|
اليسار.. و اليسار.. ثم اليسار، بطنجة
و. السرغيني
الحوار المتمدن-العدد: 1785 - 2007 / 1 / 4 - 13:02
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
يبدو أنه بات من المؤكد أن يسار طنجة لا يشبه اليسار "المتعارف عليه دوليا" في شيء، من حيث الكم و من حيث النوع.. متميز مناطقيا و قطاعيا و في تصوراته الغريبة لأية قضية من القضايا. و يبدو كذلك أن موجة الغلاء التي مست مقدرة الكادحين الشرائية سواء همٌ الأمر المواد الغذائية الأساسية أو العديد من الخدمات الاجتماعية الحيوية.. قد أفرزت نوعا من الخطابات و المسلكيات الغريبة التي لم نتعودها قط في صفوف اليسار و في ثقافة اليساريين. فهل أتاكم حديث تأسيس تنسيقية سرية بمدينة طنجة؟ تنسيقية تؤسس في الخفاء عن المناضلين الميدانيين و عن المواطنين الكادحين المتضررين و المكتوين بنار الغلاء. فبعد التنسيقية الأولى التي أنشأها أصحابها تحت مسطرة الدعوات للبعض و المنع و الإقصاء في حق المناضلين الميدانيين أفراد و جمعيات و تيارات سياسية.. تشكلت تنسيقية ثانية جمعت شمل الجميع بعد النقد و الرد و التقويم.. خاصة تجاه الأدوار التي لعبتها اتفاقات اللقاء الوطني للتنسيقيات المحلية في شكل إعلان مرجعي و برنامج نضالي و ملف مطلبي أولي.. و قد تبين منذ البداية أن الخلافات عميقة و عميقة جدا، سواء من حيث المواقف أو من حيث التصورات لتدبير الملف الذي أفاض الكأس ألا و هو الارتفاع الصاروخي للفواتير الخاصة باستهلاك الماء و الكهرباء. تبين كذلك أن التنسيقية تأسست للحوار و النيابة التمثيلية عن المواطنين و ليس التأطير و التنظيم و المساهمة الميدانية للمتابعة و المشاركة في كل ما يتعلق بحركة الاحتجاج لمناهضة الغلاء.. تبين أن بعض عناصرها لم تشارك الجماهير المحتجة في أي من وقفاتها التي تجاوزت الثلاثين وقفة و أن البعض الآخر يتكلم باسم حزبه مدشنا بذلك حملة انتخابية على حساب بؤس و شقاء الكادحين. تبين أن بعض "النبهاء" تفطنوا "لتطرف" الشعارات الجماهيرية و التي لا تختلف في جوهرها عن مواقف المجلس الوطني للتنسيقيات، ألا و هي المطالبة بالتراجع الفوري عن الزيادات و فسخ العقدة مع شركات الخوصصة أطاسا و أمانديس. و بعد أن تطورت الأمور في الميدان أي بعد تصميم الجماهير المتضررة على مواصلة الكفاح من أجل مطالبها، و بعد أن تبين لجميع المتكالبين و الانتهازيين المتخاذلين صعوبة المواكبة و الارتباط الصادق بقضايا المحتجين.. انطلقت المبادرات الخيانية المكشوفة منها و المتسترة، من أجل إطفاء نار الاحتجاج خاصة بعد نجاح المسيرة الشعبية و بعد اعتقال الطلائع الميدانية المناضلة و كذلك بعد اتساع دائرة الاحتجاج و انتقالها لقلب الأحياء الشعبية. و في هذا السياق اندفعت العديد من الجمعيات القريبة من الحكومة و من اليمين المعارض لتلعب دور المتكلم باسم المحتجين و لتنخرط في العديد من الحوارات مع السلطات و العمدة و إدارة شركة أمانديس محاولة من خلال مشاركتها هذه تلميع صورتها من جهة و من جهة أخرى زرع الإحباط و اليأس حول عدم جدوى النضالات بهذه الطريقة، أي من خلال الاحتجاجات، الاعتصامات و التظاهر.. إلا أن الميزة التي اختصت بها المدة الأخيرة، أي في الأسبوعين الأخيرين، كانت لتشكيل تنسيقية ثالثة بسرية مطلقة لم يُعلن عن مكانها و لا زمان انعقادها و لا طبيعة تشكيلتها! تنسيقية علمنا فيما بعد أنها تشكلت من أحزاب الكوطا اليسارية، التي عودتنا التجربة الميدانية لسنين، بمدينة طنجة، عدم خضوعها لأي منطق أو معيار نضالي، كوطا تنتج أسماء و تطيح بأخرى كيفما اتفق، كوطا يتداخل فيها السياسي بالإقليمي و المصالحي و العنصري.. و أحيانا يُنصر فيها ابن الحومة أو الطنجاوي ضد العروبي أو ضد الريفي.. كما وقع مؤخرا خلال تحديد مكتب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ـ على خلفية عروبي تم إسقاط أحد أسماء النهج من طرف رفاق له في النهج ـ قد يحاسبنا البعض و ينعتنا بالعداء للتعددية و ربما لليسارية و لنقول و بدون خجل أننا يساريون نقدر عن حق يساريتنا النقدية و المبدئية و ملاحظاتنا الفاضحة و الجريئة التي تلتمس تقديم و تطوير الأداء الميداني و إعادة الاعتبار و المصداقية لخطاب و قيم اليسار الجذري المرتبط بقضايا الكادحين أطروحة و ممارسة، نعلن بأن يساريتنا انتزعناها عن حق من خلال أطروحتنا الماركسية اللينينية و من خلال المجتمع الاشتراكي البديل الذي ندافع عنه، و من خلال الآليات التنظيمية الطبقية