سامر عنكاوي
الحوار المتمدن-العدد: 1785 - 2007 / 1 / 4 - 13:02
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ملاحظة :- قبل نشر مقالتي أرسلتها إلى صديقي صائب خليل وقد أرسلها لي مع ردود قصيرة على مقولاتي وآرائي وتم التوافق على نشر المقالة مع الردود, فكل ما هو بين قوسين وباللون الأخضر هو لصديقي صائب خليل أما اللون الأزرق فهو مقالته السابقة, والتعليقات باللون الأحمر هي للأخ الأستاذ الدكتور تيسير الالوسي.
محاولة رد على تساؤلات عراب# جيش المهدي
اخي العزيز صائب خليل اسمح لي ان اقول لك انت تغني في واد والشعب العراقي يبكي في واد اخر لا تسمعه ولا يسمعك.
(صائب خليل:اخي العزيز سامر...لست بالطبع عراباً لجيش المهدي او اي جيش في العالم ولا لأي طائفة ولا حتى دين..فكيف لي ان اكون عراباً لهم؟ انما انا بالعكس, احاول انصاف من اعتبره مخالف لي في منطلقاته, واعطيه حقه في مراجعة حيادية للتهم الموجهة اليه.. اما بالنسبة للغناء في واد اخر, فربما يكون من المفيد احياناً ان نستمع الى من يغني او يبكي في "واد اخر" لكي لانكون محصورين في وادينا فلا نسمع الا صدى ما نقول تعكسه الجبال التي تمنع الإتصال بالعوالم الأخرى..ثم لنا ان نحكم ان كان الرأي الآخر مفيداً لإغناء رأينا)
اكمل مقالتي
مقدمة
الحوار يكون بين أحرار يحملون أفكارا قابلة للرد والجدل والبدل والتغيير والتطور وإلا فما جدوى الحوار بين طرشان عقائديين، أليس الحوار هو من أجل الانتقال من مستوى تفكير معين إلى مستوى أكثر عقلانية، أرقى وأنبل وأكثر إنسانية، وأكثر قربا من الموضوعية، وأعتقد بأن الاقتراب من الموضوعية هو اقتراب من الكمال ولا ننسى نسبية كل شيء في الكون لذلك الكمال مستحيل والموضوعية المطلقة مستحيلة، ولا مكان للعقائد الكارثية في العقل السليم. كما انه من الصعب فتح حوار مع شخص أسير مسبقات وجواهز وتعاليم استعبدت عقله وسلبته القدرة على التفكير.
ما يزال العقل في منطقتنا العربية والإسلامية يقدس الوحدانية والثبات وسرمدية المفاهيم والمبادئ والمقولات والنصوص والعقائد المتوارثة.
ففي العقل العربي الإسلامي دين واحد صحيح وكتاب واحد قويم ونبي واحد أمين وهذا توصيف مطلق الصلاح في كل زمان ومكان ولكل البشر وعلى مدى الدهور والأزمان، تاسيسا على هذا، فإن العقل العربي الإسلامي لا يقبل التعدد، ويقف بقوة وبعنف وبالسلاح إنْ اقتضى الأمر وبالتصفية الجسدية والاغتيالات ضد التغيير، وما حصل من تغيير عنوة وفي غفلة من الزمن حسب رأيهم يجب محاربته وإرجاع الأمور إلى ما كانت عليه وبعث الماضي [التليد المجيد على وفق توصيفهم].
فنحن أمام [أمة] ترفض التخلف عن ركب التقدم والمعاصرة ليس لصالح اللحاق بالأمم المتحضرة بل لصالح التقدم إلى الخلف والتقهقر إلى الماضي السحيق و زمن السيف، ولو كان ذلك بحمامات دم وإرهاب.
فالديمقراطية هي ألدّ أعداء [أصحاب تلك الرؤية الشمولية] والحرية بدعة وخاصة حرية التفكير، فأولئك عندهم عقائد هي عبارة عن مجموعة أوامر ونواهي تمهد للرأي الواحد والدكتاتورية ولإقامة دولة العنف والاستبداد والتمييز والعنصرية، ودليلي على ذلك ما نحن عليه من تخلف وقسوة وعنف واستبداد وفرقة على كل الأصعدة من العائلة إلى الدولة إلى الأمة...
