أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - سعدي السعدي - بابل - مدينة الأسر















المزيد.....


بابل - مدينة الأسر


سعدي السعدي

الحوار المتمدن-العدد: 8195 - 2024 / 12 / 18 - 08:53
المحور: قضايا ثقافية
    


بابل .. مـديـنة الأسر
تأليف غوستاف بلومبري
ترجمة واعداد سعدي عواد السعدي

الجزء الأول

مقدمة المترجم

إن الدافع الأساسي لترجمة هذا الكتاب هو عرض صورة لبابل وكيف بدت إثناء عهد نبو خذ نصر، عن لسان كتاب أو مستشرقين غيرعرب. وهذا الكاتب واكب التنقيب الذي أجرته البعثة الألمانية الأولى إلى بابل ويشرح بالتفصيل عمليات التنقيب هذه.
يحاول الكاتب التعرض إلى بعض الأحداث التاريخية من ذاك الزمان إستشهاداً بما أملته عليه التنقيبات إضافة لمعلومات استقاها الكاتب من الكتاب المقدس - العهد القديم - ذلك أن هذا الكتاب كتب بالأساس بناءاً على طلب من اتحاد المبشرين الدينيين في السويد، ويبدوا انحياز الكاتب عندما يتعلق الأمر بآولئك اليهود الذين سباهم نبو خذ نصر في فترة نمو و ازدهار البابلية بكل مضامينها، حيث كان بناء بابل متمركزاً على استغلال العبيد إلى أبعد الحدود وكان نصيب اليهود من ذلك كثيراً. ولذلك جاء عداء اليهود التاريخي لبابل الذي كرسته أعمال الأنبياء المنصوص عليها في الكتاب المقدس - ولذلك أيضاً جاءت تسمية الكتاب " بابل - مدينة العبودية ". ومع ذلك، ولسلامة تسلسل مواد الكتاب وترابطها ولإعطاء المجال للقارئ أن يطلع على ما كتبه الآخرين خارج عالمنا العربي عن تاريخنا وتاريخ الحضارات التي عاشت في وادي الرافدين حرفياً والاطلاع على آرائهم الجيدة منها و السيئة ارتايت ابقاء محتويات الكتاب كما هي و بدون تصرف.
لقد وجدت أنه من المفيد أن أضيف فصولاً أخرى إلى الكتاب بهدف استكمال الموضوع بجوانبه المختلفة وفي الفهرست اشرت إلى تك الفصول كما اشرت إلى المصادر التي استقيت منها المعلومات، كما اضفت مجموعة من الصور إما بديلاً عن الصور الأصلية لكونها غير واضحة أو لتعميم الفائدة منها، ومعظم تلك الصور استحصلت عليها من مصادر سويدية والمانية وانكليزية وعربية.
وفي الوقت الذي آمل فيه أن يجد القارئ العزيز مواداً جديدة ومفيدة في هذا الكتاب أقدم شكري الجزيل إلى الصديق الراحل جاسم الولائي لمساعدته لي في تنقيح الترجمة في ستوكهولم 31 آب من العام 1995.. والشكر موصول الى الأخ فهيم السليم الذي ساهم ايضاً في التنقيح ..

