|
الأسد المحاصر والدّرس العراقي وجريمة قتل صدّام
فهد الأرغا المصري
الحوار المتمدن-العدد: 1787 - 2007 / 1 / 6 - 09:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بلقنة الشّرق (الأوسط الجديد) ضرورة للأمن القومي الإسرائيلي ـ1 ـ
مع جريمة قتل الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين دخل الشرق المشتعل المحترق الذي يسمونه بالشرق الأوسط (الجديد) المرحلة الجديدة للمخطط التفتيتي الدموي والمريع للمنطقة مع بداية عام جديد أغلب الظن أنه سيكون حافلاً بالجرائم والدماء رغم أني أحاول دائماً أن أكون متفائلاً إلا أني أجد نفسي في غالب الأحيان متشائلاً بيد أن قتل الرئيس العراقي جعل مني مجبراً متشائماً .!
لم أكن يوماً من المدافعين عن أي نظام كان وبشكل خاص الأنظمة العربية التي أذاقت شعوبها الأمرّين وبالتالي لم أكن من أنصار صدام حسين أو غيره ولم أكن من اللذين عاشوا لسنوات طوال على موائد النظام العراقي ( وما أكثرهم من عرب باريس الذين سارعوا مع قطع المعونة المالية عنهم نتيجة الحصار المضروب على العراق أو بعد سقوط نظام بغداد فشهروا خناجرهم وأقلامهم في نقد وانتقاد الديكتاتور و لم أجد واحداً منهم كان وفياً لولي نعمته باستثناء رجل واحد أصبح باريسياً وعائلته مكرهاً وظل وفياً لما آمن به) لست هنا للمديح أو الإطراء بصدام وإنجازاته أو استعراض الانتهاكات التي مارسها نظامه ، لكن مرحلة صدام وما بعده تستحق الدراسة وبعناية و تأطيرها بعناية في شكلها الصحيح من الباحثين والمؤرخين إلا أن ما يعنيني هنا هو درس محاكمته الصورية وجريمة قتله مع أول أيام العيد الأضحى ورأس السنة الميلادية لأن هذا الدرس يستحق التوقف والتأمل واستخلاص العبر من الدرس العراقي ! ـ 2 ـ
في واحدة من أمّهات كتب التاريخ جاء أن الإسكندر المقدوني وفي أوج انتصاراته في إحدى حملاته العسكرية الكبرى لتوسيع إمبراطوريته في بلاد الرافدين وبلاد الفرس ألقى جنوده القبض على الأمراء والولاة هناك و كاد الاسكندر أن يصدر قراره بقتلهم جميعاً بغية التخلص منهم دفعة واحدة إلا أن الحكمة التي تلقنها على يد أرسطو دفعت به أن يوفد رسولاً إلى معلمه ينبئه بما يجول في خاطره ويطلب المشورة والنصيحة .وجاءه بيان أرسطو محذراً : إياك أن تقتلهم فإن قتلتهم جاءك النذّل والوضّع !!!!! بل ولّهم وباعد بينهم !! شتان مابين الاسكندر المقدوني والرئيس الأمريكي وشتان مابين أرسطو وصقور البنتاغون مع اعتذار من الاسكندر القائد العسكري الفذ والمغوار على هذه المقاربة لكن في بغداد توقف التاريخ العربي وسقط الفارس من على صهوة جواده لكنه بقي رجلاً .
ـ3ـ كان الجنرال شارل دو غول ينصح قادة جيوش بلاده بالتمعن والنظر في الخريطة قبل اتخاذ أي قرار وحتماً لم يسمع البيت الأبيض والبنتاغون بمثل هذه النصيحة فكانوا وجنودهم كالباحث عن حتفه بظلفه وتحول العراق مع احتلاله إلى فيتنام ثانية مقبرة للغزاة ، فقد ذهب الأمريكان لكن فيتنام بقيت وكذلك شعب فيتنام .
ومع جريمة قتل صدام رمى الرئيس الأمريكي بكتلة من نار في الهشيم وارتكب خطأ سياسياً وتاريخياً لن يغتفر على الأقل هذا ما ستبرهنه الأيام بسواعد المقاومة العراقية والوطنيين العراقيين .
قتل الرئيس العراقي جريمة لأن أغبى الناس في القانون وفي السياسة أصبح متأكداً بأن قرار إعدام صدام لا علاقة له بالقانون بل محاكمة سياسية ولأهداف أمريكية ووجّه درس المحاكمة الصورية هذا لطمة لوجه العدالة والقانون وحتى الأخلاق فليس من العدل والقانون ولا الإنسانية ولا الأخلاق عدم إعطاء فرصة لفريق الدفاع بالاستئناف القانوني لحكم الإعدام وتم إقرار الحكم مع أول أيام العيد وكأن السيد بوش أراد أن يقول للشعب العراقي وللشعوب العربية وللحكام العرب هاكم خروف العيد ( وجميعنا نعرف قصة الأضحية وما تحمله من دلالات) للاستهزاء برمز سيادي وهو منصب رئاسة الجمهورية لدولة عربية بعد استعراض مسرحي سخيف للإذلال العربي عبر مسلسل المحاكمة التي تناقلتها بشغف وولع الفضائيات وثانياً الاستهزاء من العرب والمسلمين كافة بتنفيذ حكم الإعدام أول أيام العيد ومن المعلوم قانوناً أن أحكام الإعدام لا تنفذ أيام العطل الرسمية والأعياد وخلال الأشهر الحرام وأراد صاحب القرار أيضاً إشعال الفتنة الطائفية وإذكائها وهذا ما برهنته الشعارات التي رددت خلال تنفيذ جريمة الإعدام والتي أريد لها الانتشار الإعلامي والالكتروني لإذكاء ثقافة العنف والكراهية والاقتتال الطائفي والمذهبي في العراق ( هيه .. هيه عالمرجلة ..) ومات صدام رجلاً وتكأكأت الحكومات العربية لكن موقف العقيد القذافي يسجل في تاريخه وتاريخ الشعب الليبي .
