|
أيديولوجيا الخطيئة والمقت السياسي - غافر
طلعت خيري
الحوار المتمدن-العدد: 8204 - 2024 / 12 / 27 - 10:42
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الراديكالية الدينية والتطرف اليميني والتحزب الطائفي ، والمصالح السياسية للأحزاب، والحريات الرغبوية التي تمارس تحت غطاء ديني، كلها تصد الفرد عن الإيمان بالله واليوم الأخر ، فالتيارات الدينية بكل مسمياتها مستفيدة سياسيا من اللاوعي والجهل المقدس في صناعة المقت السياسي ، ونقصد به استقطاب الفرد للإرادة السياسية الطائفية مذللين له المحرمات التي تنسجم مع أهوائه ورغباته الشخصية بفتوى دينية تاريخية تراثية مصدرها السلف ، وعلى الجهل المقدس تبني الأديان السياسية جيوثقافة إباحة المحرم كأيديولوجيا اعتقاديه تزيل العقوبة عن الخطيئة لوجود الشفيع الأخروي ، فالمقت السياسي تمارسه الطوائف للمقت بأبنائها وبأبناء غيرها ، مستغلة الجهل واللاوعي لزجهم في تنظيمات سياسية أو أنشطة استخباراتيه أو عمليات إرهابية ، وبالتالي، مصير المغرر بهم أما السجون وأما التصفيات الجسدية ، فمن أسباب تصدي التيارات الدينية السياسية الإيمان بالله واليوم الأخر لأنه يكشف زيف التبشير السياسي للخطيئة ، هدد التنزيل منكري البعث والنشور من عواقب المقت السياسي بالمجتمعات قائلا ، ان الذين كفروا ينادون لمقت الله اكبر من مقتكم أنفسكم ، أي اكبر من مقت شياطين الطوائف السياسية بعضها البعض ، اذ تدعون الى الإيمان فتكفرون ، وقد تدعم أيضا الأنظمة الدكتاتورية القمعية المقت السياسي للانفراد السلطوي
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ{10}
قرائنا الأسباب والدوافع السياسية التي دعت إليها التيارات الدينية للمقت بالمجتمعات ، وقرائنا أيضا كيف حذر التنزيل الأفراد من مقت الأحزاب الطائفية التي تستغل الجهل واللاوعي لمصالحها السياسية والاقتصادية ، ولكي يفكك التنزيل الولاء السياسي لمنظري الأديان السياسية ، اطلع الذين استقطبوا للمقت السياسي على المصير الأخروي ، للانتباه الى حالة التشرذم الذي سيمرون به بعد الاطلاع على ذنوبهم ، ورد فعلهم الاستفهامي في كيفية الخروج من المأزق الأخروي ، قالوا ربنا امتنا اثنتين،الميتة الأولى قبل الخلق والثانية بعدها ، وأحييتنا اثنتين الدنيا والآخرة ، فاعترفنا بذنوبنا فهل الى خروج من سبيل
قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ{11}
لو أمعنا النظر في العبارة الاخروية فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا، لوجدنا ان العمل السياسي للطوائف المتناحرة يتمحور حول الخطيئة ، مذلليها للشعوب تحت غطاء ديني ، فالمقت السياسي لا يقتصر على تسخير أبناء الطوائف الدينية للأهداف السياسية الدنيوية، إنما هو أيضا أسلوب شيطاني يصد الإفراد عن الإيمان بالله واليوم الأخر، فمن الأبعاد السياسية للتبشير الديني بالشريك ، لقوقعة المجتمعات ثقافيا حول أيديولوجيا الخطيئة السياسية المحمولة أو المتجاوز عنها بشفاعة الشفيع ، ذلك مما أعطى للشريك مع الله قدرا اكبر من قدر الله ، فلا يؤمنون به إلا إذا اقرن الشريك مع اسم الله ، كابن الله وبنات الله ، ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم ، وان يشرك به تؤمنوا ، فالحكم لله العلي الكبير
ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ{12}
سخرت الاعتقادات الشركية والوثنية والسياسية الظواهر الكونية والتأثيرات المناخية ،وما يرافقهما من تغير مادي يطرأ على النبات والحيوان والإنسان لصالح الشريك مع الله ، ناسبين له آيات الله ومسخراته وخاصة التي تتعلق بالرزق، كالسحب والبرق والرعد والمطر والمحاصيل الزراعية وتكاثر الثروة الحيوانية ، صحح الله الاعتقاد قائلا ، هو الذي يريكم آياته ، وليس الشريك مع الله ، وينزل لكم من السماء رزقا وما يتذكر إلا من ينيب
هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ رِزْقاً وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَن يُنِيبُ{13}
