|
عن ( معنى مصر / قفينا / هل يعيد التاريخ نفسه ؟ )
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 8197 - 2024 / 12 / 20 - 20:45
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
السؤال الأول : لى أسئلة فى هذه الآية ( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ ) (61) البقرة ) ؟ ما هو الفوم ؟ ومتى قال موسى هذا لقومه ؟ وهل يعنى هذا رجوعهم لمصر بعد حروجهم منها ؟ إجابة السؤال الأول : 1 ـ الفوم هو الثوم 2 ـ جاءت كلمة ( مصر ) في القرآن الكريم في خمسة مواضع هي " وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتا : يونس87ً " و " وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ.. يوسف21 " و" وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ : يوسف99 " و" وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ.. 51 الزخرف " وفي قوله سبحانه وتعالي في قصة موسي قال : " اهْبِطُوا مِصْرًا.. البقرة 61 " وواضح أن كلمة " مصر" قد وردت في سياق قصتي يوسف وموسي إلا أن الأمر الذي يستدعي إيضاحا هو قوله تعالي علي لسان موسي لقومه : " اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ .. 61 البقرة " فكلمة " مصر" هنا لا تدل علي مصر الوطن وإنما تعني المدينة المتحضرة أي مدينة متحضرة في أي مكان . ودليلنا أن كلمة " مصر" في الآية جاءت مفعولا به منصوبا وهي منونة " مصرا " أي ليست ممنوعة من الصرف ، وفي موضع آخر يقول تعالي علي لسان يوسف : " وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ :99 يوسف " فجاءت الكلمة هنا " مصر " تدل علي الوطن وهي مفعول به أيضا ومنصوب ولكن بدون تنوين لأنها ممنوعة من الصرف حيث تدل علي( مصر) الوطن الأعجمي. وهذه التفرقة اللغوية الدقيقة بين كلمة " مصر" في الآيتين توضح أن كلمة "مصر" لها معنيان : 1) معني الوطن الذي يعيش فيه المصريون وهذا هو المعني الذي ورد في القرآن ممنوعا من الصرف أي بدون تنوين، وذلك في أربعة مواضع. 2) معني المدينة المتحضرة . وفي معاني كلمة مصر " مصروا المكان تمصيرا جعلوه مصرا فتمصر " ومصر أي المدينة التي تتميز عما حولها من بوادي ، ونفهم ذلك من قولهم عن عمر بن الخطاب أنه الذي " مصر الأمصار " أي " أنشأ الأمصار" أو أنه بعث العمال أو الولاة علي "الأمصار" أي الولايات . وقد أطلقوا علي الكوفة والبصرة لقب "المصران" مثني " مصر" وقد بدأ التمدن في العالم ببناء المدن في مصر لذا نحتت اللغة العربية كلمة مصر" لتدل بها علي قيام الدولة أو المدينة المتحضرة التي تحيط بها البوادي ، أي كان شرق مصر في ذلك الوقت رعويا بدويا . وهكذا فإن موسي حين قال لقومه "اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ :61 البقرة" تفيد أي مدينة ولا تدل علي الوطن المصري علي وجه الخصوص. وكلمة " مصر" بمعني البلد المتدمن أو الدولة تعتبر اعترافا من اللغة العربية بقدم العمران المصري والحضارة المصرية. فالعرب حين عرفوا النطق باللغة العربية استعاروا كلمة " مصر " لتدل علي المدينة والحضارة ،ثم جاء القرآن فيما بعد يسجل هذا المعني ويميزه بفارق لغوي دقيق حين يجعل كلمة " مصر" الوطن ممنوعة من الصرف باعتبارها علما ـ وذلك في أربعة مواضع ، ثم تكون كلمة " مصر" الدالة علي المدينة منونة في موضع وحيد في القرآن الكريم . السؤال الثانى : ما معنى ( قفينا ) فى آية ( وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ ) ؟ إجابة السؤال الثانى : أولا : ( قفينا ) من ( القفا ) ، والمعنى بعثنا بعده ، قال جل وعلا : 1 ـ ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ ) (87)البقرة ) 2 ـ ( وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ (46)المائدة ) 3 ـ ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ (26) ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ) (27) الحديد ). ثانيا : من إقتفاء الأثر أى تتبعه . قال جل وعلا : ( وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً (36)الاسراء ) السؤال الثالث : من الاستاذ ربوار : أخي أستاذ أحمد، ما رأيك بمقولة ماركس هذه: "التأريخ يعيد نفسه مرتين، مرة على شكل مأساة وأخرى على شكل مهزلة" كارل ماركس هل ينطبق كلام ماركس على إسقاط نظام الأسد، هل فعلا انتهت المأساة وبدأت المهزلة؟!! هل تؤيد كلام ماركس أعلاه أم أن لك رأيا مخالفا وأكثر عمقا لأن الخلافات والصراعات البشرية دائما تتبدل دوافعها واسبابها ونتائجها.. وكون الموضوع فلسفي وعميق غير انه يخضع لقانون السبب والنتيجة.. وهل التاريخ يمضي بلا سنن؟!! والقاعدة تقول من يعمل سوءًا يُجزى به.. سنن تتكرر ودورات تتوالى لهذا القرءان الكريم ذكر قصص الأولين للعبرة لأنها تتكرر.. إذن، التاريخ يتحرك كالنهر ولا يعيد ولا يزيد. لكن هناك