أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عماد عبد اللطيف سالم - إشكاليات التعاون والتعارض والتنسيق بين الأطر المؤسسية المُنظِّمة لعملية الانتقال إلى القطاع المنظَّم في الاقتصاد















المزيد.....



إشكاليات التعاون والتعارض والتنسيق بين الأطر المؤسسية المُنظِّمة لعملية الانتقال إلى القطاع المنظَّم في الاقتصاد


عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث

(Imad A.salim)


الحوار المتمدن-العدد: 8191 - 2024 / 12 / 14 - 00:20
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


المقدمة
هدف البحث
إنّ الهدف الرئيس لهذا البحث هو الكشف عن أوجه عدم التعاون والتنسيق بين الجهات المعنيّة بتطبيق أحكام قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال رقم 18 لسنة 2023، وذلك بقدر تعلّق الأمر بقدرة هذا القانون على توسيع نطاق الشمول باشتراطاته ( بشكل عام)، وبتسريع وتيرة الانتقال من القطاع غير المنظّم إلى القطاع المنظّم في الاقتصاد( بشكل خاص).
فرضية البحث:
يقوم البحث على فرضيّة أساسية مفادها "أن الإطار المؤسّسي المعني بعملية الانتقال إلى القطاع المنظّم في الاقتصاد (وبالامتثال لأحكام قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال رقم 18 لسنة 2023)، يتأسّس ويعمل على وفق إشكالية رئيسة تتعلّق بطبيعة تكوينه ذاتها، وبالإطار القانوني الذي قام بتحديد الجهات ذات العلاقة ضمن هذا الإطار، وبالأدوار والوظائف والمسؤوليات المنوطة بكلّ جهة منها.
سيتم التركيز في هذا البحث على طبيعة العلاقة بين الجهات المُمثِّلة لـ "الشركاء" و"أصحاب المصلحة" بقدر تعلّق الأمر بأدوارهم في انجاز هذه العملية، وعلى ما يعتقد الباحث بأنّه "خلل بنيوي" و "قانوني" في الآليات المنظمّة لهذه الأدوار، هذا الخلل الذي يمكن أن يكون نتيجة منطقية لطبيعة وخصائص وسمات عملية "تكوين" الجهات (الحكومية والخاصة)، والمنظمات والاتحادات والنقابات المهنية المعنيّة بالموضوع الرئيس لهذا البحث على وجه التحديد.
كما سيتم التطرق (كلّما كان ذلك ضروريّاً) إلى الإطار القانوني المنظّم لعملية توسعة الشمول والانتقال، وذلك بقدر تعلّق الأمر بالقيود والأحكام والتخصصات والصلاحيات وضوابط العمل والحركة التي يفرضها هذا "الإطار القانوني" على فاعلية "الإطار المؤسسي"، في سعيهما معاً لتحقيق "دالّة هدف" يُفترَض بها أن تكون واحدة، وواضحة ومحددّة ومتّسِقة، وذات آثار طويلة الأجل في هذا المجال.
ويعتقد الباحث أنّ "السياق الثقافي" و "منظومة القيم"، و"السلوك المجتمعي"، تمارس (كلّها معاً) دوراً مهما في تحديد أنماط التصرّف والتعامل مع الإطار المؤسّسي المعني بعملية الانتقال إلى القطاع المنظَم في الاقتصاد، وأن لهذا "السياق"، وهذه "المنظومة"، وهذا "السلوك" دورٌ هام في خلق "الدافع" الرئيس لقبول العاملين وأرباب العمل باشتراطات الانتقال إلى القطاع المنظّم في الاقتصاد.
وسيعيد الباحث التأكيد في هذا البحث على أهمية مبدأ "الكلفة – العائد" بعدّه عنصراً حاسماً في اتخاذ العمال وأرباب العمل قرار الانتقال (من عدمه) إلى قطاع العمل المنظّم في الاقتصاد (وما يرتبط بذلك من منظومات حماية وضمان قصيرة وطويلة الأجل)، لأنّ تجاهل ذلك سيقوّض أيّ جهد قانوني أو مؤسّسي يتم بذله في هذا المجال.
سيعتمد هذا البحث على "التحليل" بشكل رئيس، وبالرجوع إلى قلّة من المصادر التي تطرّقت للتفاصيل المماثلة وذات الصلة بموضوع البحث الرئيس.
وسيحاول الباحث صياغة "توصيات" مناسبة، كلّما كان ذلك ممكنا، بالاستناد إلى الخلاصات والمعطيات الرئيسة التي وردت في سياق النصّ.
أولاً: إشكاليّات التعاون والتنسيق مع منظمة العمل الدولية في العراق
أسّست منظمة العمل الدولية أول مكتب قطري لها في بغداد في عام 2020. وخلال مدّة قصيرة تمكنّ مكتب المنسق القطري لمنظمة العمل الدولية، من وضع آليات وقواعد للتنسيق والتعاون بين المنظمة وشركائها في العراق، بهدف وضع وتعزيز سياسات كفوءة للتشغيل والمساعدة في إقرار تشريعات قابلة للتطبيق تسمح بالانتقال السريع لقطاع واسع من العاملين في القطاع غير المنظّم إلى القطاع المنظّم من الاقتصاد، وترسيخ مبادئ العمل اللائق في البلاد.
في 22 مارس / آذار 2023 صادقت حكومة العراق على اتفاقية منظمة العمل الدولية للضمان الاجتماعي (المعايير الدنيا) بصيغتها المعدلة. وهذا يجعل العراق ثاني دولة في المنطقة تصادق على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 102 للضمان الاجتماعي، بعد الأردن.
إن اتفاقية الضمان الاجتماعي لمنظمة العمل الدولية رقم 102 هي أساس جميع اتفاقيات منظمة العمل الدولية المتعلقة بالضمان الاجتماعي . وهي تحدد المعايير الدنيا للفروع التسعة للضمان الاجتماعي، وهي: الرعاية الطبية والاستحقاقات الأسرية واستحقاقات الأمومة واستحقاقات المرض واستحقاقات البطالة واستحقاقات إصابات العمل واستحقاقات الشيخوخة واستحقاقات العجز واستحقاقات الخَلَف. وأكد تصديق العراق على الاتفاقية (رقم 102) على التزامه بتكريس الضمان الاجتماعي كحق أصيل وبإصلاح التشريعات واللوائح الوطنية لتعزيز الحماية القانونية والضمانات للعمال وتحسين بيئة الأعمال.
وبالتعاون مع المنسّق القطري لمنظمة العمل الدولية تعمل حكومة العراق، بما في ذلك حكومة إقليم كوردستان، على مراجعة وتعديل وإقرار تشريعات الضمان الاجتماعي. وفي الوقت الحالي يتمتع نظام الضمان الاجتماعي للعاملين في القطاع الخاص في العراق بحد أدنى من التغطية، ويفتقر أيضًا إلى آليات فاعلة وكفوءة للتعاون والتنسيق، تسمح بتحقيق الامتثال الضروري لأحكام هذه التشريعات.
إن دعم عملية توسيع نطاق تغطية الضمان الاجتماعي ليشمل العاملين في القطاع الخاص يعد من الأولويات الرئيسة لمنظمة العمل الدولية في إطار برنامج مموّل من الاتحاد الأوروبي لإصلاح نظم الحماية الاجتماعية الذي يتم تنفيذه بشكل مشترك من قبل حكومة العراق واليونيسيف ومنظمة العمل الدولية و برنامج الأغذية العالمي.
تعمل منظمة العمل الدولية بشكل وثيق مع ممثلي الحكومة العراقية (وإقليم كردستان) والعمال وأصحاب العمل ومجلس النواب، بشأن طبيعة وأهداف التشريعات الجديدة ذات الصلة، و تقييم جدواها عند التطبيق، وضمان الامتثال المطلوب لها من قبل جميع الأطراف المعنيّة بها، وإدخال التعديلات المقترحة عليها كلّما كان ذلك ضرورياً. وبهذا الصدد ترى المنسقة القطرية لمنظمة العمل الدولية في العراق السيدة مها نفّاع " أن عملية الإصلاح القانوني هذه تهدف لجعل التشريع الوطني أكثر تمشيا مع اتفاقية منظمة العمل الدولية للضمان الاجتماعي، وأنّ هذا أمر بالغ الأهمية لضمان نظام حماية اجتماعية أكثر شمولاً للعمال والأجيال القادمة في العراق". وقد أقرّت الحكومة العراقية (الاتحادية) وحكومة إقليم كردستان أهم مشاريع هذه القوانين، وذلك بهدف أن يعمل الإطار المؤسسي – القانوني في العراق، وبشكل مُنظّم ومتناسق ومتكامل، على تعزيز استدامة أنظمة التقاعد والضمان الاجتماعي وتوسيع نطاق الاستحقاقات، ودعم توسيع التغطية القانونية للعمال في الاقتصاد غير المنظم ، الذين يمثلون 66.6 ٪ من إجمالي عدد العمال في العراق. قد أقام مركز التدريب الدولي التابع لمنظمة العمل الدولية (ITC-ILO) العديد من ورش العمل حول الموضوعات الرئيسة المتعلّقة بتنفيذ قانون العمل الجديد( قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال رقم 18 لسنة 2023) (1).
غير أنّ هذا الجهد ما يزال غير كافٍ، لأنّ منظمة العمل الدولية (من خلال منسّقها القطري في العراق) تقوم بدور "توجيهي" و"ارشادي" و"داعِم"، ولا يمكن لها أن تقوم بالعمل كلّه،
وبالتالي فإنّ على جميع الاطراف و"أصحاب المصلحة" المعنيّين بهذا الموضوع تنفيذ أجندة عمل واسعة، متكاملة ومترابطة وذات أهداف محددة وواضحة وقابلة للرصد والمتابعة والتقييم، وإنّ على جميع الجهات ذات الصلة بذلك (حكومية أكانت أم خاصّة) أن تنغمس على نحوٍ جاد، ليس فقط في تعميم وإيضاح تفاصيل هذه العملية وبيان منافعها وجدواها (على المدى القصير والطويل)، بل في "غرس" المفاهيم والمباديء المتعلّقة بموضوع الحماية الاجتماعية، ونظم (وأساليب) تمويلها، والسياسات الكفيلة بحوكمتها، وتهيئة متطلبات "التقييم الأكتواري" لها (على نحو مرحلي ودائم)، وعلى التخطيط الاستراتيجي وإدارة المخاطر ومعايير الخدمة المرتبطة بها، وعلى تنمية وتطوير رأس المال البشري القادر على استخدام التكنولوجيا اللازمة لإنجاز كل ذلك.
__________________________________
(1) - جريدة الوقائع العراقية، العدد 4734، 28 آب 2023
ثانياً: إشكاليات عمل الجهات المكوِّنة للإطار المؤسّسي - القانوني- المعني بقضايا الحماية الاجتماعية للعمال في العراق
سيعتمد الباحث في تحديد هذه "الجهات" على ما ورد في المادة -6- أولاً من قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال (رقم 18 لسنة 2023)، حول تشكيل مجلس إدارة صندوق التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال، المُكوَّن مما يأتي:
أ- وكيل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية
ب- مدير عام دائرة التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال (وزارة العمل والشؤون الاجتماعية)
ج- مدير عام دائرة صندوق تقاعد موظفي الدولة (هيئة التقاعد الوطنية)
د- مدير عام دائرة العمل والتدريب المهني ( وزارة العمل والشؤون الاجتماعية)
هـ - مدير عام دائرة الموازنة (وزارة المالية)
و- مدير عام دائرة الصحة العامة ( وزارة الصحة)
ز- خبير اقتصادي( ممثّل عن البنك المركزي)
ح- ممثل عن اتحاد المقاولين
ط - ممثلين اثنين من اتحادات نقابات العمال
ي - ممثلين اثنين عن اتحاد الصناعات العراقي.
ك – ممثل عن اتحاد الغرف التجارية العراقية.
ولن يقوم الباحث بالتطرق بشكل تفصيلي إلى أدوار و وظائف جميع هذه الجهات، بل بما يرى أنّها الجهة التي ينطوي عملها على "إشكاليّات" محددة ذات صلة بالعمل والتعاون والتنسيق (وذلك بقدر تعلّق الأمر بموضوع البحث الرئيس). وسيكون لتوفّر البيانات والمعلومات ذات الصلة، والخاصة بهذه الجهات، دوراً مهمّا في التركيز على جهة دون أخرى، ويمكن لمن تتوفر له بيانات ومعلومات تفصيلية، استكمال وتقويم ما سيتم عرضه في سياق هذا البحث.
استناداً لما تقدّم، سيقوم الباحث بتصنيف (وتوصيف) الجهات المعنيّة بموضوع البحث، كما يأتي:
1-إشكاليّات عمل الجهات الحكومية (الرئيسة) المعنيّة بتحقيق الامتثال لأحكام قوانين العمل والتقاعد والضمان الاجتماعي للعمال

