أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - سعدي السعدي - بابل مدينة الأسر - الجزء الثاني - أسوار مدينة بابل















المزيد.....


بابل مدينة الأسر - الجزء الثاني - أسوار مدينة بابل


سعدي السعدي
(سْïي عوçï الَْïي)


الحوار المتمدن-العدد: 8198 - 2024 / 12 / 21 - 22:14
المحور: قضايا ثقافية
    


ملاحظة: الموضوع هو عبارة عن كتاب بنفس الاسم من تأليف غوستاف بلومبيري - كتب بتاريخ نيسان 1941 - وقمت بترجمته عن السويدية

الجزء الثاني: أسوار مدينة بابل
الفصل الثاني: أسوار مدينة بابل
(هكذا قال ربّ الجنود إن أسوار بابل العريضة تدّمر تدميراً وأبوابها الشامخة تحرق بالنار فتتعب الشعوب للباطل والقبائل للنّار حتى تعيا.) (ارميا 51:58).
بعد أن ألقينا نظرة عامة على خرائب مدينة بابل، ندخل الآن إليها محاولين تلمس الحياة فيها عن قرب. أول ما أتجه إليه اهتمامنا هو أسوار المدينة. إنّ أسواراً هائلةً وقويةً كهذه تكشف بوضوح أية مدينة كانت بل، وأي نفوذ كانت تتمتع به. فبقسوة لا تعرف الرحمة طافت جيوش المملكة حول العالم، وسيقت الشعوب أمامها إلى الحقول. لقد حاول الأسرى والمستعبّدون الانتفاض، حاولوا استعادة حريتهم، لكن محاولاتهم باءت بالفشل ... ربما كانوا قد نجحوا في الوصول الى عاصمة الملك وذلك ما كانت بابل تعيه، لذلك فأنها كانت محصنة وجاهزة للدفاع عن نفسها.
كانت المدينة مجهزة بشكل جيد للحرب، تنتصب حولها أسوار منيعة، وليس من السهل إطلاقاً الزحف اليها ودخولها في هجوم معاد.
خلال تجوالنا في المدينة لاحظنا خطين دفاعيين حول المدينة وكأنهما حزامان يطوّقانها، وهما سورا المدينة الخارجي والداخلي، مع ذلك فقد ذهبت، كما تنبأ الرّسل: (كان لهم أن يهووا).
ويستطيع المرء أن يميّز امتداد هذين السورين ... قمّم رشيقة منتصبة كمسامير فوق لحاف الرمال، نباتات صحراوية متناثرة هنا وهناك فوق هذه القمم التي عاشت تحتها أغنى وأعظم الدول.
لقد انهارت الأجزاء العليا من هذه الأسوار نتيجة العوامل الطبيعية، إلاّ أن هذه الأجزاء المنهارة شكلت بدورها درعاً وعامل حماية للأجزاء السفلى من هذه الأسوار التي استطاعت الصمود، ثم اكتشفت إثناء عمليات التنقيب حيث جرى فحصها ومن ثم رسمها وتثبيتها على الخرائط.
بنيت هذه الأسوار من مادة الآجر المجفف تحت الشمس، بقياس 33-34 سنتمتر مربع وبسمك 8-12 سنتمتر مربع كمعدل. وأستخدم الطين كمادة ربط بين قوالب الآجر. وعند الانتهاء من بناء 8 أو 10 طبقات غطيت المساحة بطبقة رقيقة من الحصران المصنوعة من قصب السكر وكمادة لاصقة أستخدم الطين أيضاً.
لقد عملت القوى الطبيعية كالرياح والأمطار دورها في تدمير هذه الأسوار. فعندما تنهمر الأمطار وتهب الرياح بقوة ووحشية تتسرب مياه الأمطار عميقاً في هذه الأسوار وتجرف معها الطين من داخل جسم السور لتنقله وتكوّمه أسفل السور وعلى جانبيه، وهي الأجزاء المدفونة تحت الطين. ثم جاء دور الرياح الصحراوية التي لم تكن تكلّ أو تتعب في نخر وأتلاف الأجزاء السفلي من الأسوار التي حفرت أكثر فأكثر، وأصبحت ضعيفة فانهارت. وهكذا تحمي الأجزاء المنهارة من السور أجزاءه الباقية، حتى استطاع علماء الآثار بعد آلاف السنين حفر واكتشاف تلك الأجزاء المتبقية من أسوار المدينة، ووضعوا لنا، كيف كانت تلك الأسوار تبدوا للناظر يوماً ما.
يعتبر السور الخارجي يعتبر هذا السور أول عائق أمام هجوم الأعداء المتقدم، وأول ملجأ للسكان الفارين أمام هذه الهجمات أو القاطنين خلف السور.
