وهيب أيوب
الحوار المتمدن-العدد: 8186 - 2024 / 12 / 9 - 22:18
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
شاهدتُ اليوم ما يُشبه التظاهرة في المسجد الأموي بدمشق لجموع الفصائل المُسلّحة التابعة لقائدهم أحمد الشرع "الجولاني"؛ وهُم يرفعون المصاحف ويهتفون ألله أكبر والعزّة لله، وقائدنا مُحمّد، وما إلى ذلك من هتافات إسلامية، ثم يُصرّح أحمد الشرع "الجولاني" لاحقاً؛ أن هذا النصر هو نصر للأمّة الإسلامية جمعاء!
سأستبق الأمور للتعبير عن رأيي الشخصي، حول ما يُشاع ويُروّج من قِبل قادة تلك الفصائل، عن سوريا الجديدة أو سوريا المستقبل ...
فكيف تكون ؟
في تقديري ثلاث أمور جوهرية أساسيّة، يجب توضيحها حول دستور سوريا الجديد ...
أولاً: في الدستور الجديد يجب تغيير الصياغة القديمة التي تقول "الجمهورية العربية السورية" ويتحوّل إلى "الجمهورية السورية" فقط، دون تحديد القومية العربية، هذا إن أرادوا أن تكون سوريا لكل السوريين فعلاً كما يدّعون، وليس لقومية واحدة طاغية، كما كان أثناء حكم البعث الفاشي البائد، لأن في سوريا قوميات متعدّدة، العرب، الكورد، التركمان، الشركس، الأرمن، الآشوريين، وربما سواهم أيضاً، فإن أراد أي نظام حكم جديد أن تكون سوريا موحّدة، وأن لا يسعى مثلاً الكورد بالتحديد الإنفصال عن سوريا والاستقلال، وهذا حقّهم إذا ما استمرّت الصيغة القديمة، إذاً فعليهم تبنّي الصيغة الجديدة.
ثانياً: أن لا يُحدَّد ويُشترط دين رئيس الدولة بـ "مُسلم" أو قوميته بـ "عربي"، وأن يكون من حقّ أي سوري ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء وأي منصب آخر، بصرف النظر عن انتمائه القومي والديني والطائفي، هذا إذا كنتم بالفعل تسعون لسوريا جديدة، خلف الشعار الذي يُردّده بعض قادة الفصائل وأوّلهم أحمد الشرع، رئيس هيئة تحرير الشام؛ أنَّ "سوريا لكل السوريين" وهتاف الناس في الشوارع "واحد واحد واحد الشعب السوري واحد".
ثالثاً: أن لا يرِد أي إشارة في الدستو، على أن دين الدولة الإسلام، أو أن القوانين مُستمدّة من "الشريعة الإسلامية"، وأن يتم فصل الدين عن الدولة والسياسة وشؤون المجتمع، أي دولة مواطنة عَلمانية ديموقراطية ...
وما غير ذلك؛ فإن كل تضحيات الشعب السوري تكون قد ذهبت في مهبّ تلك الفصائل الإسلامية وتلاعبها بالألفاظ، وهذا مع الأسف ما أتوقّعه.
فيمكن لتلك الفصائل وقائدهم أن يُبدّلوا من جلودهم، لكن هيهات لهم؛ أن يُغيّروا عقولهم ونفوسهم وأيديولوجيتهم الدينية!!!
#وهيب_أيوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