هذه الجهات هي وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، و وزارة المالية، و وزارة التخطيط.
ومن المفارقات الغريبة أن وزارة التخطيط غير مُمثّلة لا في مجلس إدارة صندوق قانون التقاعد الموحّد (رقم 9 لسنة 2014)، ولا في مجلس إدارة صندوق قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال (رقم 18 لسنة 2023)،
مع أن هذه الوزارة هي المسؤولة عن اعداد خطط التنمية الوطنية، وهي المعنيّة نتيجة لذلك(وبالضرورة) بوضع الخطوط والاتجاهات الرئيسة للاستراتيجيات القطاعيّة( الصناعية والزراعية..) وسياسات التشغيل، واستراتيجيات الحدّ من الفقر والبطالة والهشاشة والحرمان، وضمان العمل اللائق، وتطوير القطاع الخاص، وتنظيم سوق العمل، وتسريع عملية انتقال العاملين من القطاع غير المنظّم إلى القطاع المنظّم في الاقتصاد.
لذا سيقتصر ما سيتم تناوله في هذا المحور على عرض وتحليل مختصر لدور وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ، ووزارة المالية، في تحقيق درجة مقبولة من الامتثال للقوانين النافدة، وذلك بقدر تعلّق الأمر بموضوع البحث الرئيس.
أ- وزارة العمل والشؤون الاجتماعية
تتصرّف وزارة العمل كمؤسسة حكومية في مرحلة اعداد مشاريع قوانين العمل والضمان. والنتيجة ستكون أن هذه الوزارة ستحافظ على سلوك وسياسات وتتبنى توجّهات لا تتقاطع مع التوجّهات الحكومية (عموماً)، ومع توجهات وزارة المالية (بشكل خاص).
وهكذا ينتهي الأمر بإقرار تشريع لتقاعد وضمان العمال يفتقر الى التناغم في وسائل تحقيق أهدافه الرئيسة، مع أحكام قانون التقاعد الموحّد للموظفين. أمّا بعد تشريع القانون فإن دور وزارة العمل والشؤون الاجتماعية سيكون متواضعاً، أو بطيئاً، ولا يتناسب مع التزاماتها ومسؤولياتها في تنفيذ هذا القانون بعد نفاده.
إنّ هناك تقصير واضح وكبير في انجاز الوزارة لعمليات تفتيش كافية وكفوءة، وهناك شبهات فساد تحوم حول طبيعة عمل صندوق التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال، وخصوصاً حول كيفية التصرّف بموارد هذا الصندوق (وهذه الشبهات تعود أساساً لانعدام الشفافية في هذا المجال)،
وهناك تلكؤ في اصدار التعليمات التفصيلية اللازمة لتنفيذ القوانين الجديدة، وهناك افتقار شديد للقدرة على إدارة حوارات تعمل على تحديد(أو تعديل) الحدود الدنيا للأجور والرواتب التقاعدية ومدد الاستحقاق الواردة في القوانين النافدة الخاصة بالعمال(على سبيل المثال للحصر)،
كما أنّ هناك ضعف في امكانات وخبرات كوادر الوزارة في مجال تطوير آليات العمل وإدارة عمليات التنسيق والمتابعة مع جميع الشركاء وأصحاب المصلحة المعنيّين بهذه الموضوعات.
وعندما تتحوّل وزارة العمل من إدارة استشاريّة - مهنيّة - تنفيذية- تنسيقيّة عليا هدفها وضع سياسات التشغيل وتنظيم سوق العمل، إلى "أداة" لتنفيذ البرامج السياسية – الانتخابية للحكومات والقوى السياسية النافذة في العراق، فإنها ستعمل على تفريغ القوانين التي ساهمت هي بأعدادها من محتواها، وستقوِّض تحقيق هذه القوانين لأهدافها الرئيسة.
إنّ قبول الوزارة بتوسيع قاعدة المستفيدين من شبكة الحماية الاجتماعية (دون انجاز عملية اصلاح نظام ومعايير الاستهداف فيها)، إنّما يعكس ازدواجية فهمها لأدوارها ووظائفها الرئيسة. فالكثير من هؤلاء المستفيدين من شبكة الحماية الاجتماعية، هم عاملون في القطاع غير المنظّم من الاقتصاد، والتوسّع في شمول المزيد منهم بـ "مكاسب" شبكة الحماية الاجتماعية القائمة، يعني قبول الوزارة بانتهاج "سياسة" تعمل على توسعة الشمول بمظلّة الحماية الاجتماعية "المفتوحة" للجميع، وذلك على الضدّ من عملية دعم وتعزيز سياسة توسعة شمول العاملين في القطاع الخاص باشتراطات ومعايير وضوابط العمل في القطاع المنظّم من الاقتصاد.
ويمكن تتبّع الكثير من تفاصيل التقصير هذه، والتي ستجدونها موزّعة على محاور أخرى في هذا البحث.
ب- وزارة المالية
إن جزءاً كبيراً وحاسماً من مسؤولية وتفريغ قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال من محتواه، وتقويض القدرة على تحقيق أهدافه الرئيسة، إنّما يعود للسياسة الماليّة، ولسخاء عطاياها للموظفين عبر نظام التوظيف الحكومي غير المُنتِج، وتجاهلها ( في الوقت ذاته) لمبدأ الكلفة والعائد بين طبيعة عمل والتزامات وحقوق العاملين في القطاع الخاص، وبين أقرانهم من العاملين في القطاع الحكومي.
ويتجسّد التمييز غير المُنصِف بين العاملين في القطاع الخاص والعاملين في القطاع العام في نسب المساهمة الحكومية في صندوق التقاعد الموحّد للموظفّين البالغة 15% من راتب الموظّف شهريّاً (باعتبارها صاحبة العمل للموظفين الحكوميين)، مقابل نسبة مساهمة حكومية في صندوق تقاعد العمال قدرها 8% ممّا يتقاضاه العامل من أجور ومخصّصات.. أمّا أصحاب العمل في القطاع الخاص فإنّ عليهم تسديد نسبة اشتراكات عن عمالهم المضمونين قدرها 12% من مجموع ما يتقاضاه العامل من الأجور والمخصصات.
كما يتجسّد التمييز أيضاً في استقطاع ما نسبته 10% من راتب موظّف غير منتِج لصالح صندوق التقاعد، مقابل دفع عامل مُنتِج مُنخفِض الأجر لما نسبته 5% من مجموع ما يتقاضاه "المضمون" من أجور ومخصصات (تخصّص لفرع ضمان التقاعد).
ويرى الباحث أنّ تجاهل مبدأ الكلفة – العائد في تحديد وتوزيع المكاسب والحقوق والالتزامات بين قانون التقاعد الموحّد وقانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال، سيكون عاملاً هاماً من عوامل ضعف امتثال العمال وأصحاب العمل لقانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال رقم 18 لسنة 2023. (2)
كما تتجسّد عوامل الإخفاق الأخرى لوزارة المالية بهذا الصدد في ضعف كفاءة وفاعلية السياسات والهيئات الضريبية، وشبهات الفساد التي تحوم حولها، وبما يؤدّي بالضرورة إلى ضعف امتثال أصحاب العمل لأحكام القانون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2) لمزيد من التفاصيل، أنظر:
عماد عبد اللطيف سالم: "إشكالية الكلفة- العائد في التحوّل من القطاع غير المنظّم إلى القطاع المنظّم في الاقتصاد". وقائع المؤتمر العلمي حول " الضمان الاجتماعي والاشغال العامة في العراق، المخاضات وخيارات السياسة". مركز بحوث السياسات في الجامعة الأمريكية ومنظمة العمل الدولية، بغداد 2023 .
وأخيراً فإنّنا لا نلمس سوى القليل من الالتزام (إن لم يكن عدم الالتزام) بالمادة -21- ثانياً من القانون رقم 18 لسنة 2023، والتي تنص على أن "تلتزم الدوائر المالية في الدولة المُلحَقة بالخزينة العامة مباشرة أو المستقِلة عنها بالامتناع عن صرف أيّ استحقاق لصاحب عمل أو متعهّد أو مُستثمِر مالم يُثبِت براءة ذمته من الدائرة بموجب وثيقة رسمية صادرة عنها وبخلاف ذلك تتحمّل الدائرة المعنيّة والموظّف المختصّ كافة التبعات القانونية".
وتشترك وزارة المالية ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية معاً في تمويل وتنفيذ نظام سخي وغير عقلاني للرعاية الاجتماعية. وهكذا، وبدلاً من انتقال العمّال من القطاع غير المنظّم إلى القطاع المنظّم في الاقتصاد ، فإنّنا سنقوم بتحويلهم من القطاع غير المنظّم (مدفوع الأجر مقابل العمل)، إلى مجاميع من "العاطلين" الذين تعيلهم برامج الرعاية الاجتماعية.
2- إشكاليّات عمل الجهات (غير الحكومية) المُمثِّلة للعمال وأصحاب الأعمال
يعمل القطاع الخاص (بشكل عام) في اطار منظومات إدارة وتنظيم غير كفوءة، ومتقاطعة في أهدافها وتوجّهاتها، وغير قادرة على التعامل البنّاء مع الإدارات الحكومية ذات الصلة بعملها واختصاصاتها الرئيسة. وتعمل المنظمات و "الاتحادات" المهنية للقطاع الخاص (بشكل خاص) في إطار بيئة أفرغت هذه "التنظيمات" من محتواها ومدلولاتها وأهدافها الرئيسة، وباتت هذه "التنظيمات" جزءاً من أوضاع انعدام التنظيم السائدة، بل ومستفيدة منها، وتعمل أحياناً (وبشكل مباشر وغير مباشر) على استدامتها، مما ألحق أضراراً فادحة ومتعددة الجوانب بالقطاع الخاص من جهة، وبالجهود الحكومية الهادفة لتفعيل دور هذا القطاع في الاقتصاد والتنمية من جهة أخرى. إنّ دور العمال وأصحاب الأعمال يتعلّق بالامتثال لأحكام القانون الجديد.. وعندما لا يكون لدى هؤلاء الاستعداد للامتثال، فينبغي على الجهات الرئيسة المعنيّة بمقدمات ونتائج هذا الامتثال فهم وإدراك الأسباب التي تحول دون ذلك، ووضع الحلول الكفيلة لتذليل العقبات ذات الصلة بكلّ ذلك.
ويُفترَض أن يمثِّل "مصالح" هؤلاء اتحاد المقاولين، واتحادات نقابات العمال، واتحاد الصناعات العراقي، واتحاد الغرف التجارية العراقية.. وسيقوم الباحث بعرض وتحليل إشكاليات دورهم، وأدوار الجهات الأخرى تباعاً في تحقيق جهد منسّق ومتكامل بين الشركاء وأصحاب المصلحة، بهدف الامتثال لقانون التقاعد والضمان الاجتماعي الجديد للعمال، وكما يأتي:
أ- اتحادات نقابات العمال
يُنظّم عمل هذه الاتحادات قانون التنظيم النقابي للعمال رقم (52) لسنة 1987.
و على وفق المعلومات المتاحة للباحث فإنّ هناك ثمان نقابات (اتحادات) يُفترَض أنّها تُمثِّل العمال في العراق حالياً، منها : الاتحاد العام لنقابات عمال العراق، والاتحاد العام لنقابات العاملين في العراق، واتحاد المجالس والنقابات العمالية في العراق، واتحاد النقابات العمالية والمهنية المستقلّة، والاتحاد الوطني المركزي لنقابات عمال العراق.
وليس من السهل قيام تنسيق وتعاون مهني بين هذا العدد الكبير من النقابات والاتحادات، وبالتالي سيكون من الصعب، بل ومن المستحيل التعاون والتنسيق فيما بينها، أو بينها وبين الجهات الأخرى (الحكومية والخاصة) ذات الصلة بتحقيق الامتثال لأحكام الأطر القانونية ذات الصلة بموضوع البحث الرئيس. (3) إنّ الكثير من هذه النقابات لم تقم بإجراء انتخابات تمنحها شرعية العمل والتمثيل منذ سنوات، ممّا أدّى إلى استبعادها من عضوية "مجلس تطوير القطاع الخاص"، وبالتالي فقدانها التامّ لأيّ تأثير في رسم السياسات الخاصة بالعمل والتشغيل والضمان، وكُل ما لهُ علاقة بدور القطاع الخاص في الاقتصاد.
كما إن الكثير من العمال يعتقدون أنّ هذه النقابات لم تُقدّم لهم شيئاً ذو قيمة، وأنّ الصراعات (الشخصية والسياسية) بين رؤساء هذه النقابات والاتحادات تحول دون قيامها بأيّ عملٍ جادّ يساعد على الحدّ من الفوارق الكبيرة بين العمال والموظفين في الحقوق والواجبات والامتيازات والالتزامات، وبين العوائد والكلف المترتبة على الانتقال من القطاع غير المنظّم إلى القطاع المنظّم في الاقتصاد. وتنبغي هنا الإشارة إلى أنّ تعقيدات الوضع الاقتصادي والسياسي (بل وحتّى المجتمعي)، لا تساعد على تحقيق أداء كفوء للعمل النقابي في العراق. وعلى المستوى الاقتصادي وحده، فإنّهُ عندما يكون العمل في القطاع غير المنظّم من الاقتصاد هو السائد تفقد النقابات قدرتها على إدارة المُفاوضة الجماعية، وإجراءات التظلّم، والاضراب، والوساطة، وفضّ المنازعات.
إنّ دور النقابات في العراق ينبغي أن يكون واضحاً وفاعلاً وكفوءاً من خلال المشروع المقترح لـ "قانون التنظيم النقابي للعمال والموظفين والحرفيين" بالتنسيق مع لجنة العمل ومؤسسات المجتمع المدني في مجلس النواب، وبما يساعد على تحقيق ما يأتي (4):
- ضمان مصالح العمال والموظفين أمام أصحاب العمل والجهات الحكومية والمؤسسات الأخرى.
- التأكيد على أهمية أن يكون العمال والموظفين هم من يمثِّلون التنظيم النقابي في عمليات المفاوضة الجماعية مع أصحاب العمل للتوصل إلى اتفاقات تسهم في تحسين ظروف العمل، وتحديد الرواتب والأجور، والمزايا والحقوق الأخرى.
- استخدام التنظيم النقابي لـ "القوة الجماعية" للعمال للضغط على أصحاب العمل من أجل تحقيق مطالبهم، والحدّ من مظاهر الظلم، أو التمييز، أو الاقصاء.
- أن يعمل التنظيم النقابي على تعزيز المهارات والمعرفة بالحقوق والواجبات، وبكيفية الدفاع عن هذه الحقوق والواجبات.
إنّ النقابات والاتحادات العمالية بتركيبتها، وهياكلها، وطبيعة تكوينها الحاليّة، لن تتمكّن من تحقيق الحدّ الأدنى ممّا ورد آنفاً.
___________________________________________
(3) لمزيد من التفاصيل حول دور النقابات في التعامل مع قضايا العمال كافة في العراق أنظر: رشا ظافر محي الدين عبد رضا، "دور التنظيمات النقابية في حماية حقوق العاملين في العراق"، مجلة المحقق الحلّي للعلوم القانونية والسياسية، المجلد 113، العدد 3، 2021، ص 1616.
(4) اجتماع المنسق القطري لمنظمة العمل الدولية مع لجنة العمل ومؤسسات المجتمع المدني في مجلس النواب
(الأربعاء 14-2 -2024). الموقع : /14 / 02 / 2024 / blog / iq.parliament.iqتمت الزيارة في 22-4-2024

