أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - آرام كربيت - هواجس عامة وخاصة 376















المزيد.....



هواجس عامة وخاصة 376


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 8189 - 2024 / 12 / 12 - 07:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إذا كنت تحب دينك وتؤمن به، فلتكن الديمقراطية هي نهجك في الحياة، لأنك ستفتح نوافذك على الحرية سواء شئت أو لم تشاء.
أما إذا كنت تخاف على دينك، هويتك، فهذا يدل على عدم ثقتك بهذا الدين، لأنك تعلم علم اليقين، أن الديمقراطية فضاء مفتوح على الحرية والعلن، لهذا فإنت تفضل السر، لتبث خرابك بين الجهلة مثلك.
لم يعد هناك أي سر في عالمنا المعاصر، الرياح ستهب عليك وأنت في فراشك، وأنت في حمام منزلك، وفي اللحظة الحميمية مع الشريك.
لا تخف رأسك في الرمال كالنعامة، فمؤخرتك ستتنكر لك وتذهب لمصاحبة نهر الحياة الجارف، وتاخذك إلى كل التيارات القائمة والانفتاح على العالم.
إذا كنت تعتقد أن التمترس بالدين سينقذك من الهزيمة، فأنت غلطان، هذا التمترس هو مقتلك.
لم تعد كبيرًا كما كنت في الماضي، اليوم أنت قزم، لأننا في زمن يقزم أكبر قامة ويحولها إلى شيء نافل.



بنية الحداثة مفرقة، مفككة العلاقات الاجتماعية.
إن الانتظام الاجتماعي يكون في العمل، في مقر الأحزاب السياسية، أي في المجتمع المدني، كالأندية الرياضية، الكنائس والجوامع والملاعب، في المقاهي أو المطاعم أو الندوات الثقافية والسياسية وفي المدارس والجامعات.
التكنولوجية، قزمت الإنسان، حولت كل شيء إلى علاقات سريعة، علاقات عمل، دون فرح أو استرخاء.
اعتقد أن كولن ويلسون تنبأ بهذا. وقال عنها فرويد أن هناك تحالف بين التكنولوجية والهمجية.
أننا في زمن الضياع، نبحث عن رفيق، عن ونيس، قلب طيب يضمنا، شريك يبعد عنا قسوة الزمن والوحدة والفراغ.
الاغتراب الذي يعيشه إنسان الحداثة فيه قهر، ووجع صامتين، الجمال في داخله مدمر، بل تحول البشر إلى مجرد عيون متعبة باحثة عن الألفة والاستقرار النفسي والأمان.


الأسرة هي اللبنة الأولى للاستبداد الذي كرسته الحضارة الذكوريالبطريركية،.
بهذه الأسرة تم قوننة الجسد، نزعته من الشأن الخاص والشخصي، ووضعته في الإطار العام يتحكم به القانون العام.
أصبحت الأعضاء الجنسية جزء من الشرف والأخلاق الحميدة، لا يسمح للأفراد التحكم فيه أو الأعلان عن خصوصية الفرد أو التصرف به، من موقع أن هذه الأعضاء شأن عام.
أول تنازل عن الحرية جاء عندما فقد الإنسان صلته الحميمية بجسده، ملكيته لنفسه، أو احترامه له، أو حمايته، خطفه القانون منه، ووضع على طاولة السلطة.
شرحته هذه الأخيرة، حولته إلى شيء عام، ملكها العام، تأخذه إلى حروبها، إلى سجونها، تمثل فيه، تضعه على طاولتها وتبدأ في تقطيعه إلى اجزاء وفق ما يريد المشرح.
أي أصبح الجسد الجميل شيئًا، اشتغلت عليه السلطة، حولته إلى أداة إنتاج كالبغال والحمير، تركبه، وتوجهه إلى الجهة التي تريد.
يكرم الإنسان المقتول، تحترم جثته في الموت المقونن، يلف بعلم السلطة ويدفن في موكب مهيب، ويغادر الحياة مكرمًا، تلتف حوله الجوقة والموسيقا، وبرضا الجميع، ثم يسمى شهيدًا.
أصبح الجسد الاجتماعي في ظل الحضارة البطريركية دون رأس أو قلب او عقل.
الجسد الاجتماعي المقطوع الرأس، يسير وفق مقاسات السلطة، دون حب أو دفئ أو جمال أو سعادة أو حرية أو حق، تحركه وفق ما تريده وترغبه، تقوده إلى عبوديته.


اعادني أحد الأصدقاء إلى أيام طفولتي، إلى زمن التركتور الكيز 500 والكاتبيلار والجوندر والكلاس والشيفرولية والويلس والبونتياك والعنتر والكلينير.
كان كارو ابو ليفون طوله متر، كل مساء تضع له زوجته أم ليفون البطة البيضا، عرق إلهي صافي مثل عقله وقلبه، مع الزيتون المدمس بالفليفلة الحمراء والزيت الزيتون والليمون الأخضر أو الأصفر، ولفت الشوندر والبني عردك واللحمة الشرحات.
كان يشرب بهدوء، يمزمز، على مهل، الطاولة مملوءة بما لذ وطاب، مسطهج على سن ورمح طوال الليل.
في الصباح يفيق كارو مخمورا، لكنه عند الشغل كان سبعًا، أسد البراري العذبة، يفك المحرك ويلعب فيه كما يلعب المحترف بالكرة، وخلال ساعات يركبه، الدزكة في الحوش، وعدة الشغل في الحوش، يعمل طوال النهار، كأنه ينقش على اللوحة، أو كما ينقش العصفور عشه من بضعة خصلات قش.
في الصيف يركب الويلس ويسرح به، يدور حول مصلحته ومصالح أصدقاءه في الحصاد، وفي الشتاء في أوقات البذار.
يصلح التراكتورات أو الحصادات أو السيارات أو البيك آب.
كنت أظن أن الزمن سيتوقف هناك، عند رأس أبو ليفون، وقنينة البطة البيضا، لكنه الزمن، الزمن دوار، الراحل الذي ذهب مع الريح كما تذهب الأعاصير.


لا يمكن للمرء أن يختلس أو يخون أو يسرق أو يكذب إلا إذا كان لديه استعداد نفسي مسبق لهذا الأمر.
والاستعداد النفسي لم يأت من عبث، أو نتيجة خطأ عابر أو غلط في الحسابات.
إنه عملية تراكمية، بنية الفرد الكاملة، أي البناء الثقافي والأخلاقي والسلوكي والوجداني والعاطفي من لحظة الولادة وإلى الساعة التي يطعن فيها بأقرب صديق له.
سلوكك وأخلاقك وصدقك ونزاهتك وحبك الصادق للآخر هو عملية تراكمية.


الحياة كالأواني المستطرقة، دائمة الانتقال من الأعلى إلى الأسفل، وبالعكس.
لا شيء ثابت.
ولا يمكن لهذه الأواني أن تبقى ثابتة سوى لحظة واحدة فقط، ثم يبدأ الانتقال مرة بعد أخرى.
لا ثبات في أي شيء، لا في الحياة وفي الغنى ولا في الفقر ولا في الموقع.

في داخلك ألم فظيع، ألم مخبأ عن الأنظار، يمكن استخراجه عندما تحين ساعة الوجع.
أنت كتلة ألم لا يراها الناظر، ولا تراها أنت أيضًا. إنه كامن فيك ينتظر أن يخرج إلى النور.
لست قويًا كما تظن، ولا يغرنك نجاحاتك في الحياة والمكانة والثروة والجاه والسلطة.
أنت كائن ضعيف مهما حاولت التظاهر بعكس ذلك.

