|
متى يعيد الفلسطينيون أموال العراق؟
وحيد حسين
الحوار المتمدن-العدد: 1787 - 2007 / 1 / 6 - 09:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الشعب العراقي حاله حال بقية الشعوب العربية، لم يبخل على الشعب الفلسطيني ليس بالمال فحسب وإنما كثير من أبناء العراق قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل قضية فلسطين. كان هذا قبل قرصنة الديكتاتور النافق للسلطة في العراق وتسلطه على مقدرات العراق وتحويله الى مزرعة خاصة به وبأهالي "عوجته"، ورغم حالة العوز والفاقة التي عانى منها الشعب العراقي نتيجة سياسة السلب والنهب التي اتبعها صدام حسين وأزلامه في العراق، وكذلك بسبب الحروب المتكررة التي شنها صدام حسين على جيرانه، لم يبخل هذا الشعب الكريم على أشقائه الفلسطينيين، بل ان هذا الدعم أخذ في التصاعد متحولا من الجانب المالي الى جانب المشاركة الفعلية مع أبناء الشعب الفلسطيني في نضالهم العسكري والسياسي والإعلامي، من خلال مشاركة أعداد غفيرة من العراقيين في صفوف المقاومة الفلسطينية، حتى أن كثير من المواقع العسكرية كانت تضم بين جنباتها من العراقيين أكثر ماتضم من الفلسطينيين أنفسهم، وعلى الجبهة الإعلامية لم تُقصر الأقلام العراقية في الدفاع عن عدالة القضية الفلسطينية من خلال المنابر الإعلامية الفلسطينية والعربية وحتى الأجنبية التي استطاع الوصول اليها عدد لابأس به من الأقلام العراقية المرموقة.
هذا ماكان عليه موقف الشعب العراقي من قضيتنا الفلسطينية، في حين ان الديكتاتور النافق عمل ومنذ كان نائبا للرئيس على شق صفوف منظمة التحرير الفلسطينية، والعمل على تحويل عددا من قيادات الشعب الفلسطيني الى قتلة مأجورين – أبو نضال البنا مثالا- قتلوا العديد من أبناء شعبهم، وعندما سرق صدام حسين السلطة بعد أن قتل رفاقه وأقرب المقربين اليه لم يتذكر اطلاقا ان هناك بلدا عربية محتلا اسمه فلسطين وشعبا بائسا مشردا اسمه الشعب الفلسطيني، بل عمد الى شن حرب على جارته ايران، هذه الحرب التي استمرت لثماني سنوات وكان من نتيجتها مقتل أكثر من مليون عراقي وامتصاص جل خيرات العراق المادية.
بعد هذه الحرب أيضا لم يتذكر صدام حسين فلسطين وانما تذكر جارته الصغيرة دولة الكويت التي دعمته بكل ماتملك أثناء الحرب مع ايران، ليغزوها في ليلة ظلماء ويقتل أبنائها ويستبيح حرماتها وينهب أموالها، ولكن العالم كله كان هذه المرة بالمرصاد لهذا الطاغية وتم تشكيل تحالف دولي عريض بقيادة الولايات المتحدة لتحرير الكويت. في هذه المرحلة أحس هذا الطاغية بالخطر المحدق به فلم يكن منه إلا أن ينادي ويصيح ويهلل للدين وهو الذي لاعلاقة له بأي دين، ولفلسطين وهو الذي لم يكن به خير لأهله، ولكن ولعلمه بوقع النداء الديني وتحرير فلسطين على أفئدة العرب أطلق لنفسه لقب القائد المؤمن وأضاف عبارة الله أكبر للعلم العراقي وبدأ حملة "ايمانية" كان من نتيجتها اعدام الكثير من المعارضين والمعارضات وتشويه سمعة من تمكن منهم من الفرار، ومن ناحية أخرى أصبح يبدأ خطاباته وكل مايصدر عنه بآيات من القرآن ويختمها بتحية فلسطين والدعوة لتحريرها.
اذن صدام حسين لم يتذكر فلسطين إلا حين احتاجها لتكون سياجا له يحميه في مصيبته التي أوقع نفسه بها، وأعجب صدام حسين كثيرا بهذا السحر المسمى فلسطين حتى وصلت به الحال الى منح هبات مالية كبيرة لعائلات الشهداء والجرحى الفلسطينيين الذين استلموها للأسف رغم علمهم بحال الشعب العراقي ومايعانيه من ضيق ذات اليد في ظل حصار دولي شامل كان سببه صدام حسين، وهو ماشجع الكثير من الفلسطينيين على شن عمليات ارهابية لم يكن من نتيجتها إلا إفساد عملية السلام ومزيدا من المعاناة الفلسطينية.
هذه الأموال التي سرقها صدام حسين كان أبناء العراق ومازالوا أكثر استحقاقا لها، فقد سرقها صدام حسين من كد وعرق العراقيين، ومن حليب أطفالهم وإعانات شيوخهم ومستحقات موظفيهم ومن خيرات بلدهم وهو البلد الذي سطى عليه صدام حسين وشلته البائدة.
كان علينا نحن الفلسطينيون أن نرفض استلام هذه الأموال لأنها ليست من حقنا لا شرعا ولاقانونا ولا بأي عرف كان، ولكن وقد استلمنا هذه الأموال فإننا شوهنا صورة نضالنا وأصبحنا مرتزقة نلهث خلف أموال لا حق لنا بها، وليس هذا وحسب بل اننا طعنَا الأصحاب الشرعيين لهذه الأموال في ظهورهم وقلوبهم وأكدنا ارتزاقيتنا حين فتحنا بيوت العزاء وسيَرنا المظاهرات واصدرنا البيانات ودبجنا المقالات حزنا على الديكتاتور النافق الذي سرق وزمرته العراق لأكثر من أربعين عاما، بعد أن قتل وشرد أكثر من ربع الشعب العراقي وجوع وأذل ماتبقى من العراقيين.
صورة الإرتزاق ستظل ملاصقة لنا مادمنا نصر على موقفنا في الحزن على ديكتاتور نافق أذاق شعبه من العذاب مالم يذقه شعب آخر على هذه الأرض، ولن تتغير هذه الصورة إلا بطلب الصفح من أبناء العراق عن مواقفنا المشينة، وإعادة أموال العراق الى العراقيين أصحابها الشرعيين وحينها من المؤكد أن أبناء العراق وبما عُرف عنهم من عطاء وتضحية تجاه القضية الفلسطينية، فإنهم سيقدموا تلك الأموال وأكثر منها بكثير الى الفلسطينيين عن طيب خاطر.
#وحيد_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا
...
-
جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
-
زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
-
كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
-
مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
-
ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
-
مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
-
جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|