وقد يكون لديها فهم كاف، وتشخيص دقيق للمشكلة، غير أنّها تفتقر للقدرة على تحويل هذا الفهم والإدراك، إلى آليات فاعلة للعمل. ويعود هذا "التقصير" إلى ضعف ثقة العمال بالنقابات، وما يترتب على ذلك من الافتقار إلى "شرعية التمثيل"، كما يعود أيضاً إلى اعتقاد رؤساء هذه النقابات والاتحادات العمالية بضعف وهشاشة الدولة، وعدم قدرة مؤسساتها على إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل التي يواجهها العمال، وبأن العمال وأرباب العمل يتحمّلون معاً مسؤولية عدم التسجيل (والشمول) بترتيبات التقاعد والضمان الاجتماعي، وبأنّ الموظّف يشغل التصنيف A لدى الحكومة بينما يشغل العامل الترتيب E (5).
إنّ الكثير من هذه الطروحات صحيح، غير أن "التغيير" يتطلب "العلاج"، أو المشاركة في العلاج، وليس تقديم "التشخيص" فقط، مهما كان هذا التشخيص دقيقاً، وقريباً من الواقع.
إنّ الامتثال الفاعل لقوانين العمل والتقاعد والضمان الخاصة بالعمال، وخضوع هذه القوانين لعمليات تقييم (وتعديل) دائمة (أو كلّما كان ذلك ضرورياً)، تتطلب وجود قنوات حوار اجتماعي جاد ومهني وفاعل بين الأطراف الرئيسة المعنيّة بتطبيق هذه القوانين.
غير أنّ هذا الحوار يكاد يكون غائب تماماً (خارج مظلّة المنسّق القطري لمنظمة العمل الدولية في العراق). وهذ الغياب هو نتيجة منطقية للانقسام السياسي، وغياب التمثيل المجتمعي المناسب للعمال وأصحاب العمل، وضعف وتشظّي اتحادات ونقابات العمال في العراق.
ب - اتحاد الصناعات العراقي
بموجب المادة -2- من قانون اتحاد الصناعات العراقي رقم (44) لسنة 1989، فإنّ الاتحاد يهدف إلى "العناية بتنظيم وتنمية النشاط الصناعي في القطاع الخاص والمختلط والتعاوني في نطاق اختصاصاته، وتعزيز دور هذا النشاط في عملية التنمية". وهذا نصٌّ عام، لا يُلزِم الاتّحاد بشيء له صلة بضمان حقوق العاملين في القطاع الصناعي، إلاّ اذا كانت كلمة "تنظيم" تعني ذلك ضمناً.
أمّا المادة -3- رابع عشر من القانون المذكور، فتنصُّ على "النظر في حسم الخلافات التي تقع بين المشاريع الصناعية، أو مع الغير، بصفته حكَماً أو مُشارِكاً في التحكيم، بناءً على الطلب الوارد إليه، ولهُ تأليف اللجان المقتضية لذلك وتسمية الخبراء أو الممثلّين لهذا الغرض وإبداء الرأي في كلّ ما لهُ صلة بالموضوع". وهذه المادة تسمح للاتحاد بالتدخّل لفضّ المنازعات بين العاملين وأرباب العمل في القطاع الصناعي حصراً (ومنها المنازعات ذات الصلة بتأمين حقوق العاملين بموجب قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال). غير أنّ الدور الأهم للاتّحاد بهذا الصدد، هو في كونهِ عضواً في لجان التفتيش الرقابية. إنّ المسؤولية في عمل هذه اللجان تقع على عاتق ثلاثة أطراف تضم ممثّل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية (رئيساً)، وممثّل عن نقابات العمال (عضواً)، وممثّل عن اتحاد الصناعات (عضواً).

