أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بهجت العبيدي البيبة - في أسر الأسطورة: العقل العربي والإسلامي بين الماضي وتحديات الحاضر














المزيد.....

في أسر الأسطورة: العقل العربي والإسلامي بين الماضي وتحديات الحاضر


بهجت العبيدي البيبة

الحوار المتمدن-العدد: 8183 - 2024 / 12 / 6 - 13:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في عمق المجتمعات العربية والإسلامية، يتشابك الواقع مع الأسطورة، حيث تتوارث الأجيال قصصًا ومعتقدات تتجاوز حدود المنطق والعقل. ليس التفكير الأسطوري مجرد إرث من الماضي أو انعكاسًا لحكايات قديمة؛ بل هو ظاهرة حية تتجسد في وعي الناس وتصوراتهم حول الواقع وشخصياته المحورية. هذا النمط من التفكير لم يُبقِ العقل العربي أسيرًا لأساطير تاريخية فقط، بل سمح بظهور أساطير جديدة حول قادة وزعماء معاصرين، مثل عمر سليمان، وصدام حسين، ومعمر القذافي، وحسن نصرالله. هؤلاء وغيرهم أصبحوا رموزًا أسطورية، يُنسج حولهم تصور جمعي بأنهم يتحدون الموت أو يستمرون في الظل يُديرون الأحداث، رغم أن حقائق وفاتهم واضحة لا تقبل الجدل.

هذه الظاهرة ليست عشوائية أو وليدة الصدفة، بل تعكس توقًا جماعيًا للعثور على القوة والقيادة في مواجهة أزمات متوالية. حينما تخفق المجتمعات في إيجاد حلول لأزماتها، تصير الأسطورة ملاذًا نفسيًا، بديلاً عن مواجهة حقائق محبطة.

الهروب إلى الرموز: بين الإنكار والبحث عن الأمل

الهزائم المتكررة على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية تترك بصمة عميقة في نفسية المجتمعات. في مثل هذه الظروف، ينشأ شعور بالعجز عن الفعل، مما يدفع إلى البحث عن تفسير خارق للأحداث أو عن أبطال يحملون شعلة الخلاص. هذا التوجه له جذوره في ميكانيزمات دفاع نفسية عميقة، حيث يصبح الإنكار وسيلة لحماية الذات من مواجهة العجز، ويصبح الأمل في ظهور "المنقذ الأسطوري" مبررًا للاستسلام للوضع الراهن.

تأثير الأسطورة على المجتمعات لا يقتصر على الخيال الشعبي، بل يمتد ليُعيد تشكيل الوعي الجمعي، محولًا الحاضر إلى مساحة زمنية مؤقتة في انتظار تدخل خارق. مثل هذا الوعي قد يظهر في تمجيد الماضي والعودة إلى الرموز التاريخية كحلول رمزية، مما يُعطل التفكير في الحاضر والمستقبل.

حينما يغدو الماضي قيدًا على الحاضر

الثقافة العربية والإسلامية تفيض بحكايات تُصور القادة والأبطال بوصفهم فوق البشر، قادرين على تجاوز المألوف. هذه السرديات تمتد من القصص الدينية، مثل انتظار المهدي المنتظر، إلى الأساطير السياسية التي تُعيد إنتاج صورة القائد الملهم، كصدام حسين أو معمر القذافي. تلك الصور تُكرس هالة من العظمة حول الشخصيات، تجعل من التفكير العقلاني عملية مُرهقة أو غير ذات جدوى.

لكن هذا التشبث بالماضي لا ينشأ من فراغ؛ إنه جزء من محاولة نفسية جماعية لاستعادة إحساس بالسيطرة في عالم تزداد فيه التحديات. ومع ذلك، يُمثل هذا النمط من التفكير حجر عثرة أمام المجتمعات، إذ يكرس الجمود بدلًا من الحراك، ويُعطل مسار البحث عن حلول واقعية للمشاكل.

الخروج من أسر الأسطورة: مفاتيح التغيير

تحرير المجتمعات من أسر التفكير الأسطوري يتطلب نهجًا متعدد المستويات يبدأ من الوعي وينتهي بالعمل الجمعي. التعليم هو الخطوة الأولى؛ فهو أداة قوية لتفكيك المعتقدات غير المنطقية وتدريب العقول على النقد والتحليل. كما أظهرت التجربة الأوروبية في عصر التنوير، يمكن للوعي النقدي أن يقلب الموازين وينقل المجتمعات من الركود إلى النهضة.

الشجاعة في مواجهة الواقع تأتي في المرتبة الثانية. الاعتراف بالمشكلات بدلًا من الهروب منها يُعد الخطوة الأولى نحو التغيير. فالزعماء الذين يُلهمون شعوبهم بالعمل بدلًا من الاعتماد على معجزات الأساطير، كما فعل نيلسون مانديلا في جنوب إفريقيا، يقدمون نموذجًا لقيادة حقيقية تُلهم الناس لتحقيق مصيرهم بأنفسهم.

الثقة بالنفس تُكمل هذه المعادلة. الإنجازات الصغيرة، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، تُعيد تشكيل الوعي الجمعي، وتبني إحساسًا بالقوة والقدرة على تحقيق الأهداف. المبادرات المحلية، مثل تحسين التعليم أو دعم المشاريع الصغيرة، تخلق نموذجًا للتغيير التدريجي الذي يُثبت أن التغيير ممكن من الداخل.

بين الخيال والواقع: نحو أفق جديد

إننا نذهب إلى أنه رغم عمق التفكير الأسطوري في الثقافة العربية والإسلامية، إلا أنه ليس قدرًا محتومًا. بل إنه انعكاس لحالة نفسية وثقافية يمكن تجاوزها من خلال تعزيز التعليم، وتطوير التفكير النقدي، وبناء الثقة بالنفس. عندما تتخلى المجتمعات عن التعلق بالأساطير، تتحرر من قيود الماضي وتنطلق نحو مستقبل يصنعه الجهد والإبداع، لا الخيال والانتظار. وكما قال المفكر مالك بن نبي: "إن مشكلة أي أمة تبدأ من أفكارها".



#بهجت_العبيدي_البيبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في العالم المتقدم: الحسد خرافة تم تفكيك أسطورتها
- العقول التي صنعت المجد: العلماء والفلاسفة والأدباء قادة الحض ...
- إنترنت الأشياء: عصر جديد من الترابط الذكي في حياتنا اليومية
- ابن خلدون: أعجوبة مازال تأثيرها حاضرا
- المطبعة التي لم تصل: انغلاق رجال الدين يعيق تقدم المجتمع
- في الحب نكتب: سر الحياة وملاذ القلوب
- التعليم في مصر والعالم العربي: يجب نسف أسلوب التلقين
- كهف أفلاطون ومأساة المستنير في كل العصور
- في الحداثة .. مساهمة شرقية قديمة
- لا أوْلويّة تسبق أولوية التعليم والبحث العلمي
- العقل المحرر يرفض الأوهام والخرافات!
- على هامش مباراة السوبر.. من شعب مصر: شكرا دولة الإمارات
- عن منتخب مصر.. الخسارة المحزنة والفوز المفرح.. نظرة تحليلية!
- هل يشهد مطار القاهرة قداس صلاة!؟
- قداس صلاة بمطار القاهرة الدولي!
- أزمة الدولار في مصر ومبادرة النائبة غادة عجمي
- النادي المصري بفيينا يستعيد القمة!!
- عبر الحوار المتمدن ... دعوة لنواب المصريين بالخارج للم الشمل ...
- حول مستشفى مجدي يعقوي .. سؤال يعكس عمق الأزمة!!
- -فصل- النهضة التونسية


المزيد.....




- استقبلها الآن بأعلى جودة .. تردد قناة طيور الجنة 2025 الجديد ...
- اللواء سلامي: أضطررنا لحشد طاقات العالم الاسلامي لمنع انتشار ...
- سلامي: ايران وبتصديها للتيارات التكفيرية قدمت خدمة عظيمة للإ ...
- اللواء سلامي:التصدي للتيارات التكفيرية خدمة عظيمة قدمتها اير ...
- اللواء سلامي: التكفيريون في الواقع نموذج غربي لردع النفوذ ال ...
- اللواء سلامي: التكفيريون في الواقع نموذج غربي لردع النفوذ ال ...
- لوباريزيان: سجن 3 طلاب أرادوا إنشاء دولة إسلامية بفرنسا
- “هالصيصان شو حلوين”.. اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ...
- “شاور شاور”.. استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ال ...
- قصة الاختراق الكبير.. 30 جاسوسا معظمهم يهود لخدمة إيران


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بهجت العبيدي البيبة - في أسر الأسطورة: العقل العربي والإسلامي بين الماضي وتحديات الحاضر