أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله عطوي الطوالبة - هل كان المسلمون الأوائل يقدمون الدين على السياسة؟!














المزيد.....

هل كان المسلمون الأوائل يقدمون الدين على السياسة؟!


عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8183 - 2024 / 12 / 6 - 10:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الجواب لدى الفكر الديني السائد في مجتمعاتنا بمختلف تشكيلاته، "نعم" قاطعة جازمة، قد تسبقها تعويذة. أما السبب، فيكمن في الخشية من الإقرار بوجود سند في موروثنا يمكن البناء عليه لشرعنة العالمانية، التي تعني ضمن أمور عدة فصل السياسي عن الديني. ونحن نرى عكس ما يراه الفكر الديني، فنقول بلسان عربي مبين إن مسلمي الصدر الأول أعطوا الأولوية للدنيوي على الأخروي، في مواقف كثيرة الى حد استباحة ما يفترض فيه أن يكون مقدساً. لنحتكم الى موروثنا نفسه، نتخير منه ثلاثة أدلة تثبت ما نقول، مع أن في خزانه الكثير.
الدليل الأول تقدمه اثنتان من زوجات النبي، هما من هما على صعيد النسب والنفوذ، ونعني، عائشة بنت أبي بكر وحفصة بنت عمر بن الخطاب. يروي الطبري أنه لما ثَقُل على النبي، في مرضه الذي مات فيه، وأراد أن يوصي فيما يبدو قال: "ابعثوا إلى علي فادعوه". فقالت عائشة: " لو بعثت إلى أبي بكر". وقالت حفصة: "لو بعثت إلى عمر". بطبيعي الأمر، لم يخفِ على النبي أن كلاً منهما ترشح أباها، دون علي، لخلافته، ولهذا غضب النبي وقال: "إنكن صواحب يوسف". لنتأمل المشهد. حرمة المقدس يفترض أن تبلغ أسمى مراتبها، في الساعات الأخيرة من نزع الرسول، في مرضه الذي مات فيه، لكن الحسابات البشرية عندما تواجه الآمر السياسي مع الآمر الديني، لا تتردد في تغليب الأول على الثاني.
(الطبري: تاريخ الرسل والملوك، تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم، دار المعارف، القاهرة 1969، ج3، ص 196).
الدليل الثاني: اجتمع كبار الصحابة، وعلى رأسهم عمر بن الخطاب، يوم الخميس السابق بأربعة أيام لوفاة النبي، فدب فيهم التنازع وهم عند وسادته. وكانت خلافته موضع خلافهم. يروي ابن سعد في طبقاته عن ابن عباس أنه قال: "يوم الخميس وما يوم الخميس، اشتد برسول الله (ص) وجعُه في ذلك اليوم فقال: ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا. قال: فقال بعض من كان عنده: "إن نبي الله ليهجر". (ابن سعد: الطبقات الكبرى، طبعة دار صادر المصورة، ج2، ص 242. هجر: اختلط كلامه بسبب المرض).
وفي رواية ثانية يوردها ابن سعد نفسه عن ابن عباس أنه قال:" لما حضرت رسول الله الوفاة، وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، فقال رسول الله (ص): هلمّ أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده! فقال عمر: إن رسول الله قد غلبه الوجع(المرض) وعندكم القرآن. حسبنا كتاب الله. فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول قرِّبوا يكتب لكم رسول الله، ومنهم من يقول ما قال عمر. فلما كثر اللغط والاختلاف وغمّوا رسول الله، فقال: قوموا عني! فقال عبيدالله بن عبدالله: فكان ابن عباس يقول: الرزية الرزية ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم".(ابن سعد، المرجع السابق، ص244). الرزية، أي الملابسات التي أحاطت بقيام مؤسسة الخلافة وحكمت عليها بصراعات دموية، موثقة في مراجعنا التاريخية لمن يريد أن يقرأ ويفهم ما يقرأ. المهم أن يقرأ بالعقل وليس بالعواطف وهالات التقديس. بطبيعي الأمر، الخلافة أمر سياسي مصلحي دنيوي، لم يأمر بها القرآن، ولم تُذكر في آية أو حديث، بل هي اجتهاد بشري سياسي محض.
الدليل الثالث: مداولات السقيفة لإختيار خليفة النبي بعد وفاته. تفاصيل ما حصل في اجتماع سقيفة بني ساعدة مدونة في مصادر تاريخية عدة، من اهمها: رواية ابن سعد، ورواية الطبري، وهي أحدث الروايات وأكثرها تهذيبا، ورواية ابن قتيبة وهي أكثرها تفصيلا. قبل أن يدفن النبي، بل وحتى قبل أن يُغسل ويُكفن، تداعى قادة الأنصار من أوس وخزرج، الى الاجتماع في سقيفة بني ساعدة لاختيار خليفة النبي من بينهم، في ظل غيبة المهاجرين المشغولين بموت الرسول. لكن المهاجرين تنبهوا لما يدبره الأنصار، فسارعوا وعلى رأسهم أبو بكر وعمر يقتحمون على الأنصار سقيفتهم. التفاصيل موجودة في المراجع التاريخية التي ذكرنا، وكلها تقدم لنا نموذجا مبكرا على أولوية السياسة على الدين عند كبار الصحابة في صدر الاسلام، وعلى التوظيف السياسي للدين، وعلى تحكيم السياسة بالإمامة بدلاً من تحكيم الإمامة بالسياسة. للتذكير فقط، استنادا الى مراجعنا التاريخية: في سقيفة بني ساعدة، رفضت قريش مبدأ تداول السلطة الذي اقترحه الأنصار(منا أمير ومنكم أمير)، كما رفضت قريش أيضا مبدأ المشاركة في السلطة (منكم الأمراء ومنا الوزراء). ولئن يكن أبو بكر قد حرص خلال مداولات السقيفة على اعتماد لغة الدبلوماسية، فإن عمر، لم يتردد في استخدام لغة المواجهة والتحذير. لنتأمل بعض ما ينسبه الرواة لعمر عندما اشتد الجدل بخصوص خلافة النبي(السلطة السياسية): "والله لا ترضى العرب أن تؤمِّرُكم ونبيها من غيركم، ولكن العرب لا ينبغي أن تولي هذا الأمر إلا لمن كانت النبوة فيهم، وأولو الأمر منهم، لنا بذلك على من خالفنا من العرب الحجة الظاهرة والسلطان المبين. لا ينازعنا سلطان محمد وميراثه، ونحن أولياؤه وعشيرته، إلا مُدلٍ بباطل، أو متجانفٍ لإثمٍ، أو متورط في هلكة".
اذن هو صراع على السلطة السياسية، لا يتردد في توظيف رمزية النبوة والانتماء العشائري لخدمة السياسة. وفي رفض قريش لمبدأي تداول السلطة أو المشاركة فيها، يمكننا وضع الإصبع على جذور نزوع العقل السياسي العربي إلى احتكار السلطة حتى يوم الناس هذا. وبمقدورنا أيضاً الإشارة الى أسباب الفشل في ايجاد حل لإشكالية السلطة السياسية في واقعنا العربي دون بني البشر أجمعين، رغم ما سُفِك على مذبحها وما يزال يُسفك من دم غزير!!!