الفصل الأول: خرائب بابل
(... وتكون بابل كوماً) ــ ارميا 51:37
لقد كانت من المدن الأكثر روعة..."تاج الملوك، فخر ومجد الكلدانيين"، "ملكة الملك" ... هكذا أطلق عليها الأنبياء ... برجها المفخرة، الذي كان مشهوراً بين كل الشعوب، أنتصب عالياً نحو السماء ... ملوك مقاتلون امتشقوا السلاح في مقدمة الجيوش المنتصرة عائدين إلى العاصمة في موكب احتفالي. (أنـظر صـوره رقـم 2) ... (على أنهار بابل هناك جلسنا، بكينا أيضاً... على شجرة الصفصاف في وسطها علقنا أعوادنا، لأنه سألنا الذين سبونا كلام ترنيمة ومعذبونا سألونا فرحاً قائلين رنموا لنا من ترنيمات صهيون. كيف ترنم ترنيمة الرب في أرض غريبة.) (المزامير 137:1-4). وبالرغم من لمعان المدينة وشموخها قال فيها الأنبياء: (وتكون بابل كوماً ومأوى ودهشاً وصفيراً بلا ساكن.) (ارميا: 51-37).
نامت بابل رقادها مفترشة رمل الصحراء الحار دهراً طويلاً. وفي عام 1899 جاءت إلى الخرائب بعثة المانية كبيرة تحت قيادة (الدكتور روبرت كولدوي) (Robert Koldewey). لقد أستخدم الدكتور كولدوي ثلاثمئة من المواطنين العرب لحفر وأزاحت الرمال إلى خارج الخرائب في شاحنات قلابة تسير على سكة حديدية. خمسـة عشر عاماً كان على هذا العمل أن يستمر بدون انقطاع حتى جاءت الحرب العالمية الأولى عام 1914 فأستدعي الألمان تبعاً لأوامر التعبئة وعندها انتهى العمل التنقيبي الذي بمساعدته يستطيع المرء إعطاء صورة جيدة عن بابل الشامخة وكيف بدت يوماص ما "بابل نبوخذ نصر - بابل ما قبل 2500 عاماً.
لنأخذ الخرائب بالتفصيل كما بدت للدكتور كولدوي ومساعديه عند قدومهم إلى بابل. لقد استعمل لهذا الغرض تصميماً زود بالأرقام، ومع مسحة من الخيال الخصب استطعنا وبثقة تامة وبدون صعوبات إنجاز جولة حول الخرائب. (أنظر الصورة رقم 3).
لقد وقعت أنظارنا أولاً وقبل كل شئ على ذلك الحزام الأبيض الذي يلتوي إلى الأمام عبر كامل المقاطعة، إنه نهر الفرات، ذلك النهر الذي يجري من الشمال وباتجاه الجنوب إنه يجري من الاتجاه حيث يقف الرقم (1) ويختفي في أعلى الصورة تماماً لكي يستمر جريانه جنوباً حتى الخليج (المقصود الخليج العربي هنا وكلما ورد ذكر كلمة - الخليج - لاحقاً - المترجم).
الجزء الأكبر من السنة يكون فيه مجرى النهر جافاً، ويصل عرض هذا المجرى إلى 100-200 متراص عندما تنحدر المياه شتاءً فيمتلئ إلى مستوى أعلى من مستوى الأراضي المحيطة به، فتجري مياهه عبر قنوات إلى الحقول الواقعة بالقرب من مجرى النهر. ويبقى الخصب دائم مادام الماء يجري. أشجار النخيل الشامخة والحقول الغرة الخضراء تشكل مع شواطئ النهر حزاماً يصل إلى حوالي 600 متراً عرضاً (2). خارج هذا الحزام تنتشر رمال الصحراء لتلتحف بابل القديمة. مشينا فوق الرمال فوصلنا إلى مرتفع شبيه بالسد طويلاً ومستقيماً، إنه سور المدينة الخارجي الذي يكشف عن وجوده هنا (3)، كخط خط بمسطرة يمتد أولاً باتجاه شرق الجنوب ثم ينحني عرضياً باتجاه الغرب مواصلاً حتى نهر الفرات. ومع ذلك فللمدينة سور داخلي أيضاً ميزناه من فوق اللحاف الرملي(4).
لنبقى عند سور المدينة الخارجي (3) حيث تجولنا على امتداده نحو الشمال. الأقدام تغطس في الرمال والشمس تتوهج في سماء زرقاء صافية والطريق طويل. كان طول السور (4400) متراً، ووصلنا إلى تلك النقطة التي ينحني عندها السور عرضياً نحو الغرب ليشكل شكلاً أشبه بالكلاّب حول هضبة مربعة الشكل (5)، كل ضلع فيها طوله (250) متراً وارتفاعه يصل إلى (20) متراً، تتخللها عدد من الأخاديد العميقة. أطلق العرب على هذه الهضبة أسم (بـابـل) (Babel)، هذا الأسم الذي يعود إلى عدة آلاف مـن السنين، أجيال جاءت وأخرى ذهبت ولكن أسم واحدة من أكثر مدن العالم روعة لازال باقياً تحمله أنقاض الهضبة التي نحتجب الآن ورائها. (صورة لهذه الهضبة نعرضها لكم في الصورة رقم 4).
أدرنا ظهورنا عن بابل وتجولنا إلى الجنوب على امتداد نهر الفرات، مشينا على رمال الصحراء الحارة ولكن سرعان ما احتضنتنا ظلال أشجار النخيل النامية في الحزام الخصب حيث الارواء مستمر (2).
عندما مررنا بتلك النقطة وصلنا ثانية إلى القبعة العظيمة، حيث تسطع الشمس عاكسة أضوائها على التاج الرملي. لقد وصلنا إلى هضبة كبيرة مربعة الشكل تمتد غرباً إلى ضفاف نهر الفرات، ويسميها العرب (القصر) (Kasr) (6). عندما حفر الدكتور كولدوي منقباً تكشفت له خرائب نبوخذ نصر (Nebukadnessar)، تلك التي كانت يوماً ما قصراً شامخاً. أسم هذه الهضبة يحمل في داخله كذلك صدى الحقيقة، فوجود الأنقاض يحمل شهادة تاريخية لذلك ...
لنقل وداعاً لخرائب القصر ونحث الخطى نحو الجنوب. هناك نصل إلى أرض منبسطة على شكل مستطيل ويبدوا هذا المستطيل في الصورة أبيض تماماً (يمتد بين الأرقام 6 و 7). في زاوية هذه المساحة الواقعة أقرب ما يكون إلى النهر وضعنا علامة مربع، تلك تبدوا غامضة. هناك يجد المرء أساس برج بابل الشهير. هذه الأرض المنبسطة التي توجد فيها الخرائب سميت عند العرب بـ (الصحن)(Sachen)، وهي تلك الأرض التي تحيط الهيكل وحيث كانت توجد هناك أيام نبوخذ نصر حديقة الهيكل الكبيرة التي ينتصب في داخلها البرج.
بعد اجتيازنا الصحن مباشرة وصلنا إلى الهضبة الأخيرة من الهضاب الثلاثة التي تشكل حقل خرائب بابل. هذه الهضبة سميت عند العرب (عمران بن علي) (Amran Ibn Ali)(7). في هذه الهضبة يوجد ضريح كبير يشبه المسجد، يقال أن جسد عمران الكبير، ذلك العربي المشهور، يستريح هناك. هذه الهضبة هي الأكثر ارتفاعاً بين حقول خرائب بابل. وكان على المرء أن يحفر (22) متراً كي يصل إلى هيكل أكبر آلهة بابل وأكثرهم رهبة (مردوخ) (Marduk) المقدس.
وصلنا إلى جنوب المدينة إلا أننا لم نستمر في السير طويلاً في هذه الناحية فخرجنا من خرائب هيكل مردوخ باتجاه سور المدينة الداخلي (من الرقم 7 إلى الرقم 4). على الحافة اليمنى من الرقم الأخير وضعنا علامة خط رفيع مستقيم يظهر تحت الرقم (8)، إنه خط السكة الحديدي نحو الشمال ويحتجب مباشرة عن الرؤيا. هذا هو الطريق نحو بغداد. نحو الجنوب تتبعنا هذا الخط بمحاذاة الرقم (8) وبمحاذاة الرقم (4) نازلين باتجاه سور المدينة الخارجي عبر الطريق الذي يمتد إلى الخليج. هناك حيث وضعنا رقم (4) على وجه التقريب، عند خط السكة الحديدية، توجد محطة توقف صغيرة، هي عبارة عن ألواح خشب ثبتت عميقاً في الرمال ودقّت إلى بعضها وكتب عليها هذه الكلمات: (محطة بابل). هذه هي محطة بابل - أي محطة عجيبة لمسيرة إنسانية طويلة رائعة هي بابل، أي مسيرة تطل (من أزمنة يطوقها الليل باتجاه هدف ما، يحتجب عنك وعن الإنسانية، ينزلق قروناً في دربك الصحراوي، يومك عبارة عن شعاع يومض شاحباً ضعيفاً - أنظر أمعن فيها فأن أمامها ضباباً وخلفها ليلاً. وأجدادك، حيث تنقل خطاك أنت على الدروب، يغطسون في الصحراء ... وتتساءل بخوف. يا كلي القدرة والجبروت إلى أين أحمل خطاي) - (فكتور ريدبيرغ) (Viktor Rydberg) -



#سعدي_السعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجدل والطبيعة وديالكتيك الطبيعة - الجزء الثاني
- الجدل والطبيعة وديالكتيك الطبيعة - الجزء الثالث
- الجدل والطبيعة وديالكتيك الطبيعة الجزء الأول
- الماركسيون والانتخابات - الجزء الثالث
- الماركسيون والانتخابات - الجزء الثاني
- الماركسيون والانتخابات - الجزء الاول
- النظرية الماركسية والتكتيكات الثورية - الجزء الخامس: النشاط ...
- النظرية الماركسية والتكتيكات الثورية - الجزء السادس: الماركس ...
- النظرية الماركسية والتكتيكات الثورية – ثالثاً: المنظمة
- النظرية الماركسية والتكتيكات الثورية - الجزء الرابع: الاستيل ...
- النظرية الماركسية والتكتيكات الثورية - الجزء الثاني: الطبقة ...
- النظرية الماركسية والتكتيكات الثورية - الجزء الأول - اختلافا ...
- افكار في موضوعة الضمان الاجتماعي
- عمار الحكيم وجمهورية العراق الاسلامية الفدرالية
- دعوة للمشاركة في الحوار حول العمل المشترك بين القوى اليسارية ...
- من اجل حملة لدعم دستور ديمقراطي في العراق
- أوقفوا اللعبة السياسية على اقدامها
- حجاب ام تيزاب
- المرأة العراقية والمجتمع العراقي إلى أين؟؟؟


المزيد.....




- مجلس الوزراء السعودي يوافق على -سلم رواتب الوظائف الهندسية-. ...
- إقلاع أول رحلة من مطار دمشق الدولي بعد سقوط نظام الأسد
- صيادون أمريكيون يصطادون دبا من أعلى شجرة ليسقط على أحدهم ويق ...
- الخارجية الروسية تؤكد طرح قضية الهجوم الإرهابي على كيريلوف ف ...
- سفير تركيا في مصر يرد على مشاركة بلاده في إسقاط بشار الأسد
- ماذا نعرف عن جزيرة مايوت التي رفضت الانضمام إلى الدول العربي ...
- مجلس الأمن يطالب بعملية سياسية -جامعة- في سوريا وروسيا أول ا ...
- أصول بمليارات الدولارات .. أين اختفت أموال عائلة الأسد؟
- كيف تحافظ على صحة دماغك وتقي نفسك من الخرف؟
- الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي برصاص فلسطينيين ...


المزيد.....

- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف
- أنغام الربيع Spring Melodies / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - سعدي السعدي - بابل - مدينة الأسر