مثل كل شيء في حياتنا هناك من يعتقد أنه المركز والآخرين أطراف. عندما يعطس على الأخرين أن يعطسوا، وعندما يضحك فعلى الآخرين أن يضحكوا. وكمان عندما يذهب إلى المرحاض فعلى الآخرين أن يذهبوا معه.
وعندما كان مع النظام يغني له ويرقص ويعطي مؤخرته، كان يطلب من الآخرين أن يكونوا قوادين مثله.
وعندما بدأت الثورة أصبح في المقدمة يعطي شهادات حسن سلوك لهذا أو ذاك. هذا ثوري وهذا متخاذل، هذا وطني وهذا خائن.
إنه ليس فردًا. إنها ثقافتنا، أمراضنا، دونيتنا وعقدنا.
إنه ذاك، نحن، الذي لا يؤمن إلا بنفسه المريضة، العاجزة، التافهة، الخربانة.
أذهب إلى أقرب طبيب يا هذا، وأعرض نفسك عليه، وأعرضنا معك لعلنا نشفى، أو نجر معنا الطبيب ذاته إلى طبيب آخر.


الملك السويدي كارل الثاني عشر
هانس بترسون
آرام كرابيت
ولدت في السابع عشر من حزيران/يوني/ من العام /1682/ .
كانت السويد دولة قوية وكبيرة. تنعم بالسلام والمنعة. لم يكن يوازيها بالكبر والقوة سوى روسيا القيصرية.
دخلت السويد في حروب كثيرة مع الدول المجاورة. خرجت منتصرة وقوية في أغلبها.
تزوج والدي من السيدة أولريكا إليانورا أخت الملك الدانمركي. الدفء والحب والألفة والسعادة لفت علاقة والدي بأمي وأسرته. لقد رزق بثلاث صبيان وبنتين. لكن بعد فترة قصيرة من ولادتهما توفي الأطفال الذكورالثلاثة.
أضفى هذا الوضع الحزن والكآبة على قلب والدي وبيته.
أنصب أهتم والدي علي بشكل غير طبيعي لأنني كنت وحيده.. الوريث الوحيد لعرش المملكة السويدية.
ذهبت معه في سفراته الطويلة قبل أن أبلغ الرابعة من العمر. كنت أركب على ظهر الحصان:
ـ أرى والدي كيف يتمرن مع جنوده ويقوم بالتدريبات العسكرية.
كنت معجباً بقدرات والدي.. فخوراً به.
تتأجج في داخلي الرغبة والأمل أن أبلغ مبلغ الرجال وأصيرمثله.
خلال المئة سنة الأخيرة. دخلت السويد في عدد من الحروب. أستولت على الكثيرمن دول الجوارالتي تقع في جنوب بحر البلطيق.
من أجل التجارة.. من أجل السيطرة على ممرات التجارة. ضمت السويد بحر البلطيق كله إليها.
صار بحر البلطيق سويدياً خالصاً.
كان العدو الأخطرللسويد هي روسيا.. وبعض الدول الألمانية الصغيرة المتناثرة.
كان والدي في السبعة عشرة من العمرعندما أصبح ملكاً.
بعد ثلاثة أعوام من التنصيب. هاجم السويديون بقيادة والدي مقاطعة أسكونا الدانماركية. حدثت معركة غير عادية هناك ذهب ضحيتها آلآف الجرحى والموتى في ميدان المعركة.
على مشارف مدينة لوند الكائنة في مقاطعة أسكونا أجبروالدي الجيش الدانماركي على الفرار.
نجحت السويد في إدخال مقاطعة أسكونا ضمن المملكة/حالياً ضمن المملكة السويدية/.
الحروب الكثيرة جعلت السويد بلداً فقيراً. لهذا أجبرالملك النبلاء على التنازل عن بعض ثرواتهم. في الوقت نفسه عمل على مسك مقاليد السلطة والحكم بيد من حديد على كامل السويد والدول الواقعة تحت سيطرته.
لم يقبل أن يتدخل النبلاء في إدارته للسلطة والدولة والحكم.
عندما كنت في الرابعة من العمرتتلمذت على يد أول معلم. بسرعة كبيرة تعلمت القراءة والكتابة. قرأت التأريخ واللغة اللأتينية. في دراستي للتأريخ أطلعت على الخرائط. من خلال التأريخ قرأت الجغرافيا. بسهولة وسرعة أتقنت اللغة اللأتينية والألمانية والفرنسية. لكن المادة المفضلة لدي كانت الرياضيات. لكن أولاً وقبل كل شيء حاولت أن أتعلم كيف يمكن للمرء أن يقود الفرق العسكرية في الحرب عندما يكون في الخط الأمامي من الجبهة من أجل الدفاع عن حدود المملكة في وجه الكثير من الأعداء.
في السادسة من عمري صارعندي غرفة خاصة لي وأتهندم مثل الكبار.
كان يطيب لوالدي الجلوس مدة طويلة ويذهب في حديث طويل عن عظمة السويد وقوتها قبل الحرب. كثيرة هي المرات التي يكون فيها غاضباً. أحياناً كثيرة كان من الصعب أن يتكلم مع أحد. مع هذا كنت أتمنى أن أكون مثله. كان وحيداً.. قوياً وشديد المراس.
كان والدي المثل الأعلى لي! مع ذلك يلبس ثياباً بسيطة مثل أي جندي. يتحرك ويدور حول البلاد طولاً وعرضاً من على على حصانه. راغباً في رؤية الناس العاديين ومعرفة مشاكلهم ومحاولة مساعدتهم قدرما يستطيع.
أما والدتي فقد كانت لطيفة ورقيقة ودافئة. توفيت عندما كنت في الحادية عشرمن العمر. كتب والدي في مفكرته الكلمات التالية:
ـ لقد فقدت أعز حبيبة وأطيب زوجة. أحس بالحزن العميق والفاجعة. عسى الله يمنحني القوة والصبرفي مصابي.. ويواسيني مع أبنائي الثلاثة في هذا الحزن الجلل لفقداننا لها.
عندما بلغت الخامسة عشر من العمرتوفي والدي. بقي لي على قيد الحياة أختي الكبيرة هيدفيك صوفيا وأولريكا إليانورا. دربت نفسي على الوحدة والعزلة.قلت: على الملك أن يثق بنفسه أولاً. أحسست إنني أحب الوحدة والعزلة مثل والدي. بعد عام على وفاة والدي توجت ملكاً على السويد.
تم التتويج في الكنيسة الكبيرة لأن النارجاءت على القصركله.
عندما توجت ملكاً كان في خاطري ثلاثة أشياء مهمة علي القيام بها:
ـ أن أقررعلى كامل التراب السويدي السلام والحرب.
ـ أن الله أختارني لأكون ملكاً ومسؤولاً عن الأرض والشعب.
ـ أن أدافع عن حدود الدولة الممتدة من السويد.. فلندا.. إستونيا.. ليتوانيا وأجزاء كبيرة من المانيا.
أن يكون المرء ملكاً.. عليه أن يجلس كل أوقات النهارفي الغرفة.. يرد على مختلف الرسائل أويستقبل الزوارمن البلدان الأخرى.
أحياناً أهمل الرد على كل الرسائل. ومرات كثيرة أجول على حصاني حول البلاد حتى أنهك من التعب.
إحدى المرات جاءنا زائر من فرنسا قال لي:
ـ الملك لا يشبه أحد.. لا يخاف من المخاطر.. لا يبالي عندما يطلب منه الحذر.. حينها يصير أكثر جنوحاً ولا يهاب الموت على الأطلاق. يجب أن يكون ممتلئ القناعة بالله الذي يحميه ويصونه.
كان ذلك صحيحاً.
أحب صيد الطرائد وطعنها وقطع رأسها مباشرة. أنام في غرفة مفتوحة النوافذ مثلما أكون في الجبهة.
خلال هذا الوقت رحت أبحث عن امرأة من أجل الزواج بها وأنجاب طفل يورث العرش من بعدي. لكني لم أعرالفتيات أي أهتمام. كنت على استعداد دائم.. في أي لحظة يمكن أن تندلع الحرب.. عندها يجب أن أكون موجوداً على رأس الجيش. لذلك لم يكن لدي وقت للعشق. الذين التقوا معي علموا إنني مختلف عن الناس الذين من جيلي. أحد النبلاء الدنماركيين قال بحقي:
ـ كارل الثاني عشرفي السابعة عشرمن العمر. لكنه يلبس الثياب البسيطة.. لايهتم بالنساء كما لا يستخدم الباروكة.
لا أعتقد إن أحدهم يعرف كيف أفكرأوأحس أوأشعر.
في الحقيقة كنت وحيداً وأحب العزلة والوحدة.
لم يكن لدي الوقت للعشق والعواطف والمشاعر!
أستيقظ في الساعة الخامسة صباحاً من أجل مواصلة العمل. أراقب تطورات التجارة على الصعيد الداخلي والخارجي. أرعى وضع البلاد والشعب وسير حياته بشكل أفضل.
أحياناً كنت أرغب أن ألبس ثياباً أنيقة. أجهز حفلات صاخبة. لكن أغلب الأقات كان ينتابني أحساس أن الحرب قادمة.. على الأبواب. الملوك في أوربا ينظروا إلي على أني مجرد شاب صغيريمكن هزيمته وهزيمة السويد بسهولة في الحرب. كان الدانمركيون يتطلعون إلى أسترجاع مقاطعة إسكونا وروسيا القيصرية عينها على أحتلال الموانى والمدن الواقعة على الشاطئ الشرقي من بحر البلطيق التي كانت تحت الحكم السويدي مدة طويلة من الزمن.
لم أكن أخاف من الحرب.