#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرجعيات الإبادة العرقية في السرديتين الغربية والتوراتية الصه ...
- من وحي كابوس يحدث على الأرض !
- في ضوء ما يجري في حلب وادلب
- هل من أساس لشرعية دينية للحاكم في الإسلام؟!
- ما أصعب الحياة من دون نصفنا الآخر !
- متى يتخطى الإعلام الأردني أسلوب الفزعة؟! حادث الرابية مثالًا
- الكيان يعربد ويقتل لكن هزيمته ممكنة
- هكذا هم الأقوياء يا بني قومي !
- وهمُ الدين الصحيح !!!
- الاسلام السياسي في تركيا وعند العرب
- المقاومة تفرض إيقاعها
- يخافون اسرائيل أكثر من عزرائيل !
- قمة الضعف وقلة الحيلة
- ليبيا تعلن فرض الحجاب !
- الإحتجاج بالنص الديني دليل أزمة وجودية
- قراءة في كتاب -الحرب- (4) والأخيرة. عرب يدافعون عن اسرائيل ع ...
- حكماء العرب
- قراءة في كتاب -الحرب- (3) من المسؤول عن جرائم الإبادة في غزة ...
- الغراب !
- قوة الصحافة في الحرية والمعلومة. قراءة في كتاب -الحرب- (2)


المزيد.....




- لوباريزيان: سجن 3 طلاب أرادوا إنشاء دولة إسلامية بفرنسا
- “هالصيصان شو حلوين”.. اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ...
- “شاور شاور”.. استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ال ...
- قصة الاختراق الكبير.. 30 جاسوسا معظمهم يهود لخدمة إيران
- بالفيديو: خطاب قائد الثورة الإسلامية وضع النقاط على الحروف
- السفير الديلمي: كل بلدان العالم الاسلامي مستهدفة
- مقتل وزير اللاجئين في حركة طالبان الأفغانية بانفجار في كابول ...
- المرشد الأعلى الإيراني: الولايات المتحدة والنظام الإسرائيلي ...
- المرشد الأعلى في إيران يعلق على ما حدث في سوريا
- بابا الفاتيكان يوجه رسالة للقيادة الجديدة في سوريا


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله عطوي الطوالبة - هل كان المسلمون الأوائل يقدمون الدين على السياسة؟!