|
الموافقة الأمريكية والرغبة الإيرانية قتلتا صداما !
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 1785 - 2007 / 1 / 4 - 12:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
صار المشاركون في عملية إعدام صدام ، الذين توزعوا ما بين حكومة الولايات المتحدة ، والحكومة الإيرانية ، ثم حكومة الاحتلال الرابعة في العراق ، يرمون بعضهم البعض بتهمة تلك العملية المفزعة ، وما رافقها من تصرفات مشينة تنم عن بدائية ، ووحشية من نفذها في وقت صار الإنسان المتحضر يأنف من قتل طير أو حيوان ، والى الحد الذي وصل معه هذا الإنسان في دولة كالسويد مثلا الى أن يحتج بقوة على إنسان آخر يلبس فرو حيوان من الحيوانات بغض النظر عن الطريقة التي مات فيها ذاك الحيوان ، أو الى الحد الذي صارت السيارات فيه تتوقف عن السير تماما في حال عبور طير من فصيلة طائر الوز مشيا على الإقدام شارعا ما في المدن السويدية ، تلك الطيور التي تسير جنبا الى جنب مع الإنسان في السويد ، ومن دون وجل وخوف من أن يفتك بها هذا الإنسان ، مثلما هي الحال في بلدان الشرق ، أو مثلما هي الحال في العراق حيث يكون الموت هو مصير ذلك الطائر حتى لو كان بعيدا ، معلقا في عنان السماء. بدائية القتل تلك التي تعرض لها صدام ، والتي نقلتها شاشات التلفزيون في العالم ، هي التي هزت ضمير الناس ، وأغضبت الرأي العام العالمي ، فراح يندد بمقترفيها أيما تنديد ، وبات التعاطف مع المقتول ، رغم أنه قاتل ، حقيقة واقعة في أكثر من بلد ، وبشاكلة ألزمت فيها معلمتان هنديتان حاملتان نفسيهما بقسم هو أن تطلقا على ولديهما ، إن رزقتا بولدين ، اسم : صدام ، وكان دافعهما في ذلك على حد قولهما : إن صداما مشى الى الموت كالأسد . بدائية القتل هذه هي التي جعلت امرأة مسؤولة في الدولة السويدية أن تصف تلك العملية بالعملية المقززة ، ثم ذرفت الدموع أمام أنظار المشاهدين ، وهي تدلي بحديث عن تلك البدائية . بدائية القتل هذه هي التي جعلت العرب الشيعة سكنة مدينة الدجيل ، الذين حُوكم صدام وأعدم من أجلهم ، مثلما ادعت أمريكا ، وحكومتها في العراق ، أن يقيموا مجالس العزاء على روح صدام ، وقد كان هؤلاء المعزون من قبيلة الخزرج العربية الشيعية التي أفصح واحد منهم ، المدعو أبو حيدر ، عن سبب تلثمهم في مجلس العزاء ذاك ، وفي العهد الديمقراطي الأمريكي في العراق ! قائلا ( طلب منا أن نغطي وجوهنا خوفا من الانتقام ومن الخونة في ايران وميليشياتهم في بغداد . ) بدائية القتل هذه ، وبعد ردود الفعل الغاضبة التي اجتاحت العالم ، هي التي جعلت الأطراف المشاركة في عملية إعدام صدام يلقي بعضهم بالمسؤولية على البعض منهم ، مثلما أشرت الى ذلك قبلا ، وعلى شاكلة صبية لم يحلهم من العقل وقار ، ونسوا من أنهم حكام العراق في العهد الأمريكي بامتياز ، فجلال طالباني نأى بنفسه عن تلك البدائية ، معللا ذلك بانتماء حزبه ، الاتحاد الوطني الكردستاني ، الى منظمة الاشتراكية الدولية التي تعارض بلدانها ، وفي المقدمة منها فرنسا ، الإعدام تحت أية ذريعة كانت ، وهي في ذلك تنهج نهج الكنيسة الكاثوليكية التي ترى أنه لا يمكن للمرء أن يعالج جريمة بجريمة أخرى . لقد ظل رئيس الجمهورية في العراق ، جلال طالباني ، مصرا على موقفه هذا حتى بعد أن أذاعت وكالة الأنباء الإيرانية خبرا مفاده أن جلال طالباني ، رئيس الجمهورية في العراق ، قد أعلم محمود أحمدي نجاد ، رئيس الجمهورية الإيرانية ، من أنه عُجل بإعدام صدام خوفا من هروبه من السجن ، وهي الإشاعة التي أطلقتها المخابرات الإيرانية في الأساس ، وليس الأمريكان مثلما يدعي البعض . ولكن ناطقا باسم جلال