|
المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، (الحلقة التاسعة)
مسعد عربيد
الحوار المتمدن-العدد: 8183 - 2024 / 12 / 6 - 10:40
المحور:
القضية الفلسطينية
(5) سمات المشروع الاستيطاني في فلسطين
ملاحظة في المصطلح: الاستعمار والاستيطان
ذكرنا سابقاً أن من أبرز الفوارق بين مفهومي الاستعمار والاستيطان، أن الاستعمار يسعى إلى الهيمنة والسيطرة على المُستعمَرة وثرواتها لخدمة مصالحه وفوائده الإستراتيجية والاقتصادية والسياسية. أمّا الاستيطان (خصوصًا في حالة الأوروبي الأبيض)، فهو استعمار بهدف الاستيطان وإعادة إنتاج النماذج الأوروبية لمجتمع المستوطنين في أراضٍ جديدة ليست لهم، ويختلقون الأكاذيب زاعمين أنها أراض "غير مأهولة". ومن هنا؛ فالنموذج الاستيطاني يؤكد: (أ) مركزية السيطرة على الأرض لدى المستعمِر المستوطن الذي جاء ليبقى دون عودة إلى بلده الأم. (ب) محورية الإبادة المادية والثقافية والسياسية والمجتمعية لأهل البلاد الأصليين لإفراغ الأرض من سكانها الأصليين. ▪️▪️▪️ ركائز المشروع الاستيطاني الصهيوني
ارتكز المشروع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين على الأركان التالية:
أ - الإيديولوجيا: أرست الصهيونية إيديولوجيتها، كما فعل من قبلها الأوروبي الأبيض، على أساس أن الفوارق بين الناس والشعوب والأعراق هي فوارق بيولوجية وحضارية وثقافية وعقلية. وقد استندت هذه الرؤية العنصرية إلى ما يُسمى "نظرية" تفاضل الأعراق والأجناس البشرية، وهي بالمناسبة، الأساس العنصري ذاته الذي تبنته النازية الألمانية لاحقاً: تفوُّق العرق الآري على الأجناس البشرية الأخرى وخصوصًا الجنس الساميّ.
ب - تفوُّق اليهود: دعت الصهيونية الى استيطان أرض فلسطين واحتلالها، على أرضية تفوُّق اليهود، وتحقيقًا "للإرادة الإلهية" كما جاء في السرديات التوراتية، مثل: الأرض الموعودة لشعب الله المختار والمفضَّل، أي اليهود.
ج - التخلص من العرب الفلسطينيين: وذلك بعد الاستيلاء على أراضيهم، باللجوء الى الأساليب والوسائل المختلفة، وأبرزها "ثنائية الترانسفير – الإبادة": (1) الترانسفير: تشريدهم بسياسات ومخططات الإرهاب والتخويف، وتضييق الخناق عليهم بحيث يصبح بقاؤهم على أرضهم مستحيلًا. (2) الإبادة الجماعية بمحرقة من القتل والمذابح، وتدمير البشر والحجر والشجر.
د - استقدام اليهود إلى فلسطين، على أرضية هذه الدعوة، ليستولوا على الأراضي والممتلكات العربية.
ه - المراهنة على دعم القوى الإمبريالية الغربية للمشروع الاستيطاني الصهيوني. فانطلاقًا من تلاقي الإيديولوجيا والمصالح بين الصهيونية والرأسمالية - الإمبريالية، حرصت الأولى منذ بزوغها، على ربط سياساتها ومخططاتها بالقوى الإمبريالية، وأن تضع حركتها الناشئة (المنظمة الصهيونية العالمية) في خدمة القوى الرأسمالية في عصر انتقالها إلى المرحلة الإمبريالية.
خلاصة القول، إن المشروع الاستيطاني في فلسطين هو استعمار استيطاني إحلالي، يتسم بالعنصرية تجاه السكان الأصليين، ويقوم على نفيهم والسيطرة على أراضيهم وممتلكاتهم بكل أساليب العنف المسلح. ▪️▪️▪️ بعض سمات المشروع الصهيوني
نورد فيما يلي بعض الملاحظات السريعة بشأن السمات المميزة للمشروع الصهيوني في فلسطين. والقصد من وراء ذلك؛ التوعية بطبيعة الكيان الصهيوني، والولوج إلى العقل الصهيوني كي نستدل على مخططاته ونعمل على مواجهته. فمع أن المشروع الصهيوني الاستيطاني يتقاطع مع النماذج الاستيطانية الأخرى في العالم، إلَّا أنه يتسم بمميزات عدة:
أ) غياب الجذور القومية وضرورة اختلاقها: فالحركة الصهيونية لا تملك جذورًا قومية لإقامة "دولة يهودية" في فلسطين، ومن هنا كان مشروعها بحاجة إلى:
- المقولة الكاذبة بأن "فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، فجرى تصوير فلسطين أرضًا خالية، كي تصبح بذلك موقعاً ملائماً لتنفيذ المشروع الصهيوني.