غالبا ما يرافق بعثة الأنبياء والرسل انشقاق جماهيري بين مؤيد ومعارض ، فالمؤيدين لا يدخلون في أي حوار معهم ، بينما المعارضين هم أكثر جدالا ورفضا للحق، دفاعا عن مصالحهم السياسية والاقتصادية المرتبطة بالأوثان والدين السياسي ، منهم الزعماء والرأسماليين والكهنة والمنتفعين من تجارة الشريك مع الله ، بينما أكثر الطبقات تضررا من الاستبداد الديني هم الفقراء والكادحين والمعدمين ، ولكن هم أكثر استجابة لقول الحق فما يستقطبه الرسل والأنبياء منهم ، يقع على عاتقهم حمل الدعوة ، وهنا إشارة من الله للمؤمنين من كافة الأديان والطوائف في مكة الى الجهر بالدعوة قال الله ، فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ، الإبعاد العقائدية من الدعوة الى الله للتميز والفرزنة بين المبشرين بخطيئة الشريك مع الله، وبين المخلصين لدين الله ، فمن مبادئ الدعوة الى الله ، الإخلاص له، والإيمان بالرسل والأنبياء ودعواتهم الموحدة للبعث والنشور الأخروي ، رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمرة على من يشاء من عباده( الأنبياء والرسل ) لينذر يوم التلاق، يوم القيامة سمي التلاق لأنه ملتقى لشركاء الله وشفعاء الله وأولياء الله مع أتباعهم ، فمن مميزات يوم التلاق هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء ، لمن الملك اليوم لله الواحد القهار ، ففي يوم التلاق تجزى كل نفس بما كسبت، لا ظلم اليوم ان الله سريع الحساب
فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ{14} رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ{15} يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ{16} الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ{17}
يوم الآزفة ليس يوم القيامة كما قال المفسرون ، إنما هي حالة من الانهيار المعنوي والجسدي يصيب الرافضين للبعث والنشور في يوم القيامة ، أزفت الآزفة ارتعدت القلوب معتليها الهلع والقلق والخوف من القادم لغياب الفاعلية الميدانية الاخروية للحميم والصديق والشفيع والشريك ، وانذرهم يوم الآزفة اذ القلوب لدى الحناجر وتعني تصاعد القلوب الى الحناجر على وتيرة واحدة من هول الموقف كاظمين كاتمين الغيظ ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، الله هو سيد الموقف الأخروي ، والله يقضي بالحق، والذين يدعون من دونه كابن الله وبنات الله وأبناء الله وأولياء الله وشفعاء الله لا يقضون بشي ، لغياب الشفيع والشريك ميدانيا عن المشهد الأخروي، ان الله هو السميع البصير
وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ{18} يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ{19} وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ{20}
#طلعت_خيري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ديالكتيكية التوبة والعقاب - غافر
-
انثروبولوجيا المجتمعات والحساب الأخروي - الزمر
-
كورنولوجيا الرأسمالية والمصير الأخروي - الزمر
-
الإسراف الرأسمالي والبعث والنشور - الزمر
-
فوبيا الوطأة وشفاعة شركاء الله - الزمر
-
راديكالية المتشاكسون على شركاء الله - الزمر
-
جيوبوليتيكية المهجر والردة عن الدين - الزمر
-
الدين الخالص وخرافة أولياء الله - الزمر
-
ميتاترون وخرافة الملأ الأعلى – ص
-
الباراسيكولوجيا وخرافة الملأ الأعلى – ص
-
التوتاليتارية الرأسمالية الدينية - ص
-
التوتاليتارية بين القضاء والزعامة الدينية - ص
-
التوتاليتارية بين الدين السياسي والتنزيل - ص
-
الديانة الإبراهيمية بين مكة وأمريكا – الصافات صفا
-
الاثنوغرافيا وتراثية الاعتقادات البشرية - الصافات صفا
-
إبراهيم بين الكسمولوجيا والأديان السياسية-الصافات صفا
-
الاسترولوجيا بين الرجعية والتقدمية- الصافات صفا
-
الاسترولوجيا وراديكالية اليمين – الصافات صفا
-
استرولوجيا الكوكب الشمسية – الصافات صفا
-
الكريبكائية المكية بين البراغماتية والإلحاد السياسي
المزيد.....
-
السعودية: 4 ملايين مصل ومعتمر في ليلة 29 رمضان بالمسجد الحرا
...
-
خطوات تنزيل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 TOYOUR EL – JAN
...
-
موعد صلاة عيد الفطر 2025 في العراق واهم المساجد التي يقام في
...
-
خطوات تنزيل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 TOYOUR EL – JAN
...
-
حرس الثورة الإسلامية والجيش يعلنان استعدادهما لمواجهة أي تهد
...
-
الفاتيكان يطمئن: -تحسن طفيف- في صحة البابا
-
الأمير محمد بن سلمان وعبد الفتاح البرهان يؤديان الصلاة في ال
...
-
الشرع: نسعى لإعادة بناء سوريا ولا يخفى على أحد مسؤولية الفتو
...
-
الرئيس الإماراتي يتصل بشيخ الأزهر بعد المرض المفاجئ
-
الرئيس السوري أحمد الشرع يلتقي وجهاء من الطائفة الشيعية
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|