الطالباني قد رد على تلك الوكالة بالآتي : ( بعد ان نشرت وكالة ارنا الايرانية الرسمية خبراً مفاده ان الرئيس العراقي جلال طالباني قال في مكالمة هاتفية اجراها مع نظيره الايراني محمود احمدي نجاد: انه تم تعجيل اعدام صدام حسين بسبب وجود مخاوف لهروبه من السجن بتواطؤ من جهات امريكية, حيث نفى مصدر من مكتب الإعلام المركزي للإتحاد الوطني الكوردستاني في تصريح خاص لـ PUKmedia اليوم 2/1 هذا الخبر, واكد على ان هذه التصريحات بعيدة كل البعد وعارية عن الصحة, وقال المصدر: اتصلنا بسكرتارية الرئيس العراقي جلال طالباني واكد لنا بانه في الاتصال الهاتفي الذي جرى بين الرئيس العراقي ونظيره الايراني لم تجر مثل هذه المحادثات. واوضح المصدر بأن الرئيس العراقي جلال طالباني لم يكن على علم بزمان ومكان ويوم اعدام صدام حسين كي يصرَّح بمثل هذه التصريحات. ) لقد أرادت إيران من خبرها ذاك هو تعليق أمر إعدام صدام برقبة رئيس الجمهورية في العراق ، جلال طالباني ، وذلك من أجل دفع تهمة بدائية القتل ، التي أظهرتها للعالم صور إعدام صدام ، عن عملائها في العراق ، وذلك بعد أن كان الكثير من المسؤولين الإيرانيين يلحون على عملائهم في العراق بوجوب تنفيذ حكم الموت ، ليس بصدام فحسب ، وإنما بحق كل ضابط وجندي شارك في القتال ضد إيران على مدى ثماني سنوات من الحرب ، ولهذا قتلت المخابرات الإيرانية وعملاؤها في العراق أكثر من ضابط عراقي شارك في الحرب ضد إيران ، وبغض النظر عن مذهب هذا الضابط ، سواء أكان شيعيا عربيا أم سنيا عربيا كذلك ، وهذا ما أجبر رئيس الجمهورية في العراق ، جلال الطالباني ، على أن يستضيف مئات الضباط العراقيين ، خاصة من الطيارين في مدينة السليمانية من كردستان العراق ، خوفا عليهم من القتل الذي كانت تنفذه فرق الموت الإيرانية في العراق ، وهذا بعد أن قتل أكثر من واحد منهم على يد تلك العصابات ، وفي أكثر من مدينة عراقية . من هؤلاء المسؤولين الإيرانيين ، الذي صرح علانية بوجوب التخلص من صدام على عجل ، ومنذ الأيام الأولى لمحاكمته ، هو آية الله جنتي ، فقد قال في أحدى خطب صلاة الجمعة ما يلي : يحب التخلص من صدام على وجه السرعة ، ثم ذكر عملاءهم في العراق ، والحاكمين من أبناء جلدتهم فيه ، بالطريقة الإسلامية التي ذبح بها عباس هويدي ، رئيس وزراء الشاه ، رضا بهلوي ، حيث عرض جنتي طريقة الذبح تلك قائلا : نحن أتينا بعباس هويدي وسألناه بعض الأسئلة ، ثم أفرغنا المسدس برأسه ! هذه الرغبة الإيرانية الجامحة هي التي عجلت بقيام الحفلة البدائية التي عرضت لها تلفزيونات الدنيا مشاهد مقززة ، مفزعة ، والتي تلاقت مع الموافقة الأمريكية التي عبر عنها الرئيس الأمريكي ، جورج بوش ، بتصريح يملؤه الفرح ونشوة المنتصر بإعدام صدام الذي حاول قتل والده من قبل كما يقول هو ، وهذا قبل أن يتراجع سفيره في العراق ، خليل زاده ، ويعلق مسؤولية حفلة إعدام صدام ومشاهدها الفزعة برقبة نوري المالكي ، رئيس الوزراء في العراق ، وذلك حين قال زاده : إنه طلب تأجيل تنفيذ حكم الإعدام مدة خمسة عشر يوما من المالكي ، ولكنه رفض ، ويستخف زاده بعقول الناس حين يقول ذلك ، فمن ذا الذي سلم صداما للذبح ؟ ولماذا أظهر رئيسك الدجال كل هذا الفرح ؟ يصمت خليل زاده عن أسئلة كهذه ، ولا يذكر لنا الثمن الذي قبضه مقابل ذلك ، والمتمثل برأس مقتدى الصدر وجيشه ، مثلما أخذ هذا يشيع في الأوساط الإعلامية الآن . ومثل خليل زاده فقد رمى المالكي بدوره مسؤولية حفلة الموت البدائية تلك ، رغم توقيعه على قرار التنفيذ ، على فتوى من المراجع في النجف ، أولئك الذين لم يكن أي واحد منهم ينتسب الى العراق ، أو الشعب العراقي ، لا من قريب ولا من بعيد ، فكبيرهم ، آية الله السستاني لازال للآن متمسكا بجنسيته الإيرانية ، ويرفض التجنس بالجنسية العراقية رغم مرور أكثر من خمسين سنة على إقامته بالعراق ، ويبدو أن المالكي صار لا يستطيع أن يوائم بين الجذب الإيراني ، وبين الشد الأمريكي ، فأعلن في حديث لأحدى الصحف الأجنبية ، وهي صحيفة : وول ستريت جورنال ، بأنه لن يرشح نفسه لولاية جديدة ، وأنه ، ربما ، لن يستطيع مواصلة عمله في ولايته الحالية التي انقضت منها سنة واحدة من سنوات أربع . وعلى ذلك يظهر أن المالكي عجز عن مواصلة عمله هذا برغم من أن نفرا من المنافقين قد لقبه بلقب : ستالين الدعوة ! مع البون الشاسع بين ستالين الذي قاتل الألمان النازيين حتى أخرجهم من بلاد السوفيت ، وطاردهم حتى أسقط عاصمتهم ، برلين ، بينما ارتضى المالكي لنفسه ، مثل غيره من حكام العهد الأمريكي في العراق ، أن يكون واحدا من طاقم أعضاء السفارة الأمريكية في بغداد ، بعد ذلك عاد هذا النفر المنافق ليلقبه بلقب آخر بعد إعدام صدام هو المختار الثقفي الذي ثأر للإمام الحسين عليه السلام من الأمويين كما يظن البعض ، بينما الحقيقة هي أن المختار ثأر لنفسه من الأمويين الذين أذلوه في السجن لسنوات ، ولكنه ثار ضدهم تحت شعار : يا لثارات الحسين ! من أجل أن يحرض أهل الكوفة على الثورة معه . وليعتبر هؤلاء المنافقون ، بعد ذلك ، بالمنافقين من العراقيين قبلهم ، أولئك الذين كانوا يهزجون ليل نهار : صدام اسمك هز أمريكا ! أو ليعتبروا برواية صدر الحفاظ ، أبو العلاء ، الحسن بن أحمد الهمداني ، وبعد عنعنة حين قال : ( دخلت على عبيد الله بن زياد ابن أبيه فرأيت رأس الإمام الحسين عليه السلام قدامه على ترس ، فما لبثت إلا قليلا حتى دخلت على المختار ، فرأيت رأس عبيد الله بن زياد ابن أبيه قدامه على ترس ، ثم لم ألبث إلا قليلا حتى دخلت على مصعب بن الزبير ، فرأيت رأس المختار قدامه على ترس ، ثم ما لبثت والله إلا قليلا حتى دخلت على عبد الملك بن مروان فرأيت رأس مصعب بن الزبير قدامه على ترس ! ! ) على أية حال لقد حولت الموافقة الأمريكية والرغبة الأمريكية صداما شهيدا بأعين الكثيرين ، والى الحد الذي صار به العراقيون يبحثون عن صورة له معلقة بالقمر في زمن الخرافات الذي حملته الدبابات الأمريكية معها الى العراق المذبوح . وا ويلتاه ! ثم وا ويلتاه ! كلمة قال جلجامش العظيم ، ملك العراق حين رأى الدود يتساقط من أنف صديقه البطل ، أنكيدو ، قاتل الثور السماوي المجنح ، وذلك بعد أن ذبحه الموت الذي أفزع الملك العظيم ، جلجامش ، تماما مثلما أفزعت حفلة الموت البدائية ، التي أقيمت لصدام ، قلوب الملايين من البشر .
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حصيلة إعدام صدام نبذ الشيعة !
-
هل تعدم أمريكا صداما ؟
-
عرب الأهوار ، الضيف والشاهد . 8
-
7عرب الأهوار ، الضيف والشاهد
-
( الغزال ( 1
-
تقرير جيمس بيكر- هاملتون : الفشل والانسحاب !
-
(عرب الأهوار ، الضيف والشاهد (6
-
عرب الأهوار ، الضيف والشاهد (5)ه
-
عرب الأهوار ، الضيف والشاهد(4)ه
-
عرب الأهوار ، الضيف والشاهد(3 )ه
-
( عرب الأهوار ، الضيف والشاهد ( 2
-
عرب الأهوار ، الضيف والشاهد*
-
أطلال الديمقراطية في العراق !
-
اقرؤوا هذه المقالة ثانية !
-
الشاعر الشيوعي يوسف أتيلا : 4
-
الفيدرالية تصعد من وتائر الموت في العراق !
-
وأخيرا بصق بوش عليهم !
-
الفيدرالية شرذمت الكتل قبل أن تشرذم الوطن !
-
الشاعر الشيوعي يوسف أتيلا:3
-
العشائر العراقية ترفض الفدرالية الإيرانية !
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|