أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محفوظ بجاوي - أجيال معلقة بين الوهم والواقع : كيف نكسر دائرة الجهل ونواجه التطرف ؟














المزيد.....


أجيال معلقة بين الوهم والواقع : كيف نكسر دائرة الجهل ونواجه التطرف ؟


محفوظ بجاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8199 - 2024 / 12 / 22 - 15:04
المحور: المجتمع المدني
    


للأسف، ما نشهده اليوم هو نتيجة لعملية تجهيل ممنهجة أفرزت أجيالاً تائهة بلا رؤية أو وعي حقيقي. أجيال تعيش في فراغ معرفي عميق، حيث غابت أسس التفكير النقدي والتحليل العلمي، وحل محلها الجهل المبرمج الذي جعلها عاجزة عن إدراك هويتها أو دورها في العالم. الخوف والتبعية أصبحا السمة الغالبة، والطموح تحول إلى مجرد أمل مؤجل لما بعد الموت.

هذه الأجيال فقدت آمالها في مواجهة الواقع، وذابت طموحاتها في أدعية تردد صباحاً ومساءً، كأنها تعويض عن عجزها أمام واقع لم تستطع تغييره. لم يعد لديها قدرة على الفهم العميق للعلم أو الحداثة، بل تمسكت بأوهامها وأصبحت حياتها أسيرة لتكرار نفس الطقوس والمعتقدات التي لم تغير شيئًا. زادها تمسكًا بتلك الأوهام واقعها الجامد؛ فلا دعاؤها بدل حالها، ولا محاولاتها للتغيير أحدثت فرقًا.

إن هذا الواقع لم يكن وليد الصدفة، بل هو نتيجة تخطيط منهجي أفرغ التعليم والثقافة من محتواهما، مما جعلهم يعيشون في دائرة مغلقة من الوهم والعجز. أجيال تشبه كيانات معلقة بين الحياة والموت، لا تفرق بين العلم والجهل، ولا بين النهوض والسقوط. الحداثة والرقي أصبحت مجرد شعارات مستوردة، ولا يتحقق التقدم إلا من خلال بناء وعي جماعي واستثمار حقيقي في العقول القادرة على التفكير والابتكار.

رسالتي هذه موجهة إلى أهلي في الجزائر وكل شباب شمال إفريقيا والشرق الأوسط، شباب أمتنا الذين يقفون اليوم أمام مفترق طرق. يجب أن ندرك أن التغيير يبدأ بفهم عميق للواقع وبالتحرر من التفسيرات الدينية المفرطة التي تعزلنا عن العالم وتدفع البعض إلى التطرف. ليس التدين مشكلة في حد ذاته، لكن الإفراط فيه دون إدراك لمعانيه الحقيقية أو مكانته في حياة الإنسان قد يقود إلى الكراهية والعداء والتطرف الذي يهدد مجتمعاتنا ويضعف فرص تقدمها.

ولمواجهة هذا الواقع، يجب التركيز على نشر ثقافة التفكير النقدي والتحليل العلمي التي تعين الأجيال على فهم النصوص الدينية بعيدًا عن التفسيرات المتشددة. كما أن التعليم بحاجة إلى إعادة بناء شامل، بحيث يحتوي على مناهج تحفز العقل على التفكير الحر وتغرس قيم التعايش والتسامح والانفتاح. بالإضافة إلى ذلك، من الضروري تعزيز ثقافة القراءة والاطلاع على علوم وفلسفات مختلفة، ما يساعد على خلق مجتمع متنوع فكريًا وقادر على استيعاب التحديات المعاصرة. يجب كذلك فتح مساحات للنقاش المجتمعي الحر حول القضايا الدينية والاجتماعية، دون خوف من الوصم أو التهميش، لإعادة صياغة خطاب ديني عقلاني يقوم على الأخلاق والعمل الصالح وخدمة المجتمع بدلاً من التركيز على الشكل والمظاهر.

ويبقى السؤال المؤلم: هل يمكن أن نعود يومًا إلى بناء أجيال تعي معنى الإنسانية والتقدم، أم أننا أصبحنا أسرى لواقع يرفض التحضر ويغرق في ظلام الجهل؟ الوقت لم يفت بعد، لكن البداية تحتاج إلى شجاعة لمواجهة الواقع والعمل الجاد على تغييره.



#محفوظ_بجاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السويد : نموذج للرفاهية والتنمية المستدامة
- تراكم الجهل المتنوع : تفشي يصعب التخلص منه
- المطر ظاهرة طبيعية: كيف يتم تفسيرها بشكل خاطىء لأغراض سياسية ...
- المثقف بين مسؤولية الفكر وإغراء الحياة
- التحديات الفلسفية في حاضرنا المعاصر
- الحرية والمسؤولية : جدلية الفلسفة الحديثة
- وهم التفوق الذكوري : بين تأثير الموروث الثقافي وضرورة التغيي ...
- رأي شخصي حول العلمانية الديمقراطية كسبيل للوحدة والتعايش في ...
- الخوف المصطنع : لعبة الأنظمة بين الإسلاميين والإستبداد...
- الهوية بين الأرض والدين: كيف شكّل الإستعمار العقائدي معالم ا ...
- التحرر الحقيقي والمصالحة مع الذات الوطنية


المزيد.....




- غانتس: نتنياهو يخرّب مفاوضات صفقة تبادل الأسرى من جديد
- إعدام 82 تاجر مخدرات في العراق
- جسد مشلول وقلب مكسور: حكاية نور بين أنفاس الحياة والموت
- ذوو معتقلين شاهدوهم يخرجون من سجون الأسد ولم يجدوهم
- يديعوت أحرونوت: صفقة الأسرى ربما لا تتم قبل نهاية ولاية بايد ...
- متورطون بقمع وتعذيب المعتقلين.. ضباط من قوات النظام السوري ا ...
- فيديو.. لحظة اعتقال منفد هجوم -أعياد الميلاد- في ألمانيا
- ألمانيا.. دعوات لترحيل جماعي للمهاجرين على خلفية مأساة ماغدي ...
- السعودية تنفذ الإعدام بمواطنين بتهمة خيانة وطنهما وحرّضا آخر ...
- هجوم ماغديبورغ: مذكرة اعتقال وتهم بالقتل موجهة للمشتبه به


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محفوظ بجاوي - أجيال معلقة بين الوهم والواقع : كيف نكسر دائرة الجهل ونواجه التطرف ؟