|
سوريا أمام خطر التقسيم فأيّ دستور ل«سوريا الجديدة»؟
علي ابوحبله
الحوار المتمدن-العدد: 8196 - 2024 / 12 / 19 - 19:45
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
المحامي علي ابوحبله في ظل التغيرات التي تشهدها سوريا اثر سقوط النظام السابق وما تبع ذلك من فراغ دستوري ، واحتكار " هيئة تحرير الشام» بقيادة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) السلطة حتى الآن عبر الحكومة المؤقتة التي تتولى تسيير شؤون البلاد حتى مطلع شهر آذار المقبل، المرحلة الانتقالية لبناء سوريا الجديدة وما تحمله من مخاطر باتت بالفعل تتهدد خطر تقسيم سوريا ، والذي يقتضي تحويل سوريا إلى دويلات وتفتيتها إلى كيانات طائفية وعرقية، يأخذ حيّزاً كبيراً من التداول، فيما يتطلب ويستلزم إبعاده، بالضرورة، إطلاق حوار سوري - سوري يقدّم المصلحة الوطنية على ما عداها من قضايا أخرى ، أما وقد عادت خارطة التقسيم لتُنشر في الفضاء العام، وهي تشمل فدراليات " دمشق - حلب - المنطقة الساحلية - إدلب وحماة - حمص ومناطق البادية السورية - المنطقة الجنوبية ممثّلة بدرعا والسويداء" ، إلى جانب المنطقة الشرقية التي يجري تقسيمها إلى جزءين: " الأول يُحكم من قبل إدارة سنية، والثاني يكون تحت حكم مشترك بين مكوّنات محافظة الحسكة من الكرد والعرب وبقية الأقليات". قادت التحولات في سوريا بعد سقوط النظام ، إلى تبدل خرائط إقليمها ومساحته وأوزان اللاعبين المؤثرين فيه حتى شملت التغيرات ألوان علم سوريا وشعارها واسمها الرسمي، وقد شهدت الدولة السورية عمليات مختلفة ومستمرة لإعادة بناء الدولة وتشكيلها. بحسب مراقبون ومتابعين فان سوريا أمام أول تحول سياسي في تاريخها لا يتم من خلال انقلاب عسكري كما جرى خلال حقبة الخمسينيات والستينيات وما بعدها، وأن نهاية نظام الحزب الواحد الذي سيطر على الدولة المركزية السورية لمدة تجاوزت نصف قرن، وهرب رئيسه بشار الأسد عن العاصمة بعد 11 يوماً عن بدء الهجوم المفاجئ عليها بعد أن ظل ممسكاً بسلطته بها في وجه الثورة عليه لمدة زادت عن العقد، سيكون بمثابة نهاية للنظام وليس انهياراً للدولة السورية، كما يرى النظام، ويعتقد البعض أن نهاية النظام المفاجئة للبعض استغرقت سنوات وكانت متوقعة، ومن ثم فإن الحالة السورية مهيأة للانتقال إلى مرحلة جديدة يمكن أن يتحدد فيها شكل الدولة بناءً على دستورها المستقبلي، ولكنها تظل أمام سيناريوهات الأمر الواقع والتدخلات الإقليمية التي يمكن أن تؤدي إلى تصعيد وتفاقم الصراع، وبخاصة مع خسارة إيران أحد أقوى حلفائها من أنظمة وميليشياتها بالمنطقة على حد سواء، ووضع الميليشيات المدعومة منها في سوريا بعد سقوط الأسد، ودور وموقف ومستقبل الحضور والوجود العسكري للولايات المتحدة وروسيا في سوريا، ومسارات الصراع بين تركيا والأكراد. ان دعاة التقسيم يدفعون للتقسيم تحت مسمّى " اللامركزية الإدارية"، والذي تريد بعض الأطراف تضمينه في الدستور القادم. وبموجب عدد من الأطروحات القائمة على فكرة الفدرلة، تُترك دمشق عاصمة للبلاد تحت حكم سلطة اتحادية لا يمكنها المساس بالقرارات المحلية لكل إقليم وهويته، في حين تكون حلب إقليماً تجارياً مفتوحاً. كما أن إقليم " إدلب – حماة" يكون ذا طابع أُحادي، فيما إقليم حمص بوصفه عقدة مواصلات الطرق التجارية الأساسية في سوريا والقريبة من الحدود مع لبنان، يكون إقليماً متعدداً ذا صبغة مدنية. وأما إقليم الجنوب المرسوم لدرعا والسويداء، فيطغى عليه النفوذ الأردني بحكم العلاقات المجتمعية بين طائفتي السنّة والدروز في كلا البلدين. وبالانتقال إلى دير الزور والرقة، فالحديث يدور عن إقليم ذي طابع عشائري، فيما «إقليم الحسكة» يكون محكوماً بشكل مشترك من قبل مكوّناته وتحت إشراف القوات الأميركية التي ستبقى المسيطر على الحدود الشرقية للبلاد بما يضمن عدم اجتيازها من قبل فصائل المقاومة العراقية، لأي سبب كان، ويمنع دخول السلاح من العراق إلى سوريا ومن ثمّ إلى لبنان. ووفقاً للمعطيات، ثمة استدامة للسيطرة الأميركية على الحقول النفطية شرق الفرات، فيما تبدو القنيطرة وبقية المناطق القريبة من الشريط العازل مهدّدة باحتلال مستدام من قبل الاحتلال الإسرائيلي. وعلى رغم أن تلك المشاريع لا تزال كلامية، إلا أن بعض الخطوات والإجراءات على الأرض تبدو مساوقة لها بشكل أو بآخر. فعلى سبيل المثال، جاء تحرك الفصائل المسلحة في مدينة السويداء للسيطرة عليها، بتوجيه مباشر من