أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سنية الحسيني - أيام صعبة تنتظرنا في الضفة















المزيد.....

أيام صعبة تنتظرنا في الضفة


سنية الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 8203 - 2024 / 12 / 26 - 16:17
المحور: القضية الفلسطينية
    


رغم أن تعقيدات المرحلة التي تعيشها الضفة الغربية اليوم لم تتبلور كنتيجة لهجوم السابع من أكتوبر من العام الماضي، إلا أن تتبعات ذلك الهجوم قد يساعد على تفاقمها. ورغم أن الاحتلال لم يخف أطماعه في ضم الضفة الغربية منذ اليوم الأول لاحتلالها في العام 1967، واتخاذه لاستراتيجية إدارة الصراع مع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة بعد توقيع إتفاق أوسلو للسلام في العام 1993 بما يضمن له الضم الزاحف للضفة الغربية، إلا أن وصول حكومة نتنياهو اليمينية الحالية لسدة الحكم نهاية عام 2022 دشنت مرحلة جديدة مع الفلسطينيين باتجاه حسم الصراع وضم الأراضي الفلسطينية دون مواربة، والتنكر لاستحقاق حق تقرير المصير للفلسطينيين وإقامة الدولة الفلسطينية فيها. إلا أن تبعات هجوم السابع من أكتوبر، وما كشفه الهجوم الإسرائيلي على غزة من دعم أميركي مطلق للاحتلال، وصمت دولي وإسلامي وعربي على جرائمه، وعجز التنظيم الأممي عن ممارسة دوره سواء في ردعه للاحتلال أو في إغاثته لشعب محتل أعزل يقبع تحت سلطة الاحتلال ويتعرض لإبادة جماعية أمام أنظار العالم، لا يجعلنا نتوقع الكثير في حال تفاقمت الأوضاع في الضفة الغربية. كما أن هجوم السابع من أكتوبر كشف مدى تغلغل أجهزة أمن ومخابرات الاحتلال في دول الجوار، الأمر الذي مكنها من نسج المؤامرات وارتكاب لجرائم اغتيال فيها، ما يجعلنا نقر بمدى امكانية تدخل وانخراط تلك الأجهزة في الأراضي الفلسطينية، التي تقع بالفعل تحت سيطرتها ومتابعتها الفعلية. ولعل أكبر أدلة على ذلك جرائم الاغتيال التي ارتكبت في لبنان وطالت المستوى الأعلى لقيادة حزب الله، وجريمة تفجير "البيجرات" والتي طالت آلاف العناصر للحزب، وجريمة إغتيال إسماعيل هنية في عقر دار الإيرانيين. كما أن الموقف الأميركي المثير للجدل، سواء في إدارة بايدن الراحلة، التي شجعت الاحتلال على مواصلة جرائمه وتحقيق أهدافه، أو ادارة ترامب القادمة، والتي لا تبشر بحقبة مزهرة للفلسطينيين. ويعول نتنياهو وأعضاء حكومته اليمينية على بدء حقبة ترامب لتنفيذ مخططاتها في ضم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، وبشكل يفوق ما عرضه ترامب خلال ادارته السابقة في صفقة القرن في العام 2020. وقد تشير تعينات ترامب لمساعديه في الملف الإسرائيلي الفلسطيني، وتصريحاته المثيرة للجدل، إلى أن الضفة الغربية تنتظرها أيام صعبة.

لم يخف الاحتلال أطماعه في ضم الضفة الغربية، منذ اليوم الأول لاحتلالها في العام 1967، وتدشين أول مستوطناته فيها، وقد ضم بالفعل القدس الشرقية في العام 1980، ويخضع مستوطنيه حالياً في الضفة الغربية للقانون الإسرائيلي، وتعمل حكومة الاحتلال حالياً على توسيع مثل تلك الإجراءات التي ترسخ حالة الضم. لم يمنع اتفاق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين في العام 1993 إسرائيل من مواصلة سياسة الضم، بل على العكس، وضع الاتفاق ليضمن تنفيذ تلك السياسة، عندما قسّم الأراضي الفلسطينية لثلاث شرائح، ووضع الشريحة الأكبر والتي تشمل ثلثي مساحة الضفة الغربية تحت سلطة الاحتلال الكاملة، الإدارية والمدنية والأمنية، وضَمِن تمدد الاستيطان والمستوطنين اليهود فيها، وقلص التواجد الفلسطيني فيها للحد الأدني، لدرجة بات عدد الفلسطينيين في تلك الشريحة من الأرض أقل من عدد المستوطنيين اليهود، دون أن يتخلى الاحتلال عن السيطرة والمتابعة الأمنية في باقي المناطق الأخرى.