كان والدي محارباً ذكياً. كنت أريد أن أكون مثله! تحدث معي مرات كثيرة عن كيفية قيادة الجيوش عندما تبدأ المعركة. كنت أكثر واحد مستعد لخوض الحرب من أي ملك أوروبي.
في آذار من العام 1700 جاء رسولنا بخبرفحواه:
هاجمت فرقة عسكرية من الجيش الروسي على ليتوانيا الواقعة تحت السيادة السويدية. كنت في السبعة عشرة من العمرومستعداً لكل الأحتمالات. أنتابني أحساس غريب.. أحساس غامض بالسعادة. قلت:
ـ أخيراً سأعيش أجواء الحرب التي أنتظرتها طويلاً. لبست الثياب العسكرية مثل بقية أفراد الجيش.. معطف أزرق يصل إلى الركبة. تحت المعطف صدرية من الجلد وبنطال أصفرضيق يصل إلى الركبة. أنتعلت جوارب طويلة وجزمة غليظة. أعلنت النفير العام. أرسلت الرسائل والرسل إلى كل الأجزاء الواقعة تحت الحكم السويدي من أجل الأستعداد للحرب. بسرعة فائقة تقدم مئة ألف رجل للسير ورائي في معركتي الأولى.
سميت ذلك النفيركارولينا.
الدخان والضباب واللون الداكن عوامل مساعدةفي الحرب.. في دفع أشرعة السفن. من أجل مساعدتنا أنا وجنودي للوصول إلى قلب الحرب. كان علي أن أدافع عن بلادي وعن ارض المملكة وأن أحكم السويد والشعب بشكل عادي.
العديد من العربات حُملت. الأقداح والبورسلين.. الطعام والنبيذ.. الأسرة والبطانيات.. الخيم وأشياء أخرى من مستلزمات الحرب.
جهزت السفن.. دفعت الأشرعة بأتجاه الشرق.. إلى الخليج الفلندي. أحتل الروس إحدى الحصون الواقعة في مدينة نارفا. أقترب جيشنا.. الجيش السويدي من ميناء قريب من مدينة نارفا. هناك تركنا سفننا. بدأنا نسيربأتجاه الشمال.
كنت مستعجلاً. لكن الأمرلم يكن بيدي. الأمر يحتاج إلى وقت أطول. من أجل أن يسيرالجيش.. المرافقين.. الخيول والعربات. نريد ان نصل قبل أن ينتهي شهر نوفمبر.. قبل البرد والمطروالوحل. حتى لا تغرز العربات في الوحل.. قبل أن يتعفن الخبز.. قبل أن يمرض الجنود ويصيبوا بالأفات.
في ديسمبر/كانون الأول/من العام 1700 كنا في مرمى الهدف.. كنت في نارفا ووجه لوجه مع العدو. وقتها كنت في الثامنة عشرة من العمر. خليط من المطر والثلج يتساقط طوال الليل. خيم على الجيش الأجهاد والتعب وتبللت الثياب والأحذية بالماء والوحل. لم ندق الطعام لعدة أيام متواصلة ولفنا الجوع.
بدأت في الساعة السادسة من صباح اليوم التالي أخطط للهجوم. في الساعة الثانية بعد الظهرأعلنت النفير العام وأمرت بالهجوم. في هذه اللحظات هبت عاصفة ثلجية قوية. راح الثلج المتساقط يهب على الروس. كان من الصعب عليهم أن يروا الجيش السويدي يهجم عليهم وهم مكتوفي الأيدي. في الوقت نفسه راح جنودنا يطلقون الرصاص من بنادقهم. راح أزيزالرصاص يملئ الفضاء صدى وضوضاء رهيب. بعد فترة وجيزة أقترب جيشنا كثيراً. صرنا على مقربة صغيرة منهم.. مسافة لا تتجاوز الثلاثين متراً من الجيش الروسي. صار القتال بالسلاح الأبيض.. بالسيف والحربة.. طعن وقطع أجساد.
حاول الروس الهرب من ميدان المعركة عبر الجسر. لكن الجسرأنهارعليهم فأودى بحياة أفراد جيشهم غرقاً في المياه المتجمدة الباردة.
في الساعة الخامسة بعد الظهرأنتهى كل شيء. كان النصر الأول لي. النصر الأكبر! سرت بمحاذة الجنود.. درت حولهم مدة طويلة. بقيت معهم إلى حدود منتصف الليل. كنت متعباً ومجهداً. طوال الوقت كنت في العراء.. أمشي على الأرض مدثراً بمعطفي الرمادي الداكن. راح أسمي بعد المعركة يضرب الأفاق.. في كل أوروبا. للنصرالذي أحرزته على الروس في نارفا.. صرت مشهوراً!
فقط بضعة مئات من الجنود السويديين ماتوا. بينما مات للجانب الروسي بضعة آلآف. حصلنا على الكثير من المعدات العسكرية.. بنادق وسيوف. وأيضاً الكثير من التوابيت المملوءة بالنقود والسبائك الذهبية وأشياء أخرى ثمينة.
النصر الأول أعطاني الشجاعة في مواصلة الحرب ضد أعداء السويد.
الحرب مثل الشطرنج تخضع لحسابات دقيقة. تدرس بدقة. خطط نفسك وخطط عدوك. كيف تمركزفرقة عسكرية ومتى تجهز. ساعة توقيت الصفرفي الهجوم. هذا يعني إنه يتوجب أن يقيم المرء وضع جنوده.. الفرسان في المكان الصحيح.
إنها لعبة مثيرة عن الحياة والموت.. الهزيمة أو النصر. لكن لم أفكر بالخسارة على الأطلاق!
كنا أمام حاكم روسيا القوي والعنيد بطرس الأكبر. حتى يلتقي الجيشان يتوجب علي أن أعبرإلى بولونيا. ملك بولونيا في ذلك الوقت كان أوغوست.. القوي.. الصديق الحميم لقيصر روسيا الأكبربطرس. لهذا علي أن أهجم على أوغوست وأنتصر عليه.
بعد عامين.. في يوم صائف. بدأنا القتال خارج مدينة كراكوه الكائنة في جنوب بولونيا. بعد ستة ساعات من القتال. هزم البولونيين. قتل منهم ألفان من الجنود.. مثلهم أخذناهم كأسرى.
كان نصراً كبيراً. جعل العديد من الدول والملوك تنظرلي بعين الأعجاب.. كبطل ومحارب صلب.
مكثنا في بولونيا ستة أعوام. بين الحين والأخريبدأ القتال بيينا وبين روسيا وبولونيا من جهة أخرى. دائماً كان النصر إلى جانبنا.
طوال القوت كنت أنتظروصول الأسلحة والمعدات والكثيرمن الجنود من السويد وفيلندا من أجل الألتحاق بي.
تعلمت الصبر والانتظار.. علمتني الحياة أشياء كثيرة!
دائماً أحتاج للوقت الطويل من أجل أن أنتقل من هذا الميدان إلى ميدان أخر.
خلال هذ الوقت زارني العديد من النبلاء من بلدان متعددة. أحد الفرنسيين تحدث في رسالته فحواها كالتالي:
ـ الملك كارل شاب يافع.. ربما يكون طويلاً ونحيفاً.. شعره بني وقصيروسبل.. عليه معطف أزرق قصيرمتسخ.. يمتشق حساماً أطول مرتين من أي سيف أخر. في الغالب لا ينزع حذائه من قدميه عندما يذهب إلى النوم. مرات كثيرة ينام على كومة التبن مثلما ينام المرء على الأرض المتسخة.
الملك كارل كثير الصمت.
نعم.. كنت كثير الصمت مثلما كان عليه والدي. لم أتكلم إلى أحدهم على الأطلاق فيما أفكرأو أخطط أوما أرمي له في المستقبل.
كنت وحيداً. أحب أن أقررما أريده لوحدي. أبقى صامتاً طوال الوقت. عندما يتحدث الطاقم الأستشاري المرفق لي.. أسمع وأنصت. لكن في نهاية المطاف أقرروحدي ما أراه مناسباً دون دون أن أسمح لأحدهم أن يسأل أو ينطق بحرف.
لكن في إحدى المعارك تركت غيري يأخذ مكاني.
كنت أتواجد في كل مكان. أنتقل من موقع لموقع أخرمن جيشنا لأعتقادي أن ما أفعله شبيه بعمل أي جندي بطل.
خلال هذه المدة الطويلة كنا في بوبونيا. محاطين بالأعداء من كل الجهات. لقد مكثنا في نفس المكان مدة طويلة. كنت.. الجيش.. جميع المرافقين لي بحاجة ماسة للطعام يوماً بعد يوم وشهر بعد أخر وسنة بعد أخرى.
رحنا نغزوالأرياف وننهبها من أجل الحصول على الطعام. وما يثير الاستغراب أن البولونيين سلبوا أبناء جلدتهم ونهبوا المعوزين على طول عدة أميل من مخيماتنا أضعاف مضاعفة لما قمنا به.
كنت أقتل بسهولة ويسركل معارض أو معترض على بقائنا هناك.. سواء كان رجلاً أوامرأة أو ولد.. بعدها أحرق الضيعة كلها بمن فيها حتى أخيف وأرعب الناس في جميع القرى المحيطة بنا. لم يكن الناس بالنسبة لي في القرى البولونية المجاورة لنا مجرد ناس عاديين.. لديهم أسرة وبيت إنما أعداء محتملين يجب سحقهم.
كانت الأخبار الواردة من استوكهولم تشير إلى تذمرالمستشارين والنبلاء مني.. من طول فترة الحرب.. من التكاليف الهائلة التي سببتها في إفراغ الخزينة من النقود.
لهذا كان علي تدبرالأمرومتابعة نهب المدن والأديرة من أجل الحصول على الذهب والفضة. لقد أعددت جيشاً كبيراً من بلدان عديدة. هؤلاء يحتاجون إلى رواتب وطعام ومؤنة ومعدات كثيرة. لهذه الأسباب أستمرت الحرب. القسم الأكبر من جنودي لم يعودوا إلى أوطانهم أبداً. العديد منهم فقدوا أيدههم أو ارجلهم. لكن.. لم أكن أبالي بهم على الأطلاق!