- وتطلبت فكرة الاستيطان الصهيوني اختلاق مضمون "قومي يهودي" ذريعةً لاستقدام يهود العالم ليستوطنوا الأرض ويبيدوا أهلها ليحلِّوا محلَّهم، وهو ما لا يتحقق دون استخدام العنف الإمبريالي. فالعنف في إستراتيجية المشروعات الاستيطانية يستمد شرعيته من رفض إنسانية المستعمَرين، فتصبح الإبادة والتهجير، وفق هذه الإستراتيجية، الوسيلتين الناجعتين "والشرعيتين" لتنفيذ المشروع الاستيطاني.
ب) يتسم المشروع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين بميّزتين: الاستعمار بالاحتلال العسكري المباشر، والاستيطان الإحلالي (الاقتلاعي). ويتميز عن غيره من نظم الاستعمار الاستيطاني في العالم، بالاستيلاء على الأرض وإفناء سكانها إمّا بالإبادة الجماعية أو بتهجيرهم إلى خارج وطنهم.
ج) العلاقة الإقصائية مع أصحاب الأرض، السكان العرب الأصليين، وهذا لا يتحقق إلا بطردهم أو إبادتهم.
د) تركيز المشروع الصهيوني على العلاقة الدائمة مع الأرض المستعمَرة وتشبثه بها، والارتقاء بها إلى منزلة "القداسة" التوراتية والتعبير عن الإرادة الإلهية. فالمستوطن الصهيوني جاء إلى فلسطين ليبقى. وعليه؛ فإن الصراع يتمحور أساسًا حول الأرض والسيطرة عليها.
ه) من هنا يصبح الصراع مع هذا المشروع صراعًا تناحريًا وجوديًا؛ لأنه صراع لإفناء السكان والسيطرة على الأرض.
و) أما من حيث الخطاب؛ فإن المشروع الاستيطاني الصهيوني يتميز بخطاب إيديولوجي إقصائي: - ادعاء الحق "التاريخي والموروث في فلسطين" حصريًا للصهاينة؛ - الإحياء القومي والديني "للشعب اليهودي" في فلسطين؛
والهدف من هذه الادعاءات، بالطبع، هو تبرير استخدام آليات السيطرة على الأرض وإبادة الفلسطينيين واستغلال الثروات والموارد الاقتصادية في خدمة المشروع واستدامة الاستيطان.
الاستيطان الصهيوني بين الادعاءات الدينية.. والبراغماتية
ذكرنا في أكثر من مكان، أن الاستيطان الصهيوني يستند إلى ركائز توراتية عنصرية شديدة التطرف. ولكن المفارقة الجديرة بالذكر في هذا السياق هي أن عددًا من القادة الصهاينة، على تطرفهم الخطابي الديني، كانوا علمانيين وملحدين.
في الممارسة العملية، تميزت الحركة الصهيونية وقادتها بالمرونة والمزاوجة بين الإيديولوجيا والبراغماتية، وتجاوبت مع مستلزمات تنفيذ المشروع الاستيطاني في جميع مراحله وسياقاته. ولا شك في أن هذه الميزة أسهمت في النجاحات العملية التي حققتها الصهيونية على أرض الواقع في فلسطين على مدى 142 سنة من غزوتها.
#مسعد_عربيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، (ا
...
-
المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، (ا
...
-
المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، (ا
...
-
المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، بح
...
-
المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، بح
...
-
المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، بح
...
-
المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، بح
...
-
المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، (ا
...
-
السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية
...
-
السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية
...
-
السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية
...
-
السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية
...
-
السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية
...
-
السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية
...
-
السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية
...
-
السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية
...
-
السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية
...
-
السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية
...
-
السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية
...
-
في أسباب وهن الفكر السياسي العربي: استهداف الوطن العربي ودور
...
المزيد.....
-
بيستوريوس: لا يجوز أن نكون في موقف المتفرج تجاه ما يحدث في س
...
-
أردوغان يعلن -مصالحة تاريخية- بين الصومال وإثيوبيا
-
الرئيس التركي أردوغان: اتخذنا الخطوة الأولى لبداية جديدة بين
...
-
قوات -قسد- تسقط طائرة أمريكية مسيرة
-
-CBS NEWS-: ترامب يوجه دعوة إلى شي جين بينغ لحضور حفل تنصيبه
...
-
مجلس النواب الأمريكي يصادق على الميزانية الدفاعية بحجم 884 م
...
-
العراق.. استهداف -مفرزة إرهابية- في كركوك (فيديو)
-
موسكو تقوم بتحديث وسائل النقل العام
-
قوات كردية تسقط بالخطأ طائرة أميركية بدون طيار في سوريا
-
رئيس الإمارات وملك الأردن يبحثان التطورات الإقليمية
المزيد.....
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
المزيد.....
|