التي نرى فيها تسهيل الانتصار لأطروحتنا، و من خلال شكل السلطة البديلة التي ندافع عنه، سلطة المجالس الشعبية تحت و بقيادة الطبقة العاملة المنظمة في مجالسها، لجانها، نقاباتها، ميليشياتها و حزبها الشيوعي الماركسي اللينيني المستقل.. و من خلال ربط النظرية بالممارسة في آخر المطاف و في آخر التحليل. أمام هذه التوضيحات و هذه المستجدات، انتفاض جديد للمواطنين المتضررين من الزيادات في أثمنة فواتير الماء و الكهرباء، من جهة، و من جهة أخرى تشكيل تنسيقية على خلفية تحالف اليسار الديمقراطي G4 ـ G4 من العينة الشمالية و الطنجاوية على وجه الضبط ـ تنسيقية لم تتشرف بحضور و على مدار الأسبوع الفارط الذي تخللته وقفات يومية بوابة أمانديس الرئيسية و ببعض البوابات الخاصة بالشركة داخل الأحياء ـ درادب ـ فما الهدف إذن من تشكيل تنسيقيات مناهضة للغلاء إذا كانت عاجزة كل العجز عن المواكبة الميدانية و عن تقديم تصوراتها لقضية الغلاء، عاجزة كذلك عن العمل في فضاءات جديدة و مع يساريين جدد عنها و مع يساريين جدد عنها و مع طلائعها الشبابية للأحياء الشعبية الطلائع المحتاجة للتأطير و التنظيم.. و محتاجة كذلك لمن يصغي لآلامها و لتطلعاتها و لاقتراحاتها.. محتاجة لمن يشاركها نضالاتها و ليس من ينوب عنها و يقترح باسمها و يفاوض بضغطها..الخ الجماهير بطنجة ترفض المس بالعدادات و تطالب برحيل أمانديس و بالتراجع عن الزيادات بل و بإعادة النظر في جميع ما يتعلق بفواتير الماء و الكهرباء. إلى حدود الآن ما زالت أحزاب اليسار الديمقراطي بالجملة و بالمفرق لم تعلن عن موقفها من هذه الأمور علانية و لم تمارس أي نوع من التعبئة و التوضيح فيما يتعلق بدينامية النضال على هذا المستوى، من حيث الشكل و من حيث المضمون. عشية اليوم، أي يوم الجمعية، التأم لقاء بمقر الشركة حضرته الصحافة المحلية و بعض الهيئات السياسية و الجمعوية و برلمانيي حزب العدالة و التنمية الظلامي للتفاوض من جديد حول مشكل الزيادات التي لم تعرف تراجعا بل تصاعدا و تعميما على مستوى أحياء جديدة.. التمس أحدهم من الجماهير المحتجة تقديم تمثيلية للحضور فرفضت الجماهير بقوة، الحوارات المغشوشة و الغير مبنية على أي أساس.. يعني الحوارات المبنية على ادعاء أن الزيادات لم تتعدى 7% في أقصى الحالات في حين أن أدنى الحالات عرفت زيادة 100%. تشبثت الجماهير بخيارها الاحتجاجي المفتوح و بمطالبها الواضحة التي لا تقبل التراجع و لا المساومة، فعلى ماذا استند الحاضرون في طاولة المفاوضات؟ و ما هي طبيعة حضورهم؟ و من هم أصلا؟ فعدا حزب "العدالة و التنمية" و بعض الاتحاديين، و صحافيو المنابر المحلية؟ ما زالت التشكيلة قيد التكتم و نتخوف من أن نجد داخلها محترفي التنطط هنا و هناك، الراقصون على الحبال، أصحاب رجل معكم و رجل عليكم! أخيرا و ليس آخرا لأن النقاش ما زال مفتوحا و المعركة ما زالت طويلة و مدينة طنجة ما زالت تنبت الأحرار الشرفاء و ما زالت تستقبل المناضلين من كل مكان فوحدتنا موضوعية بسبب من تضررنا و الميدان لا يمكن إلا أن يصحح الآراء و المواقف في اتجاه مصلحة الجماهير عموما إلى أن يتم النصر.
و. السرغيني 22/12/2006
#و._السرغيني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحركة الاحتجاجية بطنجة بين التقاعس و الإحباط
-
الممارسات الفاشية داخل الجامعة انزلاق أم نزعة
-
الحماقات الصبيانية و صراع الإخوة الأعداء
-
انفضاح أم انتصار للخط الانتخابي داخل -النهج الديمقراطي-
-
إلى أين يسير -النهج الديمقراطي- بطنجة
-
طنجة التضامن مع الشعبين الفلسطيني و اللبناني يعني الاحتجاج
...
المزيد.....
-
سحب الدخان تغطي الضاحية الجنوبية.. والجيش الإسرائيلي يعلن قص
...
-
السفير يوسف العتيبة: مقتل الحاخام كوغان هجوم على الإمارات
-
النعمة صارت نقمة.. أمطار بعد أشهر من الجفاف تتسبب في انهيارا
...
-
لأول مرة منذ صدور مذكرة الاعتقال.. غالانت يتوجه لواشنطن ويلت
...
-
فيتسو: الغرب يريد إضعاف روسيا وهذا لا يمكن تحقيقه
-
-حزب الله- وتدمير الدبابات الإسرائيلية.. هل يتكرر سيناريو -م
...
-
-الروس يستمرون في الانتصار-.. خبير بريطاني يعلق على الوضع في
...
-
-حزب الله- ينفذ أكبر عدد من العمليات ضد إسرائيل في يوم واحد
...
-
اندلاع حريق بمحرك طائرة ركاب روسية أثناء هبوطها في مطار أنطا
...
-
روسيا للغرب.. ضربة صاروخ -أوريشنيك- ستكون بالغة
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|