كنت أحب جيشي/ كارولينا/. لكن.. لم يكن يثير أهتمامي عدد القتلى أو الجرحى عندنا كما لم أكن أهتم بعدد القتلى أو الجرحى عند الأعداء او كم من البولونيين أحترقوا أوشنقوا.
يجب أن أدافع عن السويد بأي ثمن.
كنت أخاف من الليل.. من الظلمة وما سيحدث تحت جناح الظلام. لهذا السبب سمحت لبعض الجنود أن يناموا في خيمتي.
تابعت روسيا هجومها وأخذت أجزاء كبيرة من الأراضي الواقعة على أمتداد الساحل الجنوبي لبحر البلطيق. تلك الأراضي كانت تابعة للسويد لمئة سنة خلت. لهذا يجب أن أنتصر على بطرس روسيا الأكبروجيشه. ألتفتنا نحوروسيا.. لكن الشتاء القاسي حل علينا. لم يسمح لنا بمتابعة السير والزحف. العديد من جيشنا تجمد من البرد حتى الموت. لم يبق معنا زوادة أو طعام. لم تكن بولتافا إلا مدينة صغيرة. لكن في داخلها يكمن بضعة الآف من الجنود الروس. لقد أنتظرت طويلاً هذه اللحظة الجميلة! أنتظرت وصول القيصر بطرس الأكبرإلى بولتافا قبل أن أبدأ هجومي على المدينة. أريده أن يكون موجوداً.. حتى يساعد جنوده حين أزحف عليه.. من أجل أن أسحقه وأنتصر عليه.
جئنا إلى مولتافا في مايو/أيار/ من العام 1709.
في فترة الأنتظار.. أنتظار مجيء القيصر.. ألتفت إلى الوراء.. ألتفت نحوجيشي.. من أجل تحفيزه.. ورفع روحه المعنوية.
كنت قد نجحت في جمع عدد كبير من الجنود يصل إلى خمسة وعشرين ألفاً منهم. كانت كارولينا/ جيش كارل الثاني عشر/ تعاني من مشاكل كثيرة.. بضعة الآف من الجرحى وعدد مضاعف منهم يحتاج إلى رعاية ومساعدة ومثلهم الخيول المجهدة والعربات المعطلة التي تحتاج إلى إصلاح. كل هذه الأشياء تحتاج إلى وقت لألتقاط الأنفاس وعلاجها قبل البدء بأي شيء أخر.
بالإضافة إلى ذلك كان المعسكريعج بالنساء والأطفال في المخيمات. الكثير من الضباط والجنود كانوا متواجدين مع عائلاتهم. هناك الكثير من الخادمات والممرضات وأشياء كثيرة لخدمة حاجات الجيش والحرب.
أستمرت الحرب لمدة عشرة أعوام.
لقد أعتاد الكثيرمن الجنود على هذا الوضع. من الصعوبة بمكان أن ينتقل من هذه الحالة إلى حالة أخرى. لقد صارت الحرب جزء من حياته وعمله الذي يعتاش عليه.
الأن يجب أن نستعد للهجوم على الروس وبطرسهم الأكبر. لقد سمحت للجيش أن يحفرخندق عميق حول المدينة على طول محيطها الدائري. بهذه الطريقة نستطيع أن نعزل الروس عن بعضهم عند أقترابهم من المدينة.
في إحدى الأيام كنت على جوادي بالقرب من النهر، من أجل التحري ومعرفة الوضع الميداني على الارض. أصبت برصاصة في قدمي. في البدء لم أخذ الأمرعلى إنه شيء خطيرإلى الحد الذي أخاف منه. شيئاً فشيئاً بدأ الرصاص يلعلع بالقرب من رأسي. كان الرب معي ومع جنودي. لقد نجوت من الموت المحقق باعجوبة.
حينها سقطت على الأرض مغشياً من الألم. عندما عدت إلى المعسكروجدت رصاصة صغيرة مخترقة جزمتي اليسرى وهشمت بعض العضام في داخل قدمي.
الإصابة لم تكن خطيرة.. الجرح لم يكن عميقاً. بسرعة راح يلتئم. لكن الألتهاب أخذ يتمدد ويكبرداخل القدم لدرجة أعتقد البعض إنني سأموت خلال بضعة أيام.
بينما كنت مستلقياً في خيمتي كالعاجز. بدأ القيصر بطرس الكبير يقترب منا. كان لديه عدد كبير من الجنود والمعدات. خلال فترة قصيرة.. راح يغرز أوتاد خيام معسكره بالقرب من النهر إلى الشمال من بولتافا.
لم يكن لدي خيارأخرسوى المباغتة والهجوم قبل أن يستعدوا. ثم نلحق بهم هزيمة ساحقة وماحقة. لكن لم أكن في الوضع الذي يسمح لي أن أكون في مقدمة الجيش.. أن أقوده وأسيربه. إلى أخذ زمام المبادرة والنصر.
كنت على النقالة، مربوطاً ومثبتاً بين حصانين. من هناك، أستطعت أن أعطي الأوامرللجنود والأبواق.
في الليل جمعت الضباط. شرحت لهم كيف يمكن أن تتوزع الفرق العسكرية.
الساعة الأن تشير إلى الواحدة والنصف.
تحت جنح الظلام الأسود خارج خيمتي. كانت النقالة والخيول تنتظرني. في الجانب الأخرمن مولتافا.. كان النوم يرخي بذيوله على عدوي بطرس وجنوده.
أطلقت الأبواق النفيرالعام من أجل البدء بالهجوم. لكن الظلام أربك الجنود. الضباط لم يتفقو على موقف موحد.. لم ينفذوا أوامري. الجنود لم يروبعضهم. ضاعت الوجوه في الظلام وأرتبكوا وأختلط الحابل بالنابل. خلال هذا الوقت كان بطرس وجيشه قد أخذ الحيطة والحذر.
بدأ النهاريطلع بالتدريج قبل أن أبدا الهجوم النهائي وقبل أن يستعد الروس.
حتى وقت طلوع النهاركنت متأكداً من إننا سننتصر. كانت قدمي تؤلمني. لكن كنت أستطيع أن أصرخ أو أعبروأسمع الجنود الذين يحملون نقالتي من مكان إلى أخر.
عندما نهضت الشمس من مخدعها.. كان الهواء يمتلئ بالبارود والدخان.. الغباروالرماد يفرش أنفاسه على المدى الواسع ويمنع الرؤية على مسافة متر.
الأصعب كان الدخان الثقيل والكثيف المنبعث من المدافع. كلا الجيشان كان يكافح تحت ثقل الضباب الأسود السديمي الكتيم.
الجنود هائمون على وجوههم في هذه الظلال.. يصولون ويجولون داخل الضباب الذي يفل قلوبهم. الجنود الروس يطلقون النار على الروس والجنود السويديون يطلون النارعلى رفاقهم. الأبواق تستصرخ المدى وتحث كلا الطرفين على مواصلة الذبح.. تبعث الأشارات والرموزمن أجل أن يختفي الصراخ وصوت الوجع.. من أجل أن يموت صوت الألم المنبعث من القلوب الجريحة.. ان يموت صوت الموت للأحياء المقتربة من الموت سواء كان الجنود أو الخيول.
أحد الخيول التي كانت تحمل نقالتي أصيب برصاصة فسقط على الأرض. فوجب ان أدبر حصان أخر.. بعد قليل أصيبت نقالتي.
سمحت للضباط أن يجتمعوا من أجل المعركة الحاسمة.
كان أمامنا الآلآف من الجنود الروس لكن الجنود السويديون تحركوا بشجاعة وبسالة نادرة وأتجهوا إلى الأمام متحدين الرصاص المنبعث من البنادق الروسية. كذلك الصراخ والأندفاع خرج من الجانب الروسي وفي اذهانهم الموت أو الحياة.
كانت النقالة التي تحملني قد تكسرت. لكن أحدهم ساعدني ووضعني على الحصان. خلال لحظات.. مات الحصان الذي حملني. بعد قليل حصلت على حصان أخر بسرعة.
خلال هذا الوقت أستطاع الجيش الروسي أن يحاصرالجيش السويدي وراح فينا الطعن والقتل.. الآلآف ماتوا في المذبحة. المذبحة أستمرت ساعات. سقط مثلها من الضحايا في الجانب الأخرفي الوقت نفسه.
في الساعة الحادية عشرة قبل الظهر.. كان كل شيء قد أنتهى.
الجيش الروسي حسم المعركة وأنتصر.. بينما أنا خسرت!
كنت مجروحاً. يجب أن أحمل على نقالة.
قبل لحظات. كان لدي الآف الجنود. بينما الأن لدي بضعة مئات يحاولون أن يخلصوا بجلودهم قبل أن يقعوا بالأسربيد بطرس روسيا الكبر.
حاولت مع جنودي أن نتجه إلى تركيا التي كانت في حالة عداء وحرب مع روسيا. نتجه إلى مدينة صغيرة أسمها بيندر.
يتوجب علينا أن نأخذ طريق آمن وسليم لكي نصل إلى بيندر. هناك. كنت أمل أن يساعدني الأتراك من أجل تجهيز جيش ومواصلة الهجوم على الروس.. لكن الأتراك لم يقبلوا.
خمسة أعوام وأنا أنتظر في بيندر.