أماّ السور الداخلي، فقد بني بطريقة يصعب معها على العدو التغلب على الحواجز التي ارتفعت لصّد غزواته المستمرة، ويأتي دور هذا السور بعد فشل العوائق الأولى، وبفرض أن العدو قد تجاوزها.
إذن، كيف كان يبدو سور المدينة الداخلي؟
أولاً وقبل كل شئ يعاق الهجوم وتقدم العدو بواسطة خندق مائي عميق بعرض 80 متراً، إذ يستحيل عبوره بواسطة القفز من فوقه، كذلك فأن أية محاولة لعبوره سباحة أو عن طريق بناء جسر، يمكن أن تقمع بكل بأس وقوة، وتصّد من قبل التحصينات الدفاعية للمدينة الموجودة في أعلى السور، على الجانب الآخر من الخندق، حيث تنطلق أسراب السهام من الرماة المدافعين هناك. ولنفترض أن الأعداء نجحوا في عبور الخندق، فما الذي ينتظرهم بعد ذلك من مصاعب ومعوقات؟
إن مجرد الخروج من الخندق، أمر ليس بالهين إطلاقاً، حيث ينتصب في الجانب الآخر من الخندق سور من حجر الآجر المقاوم للمياه. لكن المياه وبمرور الزمن قد فعلت فعلها بالسور.
لقد صفت أحجار الآجر، وأستخدم الإسفلت كمادة تربط بين الآجر المرصوف، وهنا أيضاً يجد المرء فرشاً من الحصران المصنوعة من القصب صفّت وبينها فواصل، حيث يسكب الإسفلت ويسيل إلى خارج مفاصل البناء، وفواصل القصب ليغطي السور من الخارج، وهكذا شكّل الإسفلت طبقة تكسو آجر السور.
يميل السور نوعاً ما إلى الداخل باتجاه المدينة، حيث يرتد حوالي 15 سنتمتراً لكل متر واحد ارتفاعاً. أما سمك السور فيتغير ويبلغ 240-255 سنتمتراً كمعدل. وتعثر هنا وهناك على علامة مسمارية على قطع الآجر، تشير إلى أن الملك (نبو بلصر) والد الملك نبوخذ نصر هو باني هذا السور.
ومما لا شك فيه، أن هناك جداراً من الطين المجفف تحت الشمس، يمتد فوق الجدار المحاذي للخندق المائي، وبحماية هذا الجدار يمكن للمدافعين حماية المدينة إلى حد كبير، حيث يستطيع هؤلاء عند هذا الجدار إعاقة تقدم الأعداء وإفشال محاولات عبور الخندق.
ولنسمح من جديد التقدم عبر الخندق المائي، وعبور جدار الخندق أيضاً، ومواصلة التقدم، حيث يتفاجؤون هذه المرة أيضاً وبعد عشرين متراً فقط بعوائق أخرى تواجههم، حيث يقف أمامهم وعلى بعد عشرين متراً من الخندق سوراً آخر لنسميه السور الأمامي، لأنه خلف ذلك السور ينتصب سور آخر هو السور الرئيسي.
أطلق البابليون تسمية (نيميد-أنليل) على السور الأمامي وتسمية (أيمغور-أنليل) على السور الرئيسي.
يبلغ سمك السور الأمامي 3,72 متراً، وقد شيد من الحجر والطين المجفف تحت الشمس، وعند كل 2,05 متراً تأتي فاصلة ينتصب عندها برج خارج السور بسمك 5,80 متراً وبطول 5,10 متراً، إضافة إلى ذلك فأن نجاح الأعداء في عبور هذا السور يضع أمامهم مشكلة جديدة، هي وجود ممر وحيد بعرض 7,20 متراً. السور الرئيسي هو آخر خط دفاعي للمدينة، وسمكه 6,50 متراً، وهو مزوّد بأبراج تبرز من السور وتنتصب فوقه، بين كل برج وآخر مسافة قياسية تبلغ 18,10 متراً.
وهكذا نجد أن مدينة بابل كانت مدينة منيعة قوية التحصين بشكل رائع حيث تترتب التحصينات فيها وحولها على الشكل التالي:
-الخندق المائي العريض والعميق، العصي على العبور والاقتحام.
-السور المائل والمتاخم مباشرة لمياه الجانب الآخر من الخندق، إضافة إلى شدة انحدار هذا السور المسفلت أساساً، يقف خلفه جموع المدافعين ورماة السهام والرماح الذين يسيطرون من عليٌ على الخندق وعلى الأعداء المتقدمين.
-السور الأمامي الموجود أعلى سور الخندق الذي يقف المدافعون من رماة السهام والحجارة، ومن الذين يصبون الماء المغلي، في حال محاولة الأعداء تسلق هذا السور عن طريق نصب السلالم أو إحداث شقوق في الجدار.
-الأبراج، وهي تتسع لأعداد كبيرة من المدافعين. ففي حالة استيلاء الأعداء على أي جزء من السور الأمامي يواجهون بالحجارة والسهام والرماح المنطلقة من برجي هذا الجزء، أي بأسلوب الرمي من الأجنحة، وكذلك من بقية أبراج السور الرئيسي، أي الرمي الأمامي.
-السور الرئيسي وأبراجه، حيث يسيطر المدافعون من هناك سيطرة تامة على المسافة الفاصلة بين هذا السور والسور الأمامي.
فما هو ارتفاع السور الرئيسي؟ - لا أحد يعرف بالتأكيد ولكن يستطيع المرء تخمين ذلك بحوالي (20) متراً ارتفاعاً. فبواسطة السلالم يستطيع المرء وبالكاد وبشق الأنفس الصعود تدريجياً إلى قمته. أما محاولة فتح الشقوق في الجدران وارتقاء السور فهي عملية بطيئة لأنها تتم في ظروف غير طبيعية.
أن الأبراج المنتصبة أمام السور، وكقياس، برج واحد كل حوالي 20 متراً، مهمتها هي كموقع لرماة النبال، الذين يستطيعون الرمي من الأجنحة، حيث يرصدون أفراد العدو الذين مهمتهم فتح الشقوق في الجدران وتدمير الأسوار. لقد بينت الخبرة أنه من الصعب على الرماة ضمان إصابة الهدف من مسافة تزيد على (30) متراً لذلك كانت المسافة بين برج وآخر (20) متراً، لكي يتمكن الرماة إطلاق سهامهم بضمانة أكبر صوب الأعداء العاملين عند أقدام الأسوار بين الأبراج.
كان محيط السور الخارجي لمدينة بابل يبلغ 8150 متراً، أماّ المدينة التي يحيط بها هذا السور فهي على شكل متوازي أضلاع، ضلعه القصير يمتد باتجاه الشمال الشرقي- الجنوب الغربي، ويقسم نهر الفرات المدينة إلى قسمين، المدينة القديمة وتقع في الجانب الشرقي من النهر، والمدينة الجديدة تقع غربي النهر. مساحة المدينة القديمة كانت أكبر من مساحة المدينة الجديدة، وعلى طرفي النهر، وعلى طول الجزء المار بالمدينة توجد أسوار قوية ومنيعة تتصل في الشمال والجنوب بالسور الخارجي للمدينة، والذي يشكل متوازي أضلاع. يمتد السور الخارجي مسافة 18 كيلومتراً طولاً، وقد كان هذا السور بدوره سوراً مزدوجاً. وكان سمك السور الرئيسي 7,12 متراً، وعلى بعد 12 متراً، يقع السور الأمامي حيث الخندق المائي.
رغم تحصينات المدينة القوية فقد كان عليها أن تسقط بأيدي الأعداء، حسب ما قال الأنبياء: (فلو صعدت بابل إلى السموات، ولو حصّنت علياء عزّها فمن عندي يأتي عليها النهّابون يقول الرّب: صمت صراخ من بابل وانحطاط عظيم من أرض الكلدانيين. لأن الرب مخرب بابل قد أباد منها الصوت العظيم وقد عجّت أمواجهم كمياه كثيرة وأطلق ضجيج صوتهم. لأنه جاء عليها على بابل المخّرب وأخذ كل جبابرتها وتحطمت قسّيهم.) (ارميا 54:51-56-المترجم). (ويسقط سور بابل أيضاً.) (ارميا 51:44-المترجم). (كفّ جبابرة بابل عن الحرب وجلسوا في الحصون. نضبت شجاعتهم. صاروا نساءاً. حرقوا مساكنها. تحطمت عوارضها.) (ارميا 30:51-المترجم) (على النّازع في قوسه فلينزع النازع وعلى المفتخر بدرعه ... سنوا السهام، أعّدوا الاتراس.) (ارميا 3:51 و 11 -المترجم). على أسوار بابل ارفعوا الراية. شدّدوا الحراسة. أقيموا الحرّاس، أعدوا الكمين. لأن الربّ قد قصد وأيضاً فعل ما تكلّم به على سكان بابل.) (ارميا 12:51-المترجم). (ادعوا إلى بابل أصحاب القسيّ لينزل عليها كل من ينزع في القوس حواليها. لا يكن ناج. كافئوها نظير عملها. افعلوا بها حسب كلّ ما فعلت.) (ارميا 29:50 -المترجم).



#سعدي_السعدي (هاشتاغ)       سْïي_عوçï_الَْïي#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بابل - مدينة الأسر - الجزء الثالث - أبواب مدينة بابل
- بابل - مدينة الأسر - الجزء الرابع - قصور بابل
- بابل - مدينة الأسر
- الجدل والطبيعة وديالكتيك الطبيعة - الجزء الثاني
- الجدل والطبيعة وديالكتيك الطبيعة - الجزء الثالث
- الجدل والطبيعة وديالكتيك الطبيعة الجزء الأول
- الماركسيون والانتخابات - الجزء الثالث
- الماركسيون والانتخابات - الجزء الثاني
- الماركسيون والانتخابات - الجزء الاول
- النظرية الماركسية والتكتيكات الثورية - الجزء الخامس: النشاط ...
- النظرية الماركسية والتكتيكات الثورية - الجزء السادس: الماركس ...
- النظرية الماركسية والتكتيكات الثورية – ثالثاً: المنظمة
- النظرية الماركسية والتكتيكات الثورية - الجزء الرابع: الاستيل ...
- النظرية الماركسية والتكتيكات الثورية - الجزء الثاني: الطبقة ...
- النظرية الماركسية والتكتيكات الثورية - الجزء الأول - اختلافا ...
- افكار في موضوعة الضمان الاجتماعي
- عمار الحكيم وجمهورية العراق الاسلامية الفدرالية
- دعوة للمشاركة في الحوار حول العمل المشترك بين القوى اليسارية ...
- من اجل حملة لدعم دستور ديمقراطي في العراق
- أوقفوا اللعبة السياسية على اقدامها


المزيد.....




- كيف ستساعد بقايا سيارة الـBMW بهجوم المشتبه به السعودي على س ...
- إسرائيل تواصل هدم وجرف المنازل والبساتين في الجنوب اللبناني ...
- حادثة بـ-نيران صديقة- تسقط طائرتين أمريكيتين فوق البحر الأحم ...
- الحوثيون يحذرون الدول من مساندة إسرائيل في غاراتها على اليمن ...
- الثاني في أسبوع.. زلزال بقوة 6.1 درجة يضرب جزر فانواتو
- في ظل تهديد -وباء رباعي-.. المصادر الغذائية الرئيسية لفيتامي ...
- مباشر - سوريا: تركيا ستفعل -كل ما يلزم- إذا فشلت الحكومة الج ...
- عاجل | مراسل الجزيرة: 13 شهيدا جراء قصف إسرائيلي متواصل على ...
- الحوثيون يكشفون خسائر الغارات الإسرائيلية على موانئ الحديدة ...
- قوة متحالفة مع جيش السودان تسيطر على قاعدة -الزُرق- بدارفور ...


المزيد.....

- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف
- أنغام الربيع Spring Melodies / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - سعدي السعدي - بابل مدينة الأسر - الجزء الثاني - أسوار مدينة بابل