أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسام عامر - محرك الابتكار هو التمويل الحكومي للبحث والتطوير، وليس الرأسمالية















المزيد.....

محرك الابتكار هو التمويل الحكومي للبحث والتطوير، وليس الرأسمالية


حسام عامر

الحوار المتمدن-العدد: 8191 - 2024 / 12 / 14 - 18:11
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الكاتب: ستيفن جوانز

ترجمة: حسام عامر

يزعم مؤيدو اقتصاد السوق الحر أن الاقتصاد المملوك والمخطط له من قبل القطاع العام يعيق الابتكار، وأن السوق الحر يحفزه. ان كان ذلك صحيحا، كيف نفسر التالي:
1. تفوّق الاتحاد السوفيتي على أمريكا في مجال الفضاء في الخمسينيات، واحرازه عددا من الإنجازات التي لم يسبقه اليها أحد في استكشاف الفضاء، مما أدى الى حالة ذعر في واشنطن.
2. معظم الابتكارات في أمريكا، من الانترنت الى خوارزميات محرك البحث جوجل وهاتف الأي فون، بنيت على التمويل الحكومي، وليس على استثمارات القطاع الخاص.

الحقيقة المتعلقة بالابتكار هي عكس ما يزعم مؤيدو اقتصاد السوق الحر. ما يحرك الابتكار هو تخطيط وتمويل القطاع العام، وليس السوق الحر.

إنجازات الاتحاد السوفيتي الفضائية مبهرة، وتفوقت على الإنجازات الأمريكية. تتضمن تلك الإنجازات أول قمر صناعي، وأول حيوان يصل الى مدار أرضي، وأول انسان يصل الى مدار أرضي، وأول امرأة تصل الى مدار أرضي، وأول مشي في الفضاء، وأول ملامسة لسطح القمر، وأول صورة للجانب البعيد من القمر، وأول هبوط لمركبة غير مأهولة على القمر، وأول عربة استكشافية فضائية، وأول محطة فضائية، وأول قمر صناعي يعبر بجانب كوكب آخر. أدى الذعر الذي حدث في واشنطن بسبب تفوق الاتحاد السوفيتي على أمريكا في مجال الفضاء الى دفع أمريكا نحو تقليد الاتحاد السوفيتي. كما فعل الاتحاد السوفيتي، استعملت أمريكا المال العام لدعم البحث والتطوير. تم ذلك بواسطة وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة (داربا). جرى نقل المال العام عبر داربا الى علماء ومهندسين ليقوموا بإجراء أبحاث عسكرية وفضائية وغيرها. الكثير من الابتكارات التي انتجتها داربا وجدت نفسها في نهاية المطاف بأيدي مستثمري القطاع الخاص الذين استعملوها من أجل تحقيق أرباح خاصة.(1) وبهذا، تجنب مستثمرو القطاع الخاص المخاطرة برؤوس أموالهم، على عكس رواية أحدى أساطير السوق الحر. تزعم تلك الأسطورة أن الرأسماليين من أصحاب الجرأة وبعد النظر يحصدون أرباحا ضخمة مكافئة لهم على المخاطرة برؤوس أموالهم التي أنفقوها على البحث والتطوير الذي قد لا يعود عليهم بأي مردود. لكن، حقيقة الأمر تختلف عن تلك الأسطورة. ما هو أفضل بكثير بالنسبة الى مستثمري القطاع الخاص هو استثمار رؤوس أموالهم في مشاريع خطورتها أقل وعوائدها أسرع، مع إلقاء عبء تمويل البحث والتطوير والمخاطر الاستثمارية المتعلقة بهم على المال العام. استخدم مستثمرو القطاع الخاص أموالهم ونفوذهم وعلاقاتهم للضغط على السياسيين من أجل العمل بهذا الترتيب، ونجحوا في ذلك. اذا، اقتصاد السوق الحر مبني على نظام استغلالي: يتحمل القطاع العام مخاطر الاستثمار في البحث والتطوير، ويحصد القطاع الخاص ثمار ذلك الاستثمار.

وجدت دراسة أعدها بلوك وكيلر (2008) أنه بين الأعوام 1971 و2006، 77 من أبرز 88 ابتكار ذكرتهم مجلة البحث والتطوير R&D، جرى تمويلهم بشكل كامل من قبل الحكومة الأمريكية.(2) يشير الكاتب في صحيفة الغارديان سوماس ميلني في تلخيصه لدراسة أعدتها الاقتصادية ماريانا مازوكاتو (2012) الى أن "الخوارزميات التي يستند عليها نجاح جوجل جرى تمويلها من قبل القطاع العام. التكنولوجيا الموجودة في هاتف الأي فون اخترعت في القطاع العام. في أمريكا وبريطانيا، كانت الدولة، وليس شركات الأدوية الضخمة، هي التي مولت معظم أبحاث أدوية الكيان الجزيئي، ومن بعدها قام القطاع الخاص بتطوير بعض التعديلات عليها. وفي فنلندا، موّل القطاع العام بدايات تطوير هاتف النوكيا النقّال، وحقق أرباحا من ذلك."(3)