حكمت السويد بمساعدة من سعاة البريد الذين يذهبون عدة مرات في الشهرعبر أوروبا إلى استوكهولم. في البدء كان الأمر يتعلق بتأمين المال من أجل دفع رواتب الجنود ومواصلة الحرب. بالإضافة إلى ذلك.. كانت هناك مشكلة أخرى علي الأهتمام بها. العام بعد العام قتل الآلآف من الجنود الشباب في ميدان المعركة التي خاضتها السويد في مواجهة أعدائها. الكثير من المزارع والحقول أقفرت لأن النساء لم يستطعن رعاية الماشية وتربيتهن. كما لم يستطعن القيام بأعمال الزراعة ومستلزماتها. لهذا أثرذلك على المواسم وجعلها في حالة كساد. القمح.. الذرة والشوفان لم ينضج بسبب الجفاف أوالتجلد والبرد المصمط.
علاوة على ذلك. علمت أن أختي هيدفيك صوفيا القريبة من قلبي. التي أحبها كثيراً قد ماتت. راح اليأس والكآبة تغزوروحي وقلبي. رمى قلبي في مستنقع البكاء والقهر. ربما هذا البكاء كان الأول لي في حياتي. بكيت عدة أيام متواصلة. كنت أحزن على الأحداث التي حلت أخيراً بي.
كنت في ساحة الحرب مدة تسعة أعوام. تسعة أعوام من الهجوم.. الدفاع.. دم وأكوام من الجثث والموتى من الجنود. ماذا فعلت بحياتي؟ لقد تزوج والدي امرأة فاضلة وطيبة ورزق بأبناء يحبونه. بينما الشيء الوحيد الذي أثار أهتمامي وعملته هو الحرب. عندما أستلمت الرسالة الأخيرة. عندما قرأت خبر وفاة أختي أحسست وفهمت مقدارالخسائرالتي تعرضت لها في حياتي. لم يبق لي إلا أختي أولريكا إليونورا.
تدريجياً راح الأتراك يسأمون من وجودي على أرضهم. مضت الأيام تزداد صعوبة يوماً بعد يوم. بعد أربعة أعوام دخل الأتراك والجنود السويديون في نزاع مسلح. نزاع أشبه بأحداث الشغب في المنطقة التي أعيش فيها/بيندر/. قتل من جنودنا بضعة رجال. بعد ذلك ألقوا القبض علي ووضعوني في السجن. نقلت إلى مكان ما. وضعت في السجن عشرة أشهر. تركت هناك مثل الأنسان العاجز المشلول على سريره. كنت أتساءل أين هم الأن جنودي.. كيف السبيل لأخذ حقي وأنتقم من الذين فعلوا ما فعلوه بي! هناك في الجانب الأخر.. روسيا ورجلها القوي بطرس.. سلطة ونفوذ وقوة. بصراعه معي.. جردني من كل مكامن القوة والسلطة والنفوذ. كنت في الثلاثين من العمر.. عاجز وضعيف. لا أملك من وسائل البقاء إلا الغربة والأحساس بالخواء!
مضت أعوام طويلة.. أربعة عشرة عاماً بعيداً.عن الوطن والأهل والأحبة.
أستلمت رسالة من أختي أولريكا إليونورا تقول في فحواها:
ـ الأوصياء على الحكم في السويد. يفكرون جدياً.. بملك أخر. ملك يحكم البلاد. لأنك لم تعد أبداً.
عندما أستلمت الرسالة في أيلول/سبتمبرمن العام 1714 قررت أن أعود إلى السويد مع بضعة ضباط مرروراً عبرتركيا. تنكرت بثياب العامة.. عامة الناس حتى لا يقبض علي أحدهم. عزمت على الرحيل عبر روسيا أو المانيا. وضعت على رأسي باروكة سوداء ولبست ثياب أخرى حتى لا تثير الأهتمام.. غير تلك الثياب التي أعتادوا أن يروني بها!
ركبت على الحصان مع أثنان من رجالي. سرنا عبررومانيا.. أوكرانيا.. النمسا.. المانيا. سرنا مباشرة إلى مدينة سترولستوند. كانت ما تزال ضمن المملكة السويدية. لقد قطعنا كل الأراضي الأوروبية خلال أسبوعين. نجحنا في الوصول إلى المبتغى. خلال هذه المدة الطويلة من السفر لم أخلع أحذيتي من قدمي التي تورمت داخله. لهذا كنت أحتاج إلى مساعدة أحدهم من أجل نزع الاحذية من قدمي قبل أن أنام!
على ظهر السفينة جلست متأملاً.. خمسة عشرة عاماً في الحرب والغربة والأسروالضياع. أخيراً عدت إلى البلاد.. بلادي!
عندما صرت ملكاً. عند بدأت أول معركة لي. كانت السويد بلداً قوياً.. كبيراً. بينما الأن خسرت القوة والأرض. الأعداء على الأبواب من كل الأتجاهات يهددوا بالهجوم علينا. كنا في حالة حرب مع الدانمرك.. روسيا.. إنكلترا والعديد من الدول الألمانية.
كنت أسأل نفسي:
ـ في أي يوم سيبدأ الهجوم الدانمركي على السويد؟
لهذا قررت أن أفاجئ الدانمركيين ببدأ هجومي على النروج الواقعة ضمن سيطرتهم.
بعثت بالرسائل إلى الناس في المملكة السويدية والأجزاء التابعة لها من أجل التحضيرللأيام القادمة. التجهيزات اللأزمة من الرجال والمعدات كالطعام والخيول.. التبن والعربات.. البنادق والمدافع وأشياء أخرى من مستلزمات الحرب.
كان الشعب السويدي قد تعب من الحروب التي لم تنته. مع هذا نجحت في جمع ما أريد أورغب. من أجل الحرب والمباغتة والهجوم.
كنت ما أزال ملك السويد.
بعد عدة سنوات من الحرب في بولونيا تعلمت كيف يدبر المرء الحاجات اللأزمة للجيش والحرب.
في شهر تشرين الأول/ أكتوبر/ من العام 1718 كان كل شيء جاهزاً.
الأن علينا أن ننتزع النروج من الدنماركيين وأن نثبت للأعداء أن السويد ما تزال دولة قوية.
كالعادة.. لم أتحدث مع الأخرين عن الخطط التي في رأسي.
كان الجيش يثق بي.
بجانب مدينة سفينسود قرب بوهولسن على الحدود ما بين السويد والنروج. كانت تقع مدينة ريدريكسهولد. هناك كان يوجد حصن منيع. كان علي أن أنتزعه بالقوة. من أجل ان أستمر في التوغل في العمق النرويجي.
لكن الدانماركيين المتواجدين في الحصن أبدومقاومة عنيفة ضد الجيش السويدي. لكننا أستطعنا أن ننجح في السيطرة على حصن أصغريقع بالقرب من الحصن الأكبر.
لقد أمرت بحفر خندق حول الحصن كما فعلت عندما كنت في مولتافا في بولونيا في مرحلة التحضير لمواجهة الجيش الروسي. حفرنا الخندق كمسار طويل حول الحصن من أجل حماية جنودنا من رصاص الجنود الدانماركيين.
الأن الدانماركيون تحت الحصار من قبل جنودنا. عاجلاً أم أجلاً سيستسلموا ولدينا الوقت الكافي للأنتظار! لقد علمتني التجربة أن أنتظريوم أو شهر أو سنة في الحرب وأنتصر على أعدائي.
كنت محارباً مميزاً وممتازاً! أضحت بلادي فقيرة. لكن مع هذا نجحت في ترتيب الوضع.. جهزت جيشاً من أجل مواصلة الحرب. الكثير من السويديين كانوا يكرهوني بسبب الحروب الكثيرة التي خضتها. النبلاء لم يكونو يرغبون في عودتي إلى العرش. كانوا يرغبون أن تتولى أختي أولريكا إليانورا العرش والحكم على السويد والسويديين.
لكن الحرب إلى الأن لم تنته.. ولدي رغبة كبيرة في الأنتصار على أعدائي.
ليل الأحد الواقع في الثلاثين من نوفمبر/تشرين الثاني/ من العام 1718. صعدت فوق سد ترابي ورحت أرى الطرف الأخرمن الحصن الذي يتمركز فيه الدانماركيين. من هذا المكان رحت أراقب كيف يستطيع جنودنا حماية أنفسهم من رصاص الأعداء من ظلمة الحفرة القريبة من الحصن.
من خلال الجبل الطويل أسمه/ جبل أوفاند/ كانوا يطلقون علينا الرصاص طوال الوقت. كانوا يستعملون الخردق الصغيرالقاتل. يطلقون علينا طوال الوقت.. الرصاص يعبربيننا. أحد رجالي حذرني أن لا أتسلق السد الترابي. لكن طوال حياتي كنت مغامراً ولم ألتفت إلى نصائح أحد او أهتم بكلامه!
إذا مت.. سأترك ورائي بلداً فقيراً وبائساً. بعد أن كان في عهد والدي قوياً ومنيعاً. أعرف تماماً إنني لن أستطيع أن أستعيد ما خسرته حتى لو حاربت ستة عشرة عاماً. لهذا يجب أن أهجم على الحصن الواقف أمامي.
الحرب الوحيدة الأهم حدثت خلال حياتي. لهذا.. ربما وقفت على السد الترابي بالرغم من التحذيرالذي سمعته. وفي تلك الظلمة.. لم أخف على الأطلاق من أن أصيب بطلق ناري. في تلك الظلمة أصبت بطلق ناري. طلقة صغيرة جاءت من الجانب الدانماركي أنهت حياتي المجازفة.
مات الملك كارل الثاني عشرفي عمر لا يتجاوز السادسة والثلاثين.
وضعوا الجثمان في التابوت وحملوه على عربة يقودها ستة أحصنة ونقل إلى استوكهولم.
كان الشتاء على الأبواب ورحلة الموت أخذت وقتاً طويلاً.
في الأول من يناير/ كنون الثاني/ وصل الجثمان إلى المدينة التي غادرها قبل تسعة عشرة عاماً.. إلى استولهولم.