والإنسان السوي عندنا معقد ومريض، والطبيعي غريب عنا لا نفهمه ولا يفهمنا، والطيب إنسان جبان، والأكاديمي والمثقف جاهل لا يفهم في الدين والشرع، وصاحب المواقف الثابتة [الجامدة] وعلى الرغم من المتغيرات الموضوعية وتطور العقل البشري محترم مبجل؛ والانسان الذي يتغير أمام المعارف الجديدة والواقع ومستجداته متقلب وانتهازي إلى آخر توصيفاتهم السلبية.
الانسان السوي هو الذي يكون عنده هامش الجانب العقائدي الثابت صغير، وهامش الافكار التي تتغير باستمرار كبير لذلك يتبنى الحوار لحل الخلافات والمشاكل.
أما نحن فعندنا هامش العقائد [والمطلقات الشمولية] كبيرا جدا، بينما هامش الافكار صغير جدا لذلك نلجأ للسلاح لحل الخلافات والمشاكل وهذا ما يحدث في العراق.
فالعقائدي يحمل عقائد ثابتة قطعية يقينية مطلقة لاتحتمل الحوار و لا تتقبل الجدل ولتحقيقها عند دخولها المعترك السياسي أما أن يقتنع ويلتزم بها الاخرين وأما يتم تكفيرهم وسحقهم وتصفيتهم جسديا؛ لذلك يطالب المفكرون والسياسيون والعقلاء بفصل الدين عن الدولة حفاظا على هيبة الدين وقدسيته وعدم جعله طرفا بالصراع وبمتناول الجميع بالإساءة والنقد والتجريح كما يجري تفسيره بل تأويله المعوج عند أصحاب المطلقات الجامدة الشمولية.
(صائب خليل: ان كان بالإمكان التأسيس على وحدانية الدين كما ذكرت لكل ما استنتجته منه, فعلينا ان لانستمع اطلاقاً الى نسبة عالية من البشرية, تشمل المسيحيين واليهود واديان اخرى, ولا اضنك تدعو الى ذلك, على الأقل من اجل الديمقراطية نفسها. انا وانت نختلف عن جيش المهدي في منطلقاتنا القريبة من بعضها, انما انا اقول ان لا يبدو لي ان كل التهم الموجهة اليهم كانت مؤسسة بشكل جيد. اما ا لعودة الى الوراء فلا اضننا نمنعه بتقديم اتهامات ناقصة الأساس اليهم بل بالعكس نشجعهم على ذلك بمنحهم الفرصة لإتهامنا بالنفاق والتخلص من رأينا وضرورة الرد عليه بصدق. جو الصدق يبعث على الثقة ويحسن فرص الحوار. واؤكد لك ان جميع من وصفتهم بالعقلاء قد اعطوا فرصا كبيرة لتطور الحوار مع الفئات العقائدية الجامدة وقد نجحوا بذلك. وحتى مبدأ فصل الدين عن الدولة فهو مطبق بشكل جزئي ونسبي, كما انه ليس منصوصاً عليه في جميع الديمقراطيات المتقدمة
الدكتور تيسير الالوسي : ولكن شرط الحوار تساوي الأطراف ووحدة أهدافها أما بحال متجه في طريق السلم وآخر بطريق الحرب والعنف والدموية فالحوار بحاجة لمراجعة في الآليات........... أما تأويل كل نقد موضوعي بأنه إلغاء للأديان والجماعات الدينية فأمر فيه ما هو أبعد من تجنِ ِ كما أن الملتزم دينا لا يعني وقوفه خلف المستغل للدين كما متطرفي الأديان وعليه فرؤية السيد سامر عينكاوي إذ تفضح متطرفين من دين أو مذهب وتدين توجهاتهم المعادية للإنسانية وللسلام والحريات فإنها الأقرب إلى الديانات في جوهرها الإصلاحي وطبيعة توجهاتها السمحاء السامية وهكذا سنمضي لنجد لنا مستقرا جميعا في المساواة والإخاء والانعتاق من ربقة العنف ومسببيه بجهالتهم وبقصديتهم ومصالحهم المعادية لشعبنا والإنسانية)
