تعليق بيت الزوجية وعدم إدخاله ضمن إحصاء التركة: مسودة دراسة للإشكاليات المحتملة

خالد خالص

الحوار المتمدن-العدد: 8204 - 2024 / 12 / 27 - 16:11
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    

ضمن مقترحات تعديل مدونة الأسرة، برزت فكرة تعليق بيت الزوجية وعدم إدخاله ضمن متروك أو إحصاء التركة، ليبقى غير خاضع لنظام الإرث إلا بعد وفاة الزوج الباقي على قيد الحياة. ورغم أن الهدف المعلن من هذا التعديل هو ضمان استقرار الزوجة الباقية على قيد الحياة، خاصة إذا كانت مسؤولة عن أطفال صغار، إلا أن هذا المقترح يطرح العديد من الإشكاليات القانونية والعملية التي تستوجب التمعن.
الإشكاليات المطروحة:
غياب بدائل في حالة بيت الزوجية الوحيد
إذا كان الهالك قد ترك فقط بيت الزوجية، والذي قد تكون قيمته السوقية مرتفعة جدًا (مثلاً 20 أو 30 مليون درهم)، ولم يترك أصولًا أخرى، وكان جميع أبنائه راشدين ولا يسكنون في المنزل، فما مصير البيت؟ هل ستُجبر الأرملة على الاستمرار في بيت يتطلب تكاليف صيانة باهظة؟ هذا الأمر مشاهد فعليًا في بعض المنازل الكبيرة بمدينة الرباط التي أصبحت مهملة بسبب عدم القدرة على صيانتها.
التفرقة بين الورثة في حالات التعدد
في حالة تعدد الزوجات، إذا ترك الزوج منزلًا ضخمًا تقيم فيه الزوجة الثانية وأبناؤها، بينما أبناء الزوجة الأولى يعيشون مع أمهم في منزل بسيط مستأجر، فكيف سيتم التعامل مع هذه الوضعية؟ وهل سيكون هناك إنصاف بين الورثة في توزيع الإرث؟
اختلاف الوضع المالي للزوجة عن باقي الورثة
إذا كانت الزوجة تمتلك أصولًا وعقارات تفوق ما تركه الزوج، فهل يحق لها الاحتفاظ ببيت الزوجية، خاصة إذا كانت حالة باقي الورثة المالية متواضعة؟
حق الأرملة في الاستغلال عند الزواج مجددًا
إذا قررت الأرملة الزواج مرة أخرى، فهل سيسقط حقها في استغلال بيت الزوجية؟ وإذا استمر هذا الحق، فما هو المبرر القانوني لذلك؟
وضع الآباء
هل سيتم حرمانهم من حقهم الشرعي في الإرث إرضاء للأرملة سواء بأبناء أو بدون ...وإذا كان الآباء أو أحدهم يعيش ببيت الهالك وأصبح استغلال هذا البيت بعد وفاة الابن من حق الأرملة فما هو مصير الام أو الاب أو هما معا ؟..
الموصى لهم بالثلث
يطرح هذا الأمر إشكالية قانونية وواقعية عندما يتم إقصاؤهم من الاستفادة من وصية شرعية، وذلك بحرمانهم من منزل الزوجية الذي تركه الهالك خصوصاً إذا كانت الأرملة شابة وهم متقدمون في السن.
هذا الوضع يثير تساؤلات حول مدى التوازن بين حقوق الموصى لهم من جهة، وحقوق الأرملة في الاستفادة من منزل الزوجية من جهة أخرى. فبينما تكفل الشريعة والقانون حقوق الموصى لهم، قد يؤدي التطبيق العملي إلى حرمانهم من مورد أو مأوى يضمن لهم الكرامة والاستقرار في مرحلة الشيخوخة، خصوصاً إذا كان المنزل هو المأوى الوحيد المتاح لهم.
من هنا، تظهر الحاجة إلى مقاربة متوازنة تأخذ بعين الاعتبار حقوق جميع الأطراف
الديون المترتبة على التركة
في حالة ترك الزوج ديونًا كبيرة ولم يكن هناك أصول غير بيت الزوجية لسدادها، هل سيتم استثناء الدائنين من حقوقهم في سبيل ضمان إقامة الأرملة في البيت؟ وإذا لم يكن لدى الهالك تأمين لتغطية الديون، فما هو الموقف القانوني من هذا الوضع؟
الإشكاليات العقارية والإدارية:
إضافة إلى النقاط السابقة، هناك أسئلة عملية تتعلق بوضعية العقار في السجل العقاري خلال فترة التعليق، مثل:
هل سيبقى العقار مسجلًا باسم الهالك؟
كيف سيتم التعامل مع الضرائب المترتبة على العقار خلال هذه الفترة؟
هل ستنشأ نزاعات جديدة بين الورثة بسبب هذا الوضع المعلق؟
تاريخ تطبيق النصوص الجديدة
هنا يطرح السؤال هل ستطبق النصوص التشريعية بطريقة فورية بمجرد نشرها بالجريدة الرسمية بأثر رجعي على العقود المبرمة قبل صدور المدونة الجديدة أم سنحترم الدستور وعدم رجعية القوانين ولن تطبق هذه النصوص إلا على العقود التي ستبرم مستقبلا بعد نشرها بالجريدة الرسمية ؟
خلاصة:
هذا المقترح رغم وجاهته في بعض الحالات، قد يؤدي إلى تعقيدات قانونية وإدارية غير مبررة، وسيجعل قانون مدونة الأسرة بحاجة إلى قوانين تفسيرية بمجرد صدوره. لذا، يجب صياغة النصوص التشريعية بطريقة واضحة تأخذ بعين الاعتبار مختلف الحالات الواقعية لتجنب خلق نزاعات جديدة وتعقيدات إجرائية.

#خالد_خالص (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات