أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - ندى الهاشمي - قصة تحدي














المزيد.....


قصة تحدي


ندى الهاشمي

الحوار المتمدن-العدد: 8195 - 2024 / 12 / 18 - 00:50
المحور: قضايا ثقافية
    


صراع من أجل النجاح ندى عبد القادر عبد الحميد / كلية الزراعة جامعة الانبار
كثيرا ما لفت انتباهي ذلك التشابه الكبير بين حياتي وحياة الكلية التي اخترتها للحصول على شهادة البكالوريوس, واتساءل في نفسي ( هل الاقدار هي من رتبت هذا الشبه أم مجرد صدفة؟), وقد يكون مبعث احساسي هذا هو مجريات الاحداث التي مر بها كلانا, فبعد دخولي الى كلية الزراعة في جامعة الانبار تعرضت انا وكليتي للعديد من المطبات والعواصف والتي كان كل واحد منها سببا كافيا لتدمير حياتنا ومستقبلنا, ففي الوقت الذي تعرضت حياتي لمنعطف خطير كاد يتسبب بتدمير حياتي وينهي آمالي بتحقيق احلامي, كانت كليتي هي الاخرى تتعرص لهجمة شرسة كادت تتسبب بتوقف مسيرتها العلمية بعد أن تم تدمير اجزاء مهمة منها بسبب احتلال مدينة الرمادي من قبل عصابات داعش الارهابية, تلك الكارثة التي حلت بالمدينة وما نتج عنها من محنة تهجير الناس وتركهم لبيوتهم حتى غدت مدينة اشباح وفرغت الكلية من طلبتها واساتذتها وتوقفت الحياة فيها, واضطرت الكلية البحث عن مواقع بديلة في بغداد وكركوك لإكمال مسيرتها, وفجأة وجدنا انفسنا متفرقين ومشتتين بعيدا عن أروقة كليتنا العزيزة, ومع كل الالم والحزن الذي كنت أشعر به بعد النزوح بعيدا عن بيتي وكليتي, ومع رؤية صور الدمار الهائل الذي اصاب مدينة الرمادي والتي كانت تشبه صور الدمار في افلام الحرب العالمية الثانية, الا أن صور الدمار الذي أصاب بنايات كلية الزراعة كانت أكثر ايلاما وقسوة, فقاعاتها وممراتها مهجورة و فارغة من طلبتها واساتذتها وحتى اشجارها بدت ذابلة وميتة, وطغى اللون الرمادي على باقي الألوان ومع كل هذه الاوقات الصعبة التي رافقتني, ومع كم الانكسارات الخاصة التي تعرضت لها خلال مسيرتي الدراسية وجدت نفسي مجبرة على ترك مقاعد الدراسة والانكفاء في البيت وقد كانت احدى اهداف قوى الجهل والظلام أن تتوقف الدراسة في المدارس والجامعات ويحل الخراب والموت والدمار في كل البلاد.
ومع مرور الوقت صرت اتقبل الوضع الجديد واتكيف معه, وكنت اشغل نفسي بالقراءة, ووسط كل هذه الفوضى من حولي غير انني أدركت ان هذه الاوقات العصيبة والعسيرة ستصنع مني انسانة أقوى قادرة على قهر الظروف ومواجهة المحن, فالسعادة الدائمة لن تتسبب في تطوير القدرات وان تخلق مني كاتبة متمكنة, وايقنت أن الجحيم الحقيقي هو معاناة ألا أكون قادرةً على إكمال دراستي الجامعية ولذلك قررت الشروع فيها وإكمالها مهما كانت حجم التحديات وكنت بانتظار اللحظة المناسبة التي تعيدني الى صفوف الدراسة, وقد استبشرنا خيرا بعد شروع القوات العراقية في بدء معركة تحرير مدن الانبار وقد كانت اللحظة الفارقة الأكثر تأثيرا في نفسي هي لحظة رفع العلم العراقي مجددا فوق بنايات جامعة الانبار بعد تحريرها من عصابات داعش, تلك اللحظة كانت بمثابة بث الروح مجددا في جسد مشلول, وهي من ألهمتني فكرة العودة الى الجامعة’ رافعة علم التحدي لمواصلة دراستي, وهو ما تحقق بعدما عدت مجددا الى بيتي في الرمادي ملتحقة بكلية الزراعة التي عادت الى مقرها الأصلي وبدت رحلة اعادة البناء الجديدة نافضة غبار الدمار والتخلف والموت الذي زرعته قوى الظلام.
كنت استمد عزيمتي في الدراسة من مشاهد الكلية التي رفعت سقف التحديات فصارت تبني بيد وترفع لواء العلم بيد اخرى, والكل فيها يسعى في سباق مع الزمن لإعمارها وبناء ما تدمر منها, وما هي الا أشهر حتى حققت الكلية تقدما كبيرا وعادت بقوة للمنافسة في اعتلاء المراكز الاولى بين قريناتها في العراق وحققت التفوق في أكثر من محور من محاور المفاضلة, وفعلت مثل كليتي في سعي محموم لتحقيق التقدم المنشود والذي يجعل أهلي وابني وابنتي يفتخرون بي, ووجدت نفسي على أعتاب التخرج بعد رحلة شاقة ومتعبة.
وبعد التخرج قدر الله أن اتعين في وزارة الزراعة العراقية في محطة بحوث الدوار قرب مدينة الرمادي, وشاءت الاقدار ان يتم نقلي الى كلية الزراعة في جامعة الانبار لتتحقق امنيتي ولأبدأ رحلة جديدة في نفس الكلية التي علمتني إن أعظم شيء تتفوق به على نفسك هو موهبة التحدي وقهر الظروف والصعاب, ومع أن التجارب الشخصية القاسية التي واجهتها كانت كافية لتهد الجبال غير انني قاومت لأجل اثبات ذاتي ومن أجل مستقبل اطفالي.
ان قصة نجاحي ليست قصة عابرة, بل هي رحلة شاقة مليئة بالتحديات, وهي تظهر كيف يمكن لظروف الحياة الصعبة أن تحول شخصاً عاديًا إلى رمز للقوة والعزيمة, ومع أن النجاح قد يبدو مغريًا، إلا أنه لا يأتي بسهولة, وان علينا أن نتذكر دائمًا أن الطريق إلى النجاح ليس مفروشًا بالزهور دائما، بل قد يكون مرعبًا في بعض الأحيان.



#ندى_الهاشمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ( ابو الوردي ) النرجسي
- ستون عاما من الحياة
- الاسبوع الريادي في كلية الزراعة جامعة الانبار
- اليتيم ..بين الألم والامل
- انا ... وعزلتي
- الابتزاز ... الى اين؟
- نجاحات جامعة الانبار
- التحرش مرض خطير


المزيد.....




- السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات ...
- علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
- ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
- مصادر مثالية للبروتين النباتي
- هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل ...
- الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
- سوريا وغاز قطر
- الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع ...
- مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو ...
- مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا


المزيد.....

- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف
- أنغام الربيع Spring Melodies / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - ندى الهاشمي - قصة تحدي