كنا ننام على المصطبة بجوار البئر في مدينة رأس العين، عندما كان أبو ليفون وعائلته في السخنة, لكن بمجيئه لم يرض وجودنا هناك.
إحدى المرات, والصيف يرصع بنجومه, كنت مستلقيًا في الفراش ونتهيأ للنوم مع بقية أخواتي. بينما كان أبو ليفون قد أثقل بالشرب. رأيت عينيه كعين حيوان مفترس, جائع. مملوء بالحمرة, ويقطر السم منهما. والصمت يلف النجوم والقمر وأبو ليفون في حالة هياج. لم اكن أعلم ما به, لكنني رأيته يضرب زوجته دون رحمة أو شفقة. وهي خاضعة مثل أرنب مستسلم لانياب ذئب أطبق الخناق عليها. لم تصرخ أو نبكي, أنما تتلقى الضربات ككائن خانع, بالرغم من أنها كانت اطول منه بعشرين سم
صدمني المشهد, عندما وقع عينيه في عيني. بقي متماسكًا, يطبق على لحم المسكينة. كنت اسند وجهي بأصابعي العشرة, وأتابع المشهد مع بقية أخوتي. نبرني أبي, قال:
ـ لا تنظر إليه. الرجل في بيته. ليس من حقك أن تتلصلص عليه. وقبل ان أدير وجهي كان أبو ليفون قد أغلق الباب.
في تلك السنة, من العام 1969 كسر أبو ليفون المصطبة من جهتنا. قال:
ـ أخاف أن يقع الأطفال أثناء النوم في البئر. أن يتعرش أحدهم جدار البئر ويسقط فيه.
حزنا جدًا على خسارة المكان. في النهار كنا نجلس عليه وفي المساء نرشه بالماء, ونأكل البطيخ التنوري أو الجبس والجبن البلدي, وعندما يحل الليل ننام عليه. ومرات كثيرة كانت والدتي تغسل صوف اللحف والفرش والمخدات أو نعصر البندورة أو غيرها من الأشياء, بيد أن والدي المحب للورد لم يمهل المكان وقتًا حتى حوله إلى جنينة غناء جميلة, يلعب الورد في افيائها.
في ذلك العام, في الثلث الثالث من شهر آيار, قالت لي أم ليفون, والابتسامة تزين وجهها:
ـ هل تذهب مع الشباب إلى الحصاد
ـ يا ريت يا أم ليفون. في قليي ونفسي شوق لهذه الرحلة.
تدخلت أمي في الحديث:
ـ إنه صغير على العمل الصعب, البراري والليل, والشمس الحارقة في هذا الصيف, والليل المعتم في أرض الحصاد.
بكيت بمرارة. قلت لأمي:
ـ سأذهب مهما حدث.
ومثل أغلب العائلات العادية يتمرد الأطفال على قرارات الأهل, وخاصة ان والدي شجعني على ذلك. قال:
ـ أريده أن يصبح رجلًا, يتحمل المسؤولية من هذه اللحظة. ردت والدتي
ـ دع المسؤولية الأن جانبًا. إنه طفل صغير وجسده لا يقوى على المتاعب. ليم يبلغ الحادية عشرة من العمر بعد. هل جننت يا رجل أن ترسل طفلًا بهذا العمر غلى مكان غريب مع الرجال, السائقين والعتالين والحمالين. ماذا سيفعل هناك؟ من سيطبخ له, ماذا سيأكل, ومن سيحممه. ومع من سيلعب. إن ملازمة الكبار بهذا العمر خطأ كبير.
ـ أنت تظنيه صغيرًا. إنه رجل. وثقتي به كبيرة.
ـ قبل أيام نجح إلى الصف السادس. دعه مع كتبه ودفاتره وأحلامه. لا تشوه طفولته. ليبق مع خواته البنات, ويساعدني في شراء الحاجيات من السوق وخاصة أنك تخرج في الصباح وتعود في الليل. إنه يشتري لنا الخضروات والخبز واللحم وبقية مستلزمات البيت. ويبقى عونًا لنا في كل شيء
منذ كنت في الخامسة من العمر كنت شغوفًا بالميكانيك, كهرباء السيارات, لحام الاكسيجين. وصدف أن والدي كان يعمل في المناجير. ضيعة صغيرة, في العام 1963 تابعة لمصلحة الاصلاح الزراعي بعد أن تم الاستيلاء على أراضي أصفر ونجار من قبل حكومة الوحدة في تلك الضيعة.
كان هناك كراج كبير فيه فيه عشرات العمال الفنيين يعملون فيه. وأغلهم جاؤوا من مدينة الحسكة أو رأس العين للعمل فيها. كان رئيس الورشة رجل أرمني اسمه المعلم أفاك. خبير في كل ما يتعلق بالسيارات. سمين, يصل وزنه حسب تقديري إلى مئة وعشرين كيلو غرام. كان بنطاله واسعًا وبقية ثيابه. كان العمل شغله الشاغل, دقيقًا, متفانيًا, جديًا لابعد الحدود. وصارمًا. وعازب
كنت أذهب إلى الكراج, المصلحة كما كان يرددون الاسم, والجأ للجميع في محاولة للعمل. كانوا يضحكون علي. كل واحد يرسلني إلى غيره. وأحيانًا كان الحارس فواز يطرني من الباب. لكني كنت أحاول جاهدًا أن أدخل. أذهب إلى المعلم أرتين, معلم الكهرباء, أقول له:
ـ أريد ان اشتغل. يا معلم, الله يوفقك. أحب العمل. يضحك ثم يشير بيده
ـ أذهب إلى المعلم سيروب, أنه سيساعدك.
كنت مولعًا في صنع عربة من دولابين, من الحديد المدور, عشرة ميلم. كان بعض المعلمين يلف الحديد على شكل دائرة ويلحمها ويربطها بمحور, ثم بمحور عمودي. ويدهنها باللون الاخضر. وصنعوا لنا طاولة من الحديد المحلزن فوقها صفيحة من الحديد بسماكة 2 مم. بقيت في بيتنا إلى فترة خروجي من السجن. الأن لا أعرف مصيرها.
عندما طردني الحارس فواز. قلت لوالدي:
ـ ماذا أفعل مع هذا الحارس. إنه يطردني دائمًا. وكل واحد يريد أن يتخلص مني. بماذا تنصحني؟ قال:
ـ أذهب إلى المدير. اشرح له حكايتك. سيصدق قضيتك ويساعدك. قل له:
ـ أريد أن اشتغل. سيحترمك ويقبل بك.
في اليوم التالي ذهب إلى مكتبه, فتحت باب الغربول, الشبك حتى لا يدخله البعوض, ثم دخلت غرفته. قلت له:
ـ استاذ, الحارس فواز لا يسمح لي بالدخول إلى المصلحة. أريد أن أعمل!
حدق في عيني مليًا ثم مسك القلم والورقة وكتب عليه:
ـ لا يسمح لهذا الطفل بدخول الكراج
قال لي أذهب إليه وسيسمح لك بالدخول
ركضت إلى فواز ومسكت الورقة بالمقلوب وقلت له:
ـ تفضل. هذه الورقة من المدير, يسمح لي بالدخول والعمل. مسك الورقة ونظر إليها, قال:
ـ تفضل أدخل إلى المصلحة
سمعت من والدي بعد أيام يتكلم مع بقية العمال أن فواز لا يعرف القراءة والكتابة. لكنه بمجرد أن رأى الرسالة وتوقيع المدير سمح لي بالدخول. ووالدي أيضًا لم يكن يعرف القراءة والكتابة. وربما أغلب العمال لم يكن يعرفون القراءة والكتابة في تلك الفترة. وكنت احضر في الليل برامج محو الامية للعمال, المتعبين بعد يوم شاق من العمل, يذهبون إلى مدرسة القرية ليعلمهم القراءة والكتابة.
وقتها لم أكن في المدرسة, في العام التالي دخلتها.