(5) العمال في العراق، نقابات ولجان وقوانين لكن من دون ضمان لقمة العيش.
الموقع:/ 03/ 04 / 2022/ Iraq/alhurra.com .. تمت الزيارة في 20-4 2024

وفي ذات الوقت الذي يحقُّ لنا فيه أن نتساءل عن صعوبة اختيار ممثّل عن نقابات العمال من بين عدد كبير من النقابات في لجان التفتيش هذه، فإنّنا نتساءلُ أيضاً عن مدى فاعلية دور اتّحاد الصناعات بهذا الصدد. وعلى وفق ما صرّح به رئيس اتحاد الصناعات العراقي (2022) " فإنّ الاتّحاد ونتيجة لمحدودية ميزانيته وغياب الدعم الحكومي، لا يمتلك سوى خمسة ممثلّين من أصل 24 لجنة تفتيش.. وأنّ ضعف الموارد والإمكانيات وغياب الممثلّين عن اللجان يخلِق مشاكل كبيرة لأنّهُ لا يغطي كل مواقع العمل في العراق.. وهكذا فإنّ لجان التفتيش موجودة على الورق فقط، ولا دور لها على أرض الواقع". (6)
ومع أنّ هذا التشخيص صحيح وقريب جدّاً من تشخيص المشكلة بدقّة، إلاّ أنّه يجب أن يكون لاتّحاد الصناعات دوراً رئيساً في تعزيز الامتثال لقوانين العمل والتقاعد والضمان النافدة، بعد صدور قانون التقاعد والضمان الجديد، وأنّ على الاتحاد القيام بدوره بهذا الصدد من خلال جهد فاعل وأكبر تأثيراً ممّا يقوم به الآن، خاصةً وأنّ القطاع الصناعي الذي تبلغ حصّته 1.9% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، يقوم بتشغيل 6,2% من اجمالي قوة العمل. (7)
__________________________________________
(6) – عمّال العراق في عيدهم مهمّشون ولا ضمانات مستقبلية. الموقع: / 13235/almasra.iq
تمت الزيارة في 25-4-2024.
(7) وزارة التخطيط، الجهاز المركزي للإحصاء، مسح القوى العاملة 2021.. وأيضاً:
د. حسن لطيف: جدليات الحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي والتشغيل في العراق، ورقة عمل، منظمة العمل الدولية، آيار/مايو 2022.
ثالثاً - إشكاليات الإطار القانوني المنظّم لعملية توسعة الشمول وتسريع عملية التحوّل من القطاع غير المنظّم إلى القطاع المنظّم في الاقتصاد
لن يتوسّع الباحث هنا في عرض تفاصيل الإشكاليات المرتبطة بالإطار القانوني المنظّم لعملية توسعة شمول العاملين في القطاع الخاص (المنظَم وغير المنظّم) بترتيبات الحماية الاجتماعية الخاصة بهم، بل سيحاول تتبّع أثر ذلك على تحديد مدى امتثالهم لأحكام قانون التقاعد والضمان الاجتماعي (رقم 18 لسنة 2023)، من خلال الإشارة إلى أهم "الأطر القانونية" النافدة حالياً، والتي يعتقد الباحث أنّها قد تسهم في تشتيت الجهد المطلوب لتحقيق "دالّة هدف" يُفترَض أن تكون موضع اتفّاق بين جميع الأطراف المعنيّة بها، وكما يأتي:

