أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كرم الدين حسين - تحولات الفكر والمسار-- مقارنة بين أحمد الشرع (الجولاني) وسيد قطب














المزيد.....


تحولات الفكر والمسار-- مقارنة بين أحمد الشرع (الجولاني) وسيد قطب


كرم الدين حسين
صحفي باحث وكاتب

(Karameddine Hcine)


الحوار المتمدن-العدد: 8197 - 2024 / 12 / 20 - 16:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يُعدّ التحول الفكري والعملي للقيادات الجهادية والإسلامية أحد أبرز الظواهر المثيرة للجدل في تاريخ الحركات الإسلامية، فغالبًا ما ترتبط هذه التحولات بالظروف السياسية والاجتماعية التي تحيط بهم. في هذا السياق، يمكن مقارنة مسار أحمد الشرع، المعروف بـ"أبو محمد الجولاني"، زعيم هيئة تحرير الشام، مع المفكر الإسلامي سيد قطب، الذي يُعتبر رمزًا لتأسيس الفكر الجهادي في العصر الحديث.

أولًا: تحولات سيد قطب – من الفكر التنويري إلى الجهادية

بدأ سيد قطب حياته الفكرية كناقد وأديب ينتمي إلى تيار التنوير والانفتاح، وكان يُعبّر عن أفكاره في مجلات تُعرف بتوجهاتها الليبرالية مثل مجلة "روز اليوسف". بل إن سيد قطب كتب في مجلة "التاج المصري" مقالًا بعنوان "لماذا صرت ماسونيًا"؟، وهو ما يعكس انخراطه في شبكات فكرية مختلفة بحثًا عن إجابات حول أزمات مجتمعه. كما كان داعمًا في البداية لانقلاب الضباط الأحرار عام 1952، الذي أطلق عليه "الحركة"، ما يُظهر تأثره بمشاريع التغيير الثوري آنذاك.

لكنّ قطب مرّ بتحوّل جذري في فكره بعد عودته من أمريكا، حيث اصطدم بما اعتبره "انحلالًا أخلاقيًا" و"أزمة الحضارة الغربية". ومع تصاعد ممارسات النظام المصري ضد جماعة الإخوان المسلمين، انحاز قطب إلى الفكر الجهادي الراديكالي.
رغم ان قطب في بدايته لم يكن يحمل اي ود اتجاه جماعة الإخوان المسلمين، حيث حسب عدد من المصادر كان سيد قطب ينعت مؤسس الاخوان المسلمين حسن البنا بحسن الصباح زعيم فرقة الحشاشين.
مع تقلد حسن الهضيبي منصب المرشد العام للإخوان، نهج سياسات الإصلاحية، ودعا إلى تغيير جذري، رافضًا وجود تنظيم سري الجماعة يشتغل بعيدا عن مرشد الجماعة.
وبعد تمكن الهضيبي من أبعاد عدد من القيادات مكتب ارشاد، وتفكيك التنظيم الخاص و أبعاد اميره عبد الرحمن السندي، بدا نجم سيد قطب يلمع كقائد الجناح الجهادي للجماعة بمساعدة زينب الغزالي و مباركة المرشد العام.
كتب قطب "معالم في الطريق"، الذي أصبح "دستورًا" للحركات الجهادية العالمية، مشيرًا إلى ضرورة "المفاصلة" مع المجتمع الجاهلي وشرعية التمرد المسلح على الأنظمة الحاكمة.

تحول قطب من ناقد ليبرالي إلى داعية إسلامي متشدد يُفسر بأنه نتيجة الإحباط السياسي والشخصي، إضافة إلى تصاعد الاستبداد في مصر في تلك المرحلة.

ثانيًا: أحمد الشرع (الجولاني) – من السرية إلى الوجه السياسي

على الجانب الآخر، أحمد الشرع أو "الجولاني" بدأ مسيرته كأمير لجبهة النصرة، الذراع السوري لتنظيم القاعدة. منذ ظهوره الأول، ارتبط اسم الجولاني بالسلفية الجهادية التي اعتمدت أساليب القتال العنيف لتحقيق أهدافها. كان الجولاني في بداياته يُخفي وجهه، ويتبنّى خطابًا جهاديًا صارمًا يرفض الاعتدال السياسي ويدعو لإقامة "الإمارة الإسلامية".

لكن خلال السنوات الأخيرة، شهدت شخصية الجولاني تحولات دراماتيكية. في مقابلاته الإعلامية، بدأ يظهر بوجه مكشوف ويرتدي الزي الرسمي بدل اللباس الجهادي التقليدي بل قص حتى لحيته التي كان يطلقها على شاملة بلادن و الظواهري، محاولًا بذلك رسم صورة أكثر اعتدالًا وتقديم نفسه كـ"رجل سياسي" يطمح لإدارة منطقة حكم ذاتي وليس بالضرورة "إقامة خلافة إسلامية". من الواضح أنّ الجولاني يسعى لتبني نسخة السياسي الاسلامي على غرارتجربة جماعة الإخوان المسلمين الذين نجحوا في الوصول إلى السلطة مؤقتًا بطرق سلمية، رغم انتقاداته السابقة لهم حيث قال انه وصلوا للحكم ولم يطبق شرع الله وحكموا لقوانين وضعية وذلك في برنامج بلا حدود على قناة الجزيرة قبل سنوات قليلة.