نقل الاحتلال حوالي 100 ألف مستوطن إلى الضفة الغربية من دون القدس منذ احتلالها حتى توقيع إتفاق أوسلو، ومنذ توقيع ذلك الإتفاق حتى اليوم تخطى عدد المستوطنين فيها 500 ألف، وتعلن حكومة الاحتلال اليوم نيتها رفع العدد إلى 700 ألف مستوطن خلال السنوات الأربع القادمة، وفق استراتيجية ضم معلنة لأراضي الفلسطينيين. لم تخف حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة الحالية تبديل إستراتيجية عملها في الضفة الغربية منذ اليوم الأول لوصولها لسدة الحكم، والتي عكستها صراحة الإتفاقيات الائتلافية بين أركان هذه الحكومة. وقد يكون أهم ما يلفت النظر في تلك الإتفاقيات والممارسات التي انتهجها وزراء تلك الحكومة بعد ذلك، هو التركيز على المواطن الفلسطيني نفسه، وومن هنا تتضح الخطورة. كانت استراتيجية الضم السابقة للأراضي الفلسطينية تقوم خلال السنوات الماضية بالتركيز على التمدد الاستيطاني، وزيادة عدد المستوطنين، وتعتمد اليوم التحرك وفق ذلك الإطار ضمن منظومة أكبر وأسرع. بالإضافة إلى ذلك، ركز نتنياهو في حكوماته السابقة على الاحتفاظ بحالة الانقسام الفلسطيني، من خلال سياسات تم توجيهها لقطبي القيادة الفلسطينية في الضفة وغزة. إلا أن سياسة نتنياهو اليوم، والتي بدأت منذ صعود حكومته نهاية العام 2022، وتواصلت بقوة بعد هجوم السابع من أكتوبر من العام الماضي، باتت موجهة للمواطن الفلسطيني نفسه، بالإضافة لسياساته الموجهة لإضعاف القيادة الفلسطينية.

بعد وصول حكومة نتنياهو اليمينية الحالية للحكم، زادت نسبة الاستيلاء على أرضى الفلسطينيين، والتوغلات العسكرية والقتل والاعتقالات وهجمات المستوطنين على المدن والقرى الفلسطينية. وبلغت مساحات الأرض التي استولى عليها الاحتلال الاسرائيلي في العام 2023 وحده أكثر من 50 ألف دونم خمقارنة بحوالي 26 ألف دونم خلال العام 2022. ومنذ السابع من أكتوبر من العام الماضي، أعلن عن مصادرة حوالي أكثر من 24 ألف دونم كـ "أراضي دولة"، أي ما يقدر بحوالي نصف المساحة المعلنة كأراضي دولة منذ إتفاقات أوسلو. كما ارتفعت نسبة التعدي الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المصنفة منطقة "ب" في اتفاقية أوسلو، والتي تعود مسؤوليتها الإدارية للسلطة الفلسطينية، وباتت التعديات تتجاوز حدود تلك المنطقة المتقاطعة من منطقة "ج" إلى أعماقها. هذا بالإضافة إلى تشييد بؤر استيطانية جديدة في منطقة "أ"، التي تعود مسؤوليتها بالكاملة تحت اشراف السلطة. فالاحتلال لم يعد يكفي بمصادرة الأراضي المصنفة بـ منطقة "ج" في اتفاق أوسلو، والتي تشكل ثلثي الضفة الغربية، بل تمدد ذلك لاراضي الفلسطينيين المصنفة أ وب، والتي تحتضن الغالبية العظمى من الكثافة السكانية في الضفة الغربية.

في العام 2022، استشهد 171 فلسطينياً على يد قوات الاحتلال في الضفة الغربية وحدها، وهو العدد الأعلى منذ العام 2005، بينما حطم العام 2023 رقماً قياسياً من حيث عدد الشهداء، فاستشهد 317 فلسطينيا في الضفة قبل هجوم 7 أكتوبر، وبلغ العدد 527 شهيدا في نهاية ذلك العام، بينما وصل العدد اليوم في نهاية العام 2024 إلى 824 شهيداً. ووصل عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في نهاية العام 2022 في سجون الاحتلال إلى 4700 فلسطيني، وارتفع إلى 7 آلاف في نهاية العام الماضي، وتخطى 10 آلاف خلال العام الجاري. وتوسع كذلك نطاق وشدة حوادث عنف المستوطنين ضد السكان الفلسطينيين، فبينما سجل العام 2022 حوالي 1200 حالة اعتداء للمستوطنين، في إرتفاع ملحوظ في عدد تلك الاعتداءات عن السنوات الماضية، وثق العام 2023، وقبل هجوم السابع من أكتوبر أكثر من 1200 حادثة اعتداء، وتخطى عددها 2400 اعتداء حتى نهاية ذلك العام، مسجلاً رقماً قياسياً. ولم يكن العام الحالي أفضل حالاً من العام الماضي، في ظل دعم من قبل المؤسسة الرسمية.