أعود إلى كلام أخي صائب خليل وتساؤلاته ومقالته السابقة:
"هل هناك تفسير مقنع للإرهاب الشرس المتواصل ضد رياضيي العراق مؤخراً؟ ومن الذي يمكن أن يقوم به؟ وما هدفه؟ هل كان اختطاف واختفاء فريق التايكواندو العراقي في الأنبار طائفياً؟ ومن هو المخطط لجريمة قتل هديب مجهول رئيس نادي الطلبة؟ وأحمد الحجية رئيس اللجنة الاولمبية العراقية ورفاقهما؟ ما الذي كان دافع القاتل الذي اختار محمود فليح مدرب منتخب العراق للدراجات، كاسب الذهبية لمنتخب السيدات في بطولة العرب ليكون ضحيته؟ وماذا كان في ذهن قاتل الحكم الدولي للمصارعة مهند محمد حمدان؟ هل قاتل هؤلاء طائفي معتوه أم مخطط علمي هادئ يعرف كيف ينتقي من يوجه سهامه اليهم؟ انتهى كلام صائب خليل"
اكمل مقالتي
واكمل كلامي واوضح ما اريد ان اصل اليه بعد هذه المقدمة او المدخل او الاستهلال سمِّهِ ما شئت
بتقديري نعم قاتل هؤلاء طائفي معتوه ضل سبيله سهوا الينا آتيا من العصور الغابرة، انه من بقايا إنسان الكهوف النياندرتالي، أو إنسان الغاب المتوحش إنه جاهل متقوقع لايرى ولا يعرف أبعد من أنفه.
اخي صائب خليل
إذا كنت تعلم فتلك مصيبة وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم أو أشد هولا.
فأول من أفتى بأن الرياضة وخاصة كرة القدم حرام ومضيعة للوقت وتلهي عن ذكر الله وهي مخطط استعماري للاستيلاء على ثرواتنا وللمحافظة على تخلفنا ودليله أن اميركا واسرائيل ليس لها فرق كرة القدم وهذا غير صحيح قطعا وينم عن جهل غير مسبوق هو السيد مقتدى الصدر في مقابلته الشهيرة الموجودة على الشبكة العالمية الانترنيت، فهو الوحيد الذي أفتى بهذا المجال الحيوي من حياة الناس وهو الوحيد الذي يمتلك جيشا يمكن أن يتصرف كقطيع بلا عقل أو تمحيص أو دراسة او جدوى ما يقوم به، وهو الوحيد الذي أنشأ وأدار ويدير هيئات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل أنحاء العراق والتي منعت طلاب كلية الهندسة في البصرة من الذهاب في سفرة طلابية بالاعتداء عليهم بهمجية، وهو الوحيد الذي يحاول ان ينشئ دولة الاستبداد الجديدة بعد أن تخلصنا من دولة العنف والاستبداد الصدامية؛
لقد اختزل السيد مقتدى الصدر الرياضة بالركض وركوب الخيل والمبارزة والسباحة وهذه
أولا رياضات تعجيزية يصعب ممارستها في المدينة، فاين المسابح للسباحة وهل مسموح السباحة للنساء ايضا، وكيف السبيل إلى المبارزة بجهاز القتل الذي يدعى السيف واين ولماذا؟ اما ركوب الخيل على الاسفلت والقار والشوارع العامة فهو مفيد جدا لحوافر الخيل ويساعد أيضا على إجراء مسابقات ثم المراهنة على الفائز ثم بناء حلبات سباق الخيل السيئة الصيت والتي تسمى الريسز!
وأريد هنا ان اتكلم بشكل عقلائي كما يقول السيد مقتدى الصدر
حبيبي السيد مقتدى لماذا كرة القدم تلهي الناس عن ذكر الله بينما الرياضات المستحبة في الاسلام لا تلهي عن ذكر الله كالسباحة في الصحراء العربية وركوب الخيل في الشوارع الاسفلتية والمبارزة العدوانية والركض بلا هدف كالمجانين.