درست في المناجير الصف الأول، العام 1963، كانت المدرسة بالقرب من بيتنا على مسافة عشرة أمتار, من اللبن.
وكان جميع الطلاب يدرسهم أستاذ واحد اسمه حسن. وكان بالقرب من المدرسة يسكن شرطي. لقد فتحوا مخفر في ذلك العام وبدأ التوسع في القرية. كان بقية الاطفال يأتون من مسافة بعيدة للوصول إلى المدرسة. كان هناك الكثير يعملون في المصلحة كسائقي جرارات دولاب او جنزير/ كاتربيلار/ أو يعملون داخل الكراج.



إذا تسلحت الديمقراطية، بديمقراطية اجتماعية سنكون قد وصلنا للغاية، بهذا سنكسر التراتبية ونخلق بيئة بنيوية أخرى يساهم فيها جميع الناس.
لا يزال الطريق طويل طويل، لكن لا يمنع من التحليل وتعبيد الطريق للمستقبل.


هل مات هتلر حقًا، هل ماتت النازية حقًا، هل توقفت الآلة العسكرية عن القتل بعد قتل هتلر، هل عم السلام والآمان والحب في أرجاء عالمنا، وفي الحياة، هل انتهت الحرب؟
ما هو الفارق أو الفرق أو الاختلاف بين هتلر وغيره على مستوى العالم؟
الحرب هي نتاج التناقضات الذاتية بين الإنسان وذاته، والتناقضات بينه وبين الآخر، وهي نتاج أو تحصيل حاصل للخراب النفسي والعقلي والسلوكي في بنية الإنسان.
اليوم تتقلص مساحة الديمقراطية في العالم، تتآكل وتآكل ما تبقى منها.
في العام 1938وضع الليبرالين الجدد حجر الاساس للدولة المتوحشة، إنهاء دورها التقليدي والانقلاب على الليبرالية الأولى، "دعه يمشي دعه يمر".
جاءت الحرب العالمية الثانية فأخرت أنفراد هذه الليبرالية في تدمير بنية الدولة والمجتمع وعالمنا، وجاءت للحد من الكينزية والانفتاح على التوحش.
بعد انهيار الدولة السوفيتية أصبحت الليبرالية الجديدة أو المتوحشة وحدها في الساحة لابتلاع العالم كله.
لقد وجدت الليبرالية الجديدة أو المتوحشة ضالتها في بايدن، في هذا الرجل الميت. وجدت فرصتها أو ضالتها لحرق كل من يقف في طريقها.
لقد مات هتلر القديم وولد هتلر آخر، كلاهما ميت ويتجدد الواحد بعد الآخر، كالعنقاء التي تتوراث ذاتها من ذاتها، تنسخ عن من كان قبلها وتضيف طرق مبتكرة وأكثر تكنولوجية وتكنولوجية في حرق كل ما يمر في طريقها.
بايدن إنسان سادي بامتياز على المستوى الشخصي، دموي، كاره للديمقراطية والإنسان، أناني، مملوء بالحقد على كل من يقف في طريقه أو يحد من بقاءه في السلطة.
وطاقمه مكمل نهجه، نهج التدمير الممنهج على مستوى العالم.