تحوّلات الجولاني يمكن قراءتها بطريقتين:

1. تكتيك مؤقت: يمكن أن يكون تحوّل الجولاني مجرد تكتيك سياسي يهدف إلى تهدئة المجتمع الدولي واكتساب الشرعية المحلية، بينما يحافظ على جوهر مشروعه الجهادي. أي أنه يُخفي خلف قناع "الاعتدال" نواياه لإعلان إمارة إسلامية مرتبطة بالقاعدة متى سنحت الفرصة.
2. تغيير حقيقي: بينما قد يسير الجولاني نحو براغماتية سياسية فرضتها الظروف الدولية والمحلية، وأنه أدرك استحالة تطبيق نموذج "الخلافة" على غرار تنظيم داعش، فاختار استراتيجية إمارات محلية أكثر مرونة وقابلية للتطبيق.
ثالثًا: نقاط التشابه والاختلاف
التحولات الفكرية: كلا الرجلين (قطب والجولاني) شهدا تحولات في مسارهم الفكري. قطب انتقل من التنوير إلى التشدد، بينما يظهر الجولاني كمن يسير في الاتجاه العكسي – من التشدد إلى البراغماتية السياسية.
السياقات الزمنية: تحوّل قطب جاء كرد فعل على الاضطهاد السياسي في مصر، بينما تحولات الجولاني مرتبطة بالمعادلة المعقدة للحرب السورية والضغوط الدولية على الجماعات الجهادية.

الخطاب: سيد قطب ظل مُخلصًا لفكر "الجهاد العالمي" وضرورة المواجهة العنيفة مع الأنظمة "الجاهلية"، بينما الجولاني يُحاول تقديم خطاب أكثر ليونة، يُركّز على الإدارة المحلية والبعد عن الصدام مع المجتمع الدولي.
في النهاية، يمكن القول إنّ تحوّل الجولاني من زعيم جهادي متشدد إلى "سياسي إسلامي" ظاهريًا يطرح تساؤلات عميقة حول مدى مصداقية هذا التغيير. فهل هو تحوّل استراتيجي حقيقي يعكس مراجعة فكرية، أم أنه مجرد "ذر للرماد في العيون" لتحقيق أهداف مؤقتة؟ كما أنّ المقارنة مع سيد قطب تذكّرنا بأنّ التحولات الفكرية للشخصيات المؤثرة غالبًا ما تكون معقدة ومتشابكة، تعكس تأثير الظروف السياسية والاجتماعية على مسار الأفراد والجماعات.
يبقى السؤال مفتوحًا: هل ينجح الجولاني في إعادة إنتاج تجربة الإسلام السياسي على نهج الإخوان المسلمين، أم أنه سيعود إلى جذوره الجهادية عندما تسنح الظروف؟



#كرم_الدين_حسين (هاشتاغ)       Karameddine_Hcine#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في حضن الشوق
- هل تحررت سوريا بعد سقوط النظام البعثي؟
- صراع الآراء في المغرب: الإسلاميون والعلمانيون على وقع عدوان ...
- زيارة ماكرون للمغرب: مكاسب دبلوماسية بمواجهة مأزق تصريحات ال ...
- سكوت الأمم المتحدة عن قصف إسرائيل لمراكز الأونروا في لبنان: ...
- حرية التعبير في الدفاع عن القضايا العادلة: بين قضية الصحراء ...
- تدبير الأزمات السياسية في العالم العربي: الأزمة الحالية في ف ...
- اغتيال البطل، ولادة الأسطورة
- المغرب اليوم: الوطن الذي يبكي شبابه
- عبادة عشق
- هل حان وقت وفاة الأمم المتحدة؟
- وعد اللقاء
- لوحة المطر
- نداء العروبة
- أغاني الروح المحرمة
- فلسطين نحن
- مطر بلا لقاء
- حوار العاشقين على ضفاف الاحلام
- تحليل بيان الخارجية الجزائرية حول اعتراف فرنسا بمغربية الصحر ...
- و للجدران روح أيضًا


المزيد.....




- المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين
- حرس الثورة الاسلامية يفكك خلية تكفيرية بمحافظة كرمانشاه غرب ...
- ماما جابت بيبي ياولاد تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر ...
- ماما جابت بيبي..سلي أطفالك استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- سلطات غواتيمالا تقتحم مجمع طائفة يهودية متطرفة وتحرر محتجزين ...
- قد تعيد كتابة التاريخ المسيحي بأوروبا.. اكتشاف تميمة فضية وم ...
- مصر.. مفتي الجمهورية يحذر من أزمة أخلاقية عميقة بسبب اختلاط ...
- وسط التحديات والحرب على غزة.. مسيحيو بيت لحم يضيئون شجرة الم ...
- “سليهم طوال اليوم” تحديث تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 على ...
- -غوار الطوشة- يرحب بتطبيق الشريعة الإسلامية في سوريا


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كرم الدين حسين - تحولات الفكر والمسار-- مقارنة بين أحمد الشرع (الجولاني) وسيد قطب