انا أسأل أين العقلانية عفوا العقلائية خوفا من زعل السيد مقتدى في هذا الكلام؟
(صائب خليل: انا معك ان ليس في هذا كلام عقلاني بل عقائدي واختلف معه بما لايقل عن خلافك معه. كذلك اجد مناسباً التنويه بانك اصبت نقطة في ربطك بين هذه التصريحات وما يمكن ان تؤدي اليه من اعمال ارهابية ضد الرياضة. لكني اثير انتباهك هنا ايضاً الى ان تلك التصريحات ليست "طائفيه", بمعنى انها لاتعامل طائفة ما بشكل مخالف عن الأخريات. انها عقائدية – دينية واضن انك ستجد مناظراً لها عند بقية الطوائف الإسلامية, وهي تشمل محرمات مختلفة بنيت على اساس ديني عقائدي ليس فقط لدى الإسلام بل في جميع الأديان, ربما بلا استثناء.
السؤال المهم هنا, هل ان مثل هذه الفتاوى تعني بشكل مباشر حق قتل من يخالفها ام انها نصيحة للإبتعاد عن تلك الرياضات, ام اي شيء بين الإثنين؟ عن هذا يجب ان يسأل مقتدى الصدر ويحاسب على جوابه ان كان دعوة للعنف ضد الرياضيين. يجب ان لانتعب من البحث عن الحل الأقل عنفاً في تعاملنا مع ما نعتبره خطأ تقترفه طائفة ما, فمستقبل البلاد قد يكون مرهوناً بذلك.)
اكمل مقالتي
تنويه
ليس من المستبعد ولجهل مقتدى الصدر بالسياسة وفنونها والواقع وفن التعامل معه وللاخذ بالنوايا الحسنة لديه هو امكانية توظيفه او استخدامه كمطرقة بيد الامريكان او الصداميين او الايرانيين، كل لتحقيق أهدافه.
(صائب خليل: وافضل طريقة لعدم منح هؤلاء فرصة كبيرة لإستغلاله ان نعطيه فرصة عادلة
الدكتور تيسير الالوسي : استنتاج غير موضوعي إذا ما أريدَ به أن يكون منح الخطل السياسي فرصا للعمل في ميدان ملغوم بكل المتفجرات والصحيح توجيه الميدان ومن يعمل فيه ويوجهه بوضع الإرادة القيادة المناسبة في المكان المناسب فكيف نمنح جاهلا فرصة العبث بحيوات شعب! )
اكمل مقالتي
اظن باني قد حاولت الاجابة على التساؤل، اما بقية المقال موضوع الرد فلشدة إعجابي به ولأهميته لوحدة العراقيين ولحمتهم أضعه كما هو.
مقال صائب خليل السابق:
"الكاتب الكردي جلال جرمكا يذكرنا غاضباً بأسماء طالما اسعدتنا، نحن العراقيين جميعاً دون استثناء، فيقول:
هل ننسى تلك الأسماء اللامعة: عمو بابا.. عمو سمسم .. يورا .. جبار رشك .. صاحب خزعل.. نوري ذياب.. باسل مهدي.. هشام عطا عجاج.. كوركيس أسماعيل.. حامد فوزي.. الكابتن جمولي.. جلال عبد الرحمن .. محمد ثامر .. الكابتن عبد كاظم .. محمود آسد .. قاسم زوية .. لطيف شندل.. دوكلص عزيز.. حسن بلة .. شدراك يوسف.. هل نسينا النجوم طالب شهاب.. خضير زلاطة .. سامي الشيخلي.. علي الكيار.. عباس الديك...ليصرخ في النهاية قائلاً:"أية لعنة هذه ؟؟"
اما حمزة الشمخي فيكتب: "إستفيدوا يا ساسة العراق من المنتخب الوطني العراقي لكرة القدم ، الذي أمتع وأفرح العراقيين ولو للحظات قليلة ، ووحد فرحتهم في عموم العراق"
باتريك فور, فيقول: " ففي الساعة الرابعة عصرا توقف كل شيء في العراق وهجرت الشوارع (...)
