لقد عانى العراق وعلى مدى ثلاثة عقود من القتل والارهاب والذل على يد نظام فردي دكتاتوري لايمت بأي صلة الى الانسانية والاخلاق.
فلقد حول هذا النظام كل العراق الى سجن كبير وكان يمارس على نزلاء هذا السجن وهم العراقيون شتى انواع القهر والاذلال, ولا يخفى على العالم ماكان يعانيه العراقيون، وكان لطاغية العراق هوايات في ممارسة احدث واغرب وسائل القتل. وهذه المقابر الجماعية التي تكتشف بين وقت وآخر لهي خير دليل على ادانته ورميه في مزبلة التأريخ.
وكان هذه الطاغية له هوايات اخرى غير القتل والتعذيب فقد كانت له ايضا هواية بناء القصور العراقية والتي كان يسميها قصور الشعب والشعب بعيد عنها كل البعد. فكان الطاغية عندما يبني هذه القصور والمنتجعات يطلق عليها تسمية مشاريع ويعطيها رقم و يسخر لها ميزانية مفتوحة ويأتي ببطانته كي تشرف على هذه المهمة. اما بالنسبة للعراقي المحروم الذي كان يعاني من شظف العيش وقلته فكان يلجأ للعمل في هذه المشاريع والذي يمكن اطلاق اسم المعتقل على هذا المشروع. فكان على العامل اولا ان يحلق ذقنه كأنه عسكري وان لا يحمل أي شيء بيده لانه يتعرض الى التفتيش عند الدخول الى هذا المشروع, اما في داخل المشروع فإن الاساليب البوليسية والقمع منتشرة, فبصدد الامن الخاص فحدث ولاحرج، وكان العمل طويلا و الاجر قليلا وكان مدير المشروع الذي يعين من قبل الطاغية يأتي باقربائه وهؤلاء الاقرباء لهم الرغبة في كل شيء حتى في ضرب العمال واضطهادهم وكان مدير المشروع ايضا يقوم بأدراج اسماء العمال وهويتهم حتى يأخذ اجورهم والاختلاسات وسرقة الاموال في هذه القصور فاضح ولاحرج فيها أما العامل البائس فكان مجبرا على تحمل كل هذه المعاناة في سبيل توفير قوت له ولمن يعيلهم.
هذه صورة من آلاف الصور التي كنا نعيشها يوميا, وليبقى محفورة في اذهان كل العراقيين.