من ثلاثة الي عشرة مليمات الي جنيهين وثلاثة جنيهات( ابو سليم ، المرجع السابق، ص 141). كما تم تخطيط أحياء الخرطوم على النحو التالي: - حي الدولة والسلطة الذي يقع على الجانب الجنوبي من النيل الأزرق . - الأحياء السكنية وتتكون من الآتي: أ – أحياء الدرجة الأولي: وتتكون من الحجر أو الطوب الأحمر ، وينغي الا تقل تكاليف المنزل عن خمسمائة جنية. ب – الدرجة الثانية : التي لا بد أن يكون سورها بالحجر أو الطوب الأحمر، أما الحجرات قيجوز بناءها بالطين، وينبغي الا تقل تكاليف المنزل عن 300 جنية. ج – الدرجة الثالثة : ويجوز البناء فيها بالطين مطلقا، ولم يُحدد للمنزل مستوى معين. 4 من أحياء الخرطوم: - بري المحس وبرى الدرايسة ، وبرى ابوحشيش. - الديوم التي كانت تقع جنوب خط السكة الحديدية التي كان يسكن فيها فقراء المدينة من العمال، وكان عدد هذه الديوم 23 ديما، وقد سُمي كل ديم اسم مؤسسه كديم سليمان، وديم عبد الكريم، أو باسم القبيلة التي أنشأته كديم تقلى، كنجارة، الباند، التعايشة، الزبيرية، والبرتى. خلال فترة الحرب العالمية الثانية نمت المدينة وبدأت تظهر فيها صناعات خفيفة كصناعة: الزجاج، الصابون،و معاصر الزيوت، وصناعات الخدمات كوحدات تصل11يح السيارات والمخازن. وخُططت منطقة الصناعات الخفيفة خارج دائرة السكة، كما أُنشئت منطقة صناعية للصناعات الخفيفة في الخرطوم بحرى( ابو سليم ، المرجع السابق، ص 163). وفي الخرطوم بحرى وضع الانجليز بعض المصالح الهامة كالمخازن والمهمات والنقل الميكانيكي والوابورات، ونشأت بالمدينة أحياء مثل: حلة حمد ، حى الميرى، حلة خوجلى، كوكو، كوبر، الختمية والدناقلة، اضافة للديوم، وبعض أحياء المدينة القديمة التاريخية مثل: الحلفايا، وغيرها. وفي الخرطوم بحرى نشأت المنطقة الصناعية بجوار محطة السكة الحديد وبعد الاستقلال، توسعت هذه المنطقة. نواصل
#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لنعزز الاستقلال بوقف الحرب واستكمال مهام الثورة
-
في ذكراها السادسة كيف تم إجهاض ثورة ديسمبر؟
-
في الذكرى السادسة للثورة والاستقلال معا لوقف الحرب
-
استمرار نهب الذهب الدموي بعد الحرب
-
أحداث سوريا وضرورة العض بالنواجذ على السيادة الوطنية
-
في ذكراها السادسة طبيعة وأهداف ثورة ديسمبر
-
في ذكراها السادسة حتى لا تتكرر انتكاسة ثورة ديسمبر
-
في شهرها العشرين وقف الحرب واستدامة الديمقراطية
-
مرور ٦٦ عاما علي تقويض تجربة الديمقراطية الأولى
-
كيف يخدم إطالة أمد الحرب والعنصرية المخططات الخارجية؟
-
انقلاب ٢٥ اكتوبر قفزة في جحيم الحرب
-
في شهرها التاسع عشر تزايد مجازر الحرب
-
الذكرى الستون لثورة أكتوبر 1964
-
كيف أثرت الحرب على أوضاع العاملين؟
-
أهداف وحصاد التدخل الدولي في السودان
-
حماية واستعادة كنوزنا الأثرية والثقافية
-
تقرير تقصي الحقايق عن جراثم الحرب في السودان
-
حرب مازالت تستهدف المواطن
-
الحرب وتفاقم الصراع حول الموارد
-
حديث البرهان إطالة لامد الحرب وتصعيد لوقفها
المزيد.....
-
-الذهب الأبيض- محل اهتمام الجزائر لتنويع الاقتصاد عبر استغلا
...
-
الأزمة السياسية تهدد الثقة بالاقتصاد في كوريا الجنوبية
-
تحديات كبيرة تواجه سوق الغاز الأوروبي مع انتهاء اتفاقية النق
...
-
وقع -ضحية نصب-.. العراق يدفع مليوني دولار يوميا لتركمانستان
...
-
أوروبا.. قواعد الشاحن الموحد للإلكترونيات تدخيل حيز التنفيذ
...
-
العراق.. استئناف الرحلات الجوية إلى لبنان في هذا الموعد
-
حقيقة أم خديعة.. ماذا وراء معجزة إيطاليا الاقتصادية؟
-
صادرات الغاز المسال الروسية ترتفع في 2024 بهذه النسبة
-
مصر.. نجاح التشغيل التجريبي لمشروع ازدواج قناة السويس
-
هاتف Samsung Galaxy A05s اقتصادي يجمع بين التصميم العصري وال
...
المزيد.....
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|