الطاقة النووية وتكنولوجيا الأقمار الصناعية والانترنت هي أمثلة أخرى على ابتكارات نتجت عن تمويل القطاع العام، وجرى استخدامها منذ ابتكارها لتحقيق أرباح خاصّة. اعترف الرئيس باراك أوباما بالطبيعية الاحتيالية لاقتصاد السوق الحر في خطاب حالة الاتحاد عام 2011. قال أوباما ان "نظام اقتصاد السوق الحر الخاص بنا هو محرك الابتكار." لكنه ناقض نفسه مباشرة بالقول "لكن بسبب أنه ليس دائما من المربح للشركات أن تستثمر في البحث والتطوير الأولي، لعبت الحكومة الأمريكية عبر تاريخنا كله دور تقديم الدعم الذي يحتاجه نخب العلماء والمخترعين."(4)

يشير كل هذا الى الحقائق التالية. أولا، دعمت أمريكا الابتكار في اقتصادها عبر تقليد النموذج السوفيتي، حيث قادت الدولة البحث والتطوير لأن اقتصاد السوق الحر لم يكن قادرا على القيام بتلك المهمة. ثانيا، بدلا من تقليد الاتحاد السوفيتي في تعميم المنفعة، تقوم أمريكا بإنفاق المال العام على البحث والتطوير من أجل تخصيصها. يمكن استنتاج حقيقة ثالثة من الحقيقة الثانية: وهي أن الاتحاد السوفيتي عمّم المنفعة الناتجة عن المخاطر الاستثمارية التي تحمّل عبئها عامّة الناس، بينما قامت أمريكا بخصخصتها، وهذا يعكس الطبيعة المتناقضة للمجتمعين: أحدهما مجتمع منظم لخدمة المنفعة العامّة، والآخر مجتمع تهيمن عليه الشركات ومنظم لخدمة أقلية أصحاب الشركات. الرأسمالية، وكما اعترف الرئيس أوباما، لا تشجع الابتكار، "لأنه ليس دائما من المربح للشركات أن تستثمر في البحث والتطوير الأولي." في المقابل، المال العام الموجه من قبل الدولة هو مصدر الابتكار. اذا، من الواضح أن هناك أجندة سياسية تروج لأسطورتين: الأولى هي أن الاقتصاد المملوك والمخطط له من قبل القطاع العام يعيق الابتكار، والثانية هي أن النظام المستند على الربح يحفز الابتكار.

المراجع:
(1)Mazzucato, Mariana (2011). The Entrepreneurial State, Demos, 2011 http://www.demos.co.uk/files/Entrepreneurial_State_-_web.pdf?1310116014
(2)Block, Fred and Keller, Matthew R (2008). “Where do innovations come from? Transformations in the U.S. national innovation system, 1970-2006,” Technology and Innovation Foundation, July 2008. http://www.itif.org/files/Where_do_innovations_come_from.pdf
(3)Milne, Seumas (2012). “Budget 2012: George Osborne is stuck in a failed economic model, circa 1979,” The Guardian (UK), March 20, 2012.
(4)https://obamawhitehouse.archives.gov/the-press-office/2011/01/25/remarks-president-barack-obama-state--union--address-prepared-delivery

ملاحظة المترجم: هذا المقال مقتبس من مقال نشره الكاتب ستيفن جوانز على مدونته عام 2012 وعنوانه:
?Do Publicly Owned, Planned Economies Work



#حسام_عامر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تستهدف أمريكا إيران؟
- النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا ...
- ما سبب انهيار الاتحاد السوفيتي؟
- لماذا استهدف الغرب ليبيا ولم يستهدف البحرين خلال أحداث الخري ...
- ما الذي يجعل أمريكا أغنى من شركائها في مجموعة الدول الصناعية ...
- الحمائية...توجد الحقيقة على ورقة ال10--$--.
- مبروك يا سيادة الرئيس! مبروك بوليفيا!
- قلب أسطورة الفساد رأساً على عقب
- حقيقة التفاوت الصارخ في توزيع الثروة العالمية
- مصر النيوليبرالية: الثورة المختطفة


المزيد.....




- رسالة جديدة من أوجلان إلى -شعبنا الذي استجاب للنداء-
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 31 مارس 2025
- حزب التقدم والاشتراكية ينعي الرفيق علي كرزازي
- في ذكرى المنسيِّ من 23 مارس: المنظمة الثورية
- محكمة فرنسية تدين زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان في قضية ا ...
- القضاء الفرنسي يدين زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان باختلاس ...
- م.م.ن.ص// في ذكرى يوم الأرض: المقاومة وجرح الكون النابض
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية ضي ...
- في ذكرى يوم الأرض: شعب يستشهد محتضنا أرضه لن يُهزم
- مسيرات بإسبانيا تضامنا مع فلسطين بذكرى يوم الأرض


المزيد.....

- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان
- قراءة ماركسية عن (أصول اليمين المتطرف في بلجيكا) مجلة نضال ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسائل بوب أفاكيان على وسائل التواصل الإجتماعي 2024 / شادي الشماوي
- نظرية ماركس حول -الصدع الأيضي-: الأسس الكلاسيكية لعلم الاجتم ... / بندر نوري
- الذكاء الاصطناعي، رؤية اشتراكية / رزكار عقراوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسام عامر - محرك الابتكار هو التمويل الحكومي للبحث والتطوير، وليس الرأسمالية