#آرام_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواجس عن سوريا اليوم 375
- هواجس عن الاستبداد ــ 374 ــ
- هواجس تتعلق بالتأويل ــ 373 ــ
- هواجس تتعلق بسقوط بشار الأسد ــ 372 ــ
- هواجس تتعلق بسوريا 371
- هواجس تتعلق بسوريا 370
- هواجس حول الوطن والغربة 369
- هواجس أدبية وشخصية وعامة ــ 368 ــ
- هواجس عن الدولة ــ 367 ــ
- هواجس عامة وخاصة 366
- هواجس أدبية ووطنية وفكرية 365
- هواجس سياسية 364
- هواجس وذكريات ــ 363 ــ
- هواجس كثيرة 362
- هواجس وذكريات عن مدينة الحسكة ــ 361 ــ
- هواجس عن الطفولة ــ 360 ــ
- هواجس ثقافية ودينية 359
- هواجس عن الاستقلال 358
- هواجس عن اليسار ــ 357 ــ
- هواجس تتعلق بعالمنا 356


المزيد.....




- استقبلها الآن بأعلى جودة .. تردد قناة طيور الجنة 2025 الجديد ...
- اللواء سلامي: أضطررنا لحشد طاقات العالم الاسلامي لمنع انتشار ...
- سلامي: ايران وبتصديها للتيارات التكفيرية قدمت خدمة عظيمة للإ ...
- اللواء سلامي:التصدي للتيارات التكفيرية خدمة عظيمة قدمتها اير ...
- اللواء سلامي: التكفيريون في الواقع نموذج غربي لردع النفوذ ال ...
- اللواء سلامي: التكفيريون في الواقع نموذج غربي لردع النفوذ ال ...
- لوباريزيان: سجن 3 طلاب أرادوا إنشاء دولة إسلامية بفرنسا
- “هالصيصان شو حلوين”.. اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ...
- “شاور شاور”.. استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ال ...
- قصة الاختراق الكبير.. 30 جاسوسا معظمهم يهود لخدمة إيران


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - آرام كربيت - هواجس عامة وخاصة 376