لم يقبل نتنياهو منذ صعوده للسلطة عام 1996 بقيام دولة فلسطينية، وطالما ماطل في الحديث عن ذلك صراحة. وساعد نتنياهو ومكتبه ترامب في العام 2020 على وضع تفاصيل صفقة القرن التي تقوم على أساس الضم. وجرى طرح عروض إسرائيلية مختلفة لحدود ذلك الضم، منها ما طرح ضم منطقة الغور والأراضي التي ضمها السور العازل، بالإضافة إلى الكتل الاستيطانية الضخمة، ومنها ما اعتبر أن الضم يشمل منطقة ج باكملها أي ثلثي الضفة الغربية، التي حددتها إتفاقية أوسلو لتكون تحت السيطرة الاسرائيلية الكاملة، إلا أن ما يطرح اليوم يشير إلى ضم كامل للضفة الغربية، ومنع وجود أي تمثيل سياسي فلسطيني مستقبلي. ووصلت الطروحات اليوم إلى تحويل الضفة الغربية لتكون جزء من إسرائيل والغاء وجود السلطة الفلسطينية، ووضع المدن الفلسطينية كسلطات محلية مسؤولة عن نفسها تحت السيطرة الإسرائيلية، وتصبح فيها مكانة السكان مثل مكانة المقدسيين، الذين يعطيهم الاحتلال صفة مقيم، على أن يكون التوجه الوطني والثقافي والتعليمي كما كان قبل العام 1967 وفق النظام الأردني. وقد لفت عدد من الصحفيين الإسرائيليين النظر في مقالات عديدة نشرت مؤخرا إلى سياسة حكومة بلادهم تجاه إضعاف وتقويض مكانة السلطة الفلسطينية، بأساليب وأدوات عديدة. إن ذلك يفرض على الفلسطينيين مراعاة أعلى درجات الحيطة والحذر، في ظل وجود عدو له أهدافه المعلومة، وموجود على الأرض ويحقق اختراقا أمنيا واستخباريا متوقعا، فهل سينجح الفلسطينيون في إحباط مخططات العدو في الضفة؟



#سنية_الحسيني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترامب ومعضلات الشرق الأوسط
- ما لم ينجز بالحرب تريد إسرائيل فرضه بالاتفاقيات
- العدالة الدولية الغائبة: اعتقال نتنياهو هو الاختبار
- وقف الحرب في لبنان أكثر احتمالاً من غزة
- تفويض شعبي لترامب وسنوات عجاف للفلسطينيين
- هل ستؤثر إدارة ترامب على مسار حروب نتنياهو؟
- الهدف تصفية القضية الفلسطينية و«الأونروا» مجرّد خطوة
- رغم استشهاد السنوار لا تبدو نهاية الحرب قريبة
- ملاحظات على هامش الحرب الدائرة في الشرق الأوسط
- حدود الرد الإسرائيلي على إيران
- 7 أكتوبر بعد عام … واقع فلسطيني جديد يتبلور
- إلى أي مدى يستطيع الاحتلال شن حرب واسعه على لبنان؟
- هل تتراجع ألمانيا عن موقفها تجاه الحرب في أوكرانيا؟
- المناظرة بين هاريس وترامب: دون الضربة القاضية
- حرب في الضفة أيضاً بأبعاد أخطر
- حرب حقيقية في الضفة: نتنياهو يستكمل حروبه
- محور صلاح الدين مفجر المفاوضات
- هاريس والانتخابات والعرب
- مفاوضات الخميس: هل تغيرت المعطيات؟
- في انتظار الرد


المزيد.....




- قطار يمر وسط سوق ضيق في تايلاند..مصري يوثق أحد أخطر الأسواق ...
- باحثون يتكشفون أن -إكسير الحياة- قد يوجد في الزبادي!
- بانكوك.. إخلاء المؤسسات الحكومية بسبب آثار الزلزال
- الشرع ينحني أمام والده ويقبل يده مهنئا إياه بقدوم عيد الفطر ...
- وسقطت باريس أمام قوات روسيا في ساعات الفجر الأولى!
- الدفاعات الروسية تسقط 66 مسيرة أوكرانية جنوب غربي البلاد
- -يديعوت أحرنوت-: حان الوقت لحوار سري مع لبنان
- زعيم -طالبان-في خطبة العيد: الديمقراطية انتهت ولا حاجة للقوا ...
- الشرع: تشكيلة الحكومة السورية تبتعد عن المحاصصة وتذهب باتجاه ...
- ليبيا.. الآلاف يؤدون صلاة عيد الفطر بميدان الشهداء في طرابلس ...


المزيد.....

- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سنية الحسيني - أيام صعبة تنتظرنا في الضفة