|
أسرار الحرب السياسية حول مشروع قانون الانتخاب الجديد بالمغرب
عبد الحق لشهب
الحوار المتمدن-العدد: 1785 - 2007 / 1 / 4 - 13:03
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
يبدو أن معركة كسر العظام حول قضية تضمين شرط (3% و 7% ) في مشروع القانون الانتخابي الجديد، بين أحزاب يسارية وغير يسارية يستهدفها هذا النص بالإقصاء من جهة، والحكومة على رأسها الإتحاد الاشتراكي من جهة ثانية، بدأت تدخل مرحلة العد العكسي، وذلك بعد أن صادقكل من المجلس الوزاري والحكومي مؤخرا بالتوالي في سابقة سياسية على تضمين عتبة للأحزاب الراغبة في المشاركة في الاستحقاقات المقبلة سنة 2007. مما يعني أن مخططات الكتوليين في إقصاء بعض الأطراف اليسارية وأحزاب أخرى خرجت من رحم الإتحاد الاشتراكي عبر صراعاته الداخلية. فمعالم تصفية هذه الأحزاب من اللعبة الانتخابية بدأت تلوح في الأفق، ولم يبقى من مسلسل هذه المؤامرة الحكومية، سوى الحصول على مصادقة البرلمان خلال الدورة المقبلة، وتحاول الأحزاب التي تستقصدها شروط مشروع القانون الجديد التصدي لهذه الفبركة المخدومة قبل عرضه على البرلمان، بعد أن استفاقت متأخرة، كما أن وسائل قحطها ليست بالحجم والقوة والتأثير الذي يجعلها تستطيع تغيير مجرى الأحداث لصالحها، وقد سبق لمنبر أسبوعية المساء المغربية في تقريره الرئيسي في عددها شهريونيو 2006، أن نبهت إلى كون المشاورات التي أجريت في الصيف الماضي بكتابة وزارة الداخلية بين الفرقاء السياسيين الأكثر تمثيلية في البرلمان حكومية ومعارضة تسير في تكريس محتويات المشروع الجائر ولربما تم الحسم حتى في الخريطة السياسية لاستحقاقات 2007. فهل سيعتمد البرلمان المشروع دون تعديله؟ وكيف سيكون موقف الناخبون إذا وجدوا أنفسهم في استحقاقات 2007 أمام اختيارات حزبية محددة ومفروضة؟ وكيف يستثمر الإتحاد الاشتراكي أصوات تلك الأحزاب المعنية بالإقصاء للحصول على أغلبية يحلم بها في انتخابات 2007؟ ومن هم الفاعلون المقنعون والظاهرون، العلنيون والسريون في لعبة صياغة مشروع هذا القانون بشروطه الحالية؟ وكيف سيكون رد الأحزاب التي يراد التشطيب عليها من الحياة السياسية بفعل هذه مشروع هذا القانون؟ الكتلة الحاكمة تذهب بمشروع مدونة الانتخابات الجديدة من المجلس الوزاري والحكومي إلى البرلمان بسلام. الأحزاب المقصية بمفعول المشروع تستنكر تطمينات علي الهمة للسياسي كاذبة. بدأت نهاية الفصل الأخير من تحرير شروط قانون الانتخابات الجديد، بعد أن استطاع الكاتوليون الحاكمون الحصول على موافقة المجلس الوزاري والحكومي، وعلى الرغم من تعثر المداولات التحضيرية داخل الفريق الحكومي، فإن فحافلة الفبركة في الاتحاد الاشتراكي تمكنوا من تجاوز كل الألغام وفرض تصورهم ومخططهم، وبالتالي انتزاع الضوء الأخضر من مجلس الوزراء والحكومة، ولم تفلح محاولات بعض الفعاليات اليسارية الحيلولة دون المصادقة على شروط مشروع القانون، واعتقدت بعض الشخصيات اليسارية أن اجتماعها مع كتابة الدولة في الداخلية في شخص على الهمة، قد تفضي إلى استدراك الموقف، إن أن الداخلية لم تكن ترمي من وراء ذلك الحوار سوى جبر الخواطر، ومحاولة إضفاء البراءة على تصرفات هذا الجهاز الغريب. في حين أن المداولات التي