أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - بهجت العبيدي البيبة - سوريا بعد سقوط الأسد: تحديات ومطامع














المزيد.....

سوريا بعد سقوط الأسد: تحديات ومطامع


بهجت العبيدي البيبة

الحوار المتمدن-العدد: 8186 - 2024 / 12 / 9 - 14:59
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


تشهد سوريا مرحلة مفصلية مع سقوط نظام الأسد، حيث تتقاطع مصالح القوى الإقليمية والدولية في صراع معقد يهدد وحدة البلاد واستقرارها. إن الفوضى التي خلفها انهيار النظام فتحت الأبواب أمام طموحات متناقضة ومخاطر متزايدة، مما يجعل مستقبل سوريا محفوفًا بالتحولات غير المتوقعة.

ومن بين أبرز الأطراف التي تسعى لاستغلال الوضع الجديد في سوريا تأتي إسرائيل وتركيا. إن إسرائيل ترى في الفراغ السياسي والأمني فرصة ذهبية لتعزيز نفوذها، خاصة في منطقة الجولان المحتل. إن الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة التي استهدفت مواقع عسكرية واستراتيجية داخل سوريا تحمل دلالات واضحة على سعي تل أبيب لتقويض أي محاولات لنقل أسلحة متطورة إلى أيدي جماعات تعتبرها تهديدًا لأمنها. كما تسعى إسرائيل إلى فرض واقع جديد على الأرض يضمن تأمين حدودها الشمالية لسنوات قادمة، مستفيدة من الانشغال الدولي بالأزمات الأخرى في المنطقة.

وعلى الجانب الآخر، تركز تركيا جهودها على الشمال السوري، حيث ترى في انهيار النظام فرصة لتعزيز حضورها الإقليمي. إن أنقرة لم تخف طموحاتها في استغلال الوضع لضرب أي إمكانية لقيام كيان كردي مستقل، وهي تعتبر ذلك خطًا أحمر يمس أمنها القومي. والدعم التركي للفصائل المسلحة المعارضة يتجاوز كونه مجرد تحالف تكتيكي، ليصبح جزءًا من استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى فرض نفوذ تركي مباشر في المنطقة، وسط صمت دولي وتقاعس واضح من الأطراف المؤثرة.

في ظل هذه التحولات، تبرز مخاوف حقيقية من عودة تنظيم داعش إلى الواجهة. إن الفراغ الأمني الناتج عن غياب مؤسسات الدولة وضعف الجيش السوري يشكل بيئة خصبة لعودة التنظيم واستعادة نشاطه. ولا شك أن تنظيم داعش الإرهابي قد يستغل الانقسام الداخلي والصراع الإقليمي لتوسيع رقعة نفوذه، ما يهدد ليس فقط سوريا بل أيضًا الدول المجاورة التي لا تزال تعاني من تداعيات تمدده السابق.

أما الأكراد، الذين لعبوا دورًا رئيسيًا في مواجهة داعش، فإنهن يجدون أنفسهم اليوم في موقف لا يحسدون عليه. لقد كانوا يعتمدون على تحالفات مرحلية مع النظام السوري لمواجهة التهديدات المشتركة، خاصة من تركيا والجماعات الجهادية. ومع غياب هذا الدعم، يواجه الأكراد تحديات وجودية تتعلق بكيفية الحفاظ على مكاسبهم في ظل أطماع تركيا وتصاعد التوترات الإقليمية.

وروسيا، التي شكلت العمود الفقري لدعم النظام السوري، تواجه هي الأخرى تحديات جديدة مع سقوط الأسد. إن القواعد العسكرية الروسية المنتشرة في سوريا قد تصبح أهدافًا مباشرة للجماعات المسلحة، مما يضع موسكو أمام خيارات صعبة. فهل تعزز وجودها العسكري وتحمي مصالحها الاستراتيجية مهما كان الثمن؟ أم تنتهج سياسة انسحاب تدريجي يحد من خسائرها؟ هذه الأسئلة تضع الكرملين أمام اختبارات حاسمة في سياسته الشرق أوسطية.

نأتي إلى الولايات المتحدة، التي تبدو سياستها تجاه سوريا ضبابية إلى حد كبير. فالإدارة الأمريكية الجديدة أمام اختبار دقيق، إذ تحتاج إلى موازنة مصالحها في مواجهة النفوذ الإيراني، وتعزيز تحالفاتها مع الأكراد والفصائل المعتدلة لضمان عدم انهيار سوريا بالكامل في أيدي الجماعات المتطرفة. هذا بالإضافة إلى ضرورة العمل مع الحلفاء الإقليميين، مثل تركيا ودول الخليج، لضمان الاستقرار في منطقة لا تزال تعاني من تبعات سنوات طويلة من الحروب والصراعات.

وبرغم كل هذه التحديات، يبقى الحفاظ على وحدة الأراضي السورية هدفًا أساسيًا يحتاج إلى جهود دولية منسقة. إن سوريا لا يمكن أن تستعيد استقرارها إلا من خلال تسوية سياسية شاملة تأخذ في الاعتبار تطلعات كل مكونات الشعب السوري. هذه التسوية تتطلب بناء الثقة بين الأطراف المختلفة، وإعادة تفعيل المؤسسات الوطنية لتكون حاضنة للجميع، بعيدًا عن الاستقطابات السياسية أو الطائفية.

إن المرحلة القادمة تحمل في طياتها فرصًا وتحديات، ولكنها تعتمد بالدرجة الأولى على إرادة السوريين أنفسهم وقدرتهم على تجاوز خلافاتهم والعمل على بناء مستقبل جديد لبلادهم. في الوقت ذاته، يجب أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته في حماية سوريا من التدخلات الخارجية التي تهدد بتمزيقها، وضمان عدم تحويلها إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية. سوريا ليست مجرد ساحة صراع، بل وطن لشعب عانى بما يكفي، ومن حقه أن يحلم بوطن آمن ومستقر.



#بهجت_العبيدي_البيبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا بعد سقوط النظام: تحديات المرحلة المقبلة بين مطامع الخا ...
- وهم هاتف تسلا الرخيص ومعاناة الفقراء
- اهتمامات الشعوب بين العالم العربي والغرب: قراءة في أولويات ث ...
- في أسر الأسطورة: العقل العربي والإسلامي بين الماضي وتحديات ا ...
- في العالم المتقدم: الحسد خرافة تم تفكيك أسطورتها
- العقول التي صنعت المجد: العلماء والفلاسفة والأدباء قادة الحض ...
- إنترنت الأشياء: عصر جديد من الترابط الذكي في حياتنا اليومية
- ابن خلدون: أعجوبة مازال تأثيرها حاضرا
- المطبعة التي لم تصل: انغلاق رجال الدين يعيق تقدم المجتمع
- في الحب نكتب: سر الحياة وملاذ القلوب
- التعليم في مصر والعالم العربي: يجب نسف أسلوب التلقين
- كهف أفلاطون ومأساة المستنير في كل العصور
- في الحداثة .. مساهمة شرقية قديمة
- لا أوْلويّة تسبق أولوية التعليم والبحث العلمي
- العقل المحرر يرفض الأوهام والخرافات!
- على هامش مباراة السوبر.. من شعب مصر: شكرا دولة الإمارات
- عن منتخب مصر.. الخسارة المحزنة والفوز المفرح.. نظرة تحليلية!
- هل يشهد مطار القاهرة قداس صلاة!؟
- قداس صلاة بمطار القاهرة الدولي!
- أزمة الدولار في مصر ومبادرة النائبة غادة عجمي


المزيد.....




- الرئيس التركي أردوغان: اتخذنا الخطوة الأولى لبداية جديدة بين ...
- قوات -قسد- تسقط طائرة أمريكية مسيرة
- -CBS NEWS-: ترامب يوجه دعوة إلى شي جين بينغ لحضور حفل تنصيبه ...
- مجلس النواب الأمريكي يصادق على الميزانية الدفاعية بحجم 884 م ...
- العراق.. استهداف -مفرزة إرهابية- في كركوك (فيديو)
- موسكو تقوم بتحديث وسائل النقل العام
- قوات كردية تسقط بالخطأ طائرة أميركية بدون طيار في سوريا
- رئيس الإمارات وملك الأردن يبحثان التطورات الإقليمية
- أوكرانيا على موعد مع صاروخ روسيا -الرهيب-
- فيديو.. اكتشاف نفق سري ضخم في جبال القلمون


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - بهجت العبيدي البيبة - سوريا بعد سقوط الأسد: تحديات ومطامع