ـ4ـ
يكاد يكون المثل الشامي القائل (إن حلق جارك بل ذقنك) لسان حال رسالة واضحة من الرئيس الأمريكي للرئيس السوري أولاً وغيره ثانياً بعد إعدام صدام ومع تزامن هذه الرسالة مع دعوة البيك التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لاغتيال الرئيس السوري .
الرئيس الشاب المحاصر ونظامه في قفص الاتهام منذ جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري والاتهام دائماً وبشكل أوتوماتيكي يوجه لأصحاب السوابق وسبب هذا الاتهام وجبال السباب وسيول الشتائم التي تلحق بنظامه وبالسوريين عامة من شريحة واسعة من اللبنانيين يسأل عنها بالطبع من أساء للبنان وشعبه من أقطاب النظام السوري السابق وكذلك اللاحق به ومنهم على وجه الخصوص السيد عبد الحليم خدام ("الديمقراطي المعارض" حالياً !!؟ 20 عاماً المسؤول الأول عن ملف لبنان) ورغم أني أميل إلى الاعتقاد بعدم مسؤولية الرئيس السوري شخصياً عن عملية اغتيال الحريري ومن لحق به لأسباب منطقية وكثيرة لكننا نجد السيد خدام ومنذ إعلانه الانشقاق عن النظام الذي ساهم في صنعه مصمم على التركيز على مسؤولية الرئيس الأسد والاتكال على نتائج التحقيق والمحكمة الدولية من أجل التغيير في سورية (على طريقته).
بعد اغتيال الرئيس الحريري يحضرني مشهد رأيته عبر شاشات الفضائيات ومنها الفضائية التي يمتلكها الرئيس المغدور وهو مشهد تقديم خدّام التعازي في بيروت في دار الحريري وكان خدام حينها المسؤول السوري الوحيد (رغم قوله إنه لا يستشار ولا يؤخذ برأيه من الرئيس بشار الأسد ـ أي مجمّد على الرف ) الذي تجرأ و قام بذلك أمام سيول الاتهام لسورية وشتيمة السوريين من أخوتهم اللبنانيين والتعرض للعديد من العمال السوريين العاملين في لبنان وكان أول ما تبادر حينها في ذهني المثل المصري القائل :( يقتل القتيل ويمشي بجنازته ـ الحرامي الشاطر يسكن فوق قسم الشرطة) وكلما صرح خدام بمسؤولية الرئيس السوري عن الجريمة كلما رسخت في ذهني فرضية عدم مسؤولية الأخير وأن ما يقدم عليه خدام هو جزء من مؤامرة تحاك ضد سورية ولبنان مع رشّة بهارات إسلامية (تحالفه مع الأخوان المسلمين ) واحتمال إضافة رفعت الأسد للطبخة ومع اعتقادي أيضاً أن التحقيق والمحكمة الدولية ستجرّم الرئيس السوري وغيره بقتل الحريري وسيتم إلباس طربوش قتل الحريري برأس الأسد قسراً سواء أكان ذلك صحيحاً أم لا لأنه و ببساطة مسلسل لإخضاع المنطقة وتفتيتها وبلقنتها إلى دويلات منزوعة القوة والكرامة والسلاح ولأسباب كثيرة تشكل أولوية في الأمن القومي الإسرائيلي في الأجندة الأمريكية ( الملف اللبناني وحزب الله ـ الملف العراقي ـ الملف الإيراني النووي وتعاظم القوة العسكرية الإيرانية ـ ملف التحالف الاستراتيجي بين سورية وإيران ـ ملف الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق ) وبالتالي سيحكمنا من تحدث عنهم أرسطو لحكم الدويلات من النذّل والوضّع والذين قال عنهم الراحل الكبير المصباح الغفري أن لهم صفات الماء العذب لا لون ولا طعم ولا رائحة أناس بلا تاريخ لإعادة كتابة التاريخ والكاتب هذه المرة من" أبناء العمومة".
#فهد_الأرغا_المصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق
...
-
محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا
...
-
ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة،
...
-
الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا
...
-
قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك
...
-
روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
-
بيع لحوم الحمير في ليبيا
-
توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب
...
-
بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
-
هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|