1- قانون التقاعد الموحّد رقم (9) لسنة 2014 (8)
إذا كان قطاع الوظيفة الحكومية، وما يرتبط به من "تشكيلات" هو جزء من "الاطار المؤسّسي" لمنظومة التشغيل في العراق، فإنّ قانون التقاعد الخاص به هو الجزء الرئيس من الاطار القانوني المنظّم لعمل هذا القطاع. ولن يتحقّق أيّ "امتثال" كاف (ولو بحدّه الأدنى) لأي قانون تقاعد وضمان مُناظر مادام القطاع الحكومي "العام" هو قطاع الأجر الأعلى، والاستقرار الوظيفي المضمون، والمزايا الأكبر، والحوافز السخيّة، والدعم اللامحدود. وإذا استمرَّ التوظيف في القطاع العام بذات الوتيرة(أو حتّى بوتيرة أقلّ من السابق).. وإذا استمرّت هباتهُ وعطاياهُ و"مكرماته".. فإنّ لا معنى للحديث عن التشغيل والإنتاج والعمل في أنشطة القطاع الخاص، الخاضعة لترتيبات وكُلَف الانضمام إلى القطاع المنظّم من الاقتصاد. بمعنى أنّهُ ليس من المنطقي، ولا من المقبول، أن نبني ببطءٍ، في جانبٍ ما، بينما لدينا مطرقة حكومية هائلة تُقوِّض ما نبنيه.. في الجانب الآخر.. أي من خلال "مطرقة" القطاع الحكومي "العام".. المُترَهِّل، والمُثبِط، والعقيم.
وبمراجعة المواد ذات الصلة بتحديد أهداف قانون التقاعد رقم (9) لسنة 2014، وأهداف قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال رقم (18) لسنة ،2023 سنجد أنّ هذه الأهداف متطابقة تماماً، بل وأنّها تحمل رقم المادة ذاته في كلا القانونين (9).
إن كلا القانونين يشيران إلى أنّهما يسعيان إلى تحقيق مجموعة من الأهداف أهمها ما يأتي:
- المساهمة في تعزيز قيم التكافل الاجتماعي والوصول إلى "معادلة مُنصِفة" تضمن العدالة في توزيع الدخل بين أفراد الجيل الواحد والأجيال المتعاقبة.
- ضمان وصول مظلة التقاعد(بالنسبة لقانون التقاعد)، ومظلة الضمان (بالنسبة لقانون التقاعد للعمال) إلى فئات أكثر.
- سهولة انتقال العاملين بين القطاعين العام والخاص.
________________________________________________
(8) جريدة الوقائع العراقية، العدد 4314، آذار 2014
(9) راجع المادة -2- أولاً- في كلا القانونين.
ولكن.. وعلى أرض الواقع، لا توجد "معادلة مُنصِفة" لتوزيع الكُلف والمنافع بين العاملين في القطاع العام والعاملين في القطاع الخاص.. بل أنّ "الإطار المؤسّسي" في العراق لم يتمكن من التوصّل إلى هذه "المُعادلة" أصلاً. فبينما تبلغ نسبة المساهمة الحكومية في قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال 8% فقط ، فإنها تبلغ 15% في قانون التقاعد الموحّد (للموظفّين الحكوميين). كما أنّ هدف " سهولة انتقال العاملين بين القطاعين العام والخاص"، إنّما يتحقّق في اتّجاه واحد (أي من القطاع العام إلى القطاع الخاص)، لأنّ أكثر مظاهر التعارض والتنافر تتجلّى في ازدواجية موقف الدولة من القطاعين العام والخاص، وبالذات فيما يتعلّق بتفاصيل التقاعد والحماية والضمان، وانحيازها للقطاع الحكومي الأدنى إنتاجية (أو عديم الإنتاجية) على حساب العمل والتشغيل والإنتاجية والقدرة التنافسية في القطاع الخاص، وتجاهلها للآثار والتداعيات الكارثية طويلة الأجل للسلوكيات الحكومية وأنماط تصرفها المُبددة للموارد الاقتصادية (المادية والبشرية). وبينما يشير قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال إلى أن تحقيق هدف " سهولة انتقال العاملين بين القطاعين العام والخاص"، يجب أن يقترن بـ "حماية حقوقهم المترتبة على هذا الانتقال" ، فإنّنا لا نجد "شرطاً" كهذا في قانون التقاعد الموحّد. كما يشير قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال إلى أهداف رئيسة، تتعلّق بتنظيم وتوحيد الجهود والوسائل "المؤسسية" المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف، ومنها "توحيد الأحكام القانونية الخاصة بالحقوق التقاعدية"، و "توحيد أحكام انتقال المنافع بين القطاعين العام والخاص بما يضمن حقوقهم واحتساب خدماتهم لأغراض العلاوة والترفيع والتقاعد"، و "وضع نظام متكامل عن كيفية جمع الاشتراكات وطلب المعلومات واحتساب الحقوق التقاعدية". (10)
ومع ملاحظة أن مجلس إدارة صندوق تقاعد موظفي الدولة، ومجلس إدارة صندوق التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال يتشكّل من الجهات ذاتها، فإن التعاون والتنسيق في هذه الحالة سيكون ممكنا أكثر من التنافر والتقاطع و"تضارب المصالح" بين هذه الجهات، وبما يُفضي إلى تحقيق هدف الحصول على التقاعد والضمان وتوسعة الشمول.
غير أنّ هذا لم يحصل فعلاً.. وفي طيّات القوانين (والترتيبات) ذات الصلة تكمن الكثير من التفاصيل التي تجعل هيأة التقاعد الوطنية تعمل على وفق سياقات قد تقوّض ضمناً، جهود دائرة التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال من أجل تحقيق أهدافها الرئيسة، مع أن "الإطارالقانوني" يحدّد أهدافاً مشتركة لكلا الجهتين.
__________________________________________________
(10) راجع المواد – 2- أولاً- و -2- ثانياً- من قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال.

2- تعدّد قوانين "صناديق التقاعد" الخاصة بالنقابات والاتحادات والمنظمات المهنية في العراق.. ومن بينها :
أ- صندوق تقاعد المهندسين (القانون رقم 7 لسنة 1971)
ب- ب- صندوق تقاعد الصحفيين ( القانون رقم 81 لسنة 1973)
ج- صندوق تقاعد المحامين ( القانون رقم 56 لسنة 1981)
د - نظام صندوق تقاعد التدريسيين والعاملين في الجامعات والكليات والمعاهد الاهلية رقم(2) لسنة 2022. (11)
وبموجب المادة -5- من هذا النظام "يجري تمويل هذا الصندوق والصرف منه وفقاً لأحكام قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال".. إذاً ماهي "الأسباب الموجبة" لأنشاء مثل هذا الصندوق ؟
إنّ تعدّد صناديق التقاعد للعاملين في القطاع الخاص يعيق تحقيق أحد الأهداف الرئيسة لقانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال وهو " سهولة انتقال العاملين بين القطاعين العام والخاص"، وذلك بسبب صعوبة تحويل الحقوق التقاعدية ما بين هذه الصناديق، والفروقات الكبيرة في المزايا التقاعدية وآليات الاستحقاق، الأمر الذي أصبح يشكل قيداً مهماً على تطوير سوق عمل مُنظّمَة ونشطة وكفوءة.وهنا سيترك الباحث للمختصين في الجانب القانوني تقرير مدى تعارض أحكام هذه الصناديق، مع ما ورد في المادة -108- ثانياً من قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال، والتي تنصّ على ما يأتي: "لا يُعمل بأيّ نصّ يتعارض وأحكام هذا القانون".
رابعاً: إشكاليات عملية التنمية الشاملة والمستدامة في تحديد مستويات الامتثال
إن القوانين لا تهبط من السماء، ولا تدور في فلك خاصٍ بها. إنّ تشريعها يخضع لضرورات منطقيّة، تساعد على التطوّر والانتقال إلى وضع أفضل، وليس إلى ترسيخ نمط "انتكاسي" للتنمية في جميع المجالات.لذا.. ومن دون مشاركة الجميع في عملية تنمية حقيقية، ودون العمل الجاد لتنويع مصادر توليد الدخل والناتج القومي( من خلال الأنشطة غير الاستخراجيّة)، ودون قطاع خاص فاعل ومُنتِج وقادر على المنافسة، لا معنى أبداً للحديث عن "ترتيبات" قانونية – فوقيّة تسعى دون جدوى لتحقيق انتقال سريع وكفوء للعاملين من القطاع غير المنظّم إلى القطاع المنظّم من الاقتصاد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(11) جريدة الوقائع العراقية، العدد (4679) في 13-6-2022
وهذا يعني أنّ الدور الاقتصادي للدولة، وطبيعة وخصائص نظامها الاقتصادي (والسياسي)، وكفاءة ادارتها للموارد الاقتصادية، ستكون هي المحدّد الحاسم لنجاح وفاعلية عملية انتقال كهذه.. ودون ذلك فإنّنا سنبقى ندور في حلقة تشريع القوانين المُفرَغة، واطلاق هذه القوانين في بيئة تفتقر إلى الأساس المادي "الكياني" اللازم للامتثال لها، ولو بأدنى مستوى ممكن لهذا الامتثال.
وهذه "الحلقة المُفرَغة" لم يتمّ كسرها، وبقينا ندور في فلكها منذ تشريع قانون العمل والضمان الاجتماعي للعمال (رقم 39 لسنة 1971)، أي منذ أكثر من نصف قرنٍ من الآن.
لقد تراجع الاقتصاد، وتفكّكت المشاريع الصناعية (بل واندثرت) بفعل سياسة غاشمة لإغراق السوق الوطنية من خلال استيراد مُنفلِت لجميع السلع والبضائع، وتوقفّت عجلة الإنتاج والتشغيل في آلاف المصانع ولمختلف المنتجات.. ولو أنّ الدولة العراقية قد نجحت في إعادة تشغيلها، واشترَطت تقديم دعمها (المحدود والمرحلي)، مقابل خضوع عمّالها ومالكيها لاشتراطات الانضمام إلى سوق العمل المنظّم، لكان بوسعها تحقيق توسعة بالشمول، وخلال سنوات قليلة، لم يسبق لها تحقيقها طيلة خمسة عقود.
إنّ "الشركاء" و "أصحاب المصلحة" في هذه القضية موضوع البحث، هم "الشركاء" في عملية التنمية، وبالتالي فلا ينبغي أن تخضع أدوار هؤلاء للتجزئة، وإلى منطق التنصّل من المسؤولية، وتبادل التهم، وإلى تحويل الفشل متعدّد الأبعاد إلى خيارٍ بديل للفعل التنموي.
إنّ فشل عملية التنمية الشاملة والمُستدامة هو مسؤولية جميع الشركاء وأصحاب المصلحة في هذا البلد. إنّهُ مسؤولية المنظومات السياسية والمجتمعية القائمة والحاكمة بمفاصلها وحلقاتها كافّة. ودون التعامل مع عملية التنظيم الاقتصادي من خلال الامتثال للقوانين ذات الصلة من خلال منظور تنموي – كلّي، لن يتمكن العراق من تحقيق نتائج ذات قيمة على جميع الصًعُد.
خامساً: إشكاليات تأثير نمط السلوك الثقافي - الشخصيّ، والمنظومات المجتمعية – القيمية السائدة، في تحديد مستويات الامتثال
إنّ سلوك العمال، ومدى التزامهم، واستجابتهم، لأحكام أي قانون يهدف إلى تنظيم أوضاعهم (في مختلف المجالات، وليس في سوق العمل فقط)، إنّما يخضع لاشتراطات وطبيعة وخصائص البيئة التي يعملون في إطارها، ولمنظومة القيم والسلوكيات والممارسات المجتمعيّة السائدة فيها. دون إدراك هذه البديهية، وأخذ معطياتها بنظر الاعتبار، سيكون القانون (أيّا ما كانت موجبات إصداره) مُصمّما لمجموعة من "النُخَب"، التي لا تشكّل سوى "أقليّة" من العمال وأصحاب الأعمال.
1- إشكاليات تأثير المنظومات المجتمعية – القيمية السائدة، في تحديد مستويات الامتثال
عندما تتراجع الثقة بمؤسسات الدولة، وترتيباتها، وتشريعاتها، وتكون تنظيمات وترتيبات و "سُنَن" ما قبل الدولة، هي الأكثر فاعلية، والأسرع استجابة، والأقل كلفة، والأكبر عائد بالنسبة للعاملين وأرباب العمل على حد سواء، سيواجه الامتثال للقوانين النافدة تحدٍ هائل، يُفرِغ هذه القوانين من محتواها وأسبابها الموجِبة، وقدرتها على فضّ وتسوية المنازعات، وينزَع عنها قوّتها القانونية المُلزِمة لجميع الأطراف. إنّ قوانين العمل والضمان الاجتماعي، وما يترتب عليها من أحكام وتسويات، وآليات لفضّ المنازعات، هي نتاج تنظيمات عصر الدولة ومجتمع الحداثة، في حين أن الترتيبات والتسويات العشائرية هي نتاج لتنظيمات ما قبل الدولة وما قبل الحداثة (12).
وما يحدث في العراق الآن هو شيوع وترسيخ مفارقة غريبة مفادها أنّ الترتيبات والتسويات و "السُنن" العشائرية "ما قبل الحداثيّة"، قد حلّت محل أحكام القوانين "الحداثيّة"، وذلك لسرعة تنفيذها، وسرعة الحصول على عائد التسويات المالية المترتبة عليها، مقابل البطء الشديد، وضآلة التعويضات، وانعدام الثقة بقانون الدولة، الذي لا يضمن تسويات مُنصفة وسريعة للمتضرّرين.
وفي المحصلّة سيكون حلّ خلافات العمال مع أصحاب العمل عشائريّا وبعيداً عن القانون، أفضل للعمال بكثير من التسويات القانونية (المُعقّدة، والمُكلِفة، وطويلة الأجل).
وهذا يعني أنّهُ بالنسبة لكثير من العاملين فإنّ اللجوء إلى التقاضي هو عملية بطيئة ومُكلِفة، وفي ظلّ ضعف التنظيمات النقابيّة – العمّاليّة، يتم اللجوء إلى "السُنن" العشائريّة لفضّ المنازعات. (13) إنّ الإطار القانوني لفضّ نزاعات العمال وأرباب العمل وإقرار وتنفيذ التسويات الخاصة بها يُعد عنصراً أساسيّاً في نظام العمل العادل والفعّال. غير أنّ هذا الإطار لكي يعمل بكفاءة ويتمتّع بالمصداقية، يتطلّب من جميع الأطراف المعنيّة به (حكومية أكانت أم أهليّة) العمل على تأسيسه على وفق قواعد وإجراءات واضحة تساعد على ضمان التعامل مع حقوق والتزامات العاملين وأصحاب العمل (على حدٍّ سواء)، بشكل عادل ومُنصِف وموثوق.
استناداً لذلك.. وعندما لا تتمكّن المحاكم المختصّة، أو دائرة العمل والضمان الاجتماعي للعمّال، أو التنظيمات والنقابات والاتّحادات المهنيّة، من حسم أيّة مشكلة أو خلاف (من تلك التي تقع عادةً بين العمال وأرباب العمل)، بطريقة مُنصِفة وسريعة ومُجزِية (حسب اعتقاد ورؤية العامل للموضوع)، فإنّ "شيوخ المُشكلات"، و "شيوخ الفرائض"، و "الخَيِّرون" سيكونون هم الجهة الأفضل للقيام بذلك، مقارنةً بغيرهم من "المؤسسات" و "القوانين" و "التنظيمات" و "النقابات". (14)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(12) د. حسن لطيف، جدليات الحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي والتشغيل في العراق، مصدر سبق ذكره، ص 23 .
(13) دعاء يوسف: ما نتيجة حل قضايا العمال عشائريّاً بعيداً عن القانون، نقلاً عن د. حسن لطيف، المصدر السابق، ص23.
(14) د. حسن سعد عبد الحميد، التوصيف العشائري للمناصب والأفعال في العمل السياسي.. أين تكمن المشكلة؟ ورقة عمل، مركز البيان للدراسات والتخطيط، العراق 2024، ص 5.

