أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - أكرم شلغين - الخوف: ثقافة عالمثالثية أم تركيب اجتماعي؟














المزيد.....


الخوف: ثقافة عالمثالثية أم تركيب اجتماعي؟


أكرم شلغين

الحوار المتمدن-العدد: 8197 - 2024 / 12 / 20 - 00:51
المحور: قضايا ثقافية
    


في مجتمعات العالم الثالث، يُعتبر الخوف عنصرا متجذرا في الحياة اليومية، حيث يُستخدم كأداة للسيطرة والتحكم من قبل الأنظمة السلطوية. في سوريا، خلال حكم حافظ الأسد واستمرار بحكم ابنه الأبله الفار، أصبح الخوف جزءا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي، به سادت مقولة "الجدران لها آذان"، وعشنا في حالة من الرعب المستمر بين الأفراد.
الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو تناول مفهوم السلطة وكيفية استخدامها لفرض السيطرة من خلال بناء الخوف كتركيب اجتماعي. يرى فوكو أن السلطة والمعرفة مترابطتان، حيث تُستخدم المعرفة كأداة للسيطرة الاجتماعية، وتتشكل من خلالها هويات الأفراد عبر الخطابات والمعايير السائدة.
في سوريا، تجسدت هذه الأفكار في هيمنة الأجهزة الأمنية، التي بلغ عددها 18 جهازا، وتفننت في طرق اصطياد الأفراد، مما أدى إلى خلق "جمهورية الخوف" و"مملكة الرعب". أصبح المواطنون يعيشون في حالة من الرعب المستمر، يخشون التعبير عن آرائهم أو حتى التفكير بصوت عالٍ، خوفًا من الاعتقال أو التعذيب أو الموت.
بعد سقوط حكم الأسد، ورغم انتهاء النظام الذي زرع الخوف، لا يزال الناس يعيشون في حالة من الرهبة، غير قادرين على التعبير بحرية، خوفًا من المجهول. هذا يطرح تساؤلاً مهمًا: هل أصبح الخوف جزءًا من الثقافة المجتمعية، أم أنه نتيجة لعملية تدريب وتمرين اجتماعي كما وصفها فوكو؟
من منظور فوكوي، يمكن القول إن الخوف ليس مجرد شعور فردي، بل هو نتاج لعمليات اجتماعية معقدة تهدف إلى تشكيل سلوك الأفراد وضمان الامتثال للمعايير المفروضة. وبالتالي، فإن التخلص من هذا الخوف يتطلب أكثر من مجرد تغيير النظام السياسي؛ يستلزم إعادة بناء النسيج الاجتماعي والثقافي الذي تشكل على مدى عقود.
يمكن تشبيه هذه الحالة بمشاهدة فيلم رعب، حيث يظهر الوحش مرارًا وتكرارًا بعد الاعتقاد بأنه قد قُضي عليه... في كل مرة يُقتل فيها الوحش، يتنفس المشاهدون الصعداء، لكن سرعان ما يعود الوحش للظهور، مما يعيد دائرة الخوف والرعب. هذا التشبيه يعكس حالة المجتمع السوري، حيث حتى بعد سقوط النظام، لا يزال الخوف متجذرًا في النفوس، والناس لا تتجرأ على الكلام...كحالة من ينظر تحت سريره بعد الانتهاء من مشاهدة فيلم الرعب ليتأكد أن تحت سريره خال من الوحش الذي عاود الظهور مرارا بعد الظن أنه مات...! وحالتنا مع الخوف تذكر عموما بفيلم "ليلة الموتى الأحياء" (1968)، الذي يعكس بمهارة دورة الخوف وعودة التهديد المستمر، مما يوازي تجربة المجتمعات التي تعيش تحت وطأة الخوف الدائم.
في الختام، يجب أن نتساءل: كيف يمكن للمجتمعات التي عاشت تحت وطأة الخوف لسنوات طويلة أن تتحرر من قيوده؟ وهل يمكن تحقيق ذلك دون فهم عميق للتركيبات الاجتماعية التي أسست لهذا الخوف؟ إن الإجابة على هذه التساؤلات تتطلب جهدًا جماعيًا لإعادة بناء الثقة والحرية في المجتمعات المتضررة.



#أكرم_شلغين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخبز والحرية: الاحتياج المادي والكرامة الإنسانية
- من الاستبداد إلى الشتات: حكاية وطن تحت قبضة الطغيان
- سوريا: وطن منهك بين السيادة المزعومة والحقيقة المرة
- بين الفطرة والتطرّف
- -صموئيل بيكيت: انعكاسات عبثية على الوجود الإنساني-
- هويتنا المفقودة
- لقاء لأجل الجواب عن سؤال -ما العمل!؟-
- إلى أين نحن ذاهبون
- طفل الاغتصاب
- فانتازيا لامرئي
- حروف مفقودة وأمنية
- بحور الحياة: رحلة أبو نجوان بين زمردة الأمل وألم الوداع
- عبور الزمن: عندما يعود الماضي ليطارد الحاضر
- ناقد كاتب وشاعر: وقفة قصيرة مع المثقف مصطفى سليمان
- قمر، ولكن...!
- والمال بدّل أيديولوجية مسرحية تاجر البندقية
- بانتظار الغريبة
- لا يكفر من يصرخ من شدة الألم!
- أهو ذئب في ثوب حمل؟
- نموذج إنجليزي لتفادي المشاكل الاجتماعية السياسية


المزيد.....




- أردوغان يكشف عن أمر أسعده في سوريا بخصوص أبو محمد الجولاني
- في مسقط رأس آل الأسد.. سكان القرداحة بين الأمل في التغيير وا ...
- أزمة سقف الدين تتصاعد وشبح الإغلاق يلوح في الأفق: مجلس النوا ...
- تأهب عسكري تركي على حدود سوريا و-قسد- تستعد للتصدي لهجوم محت ...
- أكراد سوريا.. بين تحديات الوضع الجديد في دمشق وتهديدات أنقرة ...
- عادات الطعام في عيد الميلاد لدى الألم
- الجيش الإسرائيلي يطلق النار على سوري بدعوة تشكيله خطرا على ق ...
- إيران ترحب باقتراح بوتين المتعلق بدور القواعد الروسية في سور ...
- أوربان: الوضع على الجبهة يتغير يوميا لصالح روسيا
- السبب الرئيسي لعسر القراءة في بنية الدماغ


المزيد.....

- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف
- أنغام الربيع Spring Melodies / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - أكرم شلغين - الخوف: ثقافة عالمثالثية أم تركيب اجتماعي؟