والتف العراقيون جميعا حول شاشات التلفزيون لمتابعة منتخبهم الوطني بدءا من الرئيس جلال طالباني الذي الغي كل مقابلاته وانتهاء بمحمد سبتي الموظف في احد الفنادق"
فالرياضة إذن, وكرة القدم بالذات كانت تشع الفرح والألفة لكل طوائف العراقيين, فإلى اية طائفة يمكن ان ينتمي قاتل الرياضة هذا؟
بالطبع ليس العراقيون وحدهم مولعين بكرة القدم متمتعين بقدرتها الفائقة على جمع الشمل. فيكتب ناشط السلام الإسرائيلي أوري افنري في مقالته الجميلة, (كرة بدل عيارات) (*) عن ما يسميه بـ"وطنية كرة القدم" فيقول انها "تتغلب على أي إحساس آخر!"
يمضي الكاتب الذكي قائلاً:"قبل ذلك ببضعة ايام، رأيت المشهد ذاته في سراييفو. في مقهى في مركز المدينة، جلست حشود من المحليين، مسلمين، كرواتيين وصربيين، يتابعون معا، يتأثرون معا، يقفزون معا، ويهتفون معا.
الأمر ذاته حدث في نفس الوقت في كافة الدول، من كندا وحتى كمبوديا، من جنوب أفريقيا وحتى كوريا الشمالية."
ثم يقارن اوري بين كرة القدم والحرب, فيرى الأولى بديلاً حضارياً للثانية, بديلاً هاماً تحتاجه طبيعة الإنسان فيقول : "التعاطف مع القومية هو حاجة ضرورية للإنسان العصري (فيما عدا استثناءات قليلة جدا). تمنح كرة القدم تجسيدا لهذا التعاطف، بشكل يتشابه من الناحية الخارجية مع الحرب. لذلك يقوم العلم والنشيد الوطني بوظيفة أساسية جدا في لعبة كرة القدم. الحشود التي تحمل الأعلام، والتي تلوّن وجوهها بألوان العلم، والتي تهتف بالشعارات الوطنية، تتجسد في هذه الظاهرة."
وعندما نصل الى قوله: " للمرة الأولى منذ انهيار الرايخ الثالث، تلوّح الحشود الألمانية بعلمها الوطني بانفعال يصل إلى حد النشوة. هناك من يتحدث عن إعادة إحياء الوطنية الألمانية، وغيرها. غير أنني أعتقد أن هذه هي ظاهرة إيجابية بشكل خاص. لا يمكن لأمة أن تعيش حياة طبيعية إذا كان أفرادها يخجلون منها. يمكن لذلك أن يؤدي إلى جنون جماعي وأن يؤدي إلى ظواهر خطرة، الآن، بمساعدة كرة القدم، تم تصحيح الأمر."
فأن اوري يكون قد بلغ قمة انسانية شاهقة! تخيل يهودياً يرى ان " إعادة إحياء الوطنية الألمانية" ظاهرة ايجابية, بل ويجرؤ على كتابة ذلك!
ثم يحدثنا اوري عن لاسامي معروف كان رئيسا لبلدية فينا، لكنه شجع الفريق اليهودي " قوة فينا" عندما واجه فريقا هنغاريا، وقال لمن أراد أن يذكره بيهودية الفريق " دعوا ذلك جانبا" وهو دليل كما يقول على أن " وطنية كرة القدم تتغلب على أي إحساس آخر"
ثم يضيف أمثلة عن "نجم المنتخب الفرنسي جزائريا-فرنسيا، شجعه عنصريون فرنسيون حتى بحت حناجرهم. هذا ما حدث أيضا للجمهور اليهودي في إسرائيل، الذي شجع لاعبا عربيا في منتخبنا."
