أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فيرمين رمضان - بوح الحياة: لا للكتابة الكولسترولية















المزيد.....


بوح الحياة: لا للكتابة الكولسترولية


فيرمين رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 8205 - 2024 / 12 / 28 - 10:13
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


«بوح الحياة»، عنوان مجموعة قصصية، صدرت للكاتب والقاصّ الكردي السوري، سربند حبيب، عن دار نوس هاوس للنشر والترجمة والأدب، تتوزّع على ستّ وثمانين قصّة من القصص القصيرة جداً، سردها بعيداً عن الكتابات الكولسترولية المليئة بالحشو والإطناب والإسهاب، التي تزرع السأم والملل في شخصية القارئ الحديث، نهلها من الطفولة وحكايات الجدّة ومخيّلته الكردية الجميلة.

اختار الكاتب السوري قصصه وأفكاره من الواقع ومن تجاربه المُعاشة، أي أن اللبنة الأساسية للقصص القصيرة هذه جاءت أقرب إلى الواقع العام، الذي يعيشه أغلب أبناء المجتمع السوري والكردي، لكن الكاتب أضاف إليها من روحه الكثير، لتصبح مفعمة بالحياة.

تكثيف عناصر السرد:
يقول الكاتب السوري عن «بوح الحياة» سردياً وفنّياً: «كون القصّة القصيرة جداً لا تحتمل السرد الطويل، اعتمدت في هذا العمل على تقنية التكثيف وضغط عناصر السرد داخل هذا القالب الأدبي الصغير جداً، وكذلك خاصية الحذف والإضمار لكسر رتابة الزمن وتجاوز النسق الخطّي، ولتسريع من وتيرة الأحداث من خلال تجاوز فترات زمنية دون الإشارة إلى الوقائع التي حدثت فيها».

وفي تصريح لوسائل الإعلام يؤكّد حبيب: «وللإثراء من المستوى الحكائي وظّفت تنويع الإيقاع الزمني والفكري، لتشكيل فسيفساء سردياً، يقوم على التفاعل بين مكوّنات القصّة الأساسية ضمن تشكيلها البنيوي، فثمّة مواضيع كثيرة يطرحه العمل ما بين الاجتماعي والسياسي والواقعي والوطني والتراثي والعجائبي».

في حمّى الواقعية السحرية:
هذا وتتّسم البنية الفنّية للقصص بالانسجام والتماسك، بين مختلف مكوّناته الزمكانية والأحداث والبناء اللغوي، الذي يعتمد على الرمز، وتختلف الأمكنة باختلاف القصص، لأن معظمها تنضوي في الفضاء الكلّي للمخيّلة الجمعية، فالأماكن في العمل لها أبعاد دلالية وفكرية متجاوزة دلالته الجغرافيا، لذلك لجأ الكاتب أحياناً إلى الواقعية السحرية ليشفي غليل قلمه.

ويوضّح القاصّ أن القصص تتنوّع بالصور والإسقاطات والرموز عبر رؤيته الذاتية، فأسقط أفكاره بفعل التخييل القصصي من الواقع، ولم يستطع الانفصال عنها، فهو الملهم لأيّ عمل فنّي، إذ ثمّة علاقة وثيقة ما بين الأدب والواقع، ومن هنا – حسب رأيه – يتجلّى «بوح الحياة» مشكّلة قصصاً تبحث عن قارئ نهِم يقرأ ما وراء الكلمة وبين ثنايا السطور العلاقة الجدلية لروح النصّ.

حكايات الجدّة:
ويردف: «لم أكن أدري بأن حكايات جدّتي ستكون بمثابة باب للولوج إلى عالم الأدب، فعندما كنّا صغاراً، وفي ليالي الشتاء الطويلة، كانت تنقطع الكهرباء كثيراً، فكانت جدّتي على ضوء الفوانيس تسرد لنا قصصاً من وحي خيالها، عن الإنس والجنّ وأبطال خرافيين، فننام على هسيس كلماتها، لتصبح تلك القصص جزءاً من ذاكرتي، فعندما تعلّمت الكتابة ولأول مرّة ترجمت إحدى قصصها من المخيّلة الكردية إلى اللغة العربية المكتوبة».

لماذا القصّة القصيرة جداً؟
وعن سبب اختياره للقصّة القصيرة جداً: «لقد انجذبت إلى هذا الجنس الأدبي؛ لخفّته وقصره وزخمه، فهو مؤهّل ليتماشى مع روح الإنسان المعاصر، الذي لم يعد يرغب في إرهاق نفسه، فهو يريد الوصول بسرعة بدون جهد عقلي، لذلك نرى بأن القصّة القصيرة قد تطوّرت إلى القصّة القصيرة جداً، وهذه الاستجابة طبيعية لما يقع من تحوّلات مجتمعية كبيرة، وكنتيجة حتمية لتطوّر العصر ووتيرة الحياة، التي تتّسم بإيقاع السرعة والتطوّر التكنولوجي الهائل، فهذا الجنس يتخلّص من شحوب الإطناب والزوائد اللفظية (الكتابة الكولسترولية)، التي تتخم ذائقة القارئ، الذي بات ينفر من كلّ ما يثير ملله وسأمه من الكتابات الطويلة، التي تتّصف بالبطء في إيقاعها، لذلك انصاع قلمي لهذا المولد الجديد في الساحة الأدبية، فواظبتُ على الكتابة».