تشابهات بالطبع.. ويوجد قواعد للكائن الحي حيوية وللاقتصاد وللسياسة وللجغرافيا تتقاطع في التاريخ. التاريخ هو مجرى النهر وليس الماء نفسه.. إجابة السؤال الثالث : قال كارل ماركس : ( التاريخ يعيد نفسه ) وقال أيضا : ( الدين أفيون الشعوب ). وهو صادق فى هذا وذاك ، فقد كان يعبّر عن عصره . حيث كانت الكنيسة تسيطر على أوربا ومعها الملكية المستبدة . وحيث يسيطر أكابر المجرمين من المستبدين ورجال الدين فلا بد أن يعيش المجتمع فى الماضى ، ويرفض الخروج من قوقعة هذا الماضى ، وتُصبح خرافات الماضى حاكمة مقدسة محمية بقوة المستبد وأعوانه من العسكر ونفوذ رجال الدين . ويتعرض المجتهدون للإضطهاد حتى لو كان فى مجال العلم ، والأكثر تعرضا للإضطهادهم المصلحون الدينيون، والذين فى العادة يتم إتهامهم بالهرطقة وإحراقهم كما حدث مع سافونا رولا الذى أحرقوه عام 1498 . ساد هذا فى أوربا العصور الوسطى ، وإنتهى بتحرر أوربا والغرب من سيطرة الكنيسة وحظر تجولها فى الشارع الأوربى وإقتصار عملها على المساعدات الاجتماعية . بالتحرر من الكنيسة وتأسيس الدولة المدنية ـ قومية وعلمانية ــ إنطلق الغرب يعيش الحاضر ويعمل للمستقبل ، فدخل بالعالم الى عصر العلم والتكنولوجيا ، وإستكشاف آلاء الله جل وعلا فى الأرض والفضاء . وهذا ما جاء فى القرآن الكريم الذى يكفر به المحمديون . قال جل وعلا : 1 ـ (أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (19) قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20) العنكبوت ) 2 ـ ( وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) يوسف ) 3 ـ ( قُلْ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (101) يونس ). 4 ـ ( وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ (21) الذاريات ). 5 ـ ( أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدْ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) الأعراف ). لا يزال المحمديون يقدسون ما وجدوا عليه آباءهم ويتحكم فيهم أكابر المجرمين من المستبدين ورجال الدين. لذا فتاريخهم يتكرر ، ومنه أنهم لم يخرجوا من نفق ( الفتنة الكبرى ) حتى اليوم ، ولا يزالون يعايشون صراع على بن ابى طالب وابنه الحسين مع خصومهم . ولا يزال صحابة الفتوحات بين تقديس السنيين والصوفية وبين الولاء والبراء عند الشيعة . وبهذا يسهل على المتخصص فى التاريخ ـ مثلى ـ أن يعطى أحكاما سياسية فى الأحوال الرهنة بناءا على فهمه للتاريخ الذى يعيش فى أحضانه أكابر المجرمين ، والذين لا تتغير أساليبهم ، وبالتالى يعيد التاريخ نفسه .
#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القاموس القرآنى : متاع
-
عن ( الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ / العذاب
...
-
عن ( لا تناقض فى تشريعات الاسلام فى التعامل مع الكافرين المش
...
-
القاموس القرآنى : ( الجن )
-
عن ( الشفقة / السّهر والسُّهاد / الرؤى والأحلام )
-
أسئلة عن ( بوتين سيقتل بشار ، سوريا وثقافة الاستبداد والاستع
...
-
عن ( غل وأغلال / الاصر )
-
الغزالى حُجّة الشيطان ( الكتاب كاملا )
-
عن ( التدبير والعلم الالهى / الوحى والحواريون والصحابة )
-
عن ( تقرض / سلالة / الحساب على السريرة / النقض )
-
خاتمة كتاب ( الغزالى حُجّة الشيطان فى كتابه إحياء علوم الدين
...
-
عن ( اليهود والنصارى / اليُسر والعُسر )
-
عن ( ذمة والرفيق / شيخ الازهر / ولا تقم على قبره / إكتئاب )
-
الإبن هل يكون عدوا لأبيه ؟
-
عن (النبى بين التقديس والتشويه / سوريا بين الماضى والحاضر وا
...
-
عن ( البطر والترف )
-
الغزالى حُجّة الشيطان : الغزالى فى الإحياء يقرر الحلول فى ال
...
-
عن ( الصالحين والصلاح / أروع حب أب لإبنه )
-
عن ( ثقافة الاستبداد / لمذا خلع السيسى حذاءه / ثورة الجياع ا
...
-
الغزالى حُجّة الشيطان : ف 2 : الغزالى فى الإحياء يقرر أفظع ا
...
المزيد.....
-
مصر.. مفتي الجمهورية يحذر من أزمة أخلاقية عميقة بسبب اختلاط
...
-
وسط التحديات والحرب على غزة.. مسيحيو بيت لحم يضيئون شجرة الم
...
-
“سليهم طوال اليوم” تحديث تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 على
...
-
-غوار الطوشة- يرحب بتطبيق الشريعة الإسلامية في سوريا
-
-ديموقراطية لا دينوقراطية-.. تجمع في ساحة الأمويين يطالب بال
...
-
إندونيسيا: بعد 20 عاما من التسونامي.. إقليم آتشيه في زمن تطب
...
-
“بابا جاب لي بالون” اضبط الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20
...
-
بابا الفاتيكان يكشف تعرضه لمحاولة تفجير انتحاري في العراق
-
صحف عالمية: الاستيطان اليهودي يهدد الوجود المسيحي بالأراضي ا
...
-
غانتس: نتنياهو ليس الشخص المناسب لقيادة الشعب اليهودي
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|