رئيس " الطائفة الروحية للموحّدين الدروز" ، الشيخ حكمت الهجري، الذي كان قد أصدر بياناً يدعم فيه الحراك المسلح، وذلك " إثر تلقيه اتصالاً هاتفياً من نظيره في الأراضي الفلسطينية المحتلة موفق طريف" . وفي الوقت نفسه، تلقّت الفصائل المحلية " توجيهات مباشرة من قبل ضباط في قاعدة الاحتلال الأميركي في التنف بالتحرك، بما يضمن عدم تحرك "هيئة تحرير الشام" ، إلى داخل السويداء، ذات الغالبية الدرزية". وعلى خط مواز، تحركت «قوات سورية الديمقراطية» (قسد) في اتجاه مناطق غرب الفرات، وكذلك في اتجاه دير الزور للتعويض عن انسحاب القوات السورية، والذي أثار مخاوف من تمدد تنظيم " داعش". إلا أن الأمر لم يدم طويلاً، حتى تمددت قوات " تحرير الشام" نحو دير الزور، وأخرجت " قسد" منها نحو شرق الفرات، في حين أن الهجوم على مدينة منبج، كان هدفه حصر وجود " قسد" في مناطق شرق الفرات، حتى البدء بالمرحلة الثانية من العمليات ضدها. وفي هذا السياق، تشير مصادر كردية إلى أن " هناك مخاوف من حصر حدود عمل " الإدارة الذاتية" بمحافظة الحسكة التي يتواجد فيها المكوّن الكردي، وإجبار " قسد" على الانسحاب من مناطق محافظة الرقة ودير الزور لعدم وجود هذا المكوّن فيها، وبالتالي ستكون حقول النفط الأساسية في دير الزور (كونيكو - العمر - التنف)، بيد الحكومة المؤقتة" مصدر قريب من الائتلاف يشير إلى أن كتابة الدستور، بما في ذلك بنوده المرتبطة بشكل الدولة والحكم، باتت مسألة معقّدة؛ ففيما ترفض حكومة الجولاني وجود " الائتلاف" كمؤسسة سياسية في سوريا، لكنها لا تمنع دخول قياداته بصفتهم الشخصية، الأمر الذي ينبئ بوجود نوايا للاستفراد بكتابة الدستور، خصوصاً في ظل الممارسات التي تقوم بها حكومة الجولاني، مخالفة مهامها في " تسيير الأعمال" فقط. وبحسب المصدر أن الجولاني " يحاول حالياً إقناع الدول التي تتواصل معه بكتابة دستور يجعل من سوريا دولة واحدة تقوم على حكم مركزي بصلاحيات أوسع للمحافظين، الأمر الذي يثير خشية من نشوء نظام يشبه السابق من حيث التحكم بموارد الدولة وحياتها السياسية والتعليمية، فضلاً عن الخشية من أسلمة البلاد لدى التيارات المدنية والقوى السياسية الأخرى"
#علي_ابوحبله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكنيست وميزانية الاحتلال
-
اليوم العالمي للغة العربية ... كيف وصفت الأمم المتحدة أهمية
...
-
مستقبل سوريا الواعد يتطلب وحدة السوريين ووحدة الجغرافية السو
...
-
- لقاء العقبة- يندد بالاعتداءات الإسرائيلية ويدعم وحدة سوريا
-
تفاصيل معقده وعالقه .. هل اقترب التوصل لوقف إطلاق النار في غ
...
-
إسرائيل تتحين الفرص للانقضاض على السلطة الفلسطينية وتمرير مخ
...
-
نتنياهو في المحكمة بتهم فساد .. ( وتباين في المواقف )
-
في اليوم العالمي لحقوق الإنسان - ازدواجية المعايير في تطبيق
...
-
مطلوب تشكيل حكومة فلسطينيه تحقق الأمن وفرض سيادة القانون
-
-الاتحاد مع الشباب ضد الفساد - تشكيل نزاهة الغد- شعار اليوم
...
-
-انتفاضة الحجارة-.. الذكرى ال 37 عاما على انطلاقتها - نضال -
...
-
“إسرائيل تحارب لإنقاذ الحضارة الغربية”
-
التفكك العربي والخلافات العربية السبب في تداعيات ما وصلت إلي
...
-
الفاسد فى ثياب الناصحين!
-
أهداف اليوم العالمي للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة
-
مطلوب دور أكبر للاتحاد الأوروبي لوقف الصراع بالشرق الأوسط
-
المؤسسات والمنظمات الدولية يتوجب عليها التحقق في احتمال استخ
...
-
سوريا مستهدفه ضمن المخطط الصهيو أمريكي لإعادة ترسيم المنطقة
-
بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني
-
ثقافة الاستسلام و الخضوع
المزيد.....
-
هل يكترث الحوثيون بما يُخطَّط لهم بعد انهيار -محور المقاومة-
...
-
الحوثي يتحدث عن -المسار الذي يعمل عليه الإسرائيلي- في سوريا
...
-
بوتين: عن التحديات بصراحة وعن الفرص بأمل
-
بعد سقوط الأسد.. النمسا تعلق طلبات لجوء السوريين وتخطط لترحي
...
-
تتراوح بين 12 و16 مليار دولار... أين ثروة الأسد وعائلته وهل
...
-
أطفال في خضم حرب السودان.. الموت جوعا وتحت القصف
-
غوتيريش يرى -بصيص أمل- في سوريا ويرفض غارات إسرائيل
-
6 شهداء بالضفة والاحتلال يقتحم طولكم
-
بعد 14 شهرا على حرب غزة.. ماذا حققت المنظمات الحقوقية الفلسط
...
-
دير الزور تستعيد نبض الحياة وسط تحديات إعادة الإعمار
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|