هكذا يلحظ اوري قوة التوحيد الساحرة لكرة القدم حتى انه ينصح أوربا ان ارادت اشعار مواطنيها بإنتمائهم اوربياً، فعليها خلق فريق كرة قدم اوربي!"
لكن أطرف من كتب عن مشاركة العراق بطولة اسيا كان بلا شك فالح حسون الدراجي الذي يصارع الام عينيه حين يكتب ليجعل من المباريات, سباقاً بين العراقيين والطائفية فعنون مقالته: "العراقيون يهزمون الطائفية أربعة – صفر". (**)
وبعد ان يعتذر لإضطراره التكلم بكلمات "السنة" و"الشيعة", يذكرنا فالح ان "هذا الفتى الذهبي يونس محمود ( السني) القادم من مدينة ( الدبس) في محافظة كركوك، جنباً لجنب مع الشيعي (علي حسين رحيمة) القادم من مدينة الثورة والصدر، وهذا ( الكردي ) جاسم حاجي، مع ذاك النجفي حيدرعبودي، ومعهما (المعظماوي) مصطفى كريم، وحولهم يتألق أخوتهم شباب مدينة الثورة والصدر مثل: محمد گاصد، ومحمد علي كريم (.....) فهذا هوالعراق الجميل" ليتمنى بين دموع الفوز "أن يرى ( كبارنا ) في العراق هؤلاء الشباب، فيتعلموا منهم درس التآخي والوحدة والأخوة الحقيقية"
علينا ان نعترف أيضاً ان الإرهاب لم يقف مكتوف اليدين وانه قد حقق "اهدافاً" مؤلمة في مرمى العراق. فلا مجال لإنكار نجاح الإرهابيين في اغتيال العديد من الرياضيين وبث الرعب في الساحة الرياضية. فقد تأجل دوري الكرة الممتاز, كما استقال مدربان بسبب التهديدات بالقتل وجرت تدريبات الفريق بصعوبة في كردستان او الخارج واضطر اتحاد الكرة الي تقسيم الدوري حسب التوزيع الطائفي للسكان وهي مجموعة الجنوب ومجموعة الشمال ومجموعة بغداد وديالي." بل لم يسلم من الإرهاب حتى الرياضيين العراقيين المعاقين الذين كانوا يستعدون للمشاركة في دورة الألعاب الآسيوية لألعاب المعاقين في ماليزيا!
لا يفوت فالح حسون هذا الجانب فيكتب في مقالة اخرى له بعنوان: "فازوا في ساحة الطيران, وفزنا في الدوحة!" وفيها يقول: "وهكذا تمضي سجالاً بيننا وبين اعداء شعبنا، فقبل أيام، وما أن فزنا في كرة القدم على فريق عمان في بطولة أسياد الدوحة، حتى جاء رد الأرهابيين سريعاً فاغتالوا مدرسة صابئية وقساً مسيحياً وأستاذاً جامعياً مسلماً، وحين عاد فريقنا ليفوزعلى ماليزيا بأربعة أهداف ضد لاشيء، اغتال الأرهابيون بعد ساعات من هذا الفوزعائلتين شيعيتين، وتسعة مواطنين من أبناء السنة". اما الجريمة النكراء في ساحة الطيران التي راح ضحيتها 200 عامل بين قتيل وجريح, فيراها فالح نصراً قذراً للإرهاب غطى نصر منتخب العراق على اوزبكستان.
لاشك اننا لا نريد..لا فالح ولا انا التقليل من قيمة حياة الإنسان بمقارنتها باهداف كرة القدم, بل نريد ان نقول ان قيمة الإنتصارات الرياضية في هذه اللحظة العسيرة من حياة العراق لها قيمة عليا فهي تمثل نصراً وسعادة تكسر سلسلة هزائم والام العراق وتدفع الى التفاؤل.
بدأنا مقالنا بالتساؤل عمن يقف وراء الإرهاب الموجه ضد رياضيي العراق وعن هدفه, وهل ان الدافع وراءه طائفي. تساءلنا ان كان القاتل طائفيا معتوها ام مخططا هادئا يعرف كيف ينتقي ضحاياه.
