|
تحديد الهوية و تسليط الضوء على قياس -السمات البشرية-
رفعت احمد علي
الحوار المتمدن-العدد: 8183 - 2024 / 12 / 6 - 17:46
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
تنبيه: أجزاء من هذا المقال مأخوذ من “تحديد هُوِيَّة مرسلي الرسائل المجهولين عبر الإنترنت: مقترح نحو إنشاء قاعدة بيانات بيومترية للبصمات النصية”، و هي ورقة بحثية قدمتها في المؤتمر السنوي للجمعية البريطانية لعلم الجريمة في جامعة Sheffield Hallam University بتاريخ ٤٧ تموز ٢٠١٧م https://www.britsoccrim.org/conference-2017/ و سبق لي نشرها باللغة ألانكليزية في العام ٢٠١٧م في موقع شبكة أبحاث العلوم الأجتماعية والمتاح على الرابطين أدناه: SSRN: https://ssrn.com/abstract=3093279 و http://dx.doi.org/10.2139/ssrn.3093279 وأعيد نشر هذه الأجزاء التي ترجمتها الى اللغة العربية والتي أسعى من خلالها الى نشر أفكاري من منظور علم ألانثروبولوجيا الجنائية و التي تحقق للقاريء الكريم الفائدة المرجوة.
تحديد الهوية و تسليط الضوء على قياس "السمات البشرية"
الدكتور رفعت الجميلي باحث في قضايا الشرطة و الشؤون الجنائية
أصبح أستخدام السمات البشرية (الخصائص البشرية) أمرا أساسيا و من الأدوات الشائعة بشكل متزايد في تحديد وتأكيد هوية الأفراد في أنظمة الأمن الخاصة بالشركات والمؤسسات المالية و التطبيقات الالكترونية لتلبية المتطلبات الأمنية و الأخلاقية للعملاء و الزبائن. و يبدو لي الأن أن أستخدام السمات البشرية قد أصبح ضرورة من الضرورات التي يجب على أجهزة الشرطة الأستعانة بها لمواجهة أو التهيؤ لمواجهة الجرائم المستحدثة وليدة تأثير الثقافات الوافدة و التغيير في البنى ألاجتماعية و التي يعتمد منفذوها على إخفاء هويتهم من خلال أرتداء ألاقنعة أو تغيير شكلهم من خلال عمليات الجراحة التجميلية مثل عمليات تغيير الحواجب، و عظام الوجه، و فقدان الوزن، و حتى تبادل بصمات ألاصابع أو تبديل بصمات أصابع ألايدي بألاقدام و غيرها. ألاتجاه المتنامي في تسويق هذه الثقافات و ألافكار الدخيلة قد يشجع بعض المجرمين الى اللجوء الى هذه الوسائل من أجل تغيير شكلهم و أخفاء هويتهم للهروب من ألعدالة أو للأفلات من تنفيذ العقوبة وهذا يهدد مسألة تطبيق القانون و تنفيذه ما لم يتم تنظيم قانون يبرر أو يبيح تغيير الوجه أو الشخصية و إنشاء قاعدة بيانات جنائية لتبيان هوية المشتبه بهم وحل الجرائم. و هذا هو الموضوع الذي ينصب عليه أهتمام هذا المقال. فهو يتضمن تصميم قاعدة بيانات مركزية لنظام إدارة الأدلة الجنائية تخزن فيه مختلف أنماط السمات البشرية حول الافراد و المجرمين.
الهوية في الأنثروبولوجيا الجنائية هي مزيج من "السمات البشرية الجسدية و السلوكية" التي تخص الشخص. و الأنثروبولوجيا الجنائية هي مجال لتنميط الجاني أو المشتبه به، بناءً على الروابط المتصورة بين طبيعة الجريمة والشخصية أو المظهر الجسدي للجاني أو المشتبه به. و على الرغم من أن بصمات الأصابع تعتبر من السمات البشرية الجسدية الشائعة، إلا أنها ليست الطريقة الوحيدة المتاحة في تحديد و إثبات الهوية. فقد تطورت تحقيقات إثبات الشخصية لتشمل أنماط السمات البشرية الجسدية الأخرى بما في ذلك السمات البشرية السلوكية الفريدة للأشخاص والتي يمكن قياسها من خلال البرمجة و التشفير لكل شخص و تخزينها في قاعدة بيانات جنائية لمضاهاتها بملامح وسمات المشتبه فيهم. وغالبا ما يُطلق على السمات البشرية المقاسة و التي تستشعرها ألاجهزة بشكل عملي و تفسرها أجهزة الكومبيتر أسم القياسات الحيوية أو البايومتري. حيث يمكن لقاعدة البيانات البايومترية الجنائية المصممة جيدًا أو خصيصًا لتلبية الاحتياجات الجنائية المحددة لها تأكيد أو تحديد هوية شخص ما وتواجده في مسرح الجريمة، كما تساعد هذه السمات في تحديد هوية الضحايا في أعقاب وقوع جرائم كبرى. والأهم أيضاً أنها تساعد على إثبات براءة المشتبه بهم. وكذلك تساعد ضباط و منتسبين الشرطة العاملين في خطوط المواجهة مع الجرائم الجنائية على تقييم الأدلة والحفاظ عليها وتشاركها مع جهات أخرى بما يتماشى مع الممارسات الفضلى المعتمَدة. وفي هذا المقال سنستعرض مختلف أنماط السمات البشرية التي يمكن استخدامها او خزنها في قاعدة بيانات و سنتحدث بأيجاز عن تاريخ هذه السمات بما في ذلك مزايا و عيوب كل سمة.
تاريخ استخدام السمات البشرية يعود تاريخ أستخدام و قياس السمات البشرية إلى العصور القديمة عندما كانت بصمات الأصابع وبصمات اليد تستخدم كتوقيعات وأختام. بدأ استخدام القياسات الحيوية كأداة لأغراض التعريف والأمن في أواخر القرن التاسع عشر مع عمل ألفونس بيرتيلون. في عام 1879، طور ضابط الشرطة الفرنسي نظامًا لقياس الأنثروبومترية، والذي تضمن قياس سمات جسدية مختلفة، مثل الطول والوزن وحجم الرأس والذراعين والقدمين، لتحديد هوية المجرمين. تم استخدام هذا النظام على نطاق واسع من قبل أقسام الشرطة في جميع أنحاء العالم وكان يُعتبر المعيار الذهبي للتحديد حتى أوائل القرن العشرين. في أوائل القرن العشرين، تم تطوير أول أنظمة بصمات الأصابع، وأصبح استخدامها واسع الانتشار. يستخدم التعرف على بصمات الأصابع الآن على نطاق واسع من قبل أجهزة الشرطة وإنفاذ القانون. تم تطوير الأنظمة البيومترية، مثل التعرف على الصوت والقزحية والوجه في النصف الأخير من القرن العشرين. أصبحت هذه التقنيات قابلة للتطبيق تجاريًا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وتستخدم على نطاق واسع منذ ذلك الحين.في أوائل القرن العشرين، تم تطوير أول أنظمة بصمات الأصابع، وأصبح استخدامها واسع الانتشار. ويستخدم التعرف على بصمات الأصابع الآن على نطاق واسع من قبل أجهزة الشرطة ومنظمات إنفاذ القانون.
أنواع السمات البشرية هناك نوعان رئيسيان من السمات البشرية او ما يسمى بخصائص جسم الإنسان التي يمكن قياسها و استخدامها لأغراض تحديد الهوية، وهما السمات الجسدية و السمات السلوكية:
١. السمات البشرية الجسدية: و هي جزء من جسم الإنسان. وهي تشير إلى شكل أو تكوين الجسم أو خصائص الإنسان. فهي بشكل عام فريدة وغير قابلة للتغيير. و الفرضية الأساسية المتعلقة بأستخدام هذه السمات في تحديد الهوية هي أنه يمكن التعرف على كل شخص بدقة من خلال سماته الجسدية والتي يمكن قياسها و تخزينها. و هي على أنواع متعددة و مختلفة، من بينها: الحمض النووي، بصمات الأصابع، الوجه، شكل اليد و قزحية العين.
• الحمض النووي: يحتوي على المعلومات التي تحتاجها جميع الخلايا الحية في جسم الإنسان لتعمل. وبصرف النظر عن التوائم المتطابقة، فإن الحمض النووي لكل شخص فريد من نوعه. و على هذا النحو، يمكن استخدامه كدليل للمساعدة في إدانة المشتبه به بأرتكاب جريمة، ولكن أيضًا لتبرئة شخص بريء. يتم تحليل عينات الحامض النووي من مسرح الجريمة أو من المشتبه بهم، والتي يتم الحصول عليها عادة من الدم أو الشعر أو سوائل الجسم، مما يؤدي إلى تكوين ملف تعريف الحمض النووي الذي يمكن مقارنته بملفات تعريف أخرى داخل قاعدة البيانات البايومترية .ومن عيوب هذه السمة البشرية هو أن العينة المخزونة قد تكون عرضة للخطأ البشري والتلوث أثناء عملية جمع أو قياس أو خزن العينات. وهناك مشكلة أخرى تتمثل بأنتهاك خصوصية الشخص المعني عندما يكون ذلك مطلوبًا. كما أن أستخدام عينات الحامض النووي المخزونة قد يثير أسئلة أخلاقية حول عملية تخزينها ومتى وكيف يجب أن تستخدم عينات الحمض النووي وكذلك قد يثير مخاوف بشأن الوصول إليها أو العبث بها من قبل أطراف ثالثة.
• بصمات الأصابع: بصمة الإصبع هي الطبعة التي تتركه حواف الأحتكاك في إصبع الإنسان. يعد استرداد بصمات الأصابع الجزئية من مسرح الجريمة طريقة مهمة في عمل خبراء الطب الشرعي و خبراء الأدلة الجنائية. لا يوجد شخصان لهما نفس بصمات الأصابع، ولا حتى التوائم المتطابقة. تعد هذه الميزة البشرية (البيومترية) مفيدة جدًا، ولكنها تأتي أيضًا مع عدد من القيود، مثل: أولاً، لا توجد طريقة علمية لتحديد الوقت الذي تم فيه وضع بصمة الإصبع على سطح الجسم. لا يستطيع محقق الطب الشرعي معرفة مدة بقاء بصمة الإصبع على السطح أو تحت أي ظروف تم وضعها هناك. على سبيل المثال، إذا تم العثور على بصمة أحد المشتبه بهم في منزل صديق مقتول، فقد تكون البصمة مرتبطة أو لا تكون مرتبطة بالقاتل، خاصة إذا ادعى المشتبه به أنه زار منزل الضحية مؤخرًا إلى حد ما. ثانيًا، قد تكون بصمات جزء صغير من الأفراد غير مناسبة لتحديد الهوية الجنائية بسبب عوامل وراثية أو الشيخوخة أو أسباب بيئية أو مهنية (على سبيل المثال، قد يكون لدى العمال اليدويين عدد كبير من الجروح والكدمات على بصمات أصابعهم التي تتغير بأستمرار) . ثالثا، يستخدم المجرمون و يسعون إلى طرق عديدة لإزالة بصمات الأصابع أو منع ظهورها من مسرح الجريمة، بما في ذلك أرتداءالقفازات أو مسح الأسطح لإزالة بصمات الأصابع أو إرفاق بصمات مزيفة أو ارتداء قفازات كيميائية لتقليل فرصة ترك بصمات الأصابع. يمكن للمجرمين أيضًا إجراء عملية جراحية أو استخدام مواد كيميائية لإزالة الجلد الموجود على أطراف أصابعهم. وأخيرًا، لا يمكن لأجهزة الشرطة أو وكالات إنفاذ القانون تسجيل بصمات أصابع المشتبه به إذا لم يكن لديه أي أصابع.
• الوجه: التعرف على الوجه أو تحديد هوية الفرد أو التحقق منه هو تقنية قادرة على مطابقة الوجه البشري (بناءً على ميزات الوجه الفريدة) من صورة رقمية أو مقطع فيديوي مقابل قاعدة بيانات للوجوه. المبدأ بسيط: بمجرد أن يكون لدى جهاز الشرطة صورة لشخص ما، يتم البحث أبحث في منظومة قاعدة البيانات البايومترية للوجوه لمعرفة ما إذا كان هناك تطابق أم لا. يمكن أن يكون أستخدام صور الوجه في أنظمة التعرف على الوجه في بعض الأحيان بمثابة معرّفات جسدية غير موثوقة نظرًا لأن وجوه الأشخاص (أي موقع وشكل سمات الوجه، مثل العينين والحاجبين والأنف والشفتين والذقن وعلاقاتهم المكانية) تتغير بمرور الوقت. في ظروف معينة، خاصة عندما يكون وجه الشخص محجوبًا بالشعر أو النظارات أو القبعات أو الأوشحة أو المكياج أو أي ملحق، يصبح من الصعب التفريق بين الأفراد. بالإضافة إلى ذلك، في حالات التوائم المتطابقة، ليس من الممكن دائمًا ويكون من الصعب جدًا معرفة من هو في الصور الذي يطابق صور الوجه. و علاوة على ذلك، فأن التغييرات في الأضواء أو ظروف الإضاءة وتعبيرات الوجه (مثل الابتسامة الكبيرة، والمزاج، والصحة، ومستويات الجهد المبذول) والتعرف على الوجه من وجهات نظر مختلفة ويمكن أن يؤدي أيضًا إلى إرباك عمل المنظومة.
• شكل اليد: هذه السمة تعزِّز فرضية أن شكل اليد لكل شخص فريدة من نوعها. و هذا يمكن تحديد هوية الشخص من حجم راحة اليد، وطول وعرض الأصابع، والمسافة بين المفاصل، وما إلى ذلك. بهذا المعنى، فأن عملية تحديد هوية الشخص تتم من خلال أخذ قياسات الكف و الأصابع عبر العديد من الأبعاد بما في ذلك الطول والعرض والأنحراف والزاوية ومقارنة تلك القياسات بالقياسات المخزنة في قاعدة البيانات الجنائية. إن مثل هذه الفرضية ربما تتعارض مع عدم وجود دليل موثوق على أن شكل اليد لشخص ما فريدة من نوعها و ذلك لأن شكل اليد ليس ثابت، ويمكن أن يتغيير بما يتناسب مع عمر ألانسان أو في حالة حدوث أصابة أو صدمة و الذي يمكن أن يؤدي إلى صعوبة المظاهاة مع العينة المخزونة. علاوة على ذلك، قد لا تكون معلومات شكل اليد ثابتة خلال فترة نمو الأطفال. بالإضافة إلى ذلك، و على سبيل المثال، أرتداء الخواتم أو الحلقات أو التهابات المفاصل قد يكون لها تأثير و قد يشكل تحديات إضافية في استخراج المعلومات الصحيحة لشكل اليد. نظرًا لأن قياسات شكل اليد أكثر تعقيداً, فقد يكون تركيب قاعدة بيانات بايومترية باهظ الثمن .
• قزحية العين: القزحية هي الجزء الملون على شكل كعكة دائرية من العين خلف القرنية ويحيط بالبؤبؤ. نمط قزحية الشخص فريد من نوعه ويظل دون تغيير طوال الحياة. كما أن القزحية، المغطاة بالقرنية، محمية بشكل جيد من التلف، مما يجعلها جزءًا مناسبًا من الجسم للتحقق من الهوية. ولهذا السبب أستخدام هذه السمة لتحديد هوية الفرد يعتبر موثوق ودقيق مع معدلات تطابق كاذبة منخفضة للغاية. ومع ذلك، فإن لها بعض العيوب، مثل أنه يمكن حجب قزحية الشخص بسهولة عن طريق الرموش والجفون والعدسات والانعكاسات من القرنية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون موضع العين مشكلة، الأمر الذي يتطلب الحاجة إلى أجهزة متخصصة وبالتالي يمكن أن يكون استخدامها مكلفًا.
٢. السمات البشرية السلوكية: و تشير إلى نمط أو سلوك الفرد عند أداء مهام معينة، اي ما يفعله الإنسان ويؤديه. و هذه السمات عادة ما تميل إلى التغيير بمرور الوقت وبطبيعتها الزمنية. من المهم الإشارة إلى أن الفرضية المتعلقة بأستخدام السمات البشرية السلوكية هي أن المجرمين يمتلكون في كثير من الأحيان سمات وسلوكيات نفسية مميزة يمكن أن تسلط الضوء على دوافعهم. عادة لا تكون سمة واحدة كافية لتمييز شخص ما عن الآخر، ولكن قد تكون مجموعة من السمات كافية لجعل المتهم في وضع الأشتباه نتيجة قلة الأقتناع ببعض الحقائق أو التصرفات أو الدوافع، كما قد تكون مكملة لغيرها عندما تكون أدلة ألاثبات أو النفي ألاخرى غير كافية لإثبات أو نفي الواقعة او الجريمة أو الشيء محل النزاع والتي قد تسمح بفتح باب التحقيق او قد تخول المحقق بالتعمق فيها. هناك أنواع عديدة من السمات السلوكية، فيما يلي بعض الأنواع الشائعة و منها: الصوت، المشية، التوقيع، نمط و أسلوب الكتابة، الضغط على لوحة المفاتيح.
• الصوت: يشير الى تحليل خصائص الصوت البشري أو الخصائص الصوتية الفريدة للفرد مثل التردد و تدفق درجة الصوت و اللهجة الطبيعية و كيفية نطق الشخص للكلام. ثم بعد ذلك يتم تحديد هوية الشخص المجهول أو المتهم من خلال مقارنة العينة الصوتية المخزونة في قاعدة البيانات مع صوت واحد أو أثنين من المشتبه بهم المحتملين. أحد العيوب الرئيسية لهذه السمة هي تأثرها بالظروف أو العوامل البيئة. مظاهاة البصمة الصوتية لا تصلح للاستخدام في الظروف البيئية القاسية مثل مستويات الرطوبة العالية و درجات الحرارة العالية. و العينة الصوتية قد لا تكون دقيقة إذا كان صوت الشخص مشوهًا بسبب الرياح أو ضوضاء الخلفية. هذه العوامل يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، وإذا ما تم إغفال أحدها، فإن جودة مظاهاة البصمة الصوتية ستتأثر بشكل كبير. علاوة على ذلك، تسبب بعض الحالات المرضية مثل نزلات البرد والحالات العاطفية وألانفعالية وما إلى ذلك أو الحالات الطبيعية مثل التغيير التدريجي للصوت مع تقدم العمر تغيُّراتٍ في صوت الشخص أو نمط كلامه مما يجعل التعرف المطلق على هوية الشخص صعبًا أو مستحيلًا.
• التعرف على المشية: هو عملية تحديد هوية الأفراد من خلال خصائص أو أشكال أجسامهم؛ أي من خلال طريقة مشيهم أو من خلال حركتهم أثناء الجري حتى مع إدارة ظهورهم أو تغطية وجوههم. تعتبر هذه السمة مفيدة حيث لا يمكن خداع منظومة تحليل المشي بمجرد العرج، أو المشي بأقدام متباعدة أو الانحناء إلى الأمام، لأن منظومة الكشف و تحقيق الهوية تقوم بتحليل جميع ميزات الجسم بأكمله. على الرغم من أن طريقة مشي ألانسان هي سمة بشرية مفيدة، ولكنها ليست خالية من القيود. فقد يغير الفرد مشيته عند المشي في مكان مزدحم، على سبيل المثال. وحتى صحة الفرد وملابسه وزوايا رؤية الكاميرا قد تغير أو تحجب نمط مشية الشخص وبالتالي تؤثر على دقة التعرف. و بعبارة أخرى، تكمن مشكلة التعرف على المشية في أن حركة الإنسان تتأثر بعدة عوامل مثل طول الخطوة، السرعة، زاوية القدم، نوع القماش أو الحذاء الذي يرتديه الفرد، سطح المشي أو الحالة الصحية، مما يقلل من القدرة على التعرف على الشخص في حالة المشي.
• التوقيع: التعرف على هوية الشخص من خلال تحليل أسلوب خط يده، وخاصة توقيعه. و ذلك يتضمن تسجيل ألانماط السلوكية التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من عملية إنشاء التوقيع أو من ميزات التوقيع مثل الوقت وحركة القلم والضغط عليه والسرعة وأتجاه الضربات ومسار التوقيع والحجم، وتعيين أوزان مختلفة لها و من ثم تخزينها وأستخدامها لأغراض المظاهاة و المقارنة عند الحاجة. ومع ذلك، فإن هذه السمة لها بعض العيوب في تحديد هوية الشخص. تكمن المشكلة في التوقيع في أن التوقيعات تتغير مع مرور الوقت وتتأثر بالظروف الجسدية والعاطفية للموقعين مثل المرض أو الحالة العاطفية للفرد أو شعوره. كما تختلف توقيعات بعض الأشخاص بشكل كبير: فحتى الطبعات المتعاقبة لتوقيعهم تختلف بشكل كبير؛ أي أنه يمكن لنفس الشخص التوقيع بطرق مختلفة.
• أسلوب الكتابة: هذه السمة تهدف الى التعرف على الأشخاص من أسلوب الكتابة (مثل حجم الخط، شكل الحروف، ميل الحروف، فجوة الخطوط، ميل الخط، التدفق، الضغط على القلم، أستخدام الحروف الكبيرة، كتابة حروف محددة، أختيار الكلمات، وبنية الجملة، والنحو وعلامات الترقيم و غيرها). أن خط يد الفرد في أي لحظة يمكن أن يعكس حالته المزاجية و يحدد شخصيته. و يتم ذلك عن طريق تحليل أنماط أو خصائص خط اليد المتكررة المهمة، أي عادات خط اليد في الكتابة المشكوك فيها ومقارنة هذه الخصائص وتقييمها في الكتابة المعروفة. إذا تم ملاحظة أوجه تشابه كبيرة دون اختلافات، فقد يؤدي هذا إلى تحديد خط اليد و بالتالي تحديد هوية صاحب الخط.
• ضغطة أزرار لوحة المفتاح: هي تلك الطريقة التي يضغط أو ينقر فيها الفرد على أزرار لوحة المفاتيح الرقمية (الكيبورد) أثناء الكتابة على الكومبيوتر. وسواء كانت طريقة النقر على ألازرار بقوة شديدة أو بليونة، فإن الطريقة التي يكتب بها الفرد يمكن أن تفصح عن هويته من خلال خصائص ضغطات المفاتيح أو خصائص الكتابة مثل الفجوات الزمنية بين الحروف التي يكتبها، الوتيرة والإيقاعات وطريقة الكتابة على لوحة المفاتيح و التي يُعتقد أنها فريدة من نوعها بالنسبة لشخصية الفرد وسلوكه، وبالتالي يصعب تكرارها. عدم ثبات الشخص في نمط النقر أو الضغط على ألازرار ربما يكون أحد أكبر عيوب التعرف على ضغطات المفاتيح وذلك بسبب عدد من العوامل. ويشمل ذلك الإصابات الجسدية للأصابع، والتعب الجسدي، وعدم الاهتمام عند الكتابة أو حتى استخدام لوحة مفاتيح كمبيوتر مختلفة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أعتبار ضغطة المفاتيح أقل ملاءمة لتحديد الهوية لأن عملية تجميع عينات دقيقة للأفراد قد يستغرق وقتًا وجهدًا كبيرين بالأضافة الى التكلفة المرتفعة التي تترتب على ذلك.
وأخيرًا، وخلاصة القول، الهوية هي مزيج من "السمات البشرية الجسدية و السلوكية" التي تخص الشخص. ولغرض تحديد هوية الشخص يتم قياس هذه السمات و تخزينها في قاعدة بيانات بايومترية جنائية. القياسات الحيوية أو ما يسمى بالتحليل البايومتري هو القياس والتحليل الإحصائي للخصائص او السمات الجسدية والسلوكية الفريدة للأشخاص. تعالج القياسات الحيوية الجسدية السمات مثل الحامض النووي، بصمة الإصبع، اليد، أو القزحية و غيرها، بينما تعالج القياسات الحيوية السلوكية السمات مثل الصوت، أسلوب الكتابة، طريقة المشي، التوقيع، ضغطات المفاتيح و التي يقوم بها الشخص عند الكلام، أو الكتابة أو التوقيع، وأنماط التنقل والمزيد. بشكل عام، السمات الجسدية ثابتة - حيث يتقدم الجسم في السن، لكن خطوط أوردة راحة اليد لن يتغيير نمطها. لن يتغير الشكل العام لوجه الانسان وخصائصه بدرجة لا يمكن التعرف عليه مما يجعلها تتيح التحقق من الهوية بشكل دقيق وسريع دون الحاجة إلى وسائل تعرف أخرى. السمات السلوكية تحتاج الى مراقبة و تحديث بأستمرار حيث يمكن أن تتغير سلوكيات الفرد بمرور الوقت، لذلك من الضروري مراقبة السمات السلوكية وتحديثها بأستمرار لضمان بقائها ذات صلة ودقيقة. عادة لا تكون سمة سلوكية واحدة كافية لتحديد هوية شخص ما عن الآخر، ولكن قد تكون مجموعة من السمات كافية لتحديد أحتمالية معينة ما إذا كان الشخص الذي أرتكب فعل ما هو نفس الشخص الذي حدد سلوكه وأنماط الحركة الأساسية. إذا كانت أنماط الشخص وسلوكياته تتطابق مع ما هو متوقع، فقد يوفر ذلك اساسا للبحث عن دليل أو أدلة أخرى و تكون سببا لطرح أسئلة إضافية على ذلك الشخص (الشاهد او المشتبه به) كما يمكن أن تعيد مسار التحقيق بهدف أيجاد دليل. و على جهاز الشرطة الذي يصمم و يطور و يستخدم قاعدة بيانات جنائية تستخدم تكنولوجيات القياسات الحيوية أو البايومتري الالتزام بجميع القوانين المعمول بها وأحترام حقوق الإنسان و مبادئ الشرعية والتناسب والضرورة.
#رفعت_احمد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تعقيب على مقال الدكتورة آنا سيرجي -القضاة الإيطاليون يفصلون
...
-
توثيق مسرح الجريمة في التحقيق الجنائي: (2) التصوير المرئي (ا
...
-
توثيق مسرح الجريمة في التحقيق الجنائي: (1) التوثيق بالكتابة
-
التغيير الاجتماعي و معدلات الجريمة في العراق
المزيد.....
-
الأمم المتحدة تطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة وتدعم الأو
...
-
الأمم المتحدة تتبنى قرارا بوقف فوري لإطلاق النار في غزة
-
سفير ايران بالامم المتحدة يدعو الى اعادة النظر في عضوية الكي
...
-
الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تدعو للتحقيق في سلوك قوات الأمن
...
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تصوت لصالح قرار يطالب بوقف إطلا
...
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تتبنى قرارا داعما للأونروا
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قراراً يدعو لوقف إطلاق نا
...
-
الأمم المتحدة تعتمد مشروعي قرارين لوقف إطلاق النار بقطاع غزة
...
-
الأمم المتحدة تتبنى قرارا بوقف إطلاق النار في غزة فورا
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تطالب بوقف إطلاق النار في غزة ب
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|