عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي
الحوار المتمدن-العدد: 8199 - 2024 / 12 / 22 - 02:08
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
لوقت ما توهم كثيرون منّا، وأنا واحد من المتوهمين، أن صراع روسيا والمحور الشرقي مع أمريكا ومعسكرها الغربي، بما يؤدي إلى نظام دولي متعدد الأقطاب، سيتيح لبلدان العالم الأخرى التي تعاني من لا عدل الغرب، سيتيح لها مجالا للمناورة ما بين القطبين.
لكن تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط منذ السابع من أوكتوبر 2023 حتى الثامن من ديسمبر 2024, بددت تلك الأوهام، وأتاحت صفقة پوتين - ترامپ بتسليم سوريا إلى عصابات الأرهاب، بهدف تصفية المقاومة العربية في فلسطين ولبنان وتحقيق وعد ترامپ بتوسيع الكيان الصهيوني الغاصب على حساب البلدان العربية، أتاحت فرصة تذكر أن التناقضات بين الرأسماليات الكبرى غربية وشرقية، لن يتيح للبلدان المستغلة التحرر من قيود التعامل غير العادل.
فالتجربة التأريخية تؤكّد أن تناقضات أطراف الرأسمالية المتوحشة مهما بلغت من الحدة والاحتراب، ومهما أريق فيها من دماء، ومهما كلفت من دمار وخسائر، ومهما داست على كرامة الأنسان، كانت تنتهي دائما بصفقات اعادة تقسيم الغنائم بين مراكز القوى القوى العالمية، على حساب شعوب البلدان المختلفة وحريتها وسيادتها، وقبل كل شيء على حساب فرص تطورها ورخائها، بما يبقيها تحت وطأة التوحش الرأسمالي، تابعة فقيرة مسلوبة الإرادة.
لا تعويل على نظام متعدد الأقطاب، لا تعويل على روسيا پوتين ولا على الصين التي تتستر بأسم الشيوعية وتعتمد نظاما رأسماليا متوحشا لا يختلف عن أنظمة النظام الرأسمالي الغربي، سوى بخلوه من مظاهر الديمقراطية الزائفة المعتمدة في الغرب.
تبدد الأوهام بشأن المزايا المتخيلة لنظام تعددية الأقطاب، خطوة أولى مهمة في مسار رؤية الواقع كما هو، لكنها لا تجيب على أسئلة حارقة تتعلق بسبل تحرر بلدان العالم من علاقات اللا التكافؤ التي تتمسك بها بلدان الرأسمالية المتوحشة، لأبقاء العالم منقسما بين بلدان تديرها نخب التوحش الرأسمالي تحتكر نخبها إمكانيات التحكم بالعالم كله من خلال احتكار التكنولوجيا وأنظمة الذكاء الإصطناعي، والتلاعب ببورصات المال، عبر سيادة عملتي الدولار واليورو، وعبر عمليات التجسس والتآمر على البلدان الأخرى، وحتى التدخل العسكري فيها واحتلالها، وبين باقي بلدان العالم الأخرى التي عليها الأنصياع لمراكز رأسالمال العالمي، والخضوع لنتائج احتراب أطرافه الغربية والشرقية، أو لتوافقاتها بشأن أعادة تقسيم مناطق النفوذ، كما جرى مؤخرا في صفقة پوتين - ترامپ، القائمة على مقايضة الدونباس بدمشق.
#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