مقتطف من الكتاب:
ونقرأ من الكتاب قصة عنوانها «سأظلُّ حماراً!»:
«كان يقضي يوم عطلته متأمّلاً, متباهياً الأحصنة في رقيها، يحتسي كأس نبيذه، يستمع إلى الموسيقى.
فجأة! يعتريه شعور غريب، يعضّ أصابعه ندماً؛ لعدم رقيه مثلهم، ينكمش، يتكوّر، ينتفض، يضحك من عمق أعماق العناء، يسربل لوعته في ضحكة بلهاء يخنقها البكاء والندم على ما مضى.
نهيق أحزانه يعانق لوعة الأيام التي كان فيها حماراً، يحسّ بوجوده، يصرّح بأن يتقاعد من عمله، يريد التجرّد من هويته.
فجأة! يُشدّ من عنقه، يستيقظ من حلمه المُقام على أنقاض حاله، فيصطدم بصاحبه، ويبقى على هيئته حِماراً».

هذا وغاصتِ المجموعة على قصص مقتضبة منوّعة من الحياة اليومية، أغلبها واقعية مشوبة بخيال الكاتب، سلّطت الضوء على معاناة الفرد أمام المجتمع القاسي والمستكين لقوالبه الجامدة والمتخلّفة وظلمه للإنسان، سواء بقوّة العادات والمفاهيم المتخلّفة، أو بقوّة السلطة الراسخة، والتي تسعى لإدامة قيودها. بعض القصص قامت بتصوير الذات الإنسانية في تشظّيها، سبرت عوالمها الداخلية وصراعاتها المشحونة عاطفياً بمشاهد تصويرية سريالية، لتستدرج القارئ للمشاركة في تخيّل الحدث وإتباع خيوطه المتعدّدة والمتشّعبة، وليصبح شريكه في الكتابة.

فاستخدم الإبهام، الغموض، الإثارة، المفارقة والترميز حاضرة وبقوّة في معظم القصص؛ ليثير تفكير القارئ، ويحثّه على التفكير، فينعش روحه، ويشعره باللذّة والمتعة.

كتبت معظم القصص بضمير الغائب، اتّسمت جملها بالإيجاز والبساطة في وظائفها السردية والحكائية، وابتعدت عن الإسهاب الوصفي، لأنها تهدف إلى إيصال رسائل مشفّرة مبطّنة بالانتقادات، ساخرة طافحة بالواقعية الدرامية المتأزّمة للحياة، التي تعجّها التناقضات والتفاوت الاجتماعي والانهيار الخلقي، وتنتقد النظام العالمي الجديد وظاهرة العولمة، التي جعلت من الإنسان معلباً في أقضية رقمية مقنّنة بالإنتاجية السريعة والاستهلاك المادّي الفظيع، وسلعة كاسدة لا أهمية لها.

والجدير ذكره، أن سربند حبيب، قاصّ وكاتب كردي سوري، من مواليد كوباني 1983م، تخرّج من كلية التربية قسم (معلم صفّ) بجامعة البعث في مدينة حمص، عمل في مجال التدريس للمرحلة الابتدائية، يكتب باللغة العربية قصصاً قصيرة جداً، وله كثير من مقالات رأي وقراءات أدبية وفنّية منشورة في كثير من المواقع الالكترونية والصحف العربية والكردية، يعمل كناشط إعلامي مدني في جمعية سبا الثقافية، ومؤسّس لموقع سبا الثقافي الإلكتروني.



#فيرمين_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوح الحياة: لا للكتابة الكولسترولية


المزيد.....




- ماذا قال النقاد عن الجزء الثاني من مسلسل -لعبة الحبار-؟
- وسط تصعيد أمريكي مرتقب.. إيران تعلن 2025 عاماً مفصلياً في مل ...
- ماذا قال وزير خارجية سوريا الجديد عن العلاقة مع مصر؟
- على تلة سان كريستوبال في بيرو.. الشامان يباركون زعماء العالم ...
- القيادة الجديدة بسوريا: نتطلع لبناء علاقات استراتيجية مع مصر ...
- -بعد جدل عاصف-.. مقابلة مع ماسك تطيح برئيسة قسم في صحيفة -في ...
- الرقابة العسكرية سمحت بالنشر.. -قناة 12- العبرية تنشر تفاصيل ...
- ضابط سابق من كييف: الأوكرانيون يعتبرون الدولة عدوا لهم بسبب ...
- -حماس- تطالب بإرسال مراقبين أمميين إلى مستشفيات غزة -لتفنيد ...
- المعارضة في مولدوفا تنتقد الحكومة بسبب الزيادة المتوقعة لأسع ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فيرمين رمضان - بوح الحياة: لا للكتابة الكولسترولية