2- إشكاليات تأثير نمط السلوك الثقافي - الشخصيّ في تحديد مستويات الامتثال
إنّ نسبة كبيرة من العاملين في القطاع الخاص غير مشمولة بترتيبات مؤسسيّة أو قانونية للتقاعد والضمان الاجتماعي، وأنّ "تفريط" هؤلاء بحقّهم في التقاعد والضمان لا يتعلّق فقط بـ "جَهَل" هؤلاء بالتفاصيل ذات الصلة بهذا الموضوع، بل بعدم رغبتهم (وعن قصدٍ في الغالب) في أن يكون مشمولاً بهذه الترتيبات. وبعد مرور أكثر من نصف قرن على صدور آخر قانون للتقاعد والضمان الاجتماعي للعمال في العراق، لا يمكن أن نعزو تواضع عدد الممتثِلين لترتيبات وأحكام واشتراطات ذلك القانون إلى "جَهَل" العاملين وأصحاب العمل بأحكامه، بل وأيضاً إلى "تجاهل" هؤلاء لهذا القانون، وعدم قناعتهم بجدواه على المدى القريب والبعيد. وهذا يتطلّب البحث عن الأسباب الرئيسة لهذا "التجاهل"، والتي يُعَد "غياب الوعي" بالجدوى والأهمية هو من أقوى حلقات عدم الامتثال، وتواضع النتائج في عملية "توسعة الشمول" بتفاصيلها كافة. إنّ السبب الرئيس لهذا الإخفاق هو ليس أنّ العمال "لا يعلَمون" بوجود أطر مؤسسيّة وقانونية تحمي حقوقهم، وتعمل لمصلحتهم، بل لأنّهم قد "لا يرغبون" بذلك أصلاً. إنّ فهم أسباب "عدم الرغبة" هذه هو المدخل الصحيح لحثّ العاملين وأرباب العمل على الامتثال لهذه الأطر، ودون ذلك لا معنى ولا أثر لأيّ قانون.
ومن المهمّ جداً التركيز على دور أرباب العمل في ضمان مستوى مقبول من الامتثال، كونهم العنصر الحاسم في تنفيذ القانون، وليس التركيز على دور العاملين فقط.
إنّ لأصحاب الأعمال مصالحهم الخاصة، ومخاوفهم، ومبرراتهم المنطقية، وقواعد عملهم، و مباديء الكلفة والعائد الخاصة، وهم يعملون في إطار بيئة عمل غير مناسبة على الاطلاق.
ودون فهم ذلك، وأخذه بنظر الاعتبار، سيكون أصحاب الأعمال جزءاً رئيساً من المشكلة، وليس من الحلّ، وسيدفعهم تجاهل رؤيتهم الخاصة لهذا الموضوع وتعقيداته إلى الدخول في تحالفات تخادمية – مصلحيّة تجمعهم مع العمال في "جبهة" واحدة، وتوحّدهم بشكل مباشر وغير مباشر في مواجهة الأطراف الأخرى ذات الصلة، ولن يؤدي ذلك إلاّ لضعف التطبيق ، وتواضع النتائج، و"تعظيم" درجة الرفض، و "تدنية" مستوى الامتثال.
إنّ ما ورد في أعلاه يعزز المنظور، والرؤية، والمقاربة، التي تؤكّد على ضرورة الاهتمام بكيفية التأثير في بيئة العمل وأنماط التفكير والسلوك السائدة لدى "أصحاب المصلحة"، أكثر من الاهتمام بوجود "إطار مؤسسّي"، يهدف إلى "فرض" ذلك بقوّة القانون.
إنّ الإطار المؤسسّي والقانوني في قضايا كهذه يكونُ مكتظّاً عادةً بما يسمّى بـ "أصحاب الخبرة"، ولكنّ تأثير هؤلاء سيكون تأثيراً محدوداً جدّاً في هذا المجال، لأن "أصحاب النفوذ" (السياسي والمجتمعي كما هو الحال في العراق)، يمارسون تأثيراً أكبر على "أصحاب القرار"، بينما يقف الكثير من "المستفيدين" (وهم هنا العمال وأصحاب الأعمال) بالضدّ من القرار الذي يخدم مصالحهم، أو للذين يبدو هذا القرار (بالنسبة للكثيرين منهم)، وكأنّهُ لا يعنيهم أصلاً. (15)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(15) لمزيد من الايضاح حول دور وسلوك "أصحاب المصلحة" هؤلاء، أنظر:
د. حسن لطيف الزبيدي، الحماية الاجتماعية في العراق، تحليل أصحاب المصلحة، مؤسسة فريدريش البيرت، عمّان/ برلين/ 2017.