أجريت في دهاليز وزارة الداخلية في الصيف الماضي بين مختلف الأطراف البرلمانية الكبرى، كانت محور هذه الطبخة القانونية الانتخابية الجديدة. وقد دفع خبراء الداخلية في اتجاه إنجاح المشروع وضمان الموافقة داخل وخارج الحكومة، لأنهم يريدون لهذا المخاض السياسي الوطني أن يضل مشحونا بالصراعات الهامشية، لأن تشتت الصف وتخرقه على نفسه بين مزيد من الرافضين والممتنعين والمساندين والمقصيين، حتما سيبعد التفكير السياسي عن القضايا الجوهرية في الإصلاحات السياسية المتمثلة في قضايا إصلاح الدستور. وخلال الأسابيع القليلة سيعرض مشروع قانون الأيرتاب الانتخابي الجديد على البرلمان، لإنهاء هذه الفجة، ولا نعتقد أن هناك إلى حد الساعة وجود مقاومة حقيقية قادرة على فرض تعديل قبل أو أثناء عرضه على الدورة النيابية المقبلة، طالما أن الأغلبية الحكومية راضية والعدالة والتنمية لا تمانع بعد أن تسلمت الضمانات في نصيبها من الكعكة الحكومية المقبلة، واليسار البرلماني ضعيف وغير قادر، والتجمع الوطني يكفيه البقاء على رئاسة غرفة الفساد الثانية والداخلية قابضة على المجرى السياسي من المنبع إلى المصب. البرلمان غير قادر على رفض المشروع أو تعديله اليمينيون والإسلاميون في البرلمان متواطئون. إن دخول هذا المشروع القانوني الانتخابي بشروطه الملزمة (3% و 7% )، حيز التنفيذ إن صودق عليه برلمانيا، فالكثير من التشكيلات الحزبية القانونية لن تتمكن من المشاركة في انتخابات 02007: حزب الطليعة (المدين جلون)، الحزب العمالي (بن عتيق) الحزب الاشتراكي (عبد المجيد بوزبع)، البديل الحضاري، المؤتمر الوطني الاتحادي (بن العربي)، وغيرها ممن لا تتوفر فيهم شرط مشروع القانون الجديد، وتبقى الطامة الكبرى هي أن هذه الأحزاب التي يشملها مشروع القانون بالإقصاء، عانت الكثير لإثبات وجودها الشرعي والقانوني والسياسي وهاهي تتعرض مرة أخرى لنفس الاستبداد، فمنها من اعتصم مناضليها وأضربوا على الطعام للحصول على الاعتراف الرسمي ( البديل الحضاري)، ومنها من مناضليها سجنوا واعتقلوا وحوكموا للتعبير عن مواقفهم (حزب الطليعة)، ومنها من مناضليها انشقوا بعد أن عانوا من ديكتاتورية أحزابهم السابقة (الحزب العمالي) و (المؤتمر الوطني)، و (الحزب الاشتراكي)، وهاهم اليوم يستعيدون هذه الإكراهات والمرارات مع حكومة الكتلة التي تفرض شروط غير دستورية ولا أخلاقية للمشاركة في الانتخابات، أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها شروط عنصرية شبيهة بتلك التي كانت تفرض على السود للولوج إلى مجلس الشيوخ في زمن النظام التمييزي العنصري السابق. وإذا كان الاتحاد الاشتراكي يسعى من وراء مشروعه قانون الانتخابات هذا، تصفية الحساب مع الخصوم السياسين، ومعاقبة رفاق الأمس (الأموي- بن عتيق- السياسي- احمد بنجلون)، الذين انقلبوا سابقا على شيوخ زاوية الاتحاد الاشتراكي، إلا أن استغلال بوابة الدولة ومؤسساتها التشريعية للتعسف على حقوق الآخرين السياسية مهما كانت قبيحة الاختلاف معهم، هو سلوك غير مقبول ولا شرعي، تم ما ذنب الناخبين المغاربة، الذين سيفرض عليهم هذا المشروع القانون الانتخابي الجديد ضوابط مسبقة للاختيارات المطروحة، وتعريض الكثير من القواعد مهما كان حجمها والتي لا ترى في هذه الأحزاب تجسيدا لطموحاتها إلى اليأس والإحباط وردود الأفعال التي لا تحمد عقباها. و مع ذلك فإن بعضا من قادة هذه الأحزاب لا زالت تعقد آمالا جديدة على البرلمان في دورته المقبلة التي سيعرض عليها مشروع القانون للمصادقة النهائية، وتعول كثيرا على هذه المؤسسة في إعادة تعديل محتويات القانون التي هي محط الاعتراض. فهل يدرك هؤلاء كيف تدار لعبة صياغة القرارات والمصادقة على مشاريع القانون في قبة البرلمان؟ وإن لم يكن لديهم علم، فهي فرصة ليتعلم الغافلون؟ كيف ستواجه الأحزاب المعنية بالتشطيب من الانتخابات-التنديد –الحل -النزول إلى الشارع. يعتقد القائمون على الأحزاب المقصية بمفعول مشروع قانون الانتخاب المصادق عليه في المجلس الوزاري والحكومي الأخير أن هناك بوادر من الآمال، لمراجعة مظالم هذا المشروع في البرلمان، وان هذه المراجعة ستكون بمثابة خطوة غير مسبوقة في اتجاه ترسيخ الديمقراطية، لكن لا ندري كيف نسي هؤلاء، أن البرلمان منذ تعيين الحكومة في سنة 2002 وحتى سنة 2006، وفي كل المحطات التشريعية، لم يظهر فيها البرلمان يوما ما قادرا على إحداث تغيير حقيقي في بنية المقترحات لمشاريع القوانين الحكومية، وكان نواب الأمة إما عاجزين أو جاهلين في القيام بدورهم الدستوري بالرفض أو الاعتراض، ولم يخرج دورهم عن حيز التركة لكل المبادرات التشريعية الحكومية في كل المجالات، كما أن الحكومة هيأت أجندتها السياسية بإحكام لتمرير هذا المشروع القانوني بالذات خلال الدورة المقبلة، طالما أن الموافقة مسبقا في المجلس الوزاري والحكومي قد تمت، مما يضمن عمليا مساندة الأغلبية الحكومية البرلمانية، أما على مستوى العارضة البرلمانية، فإن الكاتوليين ومن خلفهم الداخلية عملوا على تطويع قبلي لأهم القوى الأساسية في المعارضة البرلمانية (العدالة والتنمية)، لدعم المشروع والتصويت لصالحه في الدورة المقبلة، وذلك في إطار صفقة سياسية في إطار استحقاقات 2007 ونتائجها، والتي ستكشف المساء معالمها في إعدادها المقبلة. إن استمرار الاستعلاء الحكومي في التشبث بشروط مشروع القانون الانتخابي الجديد، والتوجه به إلى البرلمان قصد الحصول على المصادقة النهائية، سيؤدي حتما إلى المس المباشر بالوجود السياسي لأطراف حزبية بعينها، وهو ما دفع بتشكيل ائتلاف للأحزاب المعنية بالإقصاء، صعدت أساليبها الاحتجاجية، ونظمت وقفات احتجاجية أمام البرلمان ونظمت وقفات احتجاجية خلال منتصف الشهر الماضي، وقد أكدت مصادر المساء القريبة من هذه الأحزاب أنها ستلجأ إلى توسيع نطاق حرب الشوارع والتظاهرات وقد تلجأ إلى عرقلة مسار الانتخابات النيابية المقبلة في حالة إقرار مشروع القانون بشروطه الحالية وقد استطاع هذا الائتلاف أن يفرض تعطيل المصادقة النهائية على هذا القانون الموضع لدى البرلمان، وتحدثت بعض التسريبات عن محاولة تعديل من قبل الأغلبية الحكومية لبعض بنود المشروع، إلا أن هناك لوبي قوي في حكومة جطو يتزعمه الاتحاد الاشتراكي يرفض إلى حد الساعة المساس بطابع المشروع المعروض على البرلمان والاحتفاظ بنفس الصيغة التي صادق عليها المجلس الوزاري، وهو ما ينذر بمزيد من التو ثر والصراع في المشهد السياسي الذي يعيد سيناريوهات الاضطهاد السياسي إلى الواجهة.
المصادقة على المشروع بأغلب شروطه تمت في البرلمان رغم أنف المعارضين
غير المفاجأة الغير المحسوبة، أنه تمت المصادقة خلال الأسبوع الماضي على القانون المذكور بقبة البرلمان، مع تعديلات: من شرط 7% إلى 6% والتخلي عن شرط توقيعات مستشاري البرلمان، وهي تعديلات لا ترقى إلى حجم تطلعات الأحزاب المعارضة لنص القانون، وكان الأمر المستغرب أثناء عرض قانون الانتخاب الجديد في الأسبوع الماضي للتصويت في مجلس النواب هو تبدل مفاجىء لموقف حزب العدالة والتنمية من صامت إلى معارض، علما أن الحزب طيلة مدة المشاورات في مكتب وزير الداخلية حول القانون، آثر السكوت والموافقة المبدئية ولم يصدر عنه ما يشير إلى الاعتراض، ها هو الحزب أثناء التصويت على القانون ينقلب في إطار لعبة سياسية مكشوفة، كل طرف يمارس فيها دور معين، ولعل ما ينفي الجدية عن موقف حزب العداليين المعارض والجديد هو غيابه عن الاحتجاجات الميدانية التي تنظمها الأحزاب المقصية بمفعول هذا القانون. وبمجرد الإعلان عن المصادقة على القانون بصيغته الحالية فإن مصادر المساء المطلعة توصلت إلى أن قادة ائتلاف الأحزاب المعارضة بقوة للقانون الانتخابي الجديد، ستصعد من احتجاجاتها، وذلك بتوسيع نطاق التظاهر من المركز إلى كل الجهات والأقاليم، مما يندر بأن الشهور القادمة ستشهد صراعات قوية ومباشرة بين أحزاب الحكومة والأحزاب المعارضة لمدونة الانتخابات الجديدة.
#عبد_الحق_لشهب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اختلاس المال العام بين صمت الدولة المغربية وجرأة المجتمع الم
...
-
من يتحكم في اللعبة الإنتخابية بالمغرب؟
-
فاتح ماي: مسرحية علي بابا و الأربعين حرامي
-
إلى أين تسير المواجهة المفتوحة بين الصحافة الوطنية ورموز الح
...
-
فضيحة بطلها فرعون موكادور
-
باركا ..... لا تحرقوا أولادنا
-
حكومة الشفوي وملك الفقراء
-
عمليات إجهاض بالجملة انتهت بوفاة موظفة بالمعهد الموسيقي
-
من يكتب محضر مخالفة لرئيس المجلس البلدي و يحاسبه على مخالفته
...
-
فضيحة بطلها مستشار ملكي
-
كفى من الكذب على هذا الشعب
-
مؤسسة الشعبي بين نهب المال العام و التحايل الضريبي
-
المغاربة يسرقون بعضهم
-
المغرب ... و المهام المطلوبة
-
الوجه الاجتماعي للحكومة المغربية
-
لوبيات المال تبسط أيديها و تعيق التنمية
-
الصويرة و غياب السلطة المحلية
-
تأملات في الوضع الاقتصادي و السياسي بالمغرب
-
باي....باي المغرب
المزيد.....
-
-قريب للغاية-.. مصدر يوضح لـCNN عن المفاوضات حول اتفاق وقف إ
...
-
سفارة إيران في أبوظبي تفند مزاعم ضلوع إيران في مقتل الحاخام
...
-
الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لــ6 مسيرات أوكرانية في أجواء
...
-
-سقوط صاروخ بشكل مباشر وتصاعد الدخان-..-حزب الله- يعرض مشاهد
...
-
برلماني روسي: فرنسا تحتاج إلى الحرب في أوكرانيا لتسويق أسلحت
...
-
إعلام أوكراني: دوي صفارات الإنذار في 8 مقاطعات وسط انفجارات
...
-
بوليتيكو: إيلون ماسك يستطيع إقناع ترامب بتخصيص مليارات الدول
...
-
مصر.. غرق جزئي لسفينة بعد جنوحها في البحر الأحمر
-
بريطانيا.. عريضة تطالب باستقالة رئيس الوزراء
-
-ذا إيكونوميست-: كييف أكملت خطة التعبئة بنسبة الثلثين فقط
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|