لعل في اخر خبر في سلسلة اخبار الإرهاب الرياضي ما يضيء بعض هذه الظلمة الحالكة الشائكة ويجيب عن بعض هذه الإسئلة. نقرأ عن قذيفة هاون تصيب أربعة من لاعبي الزوراء إثر سقوط قذيفة هاون على ملعب النادي في بغداد، عندما كانوا يتدربون. ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يضرب فيها الملعب بالقذائف, فهي اذن ليست حادثة خاصة بل سياق مستمر, فما الذي يمكن استنتاجه عن صاحب هذا السياق؟ انه يدل بلا شك ان الفاعل ليست له اية دوافع طائفية! فإن قلنا ان القناص الذي اغتال لاعب الفريق منار مظفر, ربما كان يعمل بدوافع طائفية لأنه يعرف من يقتل, فان قاذفي الملعب بالهاونات لا يبدو انه يهمهم من اية طائفة ستكون ضحاياهم! كل ما يعرفونه انهم عراقيون, وانهم لاعبو كرة قدم!
من وجه قنابله إذن لم يرد قتل شيعي او سني او مسيحي او صابئي, بل اراد إنهاء اي عراقي يمكن ان يلعب دوراً في تضميد احاسيس العراقيين بعراقيتهم ويعيد التفافهم حول وطنهم. لذا فهو يوجه غدره الى لاعبي احب الفرق العراقية الى قلب شعبه، لعله يصيب في ذلك القلب مقتلاً.
مثل هذا الحادث بالذات, مضاف اليه تحليلات افنري، يوجهنا الى هوية القاتل واهدافه. فهو ليس "طائفي معتوه" بل مخطط يدرك تماماً قيمة هدفه بافضل ما ندركها نحن انفسنا. اضافة الى ذلك فيبدو ان تحت تصرفه شبكة واتصالات تجسس تتيح له ان يعرف بالضبط متى واين يتدرب اللاعبون الذين قد حفظوا تلك المعلومات سراً قدر الإمكان بعد تكرار الحوادث.
صدق فالح حين اعتبر ساحة الرياضة صراع بين من يريد للعراق ان يتمزق فيهرب الناس الى طائفيتهم وبين من يضمد جراح عراقيتهم ويعيد ربطها ويعيد لها الدفئ والشجاعة, لكن من الواضح ان من يقف في الجانب الإرهابي ليس بالضرورة طائفي, بل من المؤكد انه ليس كذلك. ربما كان خدعنا لو انه اكتفى بالقناصين, لكن قنابل الهاون العمياء فضحته, كما فضحه تفجيرات عشوائية اخرى مثل كراج النهظة قبل ذلك.
إنه ايضاً ليس مريض تقوده ساديته حين حطم حلم الرياضيين المعاقين, بل فعل ذلك فقط بعد ان تم اعلامه ان هؤلاء سيمثلون العراق في ماليزيا. انه ليس طائفياً يسعى الى نصر طائفته بأي ثمن, ولا مريض يريد القتل للقتل فقط. انه يريد ان يمنع ان يمثل "العراق" احد في اي مكان...يريد جعله مثل "اوروبا" التي لا يحس احد بالإنتماء اليها, ولا يهم احد استمرار تمزقها. أن من يريد للعراق ان يتمزق طائفياً لا ينتمي في ذهنه ولا في عاطفته الى اي من طوائف العراق, وليس ولاؤه لأي منها.
ولكن اي كان ولاء إرهابيي الرياضة, فمن الضروري وعلى الفور ان تبادر الى كل اجراءات الحماية الممكنة للرياضيين, لأن لهم اضافة الى قيمتهم العليا كبشر, قيمة اضافية عليا كرباط لجروح العراق وكمنعش لروح الشجاعة والتفاؤل بين ابنائه. إنه الرمز, فهل ستدرك الحكومة عاجلاً ما سبقها الإرهابيين الى ادراكه من قيمة الرمز؟
#عراب تعني الاب الروحي لغير اولاده ولا تعني نقيصة وانما مهتم بالشان المعين.
#سامر_عنكاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