سادساً: تقييم مستوى الامتثال لقانون العمل والضمان الاجتماعي للعمال خلال المدة 1971- 2023
سيكون هذا التقييم هو الأساس الذي يعتمده الباحث في إيضاح مدى فاعلية الأطر القانونية في تحقيق الأهداف المطلوبة منها، عند غياب آليات فاعلة للتنسيق والتعاون بين الأطراف والجهات المعنيّة بأحكامها، أو عند الافتقار إلى أطر مؤسسيّة تعمل على بناء منظومات كفوءة للامتثال، في اطار دولة فاعلة وقوية وقادرة على فرض قوّة القانون على الجميع، وأيضاً عند وجود بيئة أعمال تخضع لاشتراطات منظومات قيمية – سلوكية- مجتمعية، قد لا تفرض التحديات والعقبات ذاتها التي يواجهها الامتثال للقوانين النافدة في بلدان أخرى غير العراق.
فإذا كانت وتيرة الامتثال هي ذاتها التي اتسَمَ بها قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال رقم (39) لسنة 1971(طيلة مدة نفاده البالغة 52 عاماً)، فإنّنا سنحتاج إلى وقتٍ طويلٍ جدّاً لتحقيق مستوى امتثال أفضل استنادا لأحكام قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال رقم (18) لسنة 2023، في حال استمرار أوضاع عدم التعاون والتنسيق والمتابعة والتعديل والتطوير (من قبل جميع الجهات والأطراف والشركاء وأصحاب المصلحة المعنيين بوضعه موضع التطبيق ، وتحقيق الأهداف المطلوبة منه، وتفكيك الأسباب الموجبة لإصداره)، كما كانت عليه قبل تشريعه. وسيقوم الباحث بهذا التقييم باستخدام المؤشرات والبيانات الرئيسة ذات الصلة بموضوع البحث.

1- القوى العاملة وقطاعات التشغيل / البيانات والمؤشرات الرئيسة
إنّ أهم المؤشرات والبيانات الرئيسة بهذا الصدد) هي (16):
- يقدّر عدد من هم ضمن قوة العمل في العراق بـ 10,3 مليون شخص، منهم 8,6 مليون عامل، و 1,7 مليون عاطل عن العمل.
-عدد العاملين لدى القطاع الحكومي(التمويل المركزي)هو 074,697,4 مليون شخص(17).
- يقدّر عدد العاملين لدى القطاع الخاص بـأكثر من 6 مليون شخص.
- تقدّر أعداد العمالة الناقصة بـ 3,430 مليون شخص، ومعظم هؤلاء يعملون في القطاع غير المنظّم من الاقتصاد، وتشكّل العمالة الناقصة ما نسبته 33,28% من اجمالي قوة العمل في العراق.
- إنّ نسب العاملين حسب قطاع التوظيف في الوظيفة الرئيسة هي 37,9% للعاملين في القطاع الحكومي، و 61,6% للعاملين في القطاع الخاص.

__________________________________________
16) سيعتمد الباحث هنا على البيانات الواردة في خطة التنمية الوطنية 2024-2028، وعلى مسح القوى العاملة الصادر عن وزارة التخطيط، الجهاز المركزي للإحصاء، 2021، وعلى المجموعة الإحصائية للسنوات 2020-2023.
(17) بيانات الموازنة العامة الاتحادية للدولة للسنة المالية 2023.

- إنّ تركيز العمل/ التشغيل/ (أي الأنشطة التي تستقطب العاملين حسب فروع النشاط الاقتصادي)، هو في القطاعات الآتية:
- قطاع الانشاءات 16,3%
- تجارة الجملة والمفرد 14,2%
- النقل والتخزين 9,8% الزراعة والغابات والصيد 8,4%
- الصناعة التحويلية 6,2%
والآن سنقوم بعرض بيانات العاملين والمشروعات المعنيّة بترتيبات التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال، لنقوم بمقارنتها بالبيانات المذكورة في أعلاه، وبما يسمح لنا بتقييم عملية توسعة الشمول، والامتثال لترتيبات وأحكام القوانين ذات الصلة في العراق، وخلال مدة تزيد عن نصف قرن.

2- المشاريع والعمال والضمان والتقاعد / البيانات والمؤشرات الرئيسة
- بينما يُقدّر عدد العاملين في القطاع الخاص بـ 6 مليون عامل( 2023)، فإنّ عدد المشمولين منهم بالضمان الاجتماعي هو 370,470 ألف عامل فقط، أو ما نسبته 0,06% فقط ( أي أقل من 1% ) من اجمالي عدد العاملين في القطاع الخاص (بيانات الجدول 1).
- كما يتّضح من الجدول (1) فإن عدد العمال المشمولين بالضمان الاجتماعي قد أرتفع من 237,524 ألف عامل في عام 2019، إلى 370,470 ألف عامل في عام 2023، أي بزيادة قدرها 132,946 ألف عامل فقط خلال أربع سنوات، وفي جميع المحافظات (عدا محافظات اقليم كردستان). وهذا يعني أن عدد المشمولين بالضمان الاجتماعي كان يزداد بمقدار 33,236 ألف عامل في كل عام، ولخمسة عشر محافظة من محافظات العراق.
جدول (1)
عدد العمال المشمولين بالضمان الاجتماعي في القطاع الخاص والمختلط والتعاوني حسب المحافظة للسنوات 2019، 2020، 2021
المحافظة 2019 2020 2021 2023
نينوى 4194 5172 8076
كركوك 18316 19080 23231
ديالى 5726 6175 7322
الانبار 5435 6091 8929
بغداد 90743 93586 109149
بابل 8066 10162 17642
كربلاء 8887 9717 16390
واسط 14893 15853 14270
صلاح الدين 9427 9708 13712
النجف 17985 18858 23353
القادسية 3083 3570 4450
المثنى 3152 2719 4179
ذي قار 13904 15637 20340
ميسان 7045 7136 7442
البصرة 26668 29001 42876
المجموع 237524 252465 321361 370470
المصدر: وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، دائرة التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال.
- ارتفع عدد العمال المتقاعدين في القطاع الخاص من 15,924 ألف عامل في عام 2013، إلى 19,627 ألف عامل في عام 2022، أي بزيادة قدرها 3.703 ألف عامل فقط خلال تسع سنوات، وهذا يعني أن عدد العمال المتقاعدين كان يزداد بمقدار 411 عامل فقط في كل عام (بيانات الجدول 2).
جدول (2)
عدد العمال المتقاعدين في القطاع الخاص والمختلط والتعاوني
للسنوات 2013- 2022
السنة العدد
2013 15924
2014 16367
2015 16161
2016 15894
2017 16745
2018 16480
2019 17396
2020 17710
2021 18088
2022 19627

المصدر: وزارة العمل والشؤون الاجتماعية دائرة التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال.

- ارتفع عدد المشاريع الخاضعة لأحكام قانون العمل والضمان الاجتماعي للعمال من 71,776 ألف مشروع في عام 2020 إلى 83,494 ألف مشروع في عام 2022، أي بزيادة قدرها 11,718 ألف مشروع سنوياً خلال المدة 2020-2022.
- استنادا لبيانات الجدولين (1) و (3) فقد كان لدينا 252,465 ألف عامل مشمول بالضمان الاجتماعي، و 71,776 ألف مشروع خاضع لأحكام قانون العمل والضمان الاجتماعي (في عام 2020) . وهذا يعني أن هناك 3.5 عامل فقط مشمول بالضمان (كمعدل) في كلّ مشروع.
- استناداً لبيانات الجدولين (1) و (3) فقد كان لدينا 321,361 ألف عامل مشمول بالضمان الاجتماعي، و 161, 78 ألف مشروع خاضع لأحكام قانون العمل والضمان الاجتماعي (في عام 2021). وهذا يعني أن هناك 4,11 عامل فقط مشمول بالضمان (كمعدل) في كلّ مشروع.
- إنّ نسبة الشركات المُسجّلة (لدى مسجّل الشركات) بلغت 16,8%، بينما بلغت نسبة الشركات غير المُسجّلة 83,2% من العدد الاجمالي للشركات.
أمّا المؤسسات (الصغيرة والصغرى والمتوسطة) المُسجّلة في دائرة التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال فلا تزيد نسبتها عن 0,8% (2021) . (18)
جدول (3)
المشاريع الخاضعة لأحكام قانون العمل والضمان الاجتماعي حسب المحافظة
للسنوات 2020، 2021، 2022
المحافظة 2020 2021 2022
نينوى 1251 2073 2462
كركوك 5496 5746 5876
ديالى 2461 2735 2896
الانبار 2937 3165 3383
بغداد 30950 32248 33765
بابل 3030 3258 3543
كربلاء 2764 3053 3476
واسط 2239 2384 2469
صلاح الدين 2068 3381 3856
النجف 4138 4347 4695
القادسية 2191 2329 2392
المثنى 1265 1349 1378
ذي قار 3436 3743 4135
ميسان 1263 1315 1346
البصرة 6287 7035 7822
المجموع 71776 78161 83494

المصدر: وزارة التخطيط، الجهاز المركزي للإحصاء. مسح المؤسسات الصغرى والصغيرة والمتوسطة لسنة 2021
هذه هي الحصيلة المتواضعة لثلاثة وخمسين عاما من الامتثال الضعيف لأحكام قانون العمل والضمان الاجتماعي للعمال رقم (39) لسنة 1971، والتي ينبغي استحصال العبر منها، وتحليل أسبابها ومقدماتها المنطقية، وتشخيص نقاط الضعف المؤسسيّة والقانونية التي أدّت إلى نتائجها المنطقيّة المتواضعة التي استعرضناها قبل قليل.
دون ذلك فإننا لن نحقق مستوى ودرجة امتثال أكبر لقانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال رقم 18 لعام 2023، وسيضيع الكثير من الجهد والوقت والمال دون جدوى، اذا لم يكن هناك مستوى من الإدراك المشترك لهذه القضية بأبعادها كافة، ومن قبل جميع الأطراف والجهات والشركاء وأصحاب المصلحة المعنيّين بها، في ظلّ ظروف لا تسمح لنا بترف الانتظار لنصف قرن إضافيّ لتحقيق ذلك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(18) وزارة التخطيط، الجهاز المركزي للإحصاء، مسح المؤسسات الصغرى والصغيرة والمتوسطة لسنة 2021.
سابعا: الخلاصات والاستنتاجات الرئيسة
- اذا كانت وتيرة الامتثال لقانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال رقم 18 لعام 2023 هي ذاتها التي اتّسَم بها القانون رقم (39) لسنة 1971، وما ترتّب عليها من نتائج متواضعة على امتداد 53 عاماً، فلا ينبغي لنا انتظار نتائج مغايرة ما دامت آليات وسياسات وإجراءات وأنماط إدارة تحقيق الامتثال هي ذاتها في كلا القانونين.
- إنّ الركون إلى ترتيبات ما يسمّى بـ "الامتثال الطوعي" للعاملين في القطاع غير المنظّم من الاقتصاد (الذين يشكّلون النسبة الأكبر من اجمالي العاملين في القطاع الخاص)، والرهان على توسعة الشمول لهؤلاء من خلال حوافز وامتيازات ومكاسب مشكوك في تحصيلها في الأجل الطويل، سيؤدي إلى النتائج المتواضعة ذاتها التي تمّ تحقيقها من خلال القانون السابق على مدى نصف قرن.
- ما دامت الدولة العراقية مستمرة بالعمل على ترسيخ "ثقافة" التوظيف الحكومي بشكل دائم ومستدام، فلا معنى لتشريع أي قانون، تعمل على تقويض أحكامه، وتواضع نتائجه، هذه "الثقافة" ذاتها.
- أنّ تجاهل مبدأ الكلفة – العائد في تحديد وتوزيع المكاسب والحقوق والالتزامات بين قانون التقاعد الموحّد وقانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال، سيكون عاملاً هاماً من عوامل ضعف امتثال العمال وأصحاب العمل لقانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال رقم 18 لسنة 2023.
- بغياب منهجية العمل المؤسسي المترابط والمتكامل، لا يمكن بناء "شراكات" فاعلة تسعى لتحقيق أيّ هدف كان، مهما كان بسيطاً ومتواضعاً ، و "مُدجّجاً" بإطار قانوني محكم الصُنع.
بغياب منهجية العمل المؤسّسي هذه ، يغيب الفهم المشترك، والتعاون، والتنسيق، ويصبح كل جزء من "بنية" الحكم عامل تقويض وتفكيك لما تسعى إلى تأسيسه وتحقيقه الأجزاء الأخرى ضمن هذه "البنية" المؤسسيّة الهشّة ذاتها، لينتهي كلّ شيء إلى لا شيء في نهاية المطاف.
- مادامت عملية التنمية الشاملة والمستدامة متعثِّرة في العراق، فإنّ كل ما يرتبط بها من قضايا وسياسات وأطر مؤسسيّة وقانونية سيكون متعثّراً أيضاً.
التوصيات الرئيسة:
- تشكيل "هيئة عليا للتعاون والتنسيق والمتابعة" ، يرأسها وزير العمل، ويكون وزراء المالية والتخطيط والعدل، وممثل عن منظمة العمل الدولية، وممثل عن القطاع الخاص، ونقابات العمال، واتحاد الصناعات أعضاء فيها. تتولى هذه اللجنة عملية التقييم الدوري لعملية الامتثال لقانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال رقم 18 لعام 2023، وإعداد تقرير حول مدى التقدم المحرز في ذلك، ورصد وتحليل الأسباب التي تحول دون تحقيق ذلك، واتخاذ الإجراءات، ووضع الخطط والسياسات الكفيلة بتذليل العقبات كافة التي تحول دون ذلك.
- دعم المبادرة التي تم عرضها من قبل البنك المركزي العراقي (آيار/ مايس 2023)، والتي تقضي باعتماد المصارف كافة استراتيجية للإقراض، تهدف إلى ربط الإقراض(لغرض تأسيس المشاريع الصغرى والصغيرة والمتوسطة)، باشتراط أن يكون ترشيح أصحاب هذه المشاريع للحصول على القروض مقروناً بتقديم ما يثبت خضوع مشاريعهم لترتيبات الضمان الاجتماعي.. وأيضاً تشكيل إطار مؤسسي حكومي يعمل على توفير "كيان مالي" - مصرفي بأذرع فاعلة في المحافظات كافة، وبما يساعد على وصول التغطية إلى عدد كبير من العاملين وأصحاب المهن والمشاريع الفردية في القطاع الخاص.
- القيام بإعادة ترتيب دورية للأولويات ذات الصلة بوسائل تحقيق أهداف القانون الرئيسة، وإجراء التعديلات المطلوبة على القانون وإقرارها على نحو دقيق وسريع وجاد وفاعل. إنّ أيّ خطأ في الحساب، وفي اختيار أسلوب حلّ المشكلات التي تواجه عملية الامتثال للقانون، يمكن أن تؤدي إلى هدر الكثير من الجهد والوقت الذي تمّ بذله من الجميع دون جدوى.
- التركيز على دور أصحاب العمل في تحقيق الامتثال لأحكام القانون أكثر من التركيز على العاملين، والتفكير على نحو جاد في إيجاد آليات صارمة لإجبار أرباب العمل والعاملين على الامتثال، ودراسة جدوى ما يسمى بـ "الامتثال الطوعي" للقانون.. فالامتثال الطوعي في البيئة المجتمعية والقيمية والسلوكية العراقية، وفي أيّ مجال، لا يعني شيئاً سوى "عدم الامتثال".
- التوسّع في استخدام آلية القروض الميسّرة الممنوحة من أجل تأسيس المشاريع المُدرّة للدخل في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية من أجل تحويل الكثير من مستلمي إعانات الحماية الاجتماعية الحاليّين إلى عاملين في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وشمولهم بترتيبات القطاع المنظّم من الاقتصاد.
- تفعيل مشاريع الأشغال العامة، وبما يسمح بتشغيل الكثير من العاطلين فيها، وإدماجهم من خلالها بترتيبات القطاع المنظّم من الاقتصاد.
- "حوكمة الضمان الاجتماعي" بحلقاته ومستوياته كافة، والتركيز على بناء قدرات "السلطات" والجهات الحكومية ذات الصلة بتنفيذ أحكام القانون، وتعزيز قدرتها على تقديم خدمات ذات صلة بالتشغيل وتنظيم سوق العمل بشكل أسرع وأكثر كفاءة من أسلوب الأداء البطيء وقليل الفاعلية والكفاءة الذي تعمل على وفقه الآن.



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)       Imad_A.salim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سجون سوريا وسجون الأنظمة التي لم تسقُط بعد
- الاقتصاد العراقي والاقتصاد التركي: فجوات الأداء المؤسّسي وفج ...
- الإذلالُ الباردُ للخصوم في الأنظمةِ السياسيّةِ العربيّة
- الويلُ لنا ممّا نحنُ فيه
- التنظيمات الثورية – العقائديّة: أوهام وحقائق عن القوة والضَع ...
- سلوكُ الدولة العام وطبيعة الادراك المجتمعي الخاص لدورها في ا ...
- دونالد ترامب والوقود الاحفوري و OPEC+.. ونحن
- اعداد وتنفيذ التعداد العام للسكان في العراق ( 2024): إشكاليا ...
- عندما يَسكَرُ ع.ع.. كانَ يبكي
- ما زلتُ أُحبّكِ قليلاً
- تماماً كما هي الحَبَشَة
- سينما دونالد ترامب، سينما أمريكا.. وسينما العالم
- عن الاقتصاد وهزائم المواطن وانتصار الحكومات
- لبنانُ الحُلوُ وفيروز، ولا شيءَ آخر
- الدولة والتنظيمات الثوريّة - العقائديّة: اشكاليّة تحديد معاي ...
- عن موزارتِ الميّتِ في المدينةِ والناس
- استراتيجيّةُ الحِفاظِ على ما تبقّى
- الحروبُ المُشينةُ في بلاد العرب
- انشغالات عميقة.. ليس من بينها الحرب
- لا أحدَ ولا شيء.. سوف يأتي


المزيد.....




- المركزي الايراني: لا إنخفاض بمبيعات النفط والإستثمارات
- الغش الصناعي يهدد الاقتصاد المحلي ويقوّض الصناعات الوطنية
- اليونان تستأنف شراء الغاز المسال الروسي
- بيتكوين تقفز إلى 108 آلاف دولار في قمة جديدة
- أكبر ارتفاع في 50 عاما.. سهم نيسان يقفز 24% مدفوعا بآمال الت ...
- تهنئة خاصة من ميسي للامين جمال بعد فوزه بجائزة الفتى الذهبي ...
- خبير اقتصادي يتحدث عبر RT عن توقعاته لأسعار الذهب لعام 2025 ...
- العملة الأوكرانية الهريفنا تتراجع إلى قاع تاريخي
- الأردن يسمح بدخول شاحناته إلى سوريا
- طهران تحتضن مؤتمرا حول دور المناطق الحرة في التنمية الاقتصاد ...


المزيد.....

- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عماد عبد اللطيف سالم - إشكاليات التعاون والتعارض والتنسيق بين الأطر المؤسسية المُنظِّمة لعملية الانتقال إلى القطاع المنظَّم في الاقتصاد