|
نضال المراة السورية من اجل المساواة الكاملة بين طرح دولة -المكونات- ودولة المواطنة المتساوية!
عصام شكري
الحوار المتمدن-العدد: 8198 - 2024 / 12 / 21 - 09:39
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
عصام شكــري - مسؤول منظمة العلمانية والحقوق المدنية في العراق 20 كانون الاول 2024 ------------------------------ سبق ان وضحت ان الحركة العلمانية في سوريا يجب ان تطالب باقامة دولة علمانية لا دينية ولا قومية. وبهذا السياق فان التهيئة لانتصار العلمانية في سوريا يبدو لي انه الحل الثوري الواقعي الوحيد.
ان الدعوات للديمقراطية المبنية على فكرة المكونات هي دعوات لن تؤدي الى اي نتيجة اذا نظرنا اليها بحدها الاكثر انسانية اي حرية الرأي والتعبير، حرية الملبس، حرية الاختلاط ومنع تدريس الدين في المدارس، وفصل الجنسين وتقييد حرية الشابات في اختيار شريكهن وادامة تسلط الدين الاسلامي على الجماهير.
وما يستتبع هذه الدعوات، اي الدعوات الديمقراطية، هو القول ان المجتمع السوري هو مجتمع كيانات متنوعة. مرة اخرى يطل بعبع الموزاييك. الموزاييك كلمة جذابة ولكنها قنبلة دخان خانقة لما يخفى. ان الموزاييك يعني تقسيم سوريا الى كانتونات تحكمها رؤساء مكونات. ان هذا الشكل من تقسيم المجتمع المدني في سوريا خطر جدا على وضع الجماهير عموما ولكن بالاخص وضع النساء.
ليس لان النساء "ليسوا مكونات" كما يتفلسف البعض، بل لان مجتمع المكونات سيتشكل سياسيا بطريقة هيمنة كل مكون على الافراد ويجعل تسلط القوى الفوقية لهذه المكونات هي القوى التي تقرر مصير "المكون". وبالتالي فان المرأة، باعتبارها الاكثرية في كل المكونات الدينية والعرقية والقومية والمذهبية (او مايسمونه سخفا بالمكونات الثقافية) ستكون ضحية كل مكون من هذه المكونات بحكم وضعها الدوني على صعيد كامل المجتمع.
ان نفس فكرة المواطنة (اي الانتماء للوطن السوري) فان وجود المرأة سيتم نفيه. وسيشرع بتقسيم المرأة الى المرأة المسيحية التي يحق لها ان تلبس ما يحلو لها بحكم ان القس او الراهب او القوى السياسية المسيحية لن تسترجي ان تفرض عليها ان زي تمييزي كالحجاب او البرقع، والمرأة المسلمة في المناطق السنية الخاضعة لميليشيا الجولاني او بقية قوى الاسلام السياسي المؤمنة بالاسلام المحمدي الهمجي، الى ستأكل الحصرم مع شيوخ وملالي وجلاوزة الاسلام.
وبنفس السياق ستكون المرأة في "المكون" العلوي خاضعة لنفوذ وهيمنة الطبقة البرجوازية العلوية ولصوصها ودجاليها، والتي، وان كانت ستصفي نفوذ عائلة الاسد وتراثها الدموي البشع، فانها لن تشعر بانسام العدالة الاجتماعية تهبط عليها من السماء بل ستنشأ حفنة جديدة من البلطجية. ان المجتمع السوري سيكون مجتمع الاقتصاد الحر (وهنا الحر كلمة مظللة - فالاقتصاد في الواقع سيكون الجذر الاساس لتنافس هذه "المكونات" الدينية وتحطيم البشر الذين يؤلفون هذا المكون انى كان). هل تشكون بما اقول؟
اذن انظروا للعراق ولبنان.
ان نضال المرأة اللبنانية من اجل الحقوق والمساواة وتعديل قوانين الزواج والعائلة التي يهيمن عليها رؤساء الطوائف والاديان و"المكونات" جاء فقط من القوى الانسانية العابرة للمكونات. انها القوى الشيوعية. انها القوى النسوية (حتى البرجوازية)، انها القوى العمالية. انها القوى العلمانية التي تناضل من اجل المساواة الكاملة بين المواطنين وتحديدا بين المرأة والرجل.
وطبعا انا مدرك الى ان القوى العلمانية تلجأ الى كلمة الديمقراطية كنوع من التخفيف لوطأة كلمة العلمانية وفصل الدين عن الدولة. ان الخوف من القمع الاسلامي رغم رزانة وفصاحة وهدوء الجولاني فان تحت الاكمة ما تحتها من بقع الدم. يجب الحذر على اية حال الى ان ان الديمقراطية تعني شيئا اخر مختلف ان تحولت الى نظام سياسي قائم على المكونات لا الافراد.
وبهذا فاني لا اضع نقيض الدكتاتورية هنا كنقيض للديمقراطية. ان من المستحيل الرجوع القهقرى. ان الدكتاتورية الاسدية الوحشية ومعها الازلام والمرتزقة المأجورين بلبنان وشبكة العصابات الروسية والحرس الثوري الاجرامي، قد ولوا الى غيرة رجعة. ولو كان الجولاني (السيد احمد الشرع بحلته الجديدة - الارماني ومن يدري ربما عطر فيرساتشي) قادرا، او حتى يفكر انه قادر، ولو لثانية واحدة، على الامساك برقبة الشعب السوري وخنقه وحكمه بالحديد والنار كما فعلت داعش في الموصل والرقة لما تردد لحظة واحدة.
فالحكم الاسلامي مبني على الدكتاتورية الدموية والصلب وقطع الاوصال. حتى ما يسمونه مجلس الشورى الاسلامي فهو مخصص للمسلمين فقط. اي شورى المسلمين الموالين، وليس لاي شخص اخر؛ لا مشككين ولا لا ادريين ولا نساء ولا علويين ولا يزيديين ولا دروز ولا مسيحيين ولا حتى سنة علمانيين او مواطنين ملحدين لا يؤمنون بوجود خرافات او قوى علوية تحكم حياتهم او تنتظرهم بعد الموت بقدور تغلي لسلخ جلودهم داخلها.
ان الحل في سوريا لانقاذ وضع المرأة تحت حكم هذه الكيانات المتصارعة والمتنافسة، او الدعوة كما يسمى الى عدم تقسيم سوريا وابقاءها موحدة بشعب واحد، غير ممكن، لا عمليا ولا سياسيا، الا من خلال تبني مطلب دولة المواطنة لا دولة الكيانات.
دولة المواطنة لن تقوم الا بفصل الدين عن الدولة وابعاد الدين عن كل مؤسسات الدولة وخاصة التربية والتعليم والقضاء والشرطة والجيش وكل الوزارات. لا يمكن التفكير بدولة المواطنة او حتى بمطلب "نريد وطن" كما رفع في العراق بثورة تشرين، دون ان يطرح السؤال التالي: ما هي الدولة القادرة على استرجاع مفهوم الوطن باعتباره احساس بالانتماء الى البلد كمواطن، بالحرية في قول ما تريد، في التعبير عن فكرك لانها جزء من كونك انسان. جزء من حقوقك المدنية.
نضال المراة السورية من اجل حقوقها بنظري اذن، يجب ان يكون ضمن نطاق المواطنة المتساوية لا ضمن نطاق المكونات. يجب نفي دولة المكونات اذا ما اريد للثورة السورية المجيدة والكبيرة والتي يحاول الاسلاميون ركوبها بدعم تركيا والغرب، وبالنعومة والتظاهر بالديمقراطية، ان تنتصر. لا مناص الا من الدعوة الى نبذ البطش البعثي وادامة اظهار بطش ووحشية الاسلام السياسي كقوى دكتاتورية دموية وليست معتدلة او مشذبة قط.
ان الحل لا يمكن ان يكون بديمقراطية مبنية على تحالفات عشائر وافخاذ او كيانات دينية وطائفية ومذهبية وعرقية. الحل لقضية المرأة لا يمكن ان يتحقق الا ضمن اطار الدولة العلمانية.
والسؤال هنا: من هي تلك القوى العلمانية القادرة على حمل مشعل علمانية الثورة الفرنسية بيديها لبناء دولة المواطنة اللا دينية واللا قومية في سوريا؟
هذا السؤال ليس برسم اجابة رؤساء المكونات الرجعية سواء مسلمة او مسيحية او شركسية او سنية او علوية او كردية او درزية. انه سؤال برسم القوى الثورية العلمانية للمجتمع السوري وخاصة القوى المساواتية العلمانية والاشتراكية والعمالية والانسانية المتعطشة لحياة ملئها الحرية والمساواة والرفاهية. ------------- عصام شكــري - مسؤول منظمة العلمانية والحقوق المدنية في العراق 20 كانون الاول 2024
#عصام_شكري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العلمانية هي الضمان الوحيد لان تكون سوريا دولة ديمقراطية
-
هذا هو طريق مطار بيروت
-
تأثير الدومينو
-
الى جماهير لبنان المتمدنة!
-
وداوني بالتي كانت هي الداءُ
-
الوهم الديني والنرجسية Narcissism!
-
الوهم الديني والنرجسية Narcissim
-
العلمانية ازاء الفدرالية بلبنان
-
ألاقتصادوية شلٌ لارادة الطبقة العاملة في العراق!
-
الارهاب: لا يمكن للغاية ان تبرر الوسيلة!
-
الحرس الثوري متعب. ولكنه يرد بقوة -في المكان والزمان الذي ير
...
-
كلارا زيتكن المحجبة، وعاشت النسبية الثقافية!
-
نساند بقوة شبكة مدى العلمانية الطلابية اللبنانية ونستنكر بطل
...
-
الفكر اليساري في العراق متخلف و لا انساني
-
الصهيونية والاسلام السياسي وجهان لعملة واحدة
-
هل تستبدل إسرائيل ب -العربان-؟
-
غزة ودريسدن
-
اليمين الديني الوحشي يغذي بعضه البعض
-
لا مكان لكم في اي حل! - حول تباكي اليسار القومي على كارثة غز
...
-
الصدر، قآني، نصر الله، خامنئي، ناتنياهو، ومصير سماسرة
...
المزيد.....
-
لبنان يسارع للكشف عن مصير المفقودين والمخفيين قسرا في سوريا
...
-
متضامنون مع «نقابة العاملين بأندية هيئة قناة السويس» وحق الت
...
-
التصديق على أحكام عسكرية بحق 62 من أهالي سيناء لمطالبتهم بـ«
...
-
تنعي حركة «الاشتراكيين الثوريين» ببالغ الحزن الدكتور يحيى ال
...
-
الحزب الشيوعي يرحب بمؤتمر مجلس السلم والتضامن: نطلع لبناء عا
...
-
أردوغان: انتهت صلاحية حزب العمال الكردستاني وحان وقت تحييد ا
...
-
العدد 584 من جريدة النهج الديمقراطي
-
بوتين يعرب عن رأيه بقضية دفن جثمان لينين
-
عقار -الجنود السوفييت الخارقين-.. آخر ضحاياه نجم تشلسي
-
الاجرام يتواصل في حق عاملات وعمال سيكوم/